العــرب "يتصـــالـحون" فـــوق ركــح الجـــزائـــر
أجمع المسرحيون العرب أن الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي التي جرت فعالياتها بين وهران ومستغانم على مدار عشرة أيام، كانت من أنجح الدورات التي شهدها المهرجان منذ انطلاقه من جميع النواحي وكانت فعلا طبعة مميزة واستثنائية رفعت منسوب المستوى لتحضير الطبعة العاشرة التي ستكون العام القادم في تونس التي ستكون في ورطة لمواكبة ذات السيرورة.
كما أن الدورة التاسعة تميزت بأنها جمعت العرب فوق ركح واحد، قدموا فوقه عروضهم وطرحوا همومهم ومآسيهم، أفراحهم وأحزانهم، رغم أن السياسة تفرقهم وتبعدهم عن بعضهم البعض في الواقع، فلم يتسنى لهم الإتفاق سوى فوق خشبة علولة وركح ولد عبد الرحمان كاكي، ليساءلوا ما خلفته الثورات العربية داخليا من «دوخة» تونس إلى «الخلطة السحرية» المصرية، مرورا ب»نافذة» سوريا التي تأمل الإطلالة من خلالها على غد أفضل دون دمار وخراب. مثلما انتفضت «يارب» في وطن الأمهات العراق و دخلت نسوة «الثلث الخالي» في محاكاة لعشرية الجزائر السوداء، وغاصت المغرب في آلام وخبث مرض السرطان في «خريف» بارد مثل برودة الانسانية في «قلعة» الكويت وغيرها من العروض التي ألفت القلوب وحققت المصالحة بين الجميع برسالة الختام «رحلة حب» من أجل أن تسمو القيم وينبذ العنف والتفرقة من أجل الوطن.
وكانت دورة الجزائر كذلك استثنائية، بأمور تنظيمية منها أنها لأول مرة تسمى باسم أحد صناع المسرح وهو الراحل «عز الدين مجوبي» وامتدت لأول مرة على مدار عشرة أيام عوض ستة أيام سابقا، وهو رهان تطلب الكثير من الجهد والتحدي لبلوغه سواء في وهران التي تجند كل المعنيين فيها ليحققوا الهدف المسطر، إلى مستغانم أين جرى شطر من الفعاليات، وخلال هذه الفترة تم استحداث عدة محاور على البرنامج التقليدي للمهرجان، فاصبحت المسارات ثلاثة وأدرج المسرح الجامعي في مسابقة رسمية، وأضيفت العديد من الندوات والمحاضرات زاوجت بين الأكاديميين والممارسين لفن الرابع.
الهيئة العربية للمسرح تكرم رئيس الجمهورية
رفعت الهيئة العربية للمسرح وعلى رأسها الأمين العام اسماعيل عبد الله، برقية شكر لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، نوهت من خلالها بالرعاية السامية التي أسداها للدورة التاسعة التي أقيمت حسب ماجاءت به ابرقية، فوق أرض الشهداء وموطن الأحرار ومنبع الجمال، حيث أن الجزائر كانت حاضنة أحلام وطموحات وتجليات لأكثر من 600 مسرحي من مختلف البلدان العربية، جاؤا لحمى الجزائر بكل ما تقتضي مرحلة تمر فيها الأمة العربية من أفكار ومقترحات جمالية، للدفاع عن هويتها في وجه العواصف التي تسعى للنيل من ماضيها وحاضرها ومستقبلها، مضيفا أن ضيوف الجزائر جاؤوا بذات الأحلام التي رافقت الجزائريين خلال الفترة الاستعمارية لغاية الاستقلال والتحرر من القيود، وهي الأحلام نفسها التي شيدت بفضلها جزائر الحضارة والعزة، وقبضت فيها على جمر الحرية لتبقى عصية على النيل منها، بل وهي الأحلام التي ترسم أقواس النصر والتنمية والتقدم، مضيفا أن الجزائر وطن سيبقى مشعلا منبرا يفد اليه المسرحييون، لأنه وطن ملهم بقيادة حكيمة و مخضب بدماء الشهداء ومحصن بشعب عظيم. وبعد كلمة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، تسلم وزير الثقافة هدية رئيس الجمهورية.
عز الدين ميهوبي يكشف
اتفاقيات للتعاون الدائم وبلورة فكرة مهرجان المسرح المدرسي
قال وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أمس خلال حفل إختتام الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي والتي جرت فعالياتها في دار الثقافة ولد عبد الرحمان كاكي بمستغانم واستمرت لغاية الساعات الأولى من صباح الجمعة، أن أعضاء الهيئة العربية للمسرح لمسوا خلال فعاليات الدورة التاسعة، مناخا المسرحيا يعد بالكثيرفي الجزائر، مما أفضى لوضع أسس تعاون وجسوردائمة بين الهيئة و وزارة الثقافة من خلال حرص الطرفين في إقامة تعامل مستمر من شأنه تحقيق الفائدة للطرفين خاصة المسرح الجزائري الذي سيكون حاضرا في كل فعاليات الهيئة و بخاصة الدورات اللاحقة للمهرجان، مضيفا أيضا أنه سيتم بلورة مقترح الجزائر حول انشاء مهرجان لمسرح الطفل ويبدو أن هذين الطرحين سيتم إبرام بشأنهما إتفاقيات تعاون غدا بين وزارة الثقافة والتربية الوطنية والهيئة العربية للمسرح.
وفي شق آخر، أوضح ميهوبي أنه سيلتقي غدا الأحد مع ممثلي عمال المسرح المحتجين من أجل دراسة الانشغالات والعمل على إيجاد حل لها من خلال طرح كل الخيارات الممكنة.
وبالعودة للمهرجان، أكد الوزير أن دورة الجزائر كانت ناجحة لأنها جرت في جو من الحرية والسجالات النقدية المتميزة التي طرحت في بلد حرية التعبير والمبادرة وبلد المسرح والثقافة والابداع بفضل الدعم الكبير الذي يقدمه رئيس الجمهورية للثقافة، والدعم الذي قدمه من خلال رعايته السامية للدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي. وكانت الدورة ناجحة أيضا من حيث الحضور والنوعية والمشاركة وكذا التفاعل مثلما أضاف ميهوبي، الذي اعتبر أن رهان اختيار الجزائر لاحتضان هذه الدورة قد تم رفعه، معتبرا نجاح المهرجان هو أيضا تحد الصمود للثقافة العربية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الأمة العربية بمتغيرات عميقة، مبرزا في السياق ذاته، أن الثقافة قادرة على أن تلعب دورا حقيقيا لتشكيل الجسر الذي تعبر من خلاله الشعوب لبر الأمان، وهذا ما يضع المثقفين العرب وفق ما أشار الوزير أمام ضرورة الوعي براهن المرحلة وما يفرضه من تجنيد وحيطة وحذر كون المثقف هو ضمير الأمة وهو القادر على التعبير عن أشواقها وتناقضاتها. وقال عز الدين ميهوبي أن ضيوف الجزائر قد اكتشفو الجزائر الجديدة المتجددة والتي ليست تلك التي ارتبطت فقط - في كتب العرب- بالنضال والكفاح والإنتصار على المستعمر، بل جزائر الأمن والاستقرار والحرية والابداع التي وقفوا فيها خلال دورة المهرجان.
هوارية ب