شواطـــئ ذات طبيعــة وعــرة تتحـوّل إلــى قواعـــد لرحلات المــوت
تعد شواطئ بلدية سرايدي في عنابة، على غرار جنان الباي المعروف «بواد بقراط»، الأكثر نشاطا لشبكات تهريب البشر، و نقطة انطلاق لرحلات الهجرة السرية «الحرقة» باتجاه جزيرة سردينا الإيطالية، و أصبح المنضمون للرحلات يهربون من الملاحقة و المراقبة الأمنية بشواطئ سيدي سالم و جوانو، خاصة مع إنشاء فرقة خاصة بمكافحة تنظيم الهجرة السرية الكائن مقرها بحي سيدي سالم.
و تؤكد مصادر النصر، أن شبكات "الحرقة" تستغل الطبيعة الجغرافية الوعرة بإقليم بلدية سرايدي البعيد نوعا ما عن أعين المصالح الأمنية، باستثناء موسم الاصطياف التي تُجند فيه قيادة الدرك الوطني كتيبة كاملة للسهر على أمن المصطافين، بالإضافة إلى عمليات التمشيط التي يقوم بها أفراد الجيش الوطني الشعبي، حيث أن هذه الخصوصية الجغرافيا تسمح بالتحضير المسبق للرحلات بإخفاء العتاد داخل الغابة و الأحراش قبل موعد الانطلاق، ناهيك عن إنشاء ورشات لصناعة القوارب الخشبية، وسط الأدغال لتفادي المخاطرة بنقلها عبر الطريق، و توقيفهم من قبل دوريات الدرك الوطني و الجيش.
و تتعمد شبكات الحراقة اختيار الشواطئ المغلقة، خاصة الموجودة بسرايدي و شطايبي، هروبا من مراقبة رادارات البحرية الوطنية، مع اختيار الإبحار ليلا و تحت جنح الظلام، أين تقل حركة البواخر و السفن التجارية.
و تشير مصادرنا إلى احتمال إفلات بعض الزوارق التي تخرج من شواطئ منطقة شطايبي و سرايدي، و هو ما يعزز فرضية وصول قوارب إلى الضفة الأخرى من المتوسط.
و في سياق متصل، تُرجع مصالح حرس السواحل سبب إفلات قوارب "الحراقة" من مراقبة الوحدات العائمة المناوبة بالمياه الإقليمية و الدولية، في بعض الأحيان، إلى استخدام محركات ميكانيكية سريعة لا تضبطها الرادارات، تصل سرعتها إلى 200 حصان بخاري ، عادة ما تستخدم في زوارق النزهة.
فيما تتمكن أبراج المراقبة على غرار رأس الحمراء، من ترصد حركات زوارق الحراقة، حيث يتم إرسال إحداثيات إلى الوحدات العائمة، من أجل التدخل لاعتراض طريقها، و يتم توقيف القارب باعتماد طرق مدروسة، بإعطاء أوامر إلى قائد القارب، بتوقيف المحرك و تنظيم أنفسهم، من أجل الالتحاق بالفرقاطة و نقل أغراضهم.
و في حال وجود مصابين يتم إسعافهم في عين المكان تمهيدا لنقلهم إلى المحطة الرئيسية لحرس السواحل، أين يخضعون لفحوصات من قبل طبيب الحماية المدنية، و مباشرة فرقة البحث و التدخل التابعة للشرطة التحقيق الإداري معهم، و تحويلهم على الجهات القضائية.
و تشير ذات المصادر، إلى توسع نطاق توافد الحراقة من بداية الظاهرة سنة 1998 على عنابة من مختلف الولايات الوطن، خاصة الجزائر العاصمة، حيث يقصدون سواحل الولاية لقرب المسافة باتجاه جزيرة سردينيا الايطالية و المقدرة بـ 224 كلم بحرا.
و أدى ترخيص مصالح الولاية في وقت سابق لإنشاء شواطئ الجنوح لقوارب الصيد و النزهة على طول الشريط الساحلي، إلى استغلالها من قبل شبكات الهجرة السرية و صيد و تهريب المرجان، لصناعة و عرض عدد كبير من القوارب غير القانونية لتكون جاهزة للإبحار و بيعها للراغبين في تنظيم رحلات الموت.
و ما زاد من تنامي نشاط الورشات، هو عدم وجود جهاز للرقابة يقوم بتفتيش الشواطئ و التأكد من الوضعية القانونية للزوارق الراسية أو الموجودة على اليابسة، رغم أن القانون يلزم أي صاحب قارب سواء تقليدي أو نزهة التقرب من الإدارة البحرية، و تقديم ملف إداري من أجل الحصول على رخصة و رقم، مع وضع تسمية للزورق ليكون مُعرفا لدى مصالح البحرية.
و في هذا الشأن، رفعت مصالح البحرية تقريرا مفصلا إلى القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، تفصل فيه التهديد التي تشكله ورشات صناعة القوارب، و كذا شواطئ الجنوح المعروفة بنشاط العصابات الإجرامية، و شبكات تهجير البشر، بهدف وضع خطة فاعلة بالتنسيق مع الشركاء الأمنين من درك وطني و شرطة، لضرب معاقلها بقوة و بصفة مستعجلة و مداهمة الشواطئ و مختلف الورشات و حرق جميع القوارب و إلغاء القرار الولائي المتعلق بالترخيص لجنوح الزوارق.
حيث تبين التحريات و الخرجات الميدانية لحرس السواحل، تواجد أغلب القوارب في وضعية غير قانونية، و هي المسؤولة عن نشاط شبكات تهجير البشر و صيد المرجان، و تسعى مصالح البحرية إلى تضافر الجهود بالتنسيق مع السلطات المحلية، من أجل القضاء نهائيا على ورشات صناعة القوارب التي توجد في نطاق اختصاص الدرك الوطني و الشرطة.
حسين دريدح