لا يوجد إحصاء جديد للبناء الفوضوي وتصريح الوالي أُسيئ فهمه
نجحت بلدية البوني بولاية عنابة، في تحقيق توازنها المالي، بفضل مداخليها من الجباية وعائدات التحصيل الضريبي، كما سمحت بحركيتها التنموية وموقعها الاستراتيجي كثاني أكبر تجمع سكني بعد عاصمة الولاية، بأن تتحوّل إلى مدينة لا تنام باكرا، أصبحت وجهة للتسوق ليلا، وأرجع رئيس البلدية عبد العزيز لطرش ذلك، في هذا الحوار مع النصر، لسهولة الولوج إلى المدينة، وموقعها الذي يتوسط 6 بلديات، بالإضافة إلى حدودها مع بلدية الشط في ولاية الطارف، وامتلاكها لشريط ساحلي على طول 6 كلم، ومنطقة نشاطات صناعية، ووجود مطار دولي في إقليمها، وكذا مركب فرتيال للأسمدة الأزوتية، ومركب عربات القطارات وعربات الترمواي.
حاوره: حسين دريدح
تحدث لطرش في اللقاء الذي أجرته النصر بمكتبه، عن تجربته في تسير بلدية البوني خلال 3 عهدات، وكيف استطاعت تحقيق فائض مالي في السنوات الأخيرة، ما سمح بتوظيفه في انجاز ابتدائيات، وإطلاق مشاريع للتهيئة، وخلق فضاءات للراحة والنزهة. كما فصل عبد العزيز لطرش، في ملف توزيع السكن الاجتماعي، وقضية إعادة إحصاء السكنات الفوضوية.
إزالة سكنات كورنيش سيدي سالم غير مطروحة حاليا
• ماذا عن تصريح الوالي بشأن الانطلاق في عملية إحصاء للبيوت القصديرية من سيدي سالم؟
تصريح السيد الوالي فيما يخص البيوت الهشة أسيء فهمه، فُسر على غير المحمل الذي جاء فيه، اللجنة التي انطلقت في خرجات الميدانية تقوم فقط بالتدقيق ومراجعة إحصاء 2010 ليس هناك إحصاء جديد لا في سيدي سالم ولا غيرها من الأحياء، أود التصحيح بأن السيد الوالي لم يعط إشارة إحصاء البنايات الهشة سواء في البوني أو أحياء ولاية عنابة، و عملية سيدي سالم تمت منذ سنوات.
• كم تحصي مصالح البلدية من بيوت هشة في سيدي سالم؟
تم إحصاء سنة 2010 أحياء المحتشد الاستعماري، والذي يتكون من ثلاث تجمعات 1000 و 2000 و 4000 بيت فوضوي، وفي هذا الإطار الدولة التزمت وبدأت في عملية الترحيل، والتي انطلقت بإعادة إسكان أول تجمع بمجموع 1300 عائلة، مع الشروع في ترحيل القاطنين في حي 2000 بيت، يتبقى تجمع 4000 بيت الذي يعرف هو الآخر عملية الترحيل كباقي العمليات السابقة.
• لوحظ في الفترة الأخيرة انطلاق أشخاص في إنجاز بنايات فوضوية، وذلك مباشرة بعد إعلان الوالي عن عملية الإحصاء، كيف تعاملتم مع الظاهرة؟
حاليا، رؤساء القطاعات مجندون في هذه المسألة يوميا ليل نهار، كل من يقوم ببناء فوضوي أيا كان شكله، يتم إعداد قرار بالهدم وتنفيذه بتسخير القوة العمومية، و البوني تشهد في الفترة الأخيرة عدة عمليات هدم عبر كامل تراب الولاية، بالنسبة للبنايات المشيدة بدون حيازة رخصة بناء.
• يتساءل مواطنون عن مواعيد توزيع حصص سكنية جديدة ببلدية البوني
بالنسبة لموضوع توزيع السكن الاجتماعي، البوني ستأخذ حصتها كباقي البلديات، وبمجرد تلقي مصالح الدائرة لقرار والي الولاية، تجتمع اللجنة المكلفة بدراسة الملفات من أجل التدقيق وإعداد القائمة حسب أحقية كل طالب سكن، و حاليا يتم إجراء التحقيقات الاجتماعية لأصحاب الطلبات والتي وصلت إلى غاية ملفات سنة 2014 ، بقيت البوني مركز، وعند الانتهاء من التحقيقات وتجهيز حصة بلدية البوني، نقوم بالخدمة الإدارية بدون تسرع، للتحري الجيد عن أصحاب الملفات، لتفادي تكرار الأخطاء السابقة، وسيتم الإعلان عن القوائم في ظروف جيدة، كما حدث مع حصة البوني مركز، أي ريثما يتم إعداد ودراسة الملفات في إطار الشفافية والهدوء، علما أن عملية التوزيع ستمس كل الأحياء، حسب عدد الطلبات المقدمة، وتشهر القوائم في عدة مواقع.
• ماذا فعلتم لمواجهة ظاهرة «الحراقة» باعتبار منطقة سيدي سالم أهم نقاط الانطلاق للقوارب ؟
البلدية قامت بعدة نشاطات تحسيسية على مستوى مكتبة سيدي سالم، بمشاركة مختصين و فاعلين، ونماذج من «حراقة» كانوا في إيطاليا ودول أوروبية عادوا بقناعات أخرى، من أجل عملية التوعية وسط الشباب، ما وراء البحر ليست الجنة التي ينتظرها «الحراقة»، هناك صعوبات على مستوى الحياة الاجتماعية للمواطنين، لكن هذه الصعوبات لا يمكن تجاوزها بدخول الشخص في مغامرة قد يفقد فيها حياته، هناك فرص كثيرة ونحن نعمل كسلطات محلية ولائية ومركزية على تشجيع الاستثمار على مستوى الوطن، لدعم المستثمرين وخلق فرص عمل، لإبقاء أموال الجزائريين في الجزائر، وهناك خلية أنشأتها مديرية الأمن الوطني، تقوم بعملية المراقبة بالإضافة إلى التحسيس، ومعالجة الظاهرة 80 بالمائة منها يتم بعمل توعوي.
نفكر في إنشاء مخبزة بلدية لحل مشكل التموين في المدارس
• هل لديكم تصوّر بحكم تجربتكم في تسيير الجماعات المحلية، لتطبيق توصيات الحكومة المتعلقة بخلق مصادر للثـروة؟
أصبح هذا الموضوع حساسا و مهما جدا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد التراجع الملحوظ في إمكانيات الدولة، حيث تم تسجيل في السنتين الأخيرتين تراجع في ميزانية البلدية بمبلغ قدر بـ 186 مليار سنتيم، و تعتبر هذه الميزانية في الخمس السنوات الأخيرة الممول تقريبا بنسبة 80 بالمائة لجل مشاريع بلدية البوني المتعلقة بالتحسين الحضري و التهيئة و الإنارة العمومية و المرافق الرياضية و غيرها من المشاريع، فلما عرفت هذه الميزانية تراجعا بطبيعة الحال، حدث تراجع على مستوى المشاريع التنموية.
• هل استطعتم التحكم في ميزان النفقات وتحقيق التوازن في هذا الظرف العصيب ؟
في الوقت الحالي يمكن القول على مستوى البلدية لا تزال الأمور تحت السيطرة و يمكن التحكم في الوضعية، خاصة بعد تسجيل هذه السنة (2018) مبلغ قدره 72 مليار في الحساب الإداري للبلدية، تم تحويل هذا المبلغ للميزانية الإضافية للبلدية، و لا يتعلق بصندوق دعم الجماعات المحلية، فالدولة تقوم باللجوء إلى هذا الصندوق من أجل تمويل البلديات الضعيفة أو بعض المشاريع المهمة، و على سبيل المثال فمنذ سنوات تحصل بلدية البوني على مشاريع من هذا الصندوق تتعلق بتقريب الإدارة من المواطن فيما يعرف بتحسين الخدمة العمومية. أما في ما يتعلق بالمداخيل الأساسية للبلدية، فتعتمد على الجباية، وتحصيل عائدات كراء أملاك البلدية، حيث تساهم المؤسسات الاقتصادية المتواجدة عبر إقليم بلدية البوني من ضمنها مؤسسة فرتيال، في خلق الموارد بنسبة 94 بالمائة من إجمالي المداخيل.
