أعمل على نشر المسرح الصامت والنقادشجعوني على تطويره
يعتبر زكرياء طقيق من الممثلين والمخرجين المسرحيين الشباب بولاية سكيكدة الذين يسيرون بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل في مجال المسرح، حيث تمكن مؤخرا من نيل الجائزة الأولى عن مسرحية «صرخة ألم» في ملتقى نجوم التمثيل الجامعي، في إطار الطبعة التاسعة لمهرجان المسرح العربي بوهران دورة عز الدين مجوبي، حيث أنه كتب النص و أخرج المسرحية و مثل فيها في نفس الوقت، و يرى بأن تتويجه انطلاقة قوية لنشر نوع المسرح الذي يعتمد على التمثيل الصامت و التعبير الجسدي الخالص «بونتومايم» و لقي إشادة كبيرة من النقاد في مجال المسرح. النصر التقت بالفنان الشاب، فكان هذا الحوار معه.
. النصر: هل لك أن تقدم لنا لمحة عن موضوع و أحداث مسرحيتك «صرخة ألم» التي قدمتها كممثل و مخرج و كاتب نص مع الفرقة المسرحية لجامعة 20أوت لولاية سكيكدة ؟
ـ زكرياء طقيق: المسرحية تدور أحداثها حول صراع حضاري عربي غربي تم تجسيده في شخصيتين أساسيتين ( الشخصية العربية يمثلها المتحدث زكرياء طقيق والشخصية الغربية يمثلها يحيى بودوشة ) و ثلاث شخصيات ثانوية تمثل بعض ركائز الحضارة (زراعة، طب، تعليم) و تم عرض هذه المسرحية بالتمثيل الصامت (البونتومايم) وهو عبارة عن تعبير جسدي. خلال أحداث المسرحية يدخل الغربي و يخطط لاستغلال العرب وإغرائهم بوسائل التطور التي يملكها، و في آخر المطاف استطاعت الهوية العربية الصمود في وجه المد الغربي.
. كيف وقع اختيارك على موضوع المسرحية ؟
ـ اختيار موضوع المسرحية كان صعبا، و تطلب مني تفكيرا عميقا، لأن المسرحية صامتة و التعبير فيها يعتمد على الجسد فقط، أردت أن أنتهز الفرصة في تجمع كبير وحدث عربي ضخم لكي نخرج عن المعتاد، و نبرز بأن العرب ليسوا من أتباع الغرب، وبأن علينا الحراك بالجيل الجديد لأن معظم المشاركين شباب، فكان عنوان «صرخة ألم» رمز لألم المعاناة وألم التبعية للغرب.
.على ماذا اعتمدت في كتابة نص المسرحية ؟
ـ اعتمدت على فلسفة خاصة أردت من خلالها أن أحفز المشاهد ليشارك بعقله من أجل فهم المسرحية، الحمد لله أصبت في عملي.
كم استغرقت كتابتك للمسرحية والتحضير لها ؟
ـ مدة التدريب ضمن الفرقة المسرحية لجامعة 20 أوت بسكيكدة المتكونة من 5ممثلين كانت 20 يوما بمكتبة الجامعة بفكرة وأسلوب جديدين، خاصة في ظل اقتراب فترة الامتحانات، كما أن المراسلة التي تنص على المشاركة وصلت متأخرة من الجهات القائمة على التنظيم، و بالتالي كانت كتابة النص المسرحي تحديا بالنسبة إلي. في البداية كان هذا النوع من الكتابة اجتهادا مني بأسلوب ارتجالي وعندما بدأت الخطوط العريضة تتضح قمت بضبط النص وإتمام المسرحية من أجل حجز بطاقة مشاركة في ملتقى نجوم التمثيل ضمن مهرجان المسرح العربي لوهران. الحمد لله تمكننا من نيل المرتبة الأولى من بين 9جامعات جزائرية شاركت في التظاهرة.
. هذا يعني أنكم حضرتم المسرحية في وقت قياسي ؟
ـ صحيح ، وقد ساعدتني في ذلك الخبرة التي اكتسبتها مع الأستاذ أنس عبد الصمد من العراق والأستاذ بوعجاح من سيدي بلعباس، من خلال الورشات التدريبية التي شاركت فيها من قبل، في كل من تونس والجزائر.
