الحاجة محجوبة.. ذاكرة تحفظ صفحات سوداء من جرائم فرنسا
تعيـــــش على زيــــــت الزيــــــتون و الأجـــــــبان الطبيعيـــــــة
تحتفظ الحاجة محجوبة فلاق، البالغة 112 عاما، بذاكرة قوية تؤرخ لمسيرة كفاح و نضال المرأة الجزائرية من أجل تربية أبنائها ورعاية أسرتها، كما أنها الشاهدة الوحيدة على قتل الاستعمار الفرنسي لولديها حرقا، و يؤكد أحفادها بأن سر احتفاظها بصحتها و عافيتها يكمن في نوعية غذائها.
الجدة محجوبة فلاق، زوجة محمد شقاليل، القاطنة بدوار الزمالة ببلدية العطاف، بولاية عين الدفلى، تعيش وسط أجيال متلاحقة من أحفاد أحفادها الذين يغمرونها بالعطف و الحنان و يعتبرونها رمزا للبركة في العائلة الكبيرة و المجتمع المحلي الذي مافتئ يغدق عليها من حين لآخر بالهدايا، و قد بادرت مؤخرا مديرية النشاط الاجتماعي للولاية، بمعية بعض الجمعيات النشطة إلى تكريمها بمناسبة اليوم الوطني للمسنين وأكد أحد المحسنين بأنه سيساعدها لتتمكن من الذهاب إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة .
تحرص الحاجة محجوبة باستمرار على رسم ابتسامة جميلة تأسر القلوب على شفتيها، و لا تزال حواسها الخمس سليمة، فالتقدم في السن لم يحرمها من نعمتي السمع و البصر، كما أنها لا تزال تتمتع بذاكرة قوية تأبى نسيان جرائم الاستعمار الفرنسي الغاصب، و يعود ذلك، حسب أحفادها، إلى حرصها على تناول أغذية طبيعية كزيت الزيتون، الأجبان، خبز الدار التقليدي الذي يحضر بمزيج القمح و الشعير، كما أنها تأكل باعتدال، عندما تشعر بالجوع و لا تتناول، مهما كانت الظروف، أكثر من حاجتها الضرورية من الطعام. و قد ساعدها المشي و الحركة على الاحتفاظ بنشاطها. و ذكر بعض أفراد عائلة الحاجة محجوبة بأنها قبل عقد من الزمن فقط، كانت تقوم بمختلف الأشغال المنزلية.
الحاجة محجوبة فلاق من مواليد 5 سبتمبر 1905 ، حسب ما سجل ببطاقة التعريف الوطنية الخاصة بها، أي أنها ستحتفل بعد 4 أشهر تقريبا بعيد ميلادها 112 وسط أجيال من الأحفاد و الأقارب، فقد عاشت كافة المراحل التي شهدتها الجزائر إبان الاستعمار الفرنسي و من بينها الحربين العالميتين الأولى و الثانية و لا تزال تتذكر المتاعب التي تعرضت لها إثر محاولات تجنيد أفراد عائلتها في صفوف الجيش الفرنسي، و كانت شاهدة على الإبادة التي تعرض إليها بعض أفراد عائلتها، حيث قضى اثنان من أبنائها نحبهما حرقا على يد الاستعمار الفرنسي، و ذلك بتهمة مساعدة أفراد جبهة التحرير الوطني، وهي ذكرى بشعة لا تزال رغم مرور عقود طويلة عن وقوعها، تنخر ذاكرتها و تعذبها باستمرار.
و قد عاشت الحاجة بعد وفاة زوجها محمد مصاعب لا تحصى و عانت من ظروف اجتماعية واقتصادية لا تحتمل، فقد تخبطت طيلة عقود من الزمن في الفقر و الحرمان و ظلم لا مثيل له من قبل الاستعمار الفرنسي إلى غاية استرجاع السيادة الوطنية و الاستقلال. و أكدت الحاجة بأن افتكاك الجزائر للاستقلال كان حلما لم يكن ليتحقق إلا بفضل صمود و تضحيات الجزائريين الأبطال، مضيفة «لم نكن نتصور تلك اللحظة التاريخية عندما تم الإعلان بأن الجزائر حرة مستقلة، بعد أن تسلل اليأس إلى قلوبنا و خشينا أن يظل الاستعمار مدى الحياة يضطهدنا و يغتصب أرضنا و خيراتنا و يقتل أبناءنا». هشام ج