الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

النصر تحاور الممثل عبد الرشيد زيغمي بالمستشفى الجامعي لقسنطينة


المرض لن يهزمني مادمت أبتسم و أحظى بحب الناس
يصارع الممثل الكوميدي عبد الرشيد زيغمي المرض بابتسامة أمل و تفاؤل ببلوغ مرفأ الشفاء و العافية قريبا و ترديد أشعار و أغان خاصة بفرقة «البهاليل» التي كان عضوا فيها في ستينيات القرن الماضي، مؤكدا بأن الداء الذي يعاني منه لن يهزمه، مادام يحظى بهذا الكم الهائل من حب الجمهور الذي لا يكف عن زيارته بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، حيث يخضع للعلاج حاليا، في حين لم يزره أي مسؤول من قطاع الثقافة ، كما أكد لنا، معربا عن أسفه لهذا التهميش من الجهات الرسمية و لما آلت إليه الساحة الفنية الجزائرية من تقهقر، و كذا الوضع الذي يتخبط فيه فريقه المفضل في كرة القدم  شباب قسنطينة.  النصر زارت الفنان المولود في سنة 1945 الذي طالما اقتلع ضحكات الجمهور بخفة دمه و هو يزرع الفرح في المسارح و عبر الشاشات طيلة 54عاما، مقدما مئات الأدوار الكوميدية المميزة، فأجرينا معه هذا الحوار و هو على فراش المرض بمصلحة الجراحة البلاستيكية الترميمية.

ضعت طويلا  بين متاهات المرض و العلاج الخاطئ

. النصر: طهورا إن شاء الله يا فنان، هل يمكنك أن تطلع القراء على حالتك الصحية ليطمئنوا عليك؟
ـ عبد الرشيد زيغمي: مرضي يعرف باسم الناسور الشعري أو الكيس الشعري kyste pilonidal و هو عبارة عن كيس أو قناة تحتوي على شعر متساقط في أسفل الظهر، أنا الآن في الطريق الصحيح نحو الشفاء بإذن الله هنا بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، و ذلك بعد أن ضعت طويلا بين متاهات التشخيص المتعثر  و العلاج الخاطئ، ما أدى إلى إصابتي بمضاعفات و تعقيدات، لهذا أود أن أذكرها للقراء، لتكون عبرة لمن يعتبر. قبل حوالي سبعة أشهر، شعرت بألم شديد أسفل الظهر لدرجة أنني كنت أجد صعوبة في الوقوف ، لكنني كنت أصور دوري في سيت كوم بوهران، فأجلت الذهاب إلى الطبيب، ثم عرض علي دور البطولة في الفيلم التليفزيوني «بوجمعة راه يدور»، فلم أرفضه. و عندما توجهت إلى طبيب عام  وجهني إلى مختص، فقررت التوجه إلى عيادة خاصة بقسنطينة، و هناك طلب مني الطبيب  إجراء مجموعة من الفحوصات، ثم أخبرني بأن مرضي ليس خطيرا و لا بد من إجراء عملية جراحية بتكلفة 4 ملايين سنتيم، فأجريتها في يوم  16جويلية الماضي، لكنها لم تنجح و اضطررت لإجراء عملية أخرى في  2 نوفمبر الفارط مقابل ثلاثة ملايين و نصف مليون سنتيم، لكنها لم تنجح  أيضا، و اعترف الطبيب لي بأنه غير متعود على إجراء عملية من هذا النوع أو علاج مثل هذا المرض ، بل أنه سألني ماذا يجب أن يعمل؟!! و أصبحت كلما أذهب إلى تلك العيادة، يتهرب مني الجميع حتى أعوان الاستقبال، لقد تأثرت كثيرا بذلك ، ليتهم اعترفوا لي من البداية بعجزهم عن علاجي، لاقتصدت الوقت و المال. في أحد الأيام عندما غيرت لي زوجتي الضمادة، و التقطت صورة للكيس و عندما رأيتها لم أتحمل هول ما رأيت و كأنني لم أخضع لأي علاج. أرسلتها إلى ابنتي المقيمة بفرنسا، و عندما شاهدها الأطباء قالوا لها اطلبي منه أن يحضر خلال 48 ساعة، لكنني لم أستطع بسبب مشكل التأشيرة، فتوجهت برفقة زوجتي إلى عيادة خاصة بتونس، بعد أن بعت سيارتي و اقترضت مبالغ مالية. هناك وجدت أطباء في المستوى من حيث المعاملة و العلاج، لكنهم يرون في المريض مصدرا للربح، فلاشيء دون مقابل، حتى تغيير ضمادة. لقد شخصوا مرضي و قالوا أنه  ناسور شعري أو كيس الشعر، و  أخضعوني لعملية لاستئصال الكيس في منتصف نوفمبر و مكثت بالعيادة 18 يوما،  و اضطررت لكراء شقة لمتابعة الفحوصات و العلاج ، ثم وجهني الطبيب  إلى المستشفى العسكري بتونس من أجل الخضوع للعلاج بالأوكسجين، لكنني أصبت بفقر الدم و مضاعفات أخرى، و بعد ذلك وصف لي علاجا بالأشعة، توجهت إلى عيادة متخصصة، فعلمت أن الحصة الواحدة تكلف ما قيمته 140 ألف دج بعملتنا، و لم أكن أملك ما يكفي لذلك ، فقررت العودة إلى قسنطينة. أتذكر أن طبيبا تونسيا سألني لماذا يحضر الجزائريون للعلاج في بلده، بينما الكثير من الأطباء التوانسة درسوا على يد جزائريين أكفاء؟!


