الفلسفة في الجزائر تمر بمرحلة حرجة ويجب تصحيح صورتها
أكد مساء أمس باحثون وأساتذة في ندوة علمية حول فائدة الفلسفة، على هامش الصالون الدولي للكتاب بقصر المعارض بالجزائر العاصمة، بأن الفلسفة في الجزائر تمر بمرحلة حرجة، ما دفعهم لإنشاء جمعية وطنية للعناية بالفلسفة، و مناقشة الكثير من الإشكالات ذات الاهتمام بالرأي العام في الجزائر، و قد اختير للجمعية اسم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية و وصل عدد مكاتبها إلى 40 مكتبا عبر الوطن.
و انتقد المشاركون في الندوة العلمية طريقة تعليم الفلسفة في الطور الثانوي والجامعات التي تقترب من طريقة تدريس الفيزياء و تقديم معلومات للتلميذ و مطالبته بحفظها، بينما لا بد من الاعتماد على طريقة تتناسب معها في شكل نقاش و حوار و تعليم مناهج التفكير في قالب حواري مستفز للفكر.
وفي هذا الإطار يقول الأستاذ عمر بوساحة، بأن الفلسفة يجب أن تعيد النظر في نفسها، وكما تمارس النقد على الآخرين، عليها أن تمارس النقد على نفسها من خلال ما يحيط بها من إشكالات، و أضاف بأن الفلسفة في الجزائر تمر بمرحلة حرجة و الطريقة التي تقدم بها في التعليم و الجامعات و الخطاب الفلسفي في الجزائر، بعيدين عن روح الفلسفة، مشيرا في الإطار ذاته إلى أن الفلسفة تقدم خدمات للثقافة والفكر والوعي الإنساني، كما كانت الفلسفة، حسبه، محفزا لكل تقدم في العلوم، و هناك الكثير من الفلسفات تعتبر مرافقة للعلوم وذكر منها فلسفة الرياضيات، فلسفة الآداب، فلسفة العلوم وغيرها.
و أضاف الأستاذ بوساحة بأن حضور الفيلسوف في الثقافات الإنسانية متميز، كما يتوفر الفيلسوف، حسبه، في الثقافات الأخرى على مكانة كبيرة، قائلا بأن الأدب لا يمكن أن يكون أدبا، إذا لم ينطلق من رؤية فسلفية، ونفس الشيء بالنسبة لباقي العلوم، وبالتالي فإن الفلسفة ضرورية للحياة الثقافية.وانطلاقا من هذه المكانة والأهمية التي تحظى بها الفلسفة، طالب عمر بوساحة بإعادة تصحيح صورتها في الجزائر، و قال بأن هناك عدم فهم كبير للفلسفة في الحياة، مشيرا إلى وجود بعض الأفكار التي تربطها بالإلحاد والابتعاد عن الدين والزندقة وغيرها، فأصبحت مشكلة بالنسبة للكثير من الأساتذة، خاصة في المستوى الثانوي.وتابع بوساحة بأن الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية تأسست لإعادة تجديد الفكر الفلسفي ،لأن الفلسفة في طبيعتها حوارية، و كذا تعلم مناهج التفكير والروح النقدية، مؤكدا بأن الحياة الثقافية في المجتمع تتصدى لهذا الفكر النقدي الذي وضع على أسس فكرية وعقلية وعلمية.
وفي السياق ذاته أوضح بوساحة، بأن الفلسفة لم تعد تناقش المواضيع الفكرية القديمة، بل تعمل على محاربة كل ما لا يقام على أساس علمي وفكري، كما تحارب كل ما هو أسطوري، وفي نفس الوقت تناقش المشاكل التي تؤرق الاهتمام العام بطرق منهجية وعملية، ومن المفروض، حسبه ، أن تناقش الفلسفة قضايا سياسية ومشكلة الدولة والفكر الديني وغيرها.
أوضح الأستاذ محمد شوقي الزين من جهته ، بأن الفلسفة لا تحوم في الميتافيزيقا، بل هي شكل من أشكال التفكير في الواقع المعيش، و أضاف بأن الفلسفة ترتبط بكل ما يحاول الإنسان معرفته ، و عن كل الأخطار التي يواجهها كالعنف، الإرهاب، المرض و التقلبات الايكولوجية، مؤكدا بأن الفلسفة محفزة على مواجهة هذه المشكلات، أو هي نوع من الحافز أو الدافع.
و قد استحسن المشاركون تنظيم هذه الندوة حول فائدة الفلسفة التي تعد الأولى من نوعها بالصالون الدولي للكتاب، و قد استقطبت العديد من الطلبة والأساتذة.
نورالدين-ع