. كيف كان رد فعل النقاد ؟
ـ الشيء المحير أن العرض نال إعجاب النقاد، كانت هناك ملاحظات حول بعض النقاط، كاستخدام لخلفية سوداء لكتابة حروف عربية بالأبيض، لأن اللون الأسود يرمز للظلم و الكره، فأجبت بأن «الكعبة الشريفة مكسوة بالأسود وترمز لكل شيء» ، على العموم النقاد أعجبوا كثيرا بالعرض وموضوع المسرحية و قالوا لي في الأخير «أنت إنسان فلسفي»، فأجبتهم مازحا «أنتم عنصريون» .
. وكيف تقيم هذه المشاركة بصفتك مخرج شاب ؟
ـ المشاركة في هذا المهرجان كانت صعبة بالنسبة لأفراد الفرقة، لأنهم في بداية مشوارهم، خاصة وأننا عملنا على نوع جديد من المسرح (ميتا مسرح) لكن كافة الممثلين تألقوا فوق الخشبة، و تفاعل الجمهور ولجنة التحكيم مع العرض، لدرجة أن جميع من كانوا في القاعة وقفوا للتصفيق بعد انتهاء العرض.
. ألم تجد صعوبة في التوفيق بين مهمة إخراج المسرحية و التمثيل فيها؟
ـ رغم أن المهمة تبدو صعبة نوعا ما، لكن في الحقيقة كانت المهمة سهلة بالنسبة إلي، لأنني كنت أعمل وأراقب الممثلين معي فوق خشبة المسرح، أي أن المهمة كانت مزدوجة. ما ساعدني على القيام بهذه المهمة مشاركتي مع الوفد العراقي في المهرجان الدولي للمسرح ببجاية، ومشاركة أخرى في المهرجان الأورومتوسطي بتونس.
. كيف كان شعوركم بعد التتويج بالمرتبة الأولى ضمن حوالي 11 عمل مشارك في التظاهرة ؟
ـ في الحقيقة كان شعورا لا يصدق، كانت فرحة أعضاء الفرقة كبيرة، لأننا نجحنا في فترة زمنية قصيرة بالرغم من العراقيل الكثيرة التي صادفناها من أهل الميدان. في حدث كبير كهذا ،امتزج البكاء مع الصراخ و الفرح و شكر الله.
. هل كنتم تتوقعون التتويج في ظل المنافسة الكبيرة مع الفرق المشاركة ؟
ـ في الحقيقة المنافسة كانت صعبة جدا، لكننا كنا نتوقع التتويج لأن ردة فعل الحكام والمتفرجين كانت إيجابية، فأعطتنا ثقة كبيرة في أنفسنا، خاصة بعد أن شاهدنا بقية العروض، لأن عملنا كان جديدا ومغايرا لبقية العروض. الحمد لله تتويجنا كان عن جدارة.
. هل تلقيتم الإشادة من النقاد العرب ؟
ـ لقد تلقينا إشادة واسعة من النقاد العرب والجزائريين وطلبوا منا مواصلة العمل والمثابرة على هذا النوع من الأعمال المسرحية.
.ماذا يمثل لكم هذا التتويج؟
ـ نعتبر هذا التتويج بداية طريق النجاح، وهو بدون شك مسؤولية كبيرة يجب علينا الحفاظ عليها ومواصلة العمل لتحقيق الأفضل. الشيء الجميل في التتويج أنه جاء و فرقتنا المسرحية في بداية مشوارها. إن تحقيق هذا النجاح جعل الممثلين أكثر حبا للخشبة والمسرح وأكثر عزيمة للوصول دوما إلى الأمام و إيصال الرسالة إلى المجتمع، وما يحفزنا أكثر على المضي قدما في هذا المجال أن الفريق المسرحي كلهم شباب.
. ما هي طموحات فرقتكم المسرحية ؟
ـ أولا أريد الإشارة إلى أنه بعد نهاية عرضنا وتتويجنا بالمرتبة الأولى، تلقينا العديد من العروض من داخل وخارج الوطن. هذا دليل على نجاح فرقتنا في إيصال الرسالة المتوخاة من المسرحية . في ما يخص مشاريعنا المستقبلية، أتمنى أنا وبقية أعضاء الفرقة العمل على نشر وتطوير هذا النوع من المسرح الصامت، لأنه يعتمد على لغة يفهمها الجميع ليس فيها كلام ولا لهجات تعتمد على لغة بسيطة وجميلة هي لغة الجسد، حتى ذوي الاحتياجات الخاصة من شريحة المعاقين سمعيا يمكنهم فهم العرض. أريد أن أكشف بأني بصدد كتابة نص جديد لفائدة هذه الفئة، كمساهمة لإعادة إدماج المعاقين في الحياة العادية.
حاوره: كمال واسطة