عمي صالح يعاني في صمت في بيت تسكنه الفئران
يعاني عمي صالح بصوص، البالغ من العمر 63 عاما، من ظروف جد قاسية، حيث يعيش ببيت أشبه بالمفرغة في المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، تنعدم فيه أدنى شروط العيش الكريم،
و يغيب فيه الأمن و الأمان ، حيث تقاسمه الفئران مسكنه و تتغذى على جسده النحيف الذي أنهكته الأمراض.
بعد أن أخبرنا شاب ناشط بجمعية البر و الإحسان بوضع الشيخ صالح المزري، زرناه في بيته الكائن بإحدى عمارات الوحدة الجوارية رقم 07 بالمدينة الجديدة علي منجلي، ففوجئنا بعدم تهيئته و عدم توفر الشروط الأساسية في الشقق بالعمارات على غرار النوافذ و الأبواب، و بوضعية الشيخ الكارثية التي تفوق كل تصور .
بمجرد أن وطأت أقدامنا مدخل البيت الكائن بالطابق الأول، انبعثت منه رائحة كريهة جدا، و بعد أن فتح لنا الشيخ الباب وجدنا جدرانه و أرضيته متسخة، و حمامه غير مستغل و مليء بالخردة و مرحاضه قذر، و قد أغلقت نوافذ غرفه بالكامل بقطع الخشب و المسامير، فيما اقتلع باب الشرفة المطلة على مطبخ مكتظ بالأواني المحترقة و النفايات. أما غرفة نوم الشيخ فتوجد بها نافدة نصفها متآكل، ما جعل البيت تغزوه الفئران، التي أصبحت تهاجمه و تتغذى على جسده الهزيل.
عزة النفس تمنعه من مد يده لأحد
الشيخ صالح بصوص الذي شاءت الأقدار أن يعيش وحيدا بعيدا عن زوجته و ابنته اللتين تخليتا عنه ، على حد قوله، منذ أن تحصل على سكن اجتماعي سنة 2002، وجدناه ممددا في فراشه المتسخ، و وجه شاحب و مرهق و يوجد فوق شفتيه دم متعفن، سألناه عن هذا الدم، فمنعه الخجل من الرد في البداية، ثم قال بصوت خافت و كان الخوف جليا في نظراته، بأنه تعرض لعضة فأر ، مضيفا بأنها ليست المرة الأولى الذي يعضه فيها فأر، فالفئران تملأ بيته و تهاجمه من حين لآخر.
قال بنبرة حزينة بأنه يعاني من ظروف قاسية منذ أن انتقل للعيش في هذا المنزل الذي تحصل عليه في إطار السكن الاجتماعي، لكن فرحته بالسكن لم تكتمل بعد أن هجرته زوجته و ابنته و انتقلتا للعيش، على حد قوله، في ولاية مجاورة عند أهل زوجته، و منذ ذلك الحين لم تزره أية واحدة منهما، ما جعله يقتات بالخبز و الزبادي « الحليب الرائب» و المشروبات الغازية.و أكد بأن الشخص الوحيد الذي يتفقد أحواله هو جاره المدعو فاتح، مشيرا إلى أنه يحضر له الأكل من حين لآخر، بالرغم من أنه محدود الدخل، كما أنه لا يبخل عليه بشيء و يرافقه للخضوع للمعاينات الطبية إذا مرض.
و تابع المتحدث بأنه لا يمتلك حاليا أدنى وثيقة تثبت هويته ماعدا فواتير الكراء، فقد أخذت زوجته، على حد قوله، مختلف الوثائق، كما أن بطاقة التعريف أخذها أخوه الذي يرافقه لتحصيل منحته التي قال أنه لا يعلم قيمتها، كما أكد لنا، فهذا الأخير يعطيه مبلغا لاقتناء ما يلزمه من الطعام، و ختم حديثه معنا بقوله» لا أريد شيئا و لا أريد الخروج من بيتي الذي يودون سلبه مني، حلمي الوحيد أن يكون بيتي نظيفا و يحتوي على نوافذ و أبواب تقيني من برد الشتاء، لأن منزلي ليست به مدفأة، و لكي لا تغزوه الفئران» .
جمع التبرعات لترميم منزل عمي صالح
التقينا خلال هذه الزيارة بجار عمي صالح الذي لا يتجاوز عمره الأربعين عاما، و يعتبر بمثابة ابن لعمي صالح أنجبته له الظروف القاسية، و تحدثنا إليه باعتباره دائم الإطلاع على أوضاع هذا الشيخ ، فقال لنا «بالرغم من الظروف الصعبة و حالة الفقر المدقع التي يعيشها عمي صالح، إلا أنه يتمتع بعزة نفس قوية و لم يطرق منذ أن قطن بهذه العمارة باب أحد جيرانه ، حتى و إن ظل جائعا لأيام ، كما أنه لا يؤذي أحدا و يقضي معظم وقته بين جدران هذا البيت الأشبه بالمفرغة».و أكد بأنه يعتبره كأب له منذ أن وجده وحيدا و لا يهتم أحد لأمره.و أضاف رئيس جمعية أهل البر و الإحسان الذي رافقنا إلى بيت الشيخ، بأنه يعكف على جمع تبرعات لترميم منزله و اقتناء نوافذ و أبواب له، و تمكن لحد الآن من جمع مبلغ لإجراء أشغال الترميم، فيما لم يتمكن من اقتناء نوافذ و أبواب، لهذا يطلب من المحسنين مساعدة هذا الشيخ لشراء نوافذ قبل حلول فصل الشتاء.
أسماء بوقرن