يعاني مربو النحل في حدائق المنية ببلدية قسنطينة من توقف نشاطهم لعدة سنوات بسبب انتشار فصيلة من النمل التي تهاجم النحل، حيث أكدوا أنها حالت دون تمكنهم من إنتاج العسل واضطرت كثيرا منهم إلى تغيير أماكن التربية، بينما أوضح المختصون من جامعة الإخوة منتوري أن الأمر يستوجب تحقيقا علميا شاملا للإحاطة بالمسألة، خصوصا أن الأسرة العلمية لم تسجل من قبل نوعا من النمل الذي يهاجم النحل في الجزائر، باستثناء فصيلة واحدة تعيش في المنطقة الرطبة بالقالة في ولاية الطارف، كما ذكر المفتش البيطري لمديرية المصالح الفلاحية أن الأدوية الضرورية لمكافحة المخاطر التي تهدد النحل متوفرة، مشددا على ضرورة أن يستعين المربون بالمتابعة البيطرية.
تحقيق: سامي حباطي
وانطلقنا في جولتنا بحثا عن مربي النحل في منطقة المنية الواقعة في الجهة السفلى لمدينة قسنطينة على الجهة الشمالية الشرقية من الطريق الوطني رقم 27، حيث ما زالت تحافظ على النشاط الفلاحي بفضل الجِنان التي يشتغل أصحابها في زراعة الأشجار المثمرة على وجه الخصوص، وتوفر غطاء غابي بأطرافها نحو سيدي مسيد وبكيرة، بينما يخترق جزءا واسعا منها وادي الرمال انطلاقا من “شلال” سيدي مسيد. وقد التقينا ببائع ورود عند مدخل المنطقة، حيث سألناه عن مربي النحل في المنية، فأكد لنا أن هذا النشاط لم يعد موجودا، مشيرا إلى أنه قام بتربية النحل في سنوات سابقة، قبل أن يتوقف عن ذلك بسبب مشكلة ظهور فصيلة من النمل. ولفت محدثنا إلى أن المشكلة بدأت بالظهور تدريجيا منذ حوالي 10 سنوات، قبل أن تأخذ في التفاقم إلى أن أصبحت أمرا عاما بين المربين في المنية.
ورغم تأكيد محدثنا بأن السبب الرئيسي وراء توقفه عن النشاط يعود إلى مشكلة النمل، إلا أنه نبه بأن العديد من العوامل الأخرى أثرت على هذا النشاط بدرجة أقل، على غرار الجفاف المسجل في السنوات الأخيرة والذي أدى إلى نقص غذاء النحل، فضلا عن توجه أصحاب المزارع إلى زراعة أنواع مختلفة من الورود، فقد كانت المنية طيلة سنوات ماضية معروفة بنشاط مشاتل الورود والأزهار التي كان يتغذى عليها النحل، بينما أثر تغيير أنواعها للتكيف مع متطلبات السوق عليها أيضا، بحسبه.
وأضاف المصدر نفسه أن تراجع النشاط الفلاحي في المنية والمساحات الخضراء المحيطة بها كان له تأثير أيضا، خصوصا مع تزايد العمران في عدة أحياء قريبة، على غرار صالح باي وجبلي أحمد “الكانطولي” وحجرة بن عروس وغيرها، إذ تتغذى النحلة ضمن محيط يصل قطره إلى 8 كيلومترات، كما قال.
النمل يؤثر على الطيور و الأشجار المثمرة
وتوغلنا إلى داخل حي المنية عبر مسالك ترابية غير معبدة، حيث التقينا في طريقنا بشخصين متجهين إلى مسكنيهما وطلبنا منهما توجيهنا إلى مربي نحل قريبين، لكن المعنيين ردا علينا بأن هذا النشاط لم يعد موجودا في المنية البتة، قبل أن ينصحاننا بالتوجه إلى المكان المسمى “القنطرة الكحلة” على طريق ولاية ميلة في حال أردنا اقتناء العسل.
