الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق لـ 22 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

بسبب التهاب أسعار الماركات الجديدة


السيارات القديمة تعود بقوة إلى طرقات قسنطينة
عادت السيارات القديمة التي يتعدى عمرها 30 سنة بقوة إلى الظهور  عبر طرقات قسنطينة بعد أن أصبحت موضة رائجة في أوساط الشباب الذين وجدوا  فيها ضالتهم بعد الارتفاع الخرافي في  أسعار السيارات الجديدة، لكن هذا التهافت رفع قيمة أنواع كانت مهملة داخل المستودعات وحوّلها إلى سوق دسمة استثمر فيها أصحاب ورشات التصليح وهواة جمع السيارات.  هياكل كان  يأكلها الصدأ  تحوّلت إلى سيارات جميلة على أيدي حدادين و ميكانيكيين ما رفع الطلب وقفز بالأسعار إلى معدلات وصلت  عتبة 120 مليون سنتيم في بعض الحالات.
تحقيق: فوغالي زين العابدين
وأثناء تجولنا واستطلاعنا بسوق السيارات بالحامة بوزيان بولاية قسنطينة لفت انتباهنا في الجزء المخصص  للسيارات المستعملة وجود عدد كبير من المركبات التي فاقت مدة استعمالها 30 و 40 سنة، كما أنها كانت في حالة جيدة سواء من حيث شكلها الخارجي أو نوعية محركها، مما جعل عددا كبيرا من المواطنين يقبلون عليها ويرغبون في اقتنائها ، الأمر الذي رفع أسعارها بشكل غير مسبوق،  وقد لفت انتباهنا التفاف جميع كبير  من  المواطنين حول سيارة "بيجو305" بيضاء اللون تحمل ترقيم ولاية ميلة43 ،  شكلها الخارجي يوحي وكأنها  خرجت من المصنع حديثا، ومع زيادة عدد الطلبات عليها بلغ سعرها 50 مليون سنتيم، ومع ذلك لم  يقرر صاحبها بعد بيعها، فيما  بلغ سعر" بيجو505" في حالة جيدة،  85 مليونا،  لكن صاحبها أخبرنا بأن الثمن بعيد عن ما يصبو إليه،  نفس الأمر بالنسبة لسيارات علامة  "رونو" وبالأخص "رونو"21 و "25" حيث يسجل عليها إقبال  كبير  من الشباب خصوصا متوسطي الدخل، لقوتها وصلابتها مما جعل ثمنها يبلغ في بعض الحالات 65 مليونا حسب استطلاع قمنا به مع مرتادي سوق السيارات.
بورصات مفتوحة على الأنترنت وسيطرة لرونو و بيجو
ومن بين الأسباب التي  أدت إلى ازدهار سوق السيارات القديمة  ، الارتفاع الكبير لسعر السيارات الحديثة في الفترة الأخيرة بالإضافة للركود الذي تشهده السوق،  مما أدى إلى عزوف  الكثيرين عن اقتناء السيارات الحديثة أو التي يبلغ متوسط عمرها بين 5 إلى 10 سنوات، والعودة إلى السيارات القديمة خصوصا أن لها العديد من الامتيازات حسب العديد من المواطنين الذين تحدثنا معهم، والذين أكدوا أنه بالإمكان بيعها مجددا في حالة عودة الاستقرار إلى سوق السيارات، خصوصا أنها مطلوبة بكثرة في ولايات أخرى ولن يجد صاحبها صعوبة في بيعها.
ارتفاع الأسعار لهذه الأنواع القديمة جدا من المركبات  يمكن بسهولة ملاحظته  عبر المواقع و الصفحات الخاصة ببيع السيارات القديمة في الشبكة العنكبوتية، فأثناء تصفحنا لموقع "واد كنيس"  نجد  على سبيل المثال أن سيارة "بيجو 505 " من الحجم العائلي بيضاء اللون وضع صاحبها صورا لها وعرضها بسعر لا  ينزل عن 120 مليون سنتيم،  وأخرى "رونو12 "  تراوح سعرها   بين 25 الى45 مليونا، أما    "بيجو 305" فثمنها  يعادل بورصة ما وصلت إليه في  واد كنيس ، ونفس السقف نلاحظه بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي التي تشهد زخما في الصفحات و المجموعات الخاصة ببيع السيارات القديمة في ولاية قسنطينة وأصبحت بديلا عن السوق التقليدية وبورصة مفتوحة توفر مختلف الإختيارات، حيث تعرض عدة أنواع بالصور وتفتح مزادات إفتراضية زادت من قيمة هذه السيارات التي كانت مهملة من قبل في ظل منافسة قوية للماركات الجديدة، كما توجد صفحات لهواة يتباهون بجمع كل ما هو قديم في عالم السيارات.  