• نفهم من هذا أن مداخيل البلدية تغطي حجم النفقات؟
تم تحقيق خلال 2017، فائض بـقيمة 72 مليار سنتيم رغم تراجع الميزانية، وهو ما سمح بتغطية ما يقارب سبعة أشهر من أجور العمال ضمن الميزانية المخصصة لـ 2018، حيث تعمل البلدية على تحقيق معادلة متوازنة ما بين المداخيل و المصاريف و العمل على التسيير المحكم للمصاريف و ترشيد نفقات البلدية قدر المستطاع. حيث تتراوح مصاريف السنة الواحدة ما بين 100 و120 مليار سنتيم، والمتعلقة أساسا بأجور العمال و مصاريف الكهرباء و الإنارة العمومية، دون تسجيل عجز مالي على مستوى البلدية.
كذلك قامت البلدية بتثمين الأملاك الموجودة بما يتماشى مع السوق على مستوى السكنات و كانت هذه العملية تدريجية من أجل قبول المواطن للفكرة، واقتناعه بأن ما يدفعه للبلدية سيعود عليه بالمنفعة،من خلال ما تسخره البلدية من خدمات عمومية و التهيئة و الإنارة العمومية.
ميزانية البلدية تراجعت بـ186 مليارا في سنتين
بالإضافة إلى هذا، يعتبر العقار نقطة مهمة جدا لأنه أغلبية مداخيل البلديات من الضريبة العقارية باعتبار ألاف السكنات غير مسواة، فأي مواطن له عقد ملكية يطبق عليه الضريبة العقارية و التي تعتبر مداخيل كبيرة للبلدية و تختلف نسبة الضريبة، من منطقة إلى أخرى بحسب الموقع و حسب المساحة. كذلك التسوية في إطار قانون ( 15-08)، لما يتحصل المواطن على رخصة البناء، تطبق عليه الضريبة، بالإضافة إلى الرسومات المطبقة على حظائر السيارات و الأسواق المركزية و الجوارية، كلها تساهم في تعزيز مداخيل البلدية.
• هل قمتم ببرمجة مشاريع تساعد على خلق الثـروة وتوفير مناصب عمل؟
حاليا يتم العمل وفقا لتعليمات الوزارة الداخلية، بإنشاء منطقة تجارية على مستوى سيدي سالم و التي توجه خاصة لفئة الشباب من أجل المشاريع المصغرة و منحه فرصة في الاستثمار ومن ثم خلق الثروة و خلق فرص عمل جديدة، و تخص هذه المشاريع النشاطات التقليدية خاصة للحرفيين و التي تزخر ولاية عنابة بعدد كبير منهم، حيث ثم تخصيص هذه المنطقة لهم و إنشاء ما يسمى بمدينة الحرفيين و هذا من أجل تفادي قلق المواطنين من بعض الحرف التي يتم ممارستها أو القيام بها تحت العمارات أو داخل المدن، مثل الحدادة و النجارة و ما شابه ذلك. و في نفس الوقت إنشاء منطقة تجارية منظمة و موفرة لكل شروط العمل من غاز و كهرباء و ماء و هذا ما أجل تنمية حرفهم .
إلى جانب ذلك، تعمل البلدية على تشجيع الاستثمار في مختلف الميادين، حيث تم تقديم الموافقة المبدئية لانجاز عدة مشاريع استثماريه في صورة فنادق و مركبات سياحية على مستوى الشريط الساحلي لمنطقة سيدي سالم. وفي هذا الشأن تم تقديم طلب إنشاء قرية سياحية من طرف مستثمر و قد تمت الموافقة المبدئية لهذا المشروع من قبل البلدية، و حاليا الملف على مستوى وزارة السياحة من أجل الموافقة النهائية، لدى المستثمر الإمكانيات المادية والإرادة لانجاز المشروع على مستوى الشريط الساحلي لسيدي سالم، و يعتبر هذا الاستثمار مهم جدا، لجدية صاحب شركة «رشيب» المعروفة على المستوى الوطني و لها عدة مشاريع في مختلف ولايات الوطن، كما سيعود هذا المشروع بالمنفعة على بلدية البوني و الولاية ككل.
وهناك نقطة أخرى مهمة جدا، وهي أن البلدية تعمل على القيام بمشروع استثماري، يتعلق بالإطعام المدرسي، ومع تسجيل نقص في مادة الخبز أصبحت البلدية تفكر في حل هذا العجز، من خلال إنشاء « مخبزة البلدية» تضمن تسويق مادة الخبز للمدارس، وتغطي العجز في السوق خاصة في المناسبات الدينية و الوطنية.
المؤسسات الاقتصادية تؤمّن 94 بالمئة من المداخيل
• هل تحسين ظروف تمدرس التلاميذ من أولويات البلدية ؟
اهتمام البلدية حاليا منصب على تحسين ظروف تمدرس التلاميذ، حيث خصصنا من ميزانية البلدية مبلغ معتبر لانجاز مدرستين ابتدائيتين، واحدة تجري دراسة انجازها على مستوى حي أول ماي، وأخرى ببوسدرة، كما موّلت البلدية في السابق أيضا انجاز مدرسة ابتدائية، وتهدف من خلال ذلك إلى تقريب المؤسسة من التلاميذ، وتقليص نفقات النقل، حيث تنفق البلدية كل سنة الملايير لتشغيل حافلات النقل المدرسي وكرائها، حيث تسخر نحو 240 حافلة تعمل يوميا عبر عدة خطوط.
• كورنيش سيدي سالم تشوّهه بنايات السكن الاجتماعي غير المطابقة، هل طرحت من قبل فكرة ترحيل سكان بنايات الكورنيش، هل تم التراجع عنها؟ وإلى أين وصل مشروع «الكور»؟
فيما يخص عمليات ترحيل السكان المتواجدين في الشارع الرئيسي على مستوى الشريط الساحلي لسيدي سالم من أجل إعطاء صورة جيدة و تحسين المنظر لتشجيع السياحة و الاستثمار، فإنه من غير الممكن و من الصعب ذلك خاصة، ضمن الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الدولة.
لكن بالنسبة لمبادرة البلدية في إنشاء ساحة عمومية أو ما يسمى « بالكور» على مستوى سيدي سالم، مقابل البحر، من المنتظر تدشين الفضاء صيف 2018 وهو قيد الانجاز حاليا، بغلاف مالي قدره 6 ملايير سنتيم.
• ما هي جهود البلدية في تشجيع الاستثمار المحلي ؟
وفي ما يخص الاستثمار دائما، فبلدية البوني تشجع المستثمرين، فأي مواطن له مشروع استثماري جاد تسهر البلدية على دراسته و متابعته و توجيهه، خاصة إذا كان المشروع ضمن قواعد التعمير و خال من العوائق ، و دائما تقوم البلدية بمنح الموافقة المبدئية، مع مراعاة الأمكنة المطلوبة من قبل بعض المستثمرين، و هذا من أجل القضاء على البطالة و تكون للبلدية ثروة حقيقية لدعم الميزانية و تمكينها من أن تتجاوب مع طلبات المواطنين.
مشروع لإنشاء قرية سياحية و تدشين "الكور" هذه الصائفة
• من خلال تجربتكم كيف يمكن للبلديات أن تتطور ؟
من أجل تأهيل البلديات في مستوى أهداف الجماعات المحلية باعتبارها القاعدة الحقيقية للدولة الجزائرية، يجب تأهيل الموظفين و أعوان البلديات و كل إطاراتها، فالكادر البشري هو العامل الأساسي و المورد الوحيد في النجاح و تحسين وضعية البلدية، كذلك تطبيق قواعد عمل تحترم من طرف الجميع. ح. د