وعزا محدثانا توقف النشاط في المنية إلى السبب نفسه، مؤكدين لنا أن هذه الفصيلة من النمل لا تهاجم النحل فحسب، بل إن أضرارها تمتد حتى إلى صغار الطيور والعصافير في الأعشاش، مثلما قالا، فضلا عن أنها تهاجم الأشجار المثمرة وتقضي على ثمارها. وذكر محدثانا أنها انتشرت حاليا في محيط جميع المزارع والمشاتل الموجودة في المنية، حيث أوضح لنا أحدهما أنها تتغذى حتى على اللحوم، إذ يلاحظون انتشارها على لحوم أضحية العيد في حال عدم الإسراع في وضعها بالثلاجة، ناهيك عن أنها منتشرة داخل جميع المساكن في المنية.
وسألنا أحد مربي النحل الذين توقفوا عن النشاط في السنوات الأخيرة في منطقة المنية، بعدما كان ينتج كميات من العسل بشكل دوري، حيث أوضح لنا أن السبب الرئيسي لتوقفه يعود لدواعي مهنية وشخصية أخرى، إلا أنه أكد لنا أيضا وجود مشكلة انتشار نوع من النمل في السنوات الأخيرة، ما جعل المربين يعزفون عن وضع صناديق النحل في المزارع الموجودة في المنطقة.
وأضاف المصدر نفسه أن هذا الصنف من النمل لم يكن موجودا في هذه الحدائق، حيث شرح لنا بأن عدة حشرات تهاجم أعشاش النحل وتتسبب في تضرر نشاط التربية، لكن المبيدات المتوفرة وبعض الوسائل التقليدية تعتبر ناجعة في مواجهتها، باستثناء هذا النوع من النمل الذي لم يتمكن المربون في المنطقة من إيجاد حل للتعامل معه ما دفع بأغلبهم إلى التوقف عن النشاط أو تغيير مكان وضع الصناديق.
ووصف لنا المربي الأمر بكون هذا النوع من النمل ينتشر بكثافة في صندوق النحل ويهاجم النحل، قبل أن يسيطر على المكان فيدفع بها بعيدا، في حين قال إن انتشاره لا يتوقف على صناديق تربية النحل، بل يتسبب بخسائر أقلل ضررا لمحاصيل الأشجار المثمرة. وقد أضاف محدثنا أنه ينتشر داخل المساكن بشكل كبير، حيث أشار إلى أن جميع المبيدات والطرق التي يعتمد عليها المربون والفلاحون في المنطقة لم تُجد نفعًا في القضاء عليها أو منع انتشارها، بينما قال إنها “كانت موجودة على الضفة الأخرى من وادي الرمال الذي يمر عبر الحدائق الموجودة في المنية، قبل أن تجد سبيلها إلى الضفة الأخرى التي كان يستغلها الفلاحون في تربية النحل”.
الأساليب التقليدية للفلاحين فشلت في مواجهته
والتقينا في المنية بشاب ثلاثيني ما يزال محافظا على العمل في المزرعة العائلية بشكل جزئي، حيث اعتبر بأنه مطلع على مشكلة النمل منذ بدايتها، إذ ما يزال يتذكر تفاصيل انتشارها منذ حوالي عشر سنوات، مؤكدا لنا أنه لاحظ في مزرعته أن أنواعا أخرى من النمل لم تعد موجودة، مرجحا أن تكون “هذه الفصيلة قد قضت عليها هي الأخرى”.
