القالة القديمة .. الشاطئ المسبح الأكثر أمنا بعروس المرجان
يعد شاطئ القالة القديمة، الذي يبعد بـ 10كلم غرب مدينة القالة، من أجمل الشواطئ الجبلية الساحرة بولاية الطارف التي تجمع بين زرقة البحر وخضرة الطبيعية، ما يجعله قبلة لجحافل المصطافين والسياح من داخل الوطن وخارجه، من أجل الاستجمام و الاستمتاع بمناظره الخلابة خلال الموسم الصيفي .
لقد ساهمت الطبيعة في جعل الشاطئ لؤلؤة شواطئ الولاية، لما يتوفر عليه من خصائص، أهمها عذرية المكان والموقع النادر والغابات المترامية مع خلجان البحر، مشكلة لوحة فسيفسائية رائعة أبدع الخالق في صنعها.
ما يميز هذا الشاطئ العريق أيضا نوعية رماله الذهبية التي قل ما نجدها بشواطئ أخرى، و كذا نظافته وخلوه من كل مصادر التلوث، وهو ما توج الشاطئ كملك الشواطئ دون منازع ،إلى جانب موقعه الإستراتيجي وشكله المتميز الذي يشبه المسبح ، و تحيط به أصناف النباتات الغابية على جانبيه في ديكور فريد من نوعه ، ما يجعل نشاط التيارات البحرية ضعيفا بهذا الشاطئ في حال اضطراب البحر ، فتجنب العائلات والمصطافين وخاصة الأطفال منهم خطر الغرق ،بدليل عدم تسجيل مصالح الحماية المدنية خلال السنوات الفارطة أي حالة وفاة بهذا الشاطئ الجميل المتواجد داخل محمية الحظيرة الوطنية للقالة.
إن الموقع التاريخي للشاطئ شاهد على تعاقب الحضارات التي مرت على المكان، حيث تتواجد به عدة قطع أثرية لمدينة القالة القديمة، التي أسست أول مرة منها الطاحونة، الحصن الفرنسي، القلعة و كهوف قديمة وبيوت من الحجارة، ما جعله مقصد السياح و المصطافين بامتياز من مختلف الولايات لاكتشاف تاريخه و بحثا عن الهدوء والأمن والسكينة ،خاصة العائلات الوافدة من الولايات المجاورة ، على غرار عنابة ، قالمة ، تبسة وسوق أهراس التي لا تزال محافظة على وجهتها في قضاء عطلتها الصيفية كل سنة على ضفاف شاطئ القالة القديمة.
كما أن أغلب المغتربين و السياح الأجانب، خاصة من البلد المجاور تونس يفضلون التوافد بكثرة لقضاء بعض الوقت والاستجمام بشاطئ القالة القديمة المتميز بالهدوء، عكس الشواطئ الأخرى التي تعرف حالة من الضغط و الفوضى ، كما أن موقع الشاطئ المنضوي تحت حيز الحظيرة الوطنية للقالة ، القريب من بحيرة الملاح المحمية والمشهورة عالميا، جعله مقصدا لآلاف العائلات و المصطافين الذين يتسابقون لحجز مكان لهم ونصب شمسياتهم مع الساعات الأولى للصباح، من أجل الترفيه عن النفس و الاستمتاع بالمناظر الخلابة للشاطئ الذي بات كل سنة يستقطب المصطافين من كل فج عميق بعد أن ذاعت شهرته و تعدت حدود الوطن .
وقد دفع سحر الشاطئ بالعائلات المصطافة إلى المبيت فيه، خاصة مع توفر الأمن على مدار الساعة الأمر الذي استحسنته العائلات، فيما قام آخرون بتركيب مخيمات على اليابسة و داخل المواقع الأثرية التي تعرض بعضها للتخريب ولعمليات نهب على مر السنين الفارطة، و تحول بعضها إلى أوكار للفساد، في غياب الحماية و الحفاظ على الموروث الثقافي والتاريخي للموقع من الزوال، و عدم اهتمام مصالح الثقافة والبلدية بالجانب التراثي لشاطئ القالة القديمة و الترويج لمقوماته التاريخية والسياحية.
ويبقى شاطئ القالة القديمة الذي ارتبط اسمه بتاريخ نشأة المدينة القديمة وحضاراتها في حاجة أكثر إلى اهتمام و تدخل وعناية السلطات المحلية، لمعالجة بعض الاختلالات والنقائص، لاسيما من ناحية توفير الخدمات وتجهيز الشاطئ بالمرافق الضرورية و العناية بالنظافة وتوفير النقل، هذا الأخير يبقى وراء عزوف و هجرة عديد العائلات ومحبي الشاطئ في السنوات الأخيرة، جراء المتاعب التي يتكبدونها في العودة إلى منازلهم في المساء، مع توقف حركة المركبات.
يشار أن شاطئ القالة القديمة تحول في الأشهر الأخيرة إلى قبلة للجالية المغتربة التي تفضل قضاء أوقاتها بهذا الشاطئ الهادئ الخلاب، وهو الأمر الذي دفع بعض الجمعيات السياحية إلى رفع اقتراح للسلطات المحلية للترخيص لها من أجل تمكين العائلات من التخييم، مثلما كان الحال قبل العشرية السوداء، وهذا من أجل إنعاش السياحة المحلية وتنويع أنماطها، خاصة وأن الشاطئ يتوفر على كل المقومات التي تجهله لؤلؤة الشواطئ بامتياز، من موقع استراتيجي و فضاء أثري مفتوح في الهواء الطلق، الذي يبقى عاملا مشجعا على تشجيع السياحة، على مدار السنة من خلال استقطاب السياح من داخل الوطن وخارجه.
نوري.ح