أنواع معينة من السيارات الكلاسيكية التي يزيد عمرها عن  ثلاثين سنة، اختفت بشكل شبه تام عن حركة السير في ولاية قسنطينة و ما تبقى منها  كان  في حالة سيئة، لكن مؤخرا نشهد  عودة  قوية  لعدة أنواع  و في حالة جيدة بعد إخضاعها لصيانة زادت من بريقها ،   بالأخص،    بيجو(305 و 505) ورونو(12 و سوبر5).
 وقد علمنا من تجار ومواطنين أن تلك السيارات  يتم جلبها من مدن داخلية  من خارج الولاية  و معروف أن المدن والقرى المجاورة  لها ، يتم فيها الاحتفاظ بالسيارات القديمة  و الاعتناء بها بشكل كبير، مما يجعلها غير قابلة للتلف خصوصا في شكلها الخارجي أو حالة المحرك، وهذا ما تفطن له العديد من مواطني قسنطينة وفضلوا اقتناءها من تلك المناطق لعدة مميزات،  فعلى سبيل المثال سيارة بيجو"505" إذا كان محركها في حالة جيدة فإنها تملك قوة التحمل وسرعة قد لا تتمكن بعض السيارات الحديثة من منافستها، أما بيجو"305" فلها صلابة خاصة تحدّت الزمن كما تملك قوة7 أحصنة تجعل سرعتها تفوق أحيانا بعض السيارات العصرية، خصوصا إذا كانت طاقتها بنزين، مثلما حدثنا   محمد.خ (60 سنة)، " كنت سائق أجرة في السابق وقدت العديد من السيارات سواء القديمة أو الحديثة ولا أخفي عليكم سرا لم أجد سيارة اقتصادية وأفضل من بيجو 305 فهي سهلة في القيادة ، كما أنها تملك منظومة ميكانيكية سهلة، و في حال  حدوث عطب بإمكان أي شخص عادي إصلاحها دون العودة إلى الميكانيكي"، ونفس الأمر بالنسبة لسيارات رونو وبالأخص رونو"4" التي تعرف بأنها  كانت معشوقة كبار السن،  لكن لاحظنا مؤخرا أن الشباب أصبح يقبل عليها مثلما هو الشأن   لمحمد الأمير(26 سنة)   الذي قال " فضلتها  على كثير من السيارات الأخرى وأجد راحة كبيرة في قيادتها"، أما بالنسبة  لرونو سوبر5 ، فتملك حسب العديد من روادها ميزة خاصة ، وهي اقتصاد  في البنزين كما يمكن إستبدال محركها دون مشكلة.
ورشات تواكب السوق والحدادون الرابح الأكبر
  ورشات الحدادة الخاصة بإصلاح الشكل الخارجي للسيارات واكبت أيضا الموجة،  حيث لاحظنا أثناء تجولنا بعدد منها  وجود عدد معتبر من السيارات يجري إصلاح شكلها الخارجي وإعادة طلائها بدهان جديد حتى يرتفع سعرها في سوق السيارات، وهو عمل  غالبا ما يقوم به  حدادون قدماء مثلما هو الحال مع عز الدين (55سنة) ، الذي يعمل  بورشة بواد الحد،  والذي علق قائلا "الجيل الحالي من الحدادين يتهربون كثيرا من السيارات القديمة لأن العمل فيها شاق ومتعب ويتطلب خبرة في الميدان عكس السيارات الجديدة التي تعرضت لحوادث فيكون العمل فيها سهلا، حيث تقوم فقط بنزع الجزء المتضرر ووضع جزء جديد"،    وبورشة أخرى في  مدينة الخروب   وجدنا سيارة من نوع بيجو"504" قد تم إعادة إصلاحها بالكامل  إلى درجة أنها أصبح تجلب إنتباه كل من يمر بالمكان.
ولعل أبرز ما يميز السيارات القديمة المذكورة أنها تملك منظومة ميكانيكية بسيطة وغير معقدة عكس السيارات الجديدة كما أنه بالإمكان الحصول على قطع غيارها بسهولة، ويكفي فقط الذهاب للمكان المخصص لوضع السيارات المنتهية الصلاحية أو التي تعرضت لحادث مرور وشراء الجزء المطلوب،  وربما المشكل الوحيد الذي قد يصادف صاحب السيارة مثلما حدثنا عز الدين .ي(45 سنة) صاحب سيارة أجرة من نوع بيجو"504"  أن  أسعار قطع الغيار يتم رفعها لعلم من يبيعونها بالحاجة الماسة إليها.
 أما في ما يخص حالة المحرك وكيف استطاعت السيارات القديمة البقاء في السير كل هذه المدة ومنها من بقي محركها في حالة جيدة، فقد كان لنا حديث مع مجموعة من أصحاب ورشات إصلاح السيارات، ومنهم الميكانيكي يخلف.ع ، صاحب ورشة بواد الحد الذي أكد،    أن عددا كبيرا من السيارات القديمة يتم إعادة إصلاح منظومتها الميكانيكية وتغيير قطع الغيار القديمة من المحرك وتعويضها بقطع غيار أخرى أقل استهلاكا وأضاف "تأتيني إلى ورشتي العديد من السيارات القديمة خصوصا البيجو و رونو ونقوم بإعادة تجديد المحرك بنزع القطع التالفة أو منتهية الصلاحية وتعويضها بأخرى في حالة جيدة، وأغلب القطع متوفرة، لكن تتطلب التنقل لعين مليلة أو مناطق أخرى لجلبها"، أما الميكانيكي شمس الدين (27 سنة) صاحب ورشة   بشلغوم العيد والذي تعلم المهنة من والده فقال "أغلب الميكانيكيين الشباب من سني يتحاشون إصلاح السيارات القديمة لجهلهم بتركيبتها   رغم أنها سهلة وبسيطة مقارنة بالسيارات الحديثة ولحسن حظي أنني تعلمت طريقة إصلاحها عن طريق والدي".