وذكر لنا المتحدث أن النمل المذكور يهاجم يرقات النحل والجباح، فضلا عن أنه يقوم بالتهام العسل ومنتجات الخلية، بينما يهاجم النحل ويلتهم منه أيضا ليدفعه إلى المغادرة. ونبه المصدر نفسه أنه لجأ إلى عدة وسائل من أجل الحيلولة دون انتشاره والقضاء عليه دون جدوى، حيث يذكر استعمال أوانٍ يتم ملؤها بالزيت أو ببعض السوائل الأخرى، ثم تثبّت أسفل حاملات الجباح لمنع النمل من تسلقها، لكنه أكد لنا أنها لم تنفع، إذ دائما ما تجد طريقة للوصول إليها، فضلا عن أنه وقف على الأمر نفسه لدى المربين الآخرين.
وقال الفلاح الشاب إن مشكلة النمل تمنعه حتى من النوم في بعض الأحيان بسبب انتشارها في مسكنه، خصوصا خلال فصل الصيف، مؤكدا لنا أنه تخلى عن رغبته في الاستثمار في تربية النحل داخل مزرعته بسبب هذا الأمر، فضلا عن أن بعض المربين الذين كانوا يقصدون مزرعته لتثبيت صناديقهم قد غادروا وأصبحوا يختارون أماكن أخرى. من جهة أخرى، سألنا مربيا آخر ممن توقفوا عن النشاط عن الطريقة التي يصل بها النمل إلى الصناديق، فقال إنه لجأ إلى عدة حلول من أجل إنشاء حواجز مانعة، لكن بمجرد ما يلتصق كيس بلاستيكي بفعل الرياح أو ريشة من الأشجار بقاعدة الصندوق، يتسلقه النمل ليصل إلى الصندوق، كما أوضح أن المراقبة المستمرة لم تنفعه لأنه لا يستطيع البقاء بجانب الصندوق طيلة ساعات النهار والليل.
وقد لاحظنا مجموعة من النمل المسبب للمشكلة، بحسب المربين، متجمعة في مكان قريب من أحد المزارع، حيث أوضح لنا الشاب أنها الفصيلة المعنية، لكنه اعتبر من جهة أخرى أن وجودها يظل حدثا طبيعيا، مشيرا إلى أن بعض الفلاحين في المنية يقولون إنها كانت منتشرة على الضفة الأخرى من وادي الرمال قبل أن تنتقل إلى الضفة الثانية. وقد لاحظنا في حديثنا إلى المربين عدم استعمالهم لتسميات واضحة في وصف الأدوية التي استعملوها لمواجهة النمل الذي اشتكوا منه، حيث وصفها أحدهم بـ”المسحوق الأزرق” المبيد للنمل، مؤكدا لنا أنه لم يُجد في القضاء عليه.
وطرحنا المسألة على المفتش البيطري بمديرية المصالح الفلاحية لولاية قسنطينة، الدكتور مراد بن عامر، حيث أكد لنا أنه ينبغي على المربين عرض المسألة على البياطرة المختصين من أجل إرشادهم لاستعمال الأدوية المناسبة، كما أشار إلى أن عملية التربية ينبغي أن تخضع للمتابعة البيطرية والتحاليل المخبرية من أجل ضمان سلامة صناديق التربية ونوعية العسل المنتج فيها، بينما أوضح لنا أن كائنات “الفاروا” تمثل خطرا أيضا على صناديق النحل، لكنه نبه بأن الأدوية الضرورية لمواجهتها متوفرة في السوق ويمكن للمربين استعمالها.
ومواصلة لاستطلاعنا حول المشكلة المطروحة من قبل المربين، فقد تواصلنا مع الباحث المختص في علم البيئة من جامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، الدكتور عزيز ملياني، حيث أكد أن الإحاطة بالأمر ينبغي أن تشتمل على طرح عدة تساؤلات علمية من أجل التوصل إلى تحديد المشكلة وتوصيفها، حيث تتعلق بتحديد فصيلة النمل الذي يشتكي منه المربون وسلوكه الغذائي وطبيعة المنطقة، بالإضافة إلى الأسئلة التي تقود إلى استبعاد الفرضيات الأخرى التي قد تطرح حول أسباب تضرر نشاط تربية النحل في المكان، لكنه نبه أن الحصول على تفسيرات علمية وافية يتطلب التواصل مع المختصين في تربية النحل والحشرات.
