شباب و مراهقون يبتكرون “وكالات كراء” سيارات الأطفال الفخمة و ينقلون أزمة المرور إلى الحدائق
تشهد ظاهرة كراء السيارات الفخمة الخاصة بالأطفال منذ فترة، رواجا كبيرا بولاية بومرداس، ما شغل هذه الفئة عن ركوب المراجيح و جعل أفرادها يصطفون في طوابير لاستئجار إحدى السيارات التي نقلت ما تعانيه طرقات المدينة من أزمة مرور، إلى داخل الحدائق العمومية و المساحات الخضراء.
فأغلب إن لم نقل كل الحدائق العمومية خاصة الكبيرة منها المنتشرة بالولاية، باتت سيارات الأطفال الفخمة التي تعمل عن طريق التحكم بجهاز الريموت كنترول، تشكل ديكورا أساسيا لها، خاصة و أنت تشاهد ذلك الإقبال الكبير عليها من الجنسين و التداول على ركوبها لأكثر من مرة بالنسبة لكل طفل تقريبا.
حديقة 800 مسكن، بقلب بومرداس، تعتبر أهم حديقة تم إنشاؤها مؤخرا على شاطئ البحر، حيث تستقبل يوميا و خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، الآلاف من المواطنين، الذين دشنوها بجلسات عائلية و تجمع للأهل مع أطفال يتداولون على الاستمتاع بالألعاب التي وفرتها البلدية على مستواها، إلا أن المشهد قد تغير مؤخرا، بسبب تلك السيارات الفخمة الصغيرة الحجم التي اقتحمت المكان، و ساهمت في رفع عدد الزوار.
فالزائر للحديقة، لا بد و أن تستوقفه تلك المشاهد لأطفال يلعبون دور السائقين لسيارات فخمة متنوعة، فنجد المرسيدس، الأودي، الفولزفاقن و مختلف أنواع الماركات خاصة الفخمة منها، و شخص آخر يسير خلف كل سيارة يقوم بتسييرها بجهازه الخاص لمحاولة إشعار الطفل بأنه من يقود المركبة فعلا و هو يدير المقود يمينا و شمالا و يتطلع إلى الناس كيف ينظرون إليه.
تقربنا من أحد أصحاب هذه الوكالات المتنقلة، التي تقوم بتأجير سياراتها لأكثر من دورات بإحدى أجزاء الحديقة مقابل 50 دينارا للدورة الواحدة، يدعى حسام، هو مراهق أرغمه فراغه بسبب توقفه عن الدراسة على البحث عن عمل، فلم يجد غير هذا النشاط الذي يعتبره عمل جيد و يدر المال الكافي.
و يقول حسام، بأنه و بعد أن كان زائرا للحديقة، أصبح أحد منشطي الحركة على مستواها، فهو الذي وفر مالا لشراء سيارة للأطفال من نوع مرسيدس بقيمة 1 مليون سنتيم، و قرر استغلالها و استثمار المكان الذي أكد بأنه بات باب رزق للكثيرين، مضيفا بأن عمله الذي ينتعش كل نهاية أسبوع و خلال العطل المدرسية، قد عوض المال الذي اشترى به السيارة و بدأ في تحقيق أرباح يستغلها في مصروفه الخاص و مساعدة العائلة، كما أن النشاط قد مكن آخرين من توسيع نشاطهم إلى شراء مجموعة من السيارات و توزيعها عبر عديد الحدائق بالولاية.
أما بالنسبة للزبائن، فقد تباينت آراؤهم، بين سعيد و سعيد جدا، خاصة بالنسبة للذكور الذين يؤكد بعض أوليائهم على أنهم باتوا يطلبون التوجه إلى الحدائق التي تحتوي على هذه السيارات، و على الرغم من أن التكلفة قد تصبح كبيرة كلما كان عدد الدورات أكبر أو عدد الأطفال كبير، إلا أنهم يرحبون بالفكرة خاصة و أن اقتناء سيارات من هذا النوع بالبيوت أمر لا يمكن تحقيقه بالنسبة لأغلبية العائلات بسبب دخلها المحدود.
ظاهرة كراء سيارات الأطفال و إن كانت قد شكلت وسيلة لعب و تسلية جديدة بالنسبة للكثيرين، إلا أنه لا يمكن إنكار أنها ساهمت في خلق اختناق مروري داخل هذه الحدائق بسبب عددها الكبير و تزاحم الأطفال لركوبها و اختلاط حركتها و بحركة المتنزهين، فأصبحنا نعاني أزمة مرور أخرى يقول أحد الأولياء ضاحكا بأنها بحاجة لطريق سيار خاص و مجموعة من رجال الشرطة مع تنظيم محكم للمهنة.
إ.زياري