نجاح البرنامج الوطني لمكافحة السرطان متوقف على تقنين التكوين
أجمع دكاترة ومختصون في مختلف المجالات الطبية، على أن نجاح البرنامج الوطني لمكافحة السرطان الذي خصص له غلاف مالي قدره 200 مليار سنتيم والممتد من 2015 لغاية 2019، وكذا نجاح اللجان متعددة الإختصاصات على مستوى المؤسسات الإستشفائية عبر الوطن، يبقى رهين نجاح دورات التكوين المتواصل وإندماج كل الممارسين في القطاع، بما يكفل ترقية التشخيص للحالات المرضية وخاصة الإصابة بالسرطان والمساهمة في زيادة عبء تنقل المرضى بين المصالح وبين القطاعين الخاص والعمومي وهذا ما قال عنه أحد الدكاترة «حرام علينا ترك المرضى يجابهون رحلة التنقل بين المصالح، واللجنة متعددة الإختصاصات موجودة لهذا الغرض». قال البروفيسور بشير بويجرة نهاية الأسبوع الماضي خلال لقاء حول تقييم برنامج التكفل بمرضى السرطان، أنه يكاد يجزم بأن كل العاملين في المجال الطبي بالجزائر يجهلون العديد من الأمور في مجالات تخصصهم وحتى في المجال الطبي عموما، وأن الجميع بحاجة لتكوين متواصل لتجديد المعارف وتدعيم المكتسبة منها بالخبرة والتجربة، وطالب البروفيسور بويجرة بفرض قوانين تجعل كل ممتهن في القطاع الصحي لا يخضع لتكوين متواصل وتجديد المعارف، يتعرض لعقوبة تتباين من حالة لحالة، كما ألزم إدارة المجالس العلمية للمستشفيات بضرورة برمجة دورات تكوينية، واختيار مواضيع مناسبة، وضرب المتحدث مثالا عن حالة مريض بسرطان المعدة أجرىت له عملية كانت ناجحة، ولكن كان هذا المريض مضطر لزيارة المؤسسة الإستشفائية الجوارية بالقرية التي يقطن فيها من أجل تغيير ضماد الجرح، ولكن المفاجأة التي نقلها المريض للبروفيسور بويجرة، هي أن الطبيب المداوم بالعيادة كان يجهل أن سرطان المعدة يمكن استئصاله عن طريق عملية جراحية، و من هنا دعا البروفيسور لترسيخ ثقافة التكوين المتواصل وعدم ترك الإختيار للممارسين. وفي ذات السياق، أضاف البروفيسور تهامي المختص في أمراض الدم، أن التكوين المتواصل هو أحد ركائز علاج مرضى السرطان، مبرزا أن علاج أحد أنواع السرطانات المسمى «لمفاويات أوتشكينغ» يجري بنفس المستوى مثل الدول الأوروبية عندما يكون مسار المتابعة وفق طرق علمية جيدة والمريض يسترجع قواه الصحية، والعكس عندما يكون التهاون والجهل بالأمر وهذا ما هو واقع في أغلبية الحالات.
وبخصوص التكوين المتواصل، كشفت البروفيسور موفق رئيسة المجلس العلمي بمستشفى بن زرجب بوهران، أن برنامج المجلس لا يخلو من الدورات التكوينية والملتقيات العلمية وغيرها من الأنشطة، ولكن رغم وجود مقر المجلس في محيط جميع المصالح الإستشفائية والاستدعاء المباشر لكل الطواقم الطبية واستخدام كل وسائل التواصل والإتصال، إلا أنهم لا يحضرون إلا فئة تعد على الأصابع، وهنا ذكرت المتحدثة بأهمية هذه اللقاءات لعلاج مرضى السرطان، لأنهم يحتاجون لتشخيص من عدة مصالح إستشفائية وتحاليل وأشعة مختلفة من أجل تحديد منطقة انتشار الداء واستئصاله وبالتالي المحافظة على الأعضاء غير المصابة، ولكن حاليا في ظل عدم التنسيق والتعاون مثلما توافق عليه جميع الحاضرين، يؤدي غالبا لفقدان المريض أو تدهور حالته الصحية. وتناول بعض المتدخلين مسألة تناول حالة واحدة للمصابين بالإيذز الذين أصبحوا يصابون بكثرة بالسرطان أيضا، في جلسة اللجنة متعددة الإختصاصات، وإعتبر المتحدث أن هذا يعتبر فعلا إقصائيا لهذه الفئة من المرضى، التي أوضحت بشأنها رئيس المجلس العلمي للمستشفى ورئيسة مصلحة الأمراض المعدية، أن هناك رفض واسع من طرف أغلب مصالح المستشفى للتكفل بحالات للمصابين بالسيدا وهذا ما يضاعف معاناتهم ويعقد حالاتهم، وأضافت البروفيسور موفق نجاة أن تبريرات هؤلاء المسؤولين تتمحور حول عدم خبرتهم في التعامل مع المصابين بالسيدا، وكذا الخوف من انتقال العدوى، وكشفت أيضا انه بالمصلحة المعنية يتم التكفل الجيد بهؤلاء المرضى، ولكن على مستوى اللجنة متعددة الإختصاصات تمت معالجة ملف واحد فقط رغم أهمية معالجة ملفات المرضى على مستوى هذه الهيئة ليتم التشخيص الجيد للحالة وتحديد كيفية علاجها دون التأثير على الوضعية الصحية للمريض.
ومن جانب آخر، تطرق البروفيسور بوسحابة عبد القادر لمدى تقدم السجل الوطني للسرطان، والذي يبدو أنه يواجه هو كذلك عوائق من أجل تجسيده وضبطه، ومن بين هذه المثبطات أن حالات الإصابة المؤكدة بهذا الداء لا يتم تسجيلها في سجلات المصالح الإستشفائية، ولكن يتم فقط الإخطار عنها والتبليغ لمتابعتها في مسار العلاج، وهذا ما يمنع وجود أرقام حقيقية عن عدد المصابين وبالتالي يؤجل ضبط إستراتيجية وطنية للتدخل للحد من انتشاره، وهنا أكد البروفيسور أنه غالبا ما يتعذر العثور على مسار علاج المريض أو ملفه الطبي، كما طرح المشاركون إشكالية غياب القطاع الخاص عن اللجنة متعددة الإختصاصات خاصة وأن المريض يجري التحاليل والأشعة المختلفة لدى العيادات الخاصة. هوارية ب