أطفال التوحد بحاجة إلى رعاية و اهتمام أكبر من باقي ذوي الاحتياجات الخاصة
قالت سعاد صلصال رئيسة مركز « أسماء» لأطفال التوحد الكائن بحي ديار البحري بولاية البليدة و الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الولاية والرابع وطنيا بأن معاناتها مع ابنتها المصابة بالتوحد والبالغة من العمر حاليا 15 سنة، إلى جانب التهميش الذي تعاني منه هذه الفئة جعلتها تفكر في إنشاء المركز مع مجموعة من الأولياء الآخرين الذين لديهم أبناء هذا المرض.
رئيسة مركز «أسماء» أوضحت للنصر، بأن البداية كانت بتأسيس جمعية التكفل بالأطفال ذوي صعوبات في التعلم والدراسة وذلك في سنة 2013، ثم تأسيس مركز لعلاج التوحد بعد الحصول على الاعتماد من طرف مديرية النشاط الاجتماعي للولاية، و فتح هذا المركز أبوابه في شهر ديسمبر الماضي، و يتكفل حاليا ب35 طفلا مصابا بالتوحد.
وأشارت نفس المتحدثة إلى أن هذا المركز يتكفل بهؤلاء المرضى من عدة جوانب منها التكفل الأورطوفوني المتعلق بالنطق و الكلام و التكفل النفسي، بالإضافة إلى التكفل النفسي الحركي، كما سطر المركز برنامجا خاصا لتعليم هؤلاء الأطفال القراءة و الكتابة و التلوين، خاصة الذين لديهم القدرة على التركيز والاستيعاب، وأكدت بأنهم يتابعون حاليا برنامج السنة الثانية ابتدائي.
و بينت بأن التوحد درجات، حيث أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب سلوكي و تشتت وعدم القدرة على الفهم و الاستيعاب، تعليمهم غير ممكن، لأن الطفل الذي لا يملك القابلية للاستقرار و الانتباه و المتابعة، من الصعب أن يتعلم، لهذا يرفض مسؤولو قطاع التربية تمدرسهم في المدارس العادية، قبل ظهور الأقسام المدمجة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
و أضافت المتحدثة بأن الهدف المسطر حاليا بالمركز، هو الحفاظ على استقرار هؤلاء الأطفال قبل انتقالهم إلى مرحلة تعلم اللغة.
وفي سياق متصل، أوضحت رئيسة المركز بأن هذه الفئة بحاجة إلى تكفل خاص، مقارنة بباقي الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرة إلى أن أغلب العائلات لا تتفطن لإصابة أبنائها بهذا المرض لعدم وعيها به، وأكدت بهذا الخصوص على أهمية التكفل المبكر بهم لتحقيق نتائج أفضل، حيث أن المركز يفتح أبوابه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 03 و12سنة، وقالت بأن التكفل بالطفل البالغ من العمر 03 أعوام يكون أفضل من الطفل الذي بلغ 12 سنة.
بخصوص ابنتها المصابة بالتوحد ، قالت رئيسة مركز « أسماء»، بأن اكتشاف مرض ابنتها كان بمثابة صدمة بالنسبة إليها، مشيرة إلى أن ولادة ابنتها كانت عادية، إلى أن وصلت إلى مرحلة النطق و الكلام فلم تقم بذلك، وكانت كثيرة البكاء.
و بعد نقلها إلى أطباء مختصين في طب الأطفال وصفوا لها حالة ابنتها بأنها عادية و الأمر يتعلق بتأخر في النطق فقط، حسبهم، وقالت بأن هؤلاء الأطباء لم يكتشفوا حالة ابنتها لأن مرضها ليس عضويا، و اضطرت بعد ذلك إلى نقلها إلى طبيب نفساني بالشراقة بالعاصمة، وهو الذي شخص حالة ابنتها وأخبرها بأنها مصابة بالتوحد.
الصدمة كانت قوية و لم تتقبل الأمر في البداية، لكنها لم تستسلم وقررت متابعة حالة ابنتها و علاجها، فنقلتها إلى أخصائي في الأورطوفونيا، فكان يخضعها لثلاث حصص في الأسبوع، و نفس العمل الذي كان يقوم به الأورطوفوني كانت تكرره مع ابنتها في المساء و الليل، و ذلك من أجل مساعدتها أكثر على الخروج من حالتها، و كان لهذا الجهد نتيجة، حيث تحسنت ابنتها تدريجيا، لكن لدى وصولها إلى سن التمدرس لم تتمكن من إدخالها إلى المدرسة الابتدائية بسبب مرضها، واضطرت إلى تحويلها نحو جمعية متخصصة في التكفل بالأطفال المرضى من أجل دمجها، فتحسنت أكثر وتعلمت كتابة الحروف ونطقها، و في ظل هذا التحسن الذي طرأ عليها قامت بإدخالها إلى المدرسة العادية، لكنها لم تصمد طويلا بسبب حالتها .
و أكدت المتحدثة بأن ابنتها أصبحت تصوم وتصلي وتقوم بالكثير من الأعمال المنزلية، وأملها كبير في تحسن حالتها أكثر فأكثر، لتعيش حياتها مثل باقي الفتيات.
من جهة أخرى تناشد السيدة صلصال السلطات المحلية لولاية البليدة، لمساعدتها في الحصول على مقر و توفير الدعم المالي للتكفل الأفضل بأطفال التوحد، مشيرة إلى أنها تؤجر حاليا فيلا ب80 مليون سنتيم سنويا، كما تتكفل بدفع رواتب الموظفين، و تحدثت في هذا الإطار عن تقدمها بطلب استغلال روضة الأطفال بحي ديار البحري التي أنجزت منذ مدة وبقيت مغلقة لسنوات، لكنها تفاجأت، كما قالت، بمنح هذه الروضة لجمعية أخرى، رغم أن مركز أسماء الأطفال التوحد معتمد من طرف الدولة.
نورالدين-ع