مسؤولة تخصص تربية النحل بجامعة قسنطينة 1، الدكتورة سارة إيمان بتينة
لم نسجل من قبل نوعا من النمل يهاجم النحل والمسألة تستوجب تحقيقا علميا
وقد تواصلنا مع الدكتورة سارة إيمان بتينة، مسؤولة تخصص تربية النحل ومنتجات الخلية بكلية علوم الطبيعة والحياة في جامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، فأوضحت لنا أن العديد من الكائنات تهدد النحل، لكنها أكدت عدم تسجيل وجود فصيلة من النمل الذي يهاجم النحل أو يلتهم غذاءها في الجزائر أو في ولاية قسنطينة من قبل، باستثناء فصيلة واحدة من النمل تحمل التسمية العلميةCrematogaster Scutellaris، وتعيش في المنطقة الرطبة في القالة بولاية الطارف في المحيط الذي تطغى عليه أشجار الفلين، حيث أبرزت أنها تتغذى على منتجات الخلية على غرار العسل والعسل الأولي والشمع في حال عدم توفر منتجات الطبيعة الأخرى التي تعيش عليها، في حين لا تهاجم النحل لتتغذى عليه إلا في حال عدم وجود المنتجات الأخرى في الخلية، أي أن مهاجمة النحل تكون في آخر أولوياتها الغذائية، مثلما شرحت. وأوضحت محدثتنا أنها أشرفت على دراسة انطلقت منذ 2022، وشملت توزيع استبيان على مربي النحل في ولايتي ميلة وقسنطينة خلال 2023، حيث استهدفت تحديد الكائنات والمخاطر التي تسبب أضرارا لنشاط تربية النحل، مشيرة إلى أن أكثر من 90 مربيا أكدوا من خلال الاستبيان أن «الفاروا» والعث يأتيان على رأس قائمة المخاطر، فضلا عن أن مربين من منطقة بني حميدان بقسنطينة اعتبروا أن نوعا من الطيور يسبب ضررا أساسيا على نشاطهم، بينما لم يذكر المعنيون خطر النمل على النشاط. ونبهت الباحثة بأن المسألة المطروحة من قبل مربي النحل في منطقة المنية تستوجب تحقيقا علميا يشتمل على دراسة ميدانية ويأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الأخرى التي تندرج ضمن نشاط تربية النحل، من بينها المحيط النباتي والحيواني والمناخ والطريقة التي ينتهجها المربون، وذلك من أجل تحديد فصيلة النمل التي يشتكي منها المربون بشكل علمي دقيق، ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء المشكلة.
وشرحت لنا الدكتورة بتينة أن كلا من النحل والنمل ينتميان لرتبة الحشرات ذوات الأجنحة الغشائية، فضلا عن أن كليهما يعتبران من الحشرات الاجتماعية التي تعيش في مجموعات ذات تراتبية اجتماعية، حيث توجد فيها الملكة والذكور والعاملات، بينما قالت إن لجوء النمل إلى التغذي على النحل ومنتجاتها قد يدل على انعدام الأغذية الأخرى في محيطها.
س.ح
تراجع التعاملات العقارية لعدم توفر السيولة بعنابة
سجل سوق العقار بولاية عنابة في الآونة الأخيرة تراجعا على مستوى عمليات البيع والشراء في العقارات الفردية منها الشقق والمحلات التجارية والقطع الأرضية الموجهة للبناء، لأسباب عدة حسب مختصين في المجال، أبرزها نقص السيولة والركود الاقتصادي والانكماش في عمليات البيع، وضعف الإقبال على شراء السكنات الجاهزة وغير الجاهزة، باستثناء تسجيل إقبال على شراء الشقق الترقوية التي تتراوح أسعارها ما بين 600 و 800 مليون لدى المرقين، بقروض بنكية دون دفