الحصــار المفـروض على بقـايـا الجماعـات الإرهـابية دفــعـهـا للاسـتــســلام
•الجزائر تقدم مقاربات ونتائج إيجابية في محاربة الجريمة أو الظاهرة الإرهابية • الجزائر حققت المعادلة الأمنية إقليميا
أكد الخبير في الشؤون الأمنية الدكتور أحمد ميزاب، أمس ، أن الجزائر تقدم دائما مقاربات ونتائج إيجابية ، سواء في محاربة الجريمة أو الظاهرة الإرهابية ، منوها بالإستراتيجية التي وضعتها الجزائر لمكافحة ظاهرة الإرهاب والتي كانت استراتيجية منظمة، وتنظر على المدى المتوسط و البعيد، مشيرا في السياق ذاته إلى الخناق والحصار الذي تم فرضه على بقايا الجماعات الإرهابية، وهو ما أدى إلى استسلام العديد من العناصر الإرهابية في المدة الأخيرة.
النصر : تصدرت الجزائر قائمة الدول الأكثـر أمانا في إفريقيا، فيما احتلت المركز السابع عالميا، حسب تصنيف للمعهد الأمريكي لاستطلاع الرأي «غالوب»، ما ذا تقولون في هذا الشأن؟
أحمد ميزاب : معهد «غالوب»، يعتبر أحد أبرز المعاهد الأمريكية التي تعرف بصياغة مثل هذا النوع من التقارير ، بالإضافة إلى أنه هذه السنة الثانية التي تنصف فيها الجزائر من هذا المعهد، وفي ذلك إقرار بما بذلته الجزائر من مجهودات في إطار صناعة الاستقرار أو نجاح مقارباتها الاجتماعية و الأمنية، لأن التقرير اعتمد على مجموعة من المؤشرات المتعلقة أولا، بمدى احترافية المؤسسات الأمنية وقدراتها البشرية وكذا إمكاناتها المادية ، بالإضافة إلى حجم ونسبة التغطية الأمنية عبر التراب الوطني وتراجع معدل الجريمة ، النقطة الثانية هي المتعلقة بتعليقات المواطنين باعتبار أن التقرير أخضع أكثر من 136 ألف شخص إلى استبيان من خلاله تم رصد شعور الأفراد في إطار مدى شعورهم بالأمن والأمان ، كل هذه المعطيات دفعت إلى أن تتبوأ الجزائر مكانة مهمة ، إذا عدنا كذلك إلى المعطيات الأخرى المنطقية، لما نقول أن القارة الإفريقية تتصدرها الجزائر؛ يعني لو ننظر فقط ذات اليمين وذات الشمال ، محيطنا الإقليمي يعيش وضعية أمنية معقدة ، يعيش حالة اللاأمن و اللااستقرار ، استفحال الجريمة ، استفحال الظاهرة الإرهابية ، و الجريمة المنظمة ، بالمقابل الجزائر تقدم دائما مقاربات ونتائج إيجابية ، سواء في محاربة الجريمة أو الظاهرة الإرهابية وهذا ما مكن الجزائر من تصدر الترتيب على مستوى القارة الإفريقية، بالإضافة إلى أننا اليوم تحولنا من تحقيق المعادلة الأمنية على المستوى الداخلي إلى تحقيق المعادلة الأمنية على المستوى الإقليمي، لما نقول مثلا أن إنشاء ما يسمى بآلية «الأفريبول» ، ما كنا لنتوجه إلى هذه الآلية لو لم نحقق نحن اكتفاءنا الداخلي من الناحية الأمنية أو من ناحية النجاح والتطور و الإمكانات، كل هذا مكننا أن نتحول الآن إلى تصدير التجربة والمقاربة على المستوى الإقليمي، وبالتالي أقول أن هذا التقرير باعتبار أن الجزائر حصلت على 84 نقطة من أصل 100 نقطة، هذا في حد ذاته مكسب بالنسبة للجزائر ، و هذا مهم جدا بالنسبة للجزائر ويحفز على العمل للحفاظ على الأمن والاستقرار والبحث كذلك على تعزيز هذه المقاربة أكثر وأكثر .
النصر : العديد من الإرهابيين سلموا أنفسهم إلى السلطات العسكرية في المدة الأخيرة ، ماذا تقولون بخصوص الاستراتيجية المتبعة في مجال مكافحة الظاهرة الإرهابية؟
أحمد ميزاب : الاستراتيجية التي وضعت في السنوات الأخيرة ، كانت منظمة، وتنظر على المدى المتوسط وكذلك المدى البعيد، باعتبار أنها استراتيجية تركز بشكل كبير جدا، أولا على اجتثاث الظاهرة الإرهابية، وهذا دفع إلى أن الخطط الأمنية التي يتم تحيينها من الحين إلى الآخر تسعى أولا إلى متابعة تطور الظاهرة الإرهابية وتحركاتها وكذلك العمل على استهدافها في العمق ولاحظنا تقريبا أنه في السنوات الماضية كان فيه ضرب واستهداف بقايا الجماعات الإرهابية ، الآن بدأنا نتحدث على أن الخناق والحصار الذي فرض على هذه البقايا، أدى إلى أن هذه المجموعات هي أمام خيارين، إما إنها تسقط في قبضة الجيش الوطني الشعبي، أو أنها تستسلم أو تحاول أن تستفيد من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وقد أخذت الخيار الثاني، لأنه تقريبا في الثلاثي الأول من سنة 2018 ، تم تسجيل ما سجل في سنة 2017 بأكملها ، ففي 2017 كانت الحصيلة السنوية، 31 إرهابيا سلم نفسه للسلطات الأمنية ، وفي الثلاثي الأول من 2018 العدد يقارب 27 أو 28 إرهابيا سلم نفسه للسلطات، و بالتالي نتحدث عن أرقام دقيقة ونتائج ملموسة تؤكد بأن هناك مقاربة فعلية حقيقية وعمل في الميدان ووعي وإدراك من قبل القيادة العليا لحجم التحديات ولحجم المخاطر وبناء عليها يتم صياغة التوجيهات والعمليات الاستباقية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق هذه النتائج الإيجابية .
النصر : التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الارهاب تحظى باهتمام كبير لدى الشركاء ، ما ذا تقولون في هذا الصدد؟
أحمد ميزاب : الجزائر تحولت إلى مرحلة تصدير التجربة وتقاسم وإشراك الخبرات سواء مع دول الجوار وكذلك مع الإقليم أو حتى على المستوى الدولي ، يكفينا فقط حجم وعدد الملتقيات والمؤتمرات التي احتضنتها الجزائر في الفترات الأخيرة خاصة آخرها وهو الأهم ، المؤتمر الذي احتضنته الجزائر حول مسألة تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية والبحث في مصادر تمويلها وبالتالي نحن نبحث في ملفات حساسة ودقيقة بالنسبة للمجتمع الدولي، باعتبار أن الظاهرة الإرهابية، أضحت تؤرق المجتمع الدولي، خاصة في إطار اتساع دائرة التمويل وكذلك تعدد مصادر التمويل، أصبح يؤدي إلى استفحال هذه الظاهرة وإلى تمددها ، وبالتالي كان ضروريا أن يتم مناقشة هذه الملفات ، الجزائر تلعب دورا كبيرا في هذا السياق، لأنها دائما تقدم الجديد، وتقدم المقاربة التي تنفع للمرحلة المقبلة، فبالتالي هي لا تعالج أشياء قديمة، بقدر ما أنها تنظر إلى ما هو آت في المستقبل.
النصر: تواجه الجزائر تحديات ومخاطر على مستوى الحدود ، كيف تقرأون ذلك ؟
أحمد ميزاب: هذه الإنجازات وصناعة الاستقرار والنجاحات في تحقيق المقاربة الأمنية تقلق الكثيرين، باعتبار أن الجزائر تفتك من خلالها الحضارة والاعتراف وتعري من خلالها الواقع ، لأنه لما نقول الإرهاب فهو صناعة استخباراتية ولطالما كان يطرح السؤال من يقف وراء هذه الصناعة؟ و لما نقوم بدعوة المجتمع الدولي لتجفيف منابع الإرهاب، فنحن نضرب مصالح بعض القوى ونحن نفضح بعض الأطراف، ولما نقول تجارة المخدرات وأنها عائد من عائدات الجماعات الإرهابية، فبالتالي نحن نوجه أصابع الاتهام إلى بعض الفاعلين في هذا المجال، ولما نقول كذلك أن التدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة تؤثر على استقرار المنطقة وتؤدي إلى استفحال الظاهرة الإرهابية وإلى إطالة أمد الصراعات و النزاعات، فنحن كذلك نوجه اتهامات إلى بعض القوى الدولية التي تستخدم هذا العنوان كشعار من أجل استعمار جديد للمنطقة واستغلال ثرواتها وكذلك استنزاف قدراتها، وبالتالي كل هذا يدفعنا لنقول أن تحرك الجزائر ونجاحها وقدرتها على إدراك مثل هذه الأمور يزعج الكثيرين وبالتالي كانت دائما محاولات لجر الجزائر إلى مستنقع أو وضعها في مربع يؤدي إلى استفزازها أو إلى استنزافها، فوعي الجزائر سواء من الناحية الدبلوماسية أو الأمنية كان دائما يدفعها أن لا تقع في مثل هكذا أخطاء .
مراد - ح