أطفال تعرضوا لاعتداءات جنسية داخل مراكز الحماية الاجتماعية
كشفت نتائج دراسة ميدانية أكاديمية، شملت 12 ولاية ومست 382 قاصرا متواجدين في مراكز حماية الطفولة، أن 24 بالمائة من البنات و7 بالمائة من الذكور يتعرضون لإعتداءات جنسية داخل هذه المراكز من أطراف متعددة، و 33 بالمائة منهم يتعرضون للملامسة الجنسية، وأكثر من 70 بالمائة منهم يتعرضون للسب والشتم، و71 بالمائة منهم يضربون ويعنفون بقوة.
و قالت الأستاذة الباحثة ميموني بدرة خلال مداخلتها الأربعاء المنصرم في أشغال اليوم الدراسي حول «الطفل والعدالة» الذي إحتضنه مركز «كراسك» بوهران، أن الدراسة التي كانت وزارة التضامن فيها هي الشريك الإجتماعي – الإقتصادي وأنجزت في إطار مشروع بحث في مركز البحث في الأنتروبولوجيا الإجتماعية والثقافية «كراسك» وهران وقام به أساتذة باحثون في القانون وعلم النفس من جامعة وهران، أظهرت أن مراكز الحماية الإجتماعية للأطفال، لم توفر لهذه الشريحة من المجتمع التي توجد غالبا في خطر معنوي، الحماية الكافية والضمان لتجنيبها مخاطر أخرى، والدليل وفق الأستاذة ميموني هو نتائج الدراسة الوطنية التي أشرفت عليها والتي شملت 8 بيوت للأطفال المسعفين، و12 مركز متخصص لإعادة التربية وهذا من بين 36 مركزا من هذا الصنف موزعة عبر التراب الوطني وكذا 4 مراكز متخصصة في حماية الطفولة، وأفادت المتحدثة أن التحقيق الميداني إعتمد على أسئلة وجهت لجميع الأطراف المعنية بحماية الأطفال في هذه المراكز و شملت 25 بالمائة من الأطفال المتواجدين في هذه المراكز، ميرزة أن من إيجابيات تواجد هؤلاء الأطفال في مراكز الحماية، هو تمدرسهم في مختلف الأطوار، حيث سجلت الدراسة أن 48 بالمائة منهم يزاولون دراستهم بشكل عادي.
كما أشارت الدراسة أن 59 بالمائة من هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي جرم، بمعنى أن وضعهم في هذه المراكز سببه وجودهم في حالة خطر معنوي وفق الأستاذة التي أضافت أن أبرز الأسباب لهذا الخطر المعنوي هي ، تفكك الأسرة وعلى رأسها الطلاق، وفاة أحد الوالدين أو كلاهما، وكذا فشل الكفيل في حماية الطفل وهنا طالبت المتحدثة بضرورة إعادة النظر في قانون الكفالة، ووضعية الأولياء في حالات معقدة إجتماعيا.
أغلب الحالات وراءها بالغون وأخرى ارتكبها أطفال
من جهة أخرى، أوضحت قاضية حماية الأحداث خراش نوال في تصريح للنصر، أنه فعلا يوجد إعتداءات جنسية داخل مراكز حماية الأطفال، ولكن خلال السنوات الأخيرة قلت هذه الظاهرة والسبب هو أن أغلب الإعتداءات التي كانت تقع يرتكبها البالغون الذين كبروا في المركز وتعذر إخراجهم في فترة ما، كونهم لا يملكون سكنا أو مهنة يعيلون بها أنفسهم ومنهم من تزوج وواصل الإقامة بالمراكز، مشيرة أنه بعد جهود عدة أطراف منها قضاة، تم إيجاد حلول لهؤلاء البالغين وتم إخراجهم من مراكز الأطفال وعادت الأمور إلى مجاريها، ولكن وفق المتحدثة الإعتداءات الجنسية لم تكن من طرف هؤلاء فقط، بل حتى من أطفال فيما بينهم بالنظر للوضعية التي عاشوها من قبل في الشوارع، وكشفت السيدة القاضية أن العدالة فتحت عدة تحقيقات وتوصلت للحلول المناسبة.
ولكن حماية الأطفال تبدأ من الأسرة أين يجد العديد من الأطفال صعوبة في العيش في كنف أسرهم ويتعرضون لأخطار معنوية وجسدية، مما دفع المشرع الجزائري لسن قوانين تحمي الطفل حتى داخل أسرته مع تفضيل إبقاء هذه الشريحة الهشة في وسطها العائلي لحمايتها أكثر، وفي هذا الصدد، قال الأستاذ فضيل أسامة وهو قاضي بمحكمة وادي تليلات بوهران، أن تعديل قانون العقوبات سنة 2015، جاء بضمانات قانونية أكثر حماية للأطفال القصر حتى داخل أسرهم، حيث تنص المادة 200 من القانون على معاقبة الوالدين في حال تشاجرهما أو إستعمالهما العنف ضد بعضهما البعض مثلا أن يضرب الزوج زوجته أو يهددها بسلاح أبيض، أمام اعين أبنائهما بالنظر للعنف والخطر المعنوي الذي يتسببان فيه لهؤلاء الأطفال، وهذا حتى في حالة تنازل الزوجة عن حقها في متابعة زوجها المعتدي عليها، لأن القانون الجديد يكفل حماية للأطفال بغض النظر عن الوقائع بين الكبار الذين لا يستفيدون من ظروف التخفيف أمام القاضي، وذكر المتحدث أن بعض الإحصائيات تشير أنه في الثلاثي الأول فقط من سنة 2015، تم تسجيل 1256 حالة عنف ضد الأطفال، كما أن تعديل الدستور سنة 2016، أقر في المادة 79 على متابعة الأولياء في حالة عدم ضمانهم تربية أبناءهم.
كما تطرق القانون حسب ما شرحه القضاة الذين تداولوا على المداخلات، بأن مجرد إقدام الأولياء على حرمان الطفل من الطعام مما يعرض صحته للخطر، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي نفس السياق فضلت القاضية خراش نوال ذكر حالة تعبر عن آلاف الحالات الموجودة في المجتمع، وهي متعلقة بأم عازبة تركت مولودها لدى الأب غير الشرعي له والذي بدوره أودعه لدى إحدى الأسر التي ربته ورعته لسنوات حتى كبر، ليعود الوالدان بعدها للمطالبة بإسترجاع الطفل، حيث أن الأم غير مؤهلة قانونا للحضانة لأسباب لم تذكرها ، بينما الأب لم يتبث بعد نسبه للطفل مما يعرض هذا الأخير لحالة الخطر والمصير المجهول، وبناء على هذه الوضعية رفضت قاضية الأحداث إعادة الطفل للوالدين غير المؤهلين وإبقائه عند العائلة التي ربته ولازالت توفر له الرعاية والحماية.
بن ودان خيرة