لا أحد من المسؤولين تفقد أحوالي خلال 7 أشهر من المرض

. هل يمكن أن تخبرنا كم كلفك العلاج بتونس؟
ـ أكثر من  12  ألف أورو، ليتني توجهت منذ البداية إلى المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة، لتجنبت كل المتاعب و المضاعفات و المصاريف و الديون.
. خلال رحلة 7 أشهر من العلاج تقريبا هل زارك، أو سأل عنك المسؤولون عن قطاع الثقافة؟
ـ زارني أقاربي و بعض زملائي الفنانين، و أتلقى الكثير من الزيارات من الجمهور و المرضى هنا بالمستشفى، لكن لا أحد من المسؤولين فكر في زيارتي أو الاتصال بي. علمت أن وزير الثقافة سأل عني بعد العرض الشرفي  لفيلمي الأخير «بوجمعة راه يدور»، و عندما أخبره زملائي بمرضي دعا لي بالشفاء في كلمته و فقط.

أعيش على منحة تقاعد بمليوني سنتيم

. هل التمثيل هو مصدر رزقك الوحيد؟
ـ لا ... لحسن الحظ، إنني أستفيد من التأمين الاجتماعي و منحة تقاعد قدرها حوالي مليوني سنتيم من عملي السابق كمصور فوتوغرافي، و كل ما جنيته من التمثيل بطاقة انخراط في الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، بطاقة فنان محترف حصلت عليها مؤخرا ، حب الجمهور هو رأسمالي، لقد مارست الفن الحقيقي و ليس التجارة، لهذا لم أجمع المال .
 . لو عرض عليك المسؤولون التكفل بعلاجك في الخارج، هل توافق؟
ـ الحمد لله وجدت هنا بمستشفى قسنطينة كل العناية و الاهتمام من الطاقم الطبي و شبه الطبي، و أشكرهم جميعا عبر النصر، و على رأسهم البروفيسور حزمون. بعد أن يلتئم جرحي تماما، سأجري عملية زرع خلايا الجلد، ثم سأخضع للعلاج بالأشعة و بإذن الله سأشفى، و لن يهزمني المرض ما دمت أبتسم بتفاؤل، لكنني أتوجه بنداء إلى مسؤولي قطاع الثقافة، و هو الأول من نوعه خلال مسار فني عمره حوالي 54عاما، قدمت خلاله أفضل ما عندي لإدخال البهجة و الفرح على قلوب الجزائريين و رسم الضحكات على شفاههم، ويتمثل ندائي في طلب تعويض عن مصاريف علاجي بتونس، و لدي كافة الفواتير و الوثائق، و ذلك لكي أتمكن من تسديد الأموال التي اضطررت لاقتراضها خلال رحلة العلاج، فمنحة التقاعد لا يمكن أن تكفي لدفع ديوني المتراكمة.

الرداءة طاغية في الساحة الفنية

. فلنتحدث قليلا عن الفن، ما رأيك في الساحة الفنية الجزائرية المعاصرة؟
ـ الرداءة سائدة حاليا، عادة لا أتابع الأعمال التي تعرض من البداية إلى النهاية، لأنها لا تشدني و لا تقنعني، و لا تبعث على التفاؤل، كما أن من هب و دب أصبح ممثلا و مخرجا، والأدهى أن هؤلاء الدخلاء على الفن مغرورون و متكبرون. من الجيل الجديد وحده الممثل مروان قروابي، أعجبني بأدائه العفوي في سلسلة «بيبيش و بيبيشة».  من الأعمال التي لا تزال راسخة في ذهني الأجزاء الثلاثة الأولى من سلسلة «ناس ملاح سيتي» لجعفر قاسم التي شاركت فيها، لكنها فقدت جمالياتها في الأجزاء المتبقية، بانضمام بعض الدخلاء على الفن. باختصار لقد ولى زمن الفن الجميل و راح، و المقارنة بين الأعمال الكلاسيكية الأصيلة و الجديدة تبعث على الحسرة و الأسف.
. لماذا لم تفكر في فتح شركة إنتاج مثل العديد من الممثلين القدامى ؟
ـ مهنتي الأصلية كانت مصورا فوتوغرافيا، ثم عملت كسائق سيارة أجرة لأعيل أسرتي، و طيلة حياتي أمارس التمثيل كهاو بسيط و عاشق، و لا أعتبر نفسي ممثلا كبيرا و محترفا، رغم أنني قدمت عددا كبيرا جدا من الأدوار في المسرح و التليفزيون و السينما و  لدي الكثير من الشهادات و حظيت بالعديد من التكريمات.

غنيت الراب و اللون الشرقي الأصيل في الستينات أمام الجمهور

. علمنا بأنك بدأت مسارك من بوابة الغناء؟
ـ كنت منذ الصغر أحب الفن و دخلته من بوابة المسرحيات الثورية مع محمد الطاهر بن حملة في سنة 1963، و كنت أيضا عضوا في  مجموعة صوتية تؤدي الموشحات الأندلسية و أغاني المالوف التونسي في تلك الفترة، كنا نقوم بجولات فنية لنقدم اسكاتشات و ننشط حفلات. و كنت أؤدي أغاني أم كلثوم و فريد الأطرش و عبد الحليم حافظ و محمد قنديل التي كانت مطلوبة آنذاك، و كذا الموشحات. أعتبر الشيخ عبد الرحمان عاشق و حسان الفقون  أستاذي في التمثيل، لكنني اعتمدت على نفسي في تعلم الغناء لوحدي، و قد بدأت أؤدي أغاني الراب في 1967 على طريقتي. لقد صقلت موهبتي في  فرقة البهاليل التي أنشأتها أنا و الحاسن قادوم و عبد الرحمان السقني و بشير بن محمد، لقد كنا نؤدي اسكاتشات و أغان فكاهية حول مختلف الظواهر الاجتماعية، يكتبها لنا عبد الرحمان عاشق يوسف، فتشد الجمهور، كانت حفلاتنا جد ناجحة و يمتلأ مسرح قسنطينة عن آخره، رغم أن ثمن التذكرة كان 50 دج في بداية السبعينات. لقد قدمنا أعمالا رائعة و سجلناها و نقلت التسجيلات إلى العاصمة، لكنها أتلفت و أحرقت للأسف الشديد، و لا توجد في الأرشيف.
.ماذا عن دورك في سلسلة «أعصاب و أوتار» لمحمد حازورلي ؟
ـ كان من أجمل أدواري، لأننا اعتمدنا فيه كثيرا على الارتجالية و العفوية و الصدق في الحوار و الانسجام الكبير بين الممثلين، لكن عندما صورنا جزءا آخر في 2010، لم يحقق نفس نجاح الأجزاء السابقة، لأن الجمهور تغير و كذا انشغالاته و همومه.
. ألم تفكر في كتابة مذكراتك؟
ـ أتمنى حقا ذلك لأن لدي الكثير لأقوله للناس حول مساري الفني و حياتي، للأسف لا أتقن الكتابة .
. كيف كنت تختار أدوارك ؟
ـ الأدوار هي التي تختارني(يضحك)، لم يحدث و أن رفضت دورا عرض علي إذا كان يناسبني.
. هل لديك مشاريع فنية؟
ـ لم أتلق أي عرض حتى الآن منذ انتهيت من تصوير فيلم»بوجمعة راه يدور»، لكنني مستعد للعودة إلى التمثيل بعد أن أتماثل للشفاء بإذن الله.

المال قتل الروح الرياضية و الفنية

. هل لا تزال مناصرا لشباب قسنطينة؟
ـ أكيد حبه يسري في دمي منذ كنت طفلا صغيرا، لكنني أتأسف بشدة لأن المال قتل الروح الرياضية، كما قتل الروح الفنية، لقد تقهقرت النتائج و اهتز الفريق العتيد، و لم يعد يصنع فرحنا و حماسنا و فخرنا كالسابق.  كل شيء تغير في هذا الزمن المادي الرديء، و أصبح شعار الجميع الربح «كل شيء بالدراهم».
. أطلعنا على سر لا يعرفه عنك أحد..
ـ أنا خجول جدا و أعشق الأناقة و لا أفرط فيها لأي سبب حتى و إن كان المرض. 

حاورته: إلهام.ط     /تصوير: الشريف قليب

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com