بين حب القديم والبحث عن حماية من حوادث المرور
ولا يتوقف شراء تلك السيارات القديمة على أصحاب الدخل الضعيف والمتوسط بل تعداه حتى لميسوري الحال خصوصا من ولاية أم البواقي التي يعشق العديد من سكانها سيارات بيجو القديمة وخصوصا بيجو"505"و "504" ويعتبر البعض ممن تحدثنا معهم أن التجول في وسط المدينة بسيارة "505"أو 504" يعطي لصاحبه عزوة ،وكأنه يتجول بحصان أصيل حسب قولهم، فأمين.ك (32 سنة) وهو تاجر من عين مليلة  يؤكد  "أملك سيارة فخمة رباعية الدفع أستعملها  أثناء  القيام مختلف نشاطاتي خلال اليوم وبعد العودة في المساء إلى المنزل أخرج سيارتي الثانية بيجو "505" وأتجول بها في وسط المدينة،  و أحرص على  أن أعتني بها كثيرا ".
ومن بين الأسباب التي تجعل  العديد من المواطنين في ولاية قسنطينة يفضلون السيارات القديمة هو صلابة هيكلها  الخارجي حتى أننا لاحظنا أثناء الازدحام المروري في وسط المدينة أن العديد من أصحاب السيارات الحديثة يتحاشون الاقتراب من السيارات القديمة خوفا حدوث أضرار فادحة لسياراتهم في حال الاصطدام بها،   وقد روى لنا    حمزة.ب(24سنة) الذي كان شاهد عيان على حادث مرور وقع بمدخل مدينة زواغي   ناحية المطار   مشيرا أنه  شاهد  قبل شهر اصطداما  بين  بيجو305 وسيارة جديدة من طراز 2016 ، وكانت النتيجة،  تهشم  الواجهة الأمامية للسيارة الحديثة    بالكامل أما  المركبة الثانية  فلم تصب بأضرار كبيرة،  باستثناء تحطم المصابيح الأمامية وهذا دليل، كما يضيف على صلابة ما هو قديم.
لهذا السبب يتحاشى  كثيرون  مرسيدس و غولف
وكما سبق وأن أشرنا من قبل أن أكثر السيارات القديمة المتداولة هي من نوع بيجو ورونو، والبعض يتساءل عن السبب الذي يجعل الكثيرين يتفادون شراء سيارات مرسيدس وغولف القديمة وحتى الأنواع الأخرى مثل "bmw " أو هوندا ، والسبب أن سيارات المرسيدس القديمة المتوفرة حاليا في السوق أغلبها له طاقة المازوت ومع مرور الوقت تتدهور حالة المحرك كما أن قطع الغيار نادرة جدا وأن وجدت فإنها تكون غالية الثمن.          
ف.ز

جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com