نعاني أزمة ثقة في النفس و تقزيم للذات
يرى المخرج المسرحي التونسي محرز الغالي، أن الأعمال المسرحية التي تم تجسيدها على الركح، بعضها، وهو قليل، لحسن الحظ، يندى له الجبين بالنظر لضعف التكوين عند الفاعلين في هذه الأعمال وهو ما يستوجب الإسراع في منح فرص التكوين للشباب الراغب في التعاطي مع أبي الفنون . النصر التقت بالمخرج، على هامش ورشة فن التمثيل والإخراج التي يشرف على تنشيطها و تأطيرها بدار الثقافة مبارك الميلي في ميلة منذ يوم السبت الفارط و إلى غاية نهاية الأسبوع الجاري، فأعرب عن أمله في أن يجتمع المسرحيون الجزائريون والتونسيون في عمل فني مشترك، كما تعرّض في هذا الحوار إلى العديد من النقاط الأخرى.
. النصر : بداية، هل يمكننا أن نقول بأن المسرح العربي يعيش اليوم تراجعا ؟
ـ محرز الغالي: بالعكس واقع المسرح العربي يؤكد تقدمه وتطوره اليومي المشهود، فقط هناك تفاوت في هذا التطور من بلد لآخر، والإشكال البسيط المعاش ، هو عجزنا، أو قل خوفنا، من إبرام اتفاقيات شراكة للاستفادة من تجارب وخبرة بعضنا البعض، لتلاقح الأفكار وللدفع بالمسرح أكثر نحو الأمام في بلداننا العربية، خذ كمثال الجزائر أو تونس، لهما تجربة وخبرة كبيرتين في المسرح، غير أن حاجز الخوف من السياسي الذي يعود له أمر تسهيل إبرام الاتفاقيات أو منعها، تجده كثيرا ما يعطل حدوث التلاقي بين أهل الاختصاص.
عكس بلداننا العربية، نجد إيران مثلا، تتمتع بمستوى ممتاز في مجال السينما، لكنها تفتقر لمسرح في ذات المستوى، رغم امتلاك الشعب الإيراني لثقافة مسرحية، لذلك نرى إيران تستنجد بالخبرة الأجنبية، من خلال لجوئها لإحضار مخرجين إيطاليين، فرنسيين وألمانيين، للاستفادة من تجربة وخبرة هؤلاء في المجال والرقي بالمسرح الإيراني لمستوى العالمية، ومزاحمة الذين لهم باع طويل في المجال من أوروبيين وغيرهم ، وهذا ما ينقص الدول العربية، رغم وجود تخمة في المنظرين و العجينة المناسبة والمؤهلة لتولي المهمة ويبقى الخلل والإشكال الكبير في التكوين.
لذلك فإن مسعانا اليوم، يجب أن يرتكز على تكثيف الورشات و الأعمال المشتركة، بهدف تحقيق النجاح، خذ مثلا العمل المشترك الذي كان العام الماضي بين بلدينا من خلال المسلسل الجزائري « الخاوة « ذي الإخراج التونسي الذي نال إعجاب الجميع، بالنظر لروعة العمل الذي تم فيه وهو بالنسبة إلي أجمل ما رأيت في الدراما الجزائرية.
. هل تعتقد أن التراجع في النصوص أم في الأشخاص أو ناجم عن عدم الاهتمام بأبي الفنون؟
ـ كما أسلفت علينا عدم تغطية الشمس بالغربال، فهناك سياسة مقصودة لإبعاد الناس عن الثقافة بصفة عامة، والخيار عند السياسي هو تفضيله للمواطن الجاهل اللامهتم ، على المواطن المثقف، فما بالك بالمسرح الذي يعتبر الناقد الرئيس، لأي سياسة متبعة والمعري لسلبياتها، الموعي للشعب .
ومشكلة التراجع، إن وجدت، فهي ليست على مستوى النصوص، وإنما تعود لأزمة ثقتنا بأنفسنا و تقزيمنا لكل ما هو عربي، وانبهارنا بالأوروبي والغربي عموما .
. ما هي معايير الأعمال التي يمكن أن تنال إعجابك كرجل مسرح؟
- هناك الكثير من الأعمال الراقية والممتازة التي تم تقديمها، سواء على مستوى البنية الدرامية أو العرض و الإخراج، كما توجد أعمال محتشمة.
. ما هي آخر أعمالك؟
ـ آخر عمل لي هو عرض "ريش النعام" الذي توّج بالجائزة الكبرى في العلمة بالجزائر، وأحب أعمالي إلى قلبي ، ثلاثة أولها " مارية " سنة 2008 التي تناولت قضية السلفية وتنبأنا فيها بالربيع العربي، ثم العمل الثاني تحت عنوان «" التقارير" الذي وظفت فيه ست لغات، وآخر عمل هو "ريش النعام".
. كلمة أخيرة ..
ـ الأمل دوما موجود في تحسين حالنا ومعالم نهضتنا بارزة ، تظهر من خلال الإقبال الذي تراه من قبل الصغار والشباب على الأيام و العروض المسرحية المقدمة بدور الثقافة والمسارح في إطار المنافسات أو تلك المتزامنة مع العطل المدرسية ، حيث تمتلئ القاعات بالمتفرجين والمتابعين. إن الإشكال ليس في عزوف الناس عن المسرح، وإنما في السلطة في حد ذاتها، فهي تسعى لإبعاد الناس عن كل ما يرفع من فهمها ووعيها .
حاوره / إبراهيم شليغم