شباب من مسرح ميلة يشرّحون المجتمع بفيديوهات هزلية قصيرة
تعرف مقاطع الفيديو القصيرة التي تقوم مجموعة من الشباب بميلة بإنجازها وبثها عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، تجاوبا واستحسانا كبيرا من متتبعيها ، لتناولها ظواهر اجتماعية من عمق المجتمع الجزائري، خصوصا سلوكات وتصرفات الشباب و المراهقين الخاطئة بهدف الإشارة إلى تلك السلبيات في قالب فكاهي يجسده ممثلون شباب، بمساعدة فريق تقني هاو من ميلة.
عن هذه المقاطع التي فضل منفذوها أن تتناول الواقع في قالب هزلي، تحدثت النصر مع الممثل الشاب محمد الحواس أو كمندة، كما يحب العديد من متتبعي الساحة الثقافية والمسرحية تحديدا، مناداته، وهو ممثل مسرحي من ميلة، شارك مؤخرا في مسرحية «طرشاقة» لأحمد رزاق التي أنتجها المسرح الوطني الجزائري، وهو أحد أبطال هذه المقاطع، حيث قال عنها بأنها نتاج عمل جماعي يتشارك فيه مع ثلة من شباب هواة للمسرح و التمثيل بميلة، ومنهم رشيد دربال و يوسف بيدي الذي التحق بالفريق مؤخرا، بالإضافة إلى أعضاء الطاقم التقني والقائم على التصوير والصوت و منهم خالد نابتي و وليد بوكلوهة .
وقال كمندة أن الفكرة بالأساس لم تستهوه في البداية، في حين ألح عليها طاقم التصوير وهم أعضاء بجمعية ميلة فوتوغرافي و الذين رفقة بطل هذه المقاطع رشيد دربال، حمسوه لتصوير فيديوهات في شكل اسكاتشات قصيرة، خصوصا بعدما رصدوا تجاوب متتبعي صفحته على الفايسبوك مع مقاطع فيديو له وهو يعزف على القيثارة، ومن هنا، يضيف، كانت الانطلاقة و التي تم الاتفاق على أن تكون على مستوى موقع الفايسبوك أولا، لكسب جمهور متجاوب، ثم يمكنهم دخول موقع اليوتيوب من خلال فتح قناة خاصة بهم، والتي، كما قال، تتطلب 50 مشتركا بها على الأقل، وهذا بالنسبة لمجموعة بسيطة يتطلب قدرات مادية تفوق إمكاناتهم المتواضعة، خصوصا إذا لم يتمكنوا من كسب مشتركين في القناة.
و حققت المقاطع المنتجة و التي انطلق نشرها منذ بداية عام 2017 و بلغ عددها لحد الآن 07 مقاطع، تجاوب جميع متتبعي صفحة ميلة فوتوغرافي وكذا صفحات الممثلين الشخصية على الفايسبوك معها، وقد بلغ عدد مشاهدات أحد المقاطع وهو «الجزائري يوم يدخل للصالة» 125 ألف مشاهدة، و يتحدث عن الشاب الذي يدخل قاعة كمال الأجسام لأول مرة ، و يريد بناء عضلاته دون جهد للتفاخر بذلك، و قد تفاجأ منه أصحاب العمل أنفسهم بالإقبال على الفيديو ما زاد من تشجيعهم على الاستمرار قدما نحو فكرة إنشاء قناة خاصة لعرض أعمالهم عبر اليوتيوب.
ومن المواضيع التي تم تناولها في فيديوهات الفريق الشاب عمل «واحد كي يكون يغني مع صاحبو «، حيث يتصرف الشاب ببساطة وعفوية فيها نوع من الخروج عن المألوف أمام أصدقائه، و في «الجزايري نهار يسلك» ركز الفريق على حالة الموظف قبل بعد أن يقبض الراتب، و في فيديو « عيد الحب» حاول الفريق أن يبين بأن هذه المناسبة دخيلة على ثقافتنا الجزائرية وتترتب عنها أفكار وظنون قد تكون في غالبها في غير محلها.
و في عمل آخر تحت عنوان «الجزائري كي يلعب مع صاحبو» أبرز الشبان عواقب المزاح الثقيل بين الأصدقاء ، و في «الجزائري في البيتزيريا» سلط الضوء على كيفية تعامل الشاب مع الصديقة أو الخطيبة و المرأة عموما، و طريقة تعامله إذا كان متواجدا مع مجموعة من الشباب ، وآخر فيديو لهؤلاء الشباب بعنوان « الجزايري كي يضربولو خوه» و قد نشروه مساء الجمعة 16 مارس الجاري، وفيه يظهر شاب يقود صديقيه لرد الاعتبار لأخيه الذي ضربه شخص ما، فيتفاجأوا بأنه ضخم الجثة ، فيفر صديقاه ويجد نفسه وأخاه الصغير لوحديهما أمامه ، فيضرب أخيه الصغير بدل الذي اعتدى عليه، وهنا يشير كمندة إلى مفهوم «الرجلة» في مجتمعنا.
وفي رده عن استعمال اللغة العامية في الكتابات و التعليقات التي تشرح الفيديوهات التي كانت في مجملها صامتة، أجاب كمندة بأن الأمر مقصود حتى يكون العمل قريبا أكثر من الجمهور وكذا لكون العامية تضفي، حسبه، الطرافة في التناول والشرح، خصوصا و أنه و رفاقه اعتمدوا على كوميديا الموقف والحركة، بدل الكلام الذي كاد يغيب تماما في أعمالهم، بحكم أنهم أرادوا البلاغة في الحركة لا الكلمة، يضيف المتحدث.
فيما يتعلق بمتتبعي هذه الفيديوهات قال لنا أحدهم بأنه يشجع الفريق على تصوير المزيد منها، مؤكدا أن الصمت زاد من إعجابه بالأعمال المقدمة و التي يحرص دائما على متابعتها، وأشار إلى أن الصمت في أعمال تشارلي تشابلن جعلها عالمية، كما يطالبهم بالإشارة في نهاية الفيديو إلى العبرة المستخلصة من كل عمل ، وقال آخر بأنهم عادوا به إلى زمن الفكاهة الجميل الذي عرفه من خلال سلسلة «أعصاب وأوتار» وكذا الأعمال الفكاهية التي قدمها ممثلون من الشرق الجزائري بالأخص، و الذين يتميزون، حسبه، بخفة الدم و روح الفكاهة عكس ما يعرض حاليا.
و شاطره هذه الفكرة الممثل محمد الحواس ، حيث قال بأن أهل الشرق الجزائري يتميزون بعفوية و بعد عن التكلف، ما جعلهم كممثلين ينجحون إلى حد ما في تحقيق القبول لدى المتفرج، سواء على مستوى الركح أو من خلال مقاطع الفيديو التي يعملون عليها مؤخرا، وأعطى مثالا بلهجة المفتش الطاهر (حاج عبد الرحمان) القريبة جدا من لهجة عدة مناطق بولاية ميلة، وكيف ساهمت في نجاح الشخصية التي تقمصها.
الدليل على التجاوب الكبير مع فيديوهاتهم، يضيف كمندة، جلي من خلال ما يصلهم من تعليقات إيجابية في مجملها، والنقد الذي فيها وصفه بالبناء، وإن كانت فيه إشارة أحيانا لسلبيات في الأداء أو التصوير، كما أشار إلى ما يتلقون من أفكار حول المواضيع التي يحبذ تناولها مستقبلا من قبل المتتبعين، والذين طلب العديد منهم مشاركتهم فيها أو حضور المشاهد حية، كما أثنوا على حسن اختيار مواقع التصوير التي أريد منها أن تكون نافذة للإضاءة على مناطق وأماكن سياحية بالولاية.
وعن جديد هذا الفريق الشاب أضاف ذات المتحدث أن لديهم مشروع سلسلة كوميدية بعنوان «كونان بالجزائر « مع كاتب معروف بالساحة الوطنية، ستكون فيها جرأة في الطرح، ولكن بنفس الأسلوب الهزلي الفكاهي المعروف عن الفريق.
ابن الشيخ الحسين.م