أبو الشلاغم . . الباي الذي شيد ضريحه قبل وفاته بحي المطمر
يكشف ضريح مصطفى أبو الشلاغم، أول بايات الغرب الجزائري الذي بناه قبل وفاته بحي المطمر بمستغانم، عن أسرار الخلافة و الصراع القائم على السلطة، على ضوء الخطر الإسباني و تمرد بعض القبائل .
يؤرخ الضريح الذي أشرف البايلك أبو شلاغم على بنائه، عند دنو أجله عقب فراره من وهران التي تعرضت لاجتياح الغزاة الإسبان ، لمسيرة طويلة حافلة بالانتصارات و الانكسارات التي شهدها بايلك الغرب، و هو مسجل، وفق مديرية الثقافة ، ضمن قائمة الجرد الإضافي لشهر فيفري لسنة 2009 ، حتى يتسنى له الاستفادة من أغلفة مالية للترميم و الصيانة والحفظ، ضمن المعالم و الشواهد التي تعود إلى الحقبة العثمانية بالجزائر .
تدفعك البناية التي لا تزال تحافظ على شكلها الهندسي، وسط تجمع سكني مطل على البحر، إلى التعمق في البحث، على ضوء انعدام لوح إشهاري، يبرز هذه الشخصية التاريخية، حيث ترسخ لدى أبناء المنطقة اسم البايلك المبتور من مسيرته، كحاكم تقاذفته الصراعات و النزاعات من جهة، والدسائس والخيانة من جهة ثانية .
ينبغي ،حسب مراد. م طالب دكتوراه في قسم الإعلام بجامعة مستغانم، تزويد السياح ببطاقة فنية عن أي موقع بالمنطقة، على غرار موقع الطبانة أو قصبة الدرب ، المسجد المريني ، حي العرصة وغيرها من الموقع الأثرية التي تزخر بها المدينة.
قال أحد شيوخ المنطقة، 75 سنة، للنصر « لقد أستغل الموقع كقاعة للصلاة ، و تم تحويله بعد ذلك إلى قاعة للعلاج ، ثم مخزن للسلاح في فترات متفاوتة إبان الاحتلال الفرنسي ، ثم استرجع الضريح و استعاد مكانته ضمن التراث الوطني».
يستشف الزائر للموقع حرص أول بايات الغرب الجزائري، على اختيار مكان مناسب لدفنه، عقب فراره بسبب الغزو الكبير لوهران من قبل الإسبان ، وهو الذي قام بالفتح الأول لوهران من 1708م إلى غاية 1732م بعد محاصرتها لمدة أربع سنوات، وفق ما تؤكده الباحثة فتيحة خروبي ، من جامعة وهران ، و ألحق هزيمة كبيرة بالإسبان والقبائل المتحالفة معهم، كقبائل بني عامر وكريشتل.
ويعتبر عهد الباي أبو الشلاغم، حسب الباحثة، أول فترة تاريخية يعرف فيها البايلك التحرر التام لجميع الأراضي منذ مطلع القرن السادس عشر، تاريخ احتلال وهران من طرف الإسبان، حيث عرفت وهران في هذه الفترة نموا ديمغرافيا ، كما عرفت التجارة قدوم تجار أجانب ساهموا في تنشيطها. وشرع الباي في تجديد عمرانها وأصبحت وهران قبلة للزوار من جميع أنحاء البايلك، وعاشت المدينة بين أحضان الإسلام والمسلمين، لكن سرعان ما اغتصبت من جديد من طرف الإسبان عام 1732 ونتيجة لهذا الهجوم فر الباي أبو الشلاغم إلى مستغانم، وأصبحت هذه الأخيرة عاصمة لبايلك الغرب لمدة خمس سنوات.
وتشير بعض المصادر التاريخية، أن سبب اختيار الباي مستغانم، بدلا من معسكر التي كانت عاصمة من قبل، إلى حاجته للتزود بالعتاد والسلاح عبر الميناء من طرف الإنجليز، كما كان يفعل ذلك في ميناء وهران ، في مهمة لطرد الغزاة، لكن باءت كافة محاولته بالفشل .
توفي الباي أبو الشلاغم سنة 1737 م ، و خلفه ابنه يوسف ابن مصطفى الذي غادر مقر الإقامة من مستغانم، متجها إلى معسكر ليشهد هذا الأخير صراعا مريرا حول السلطة .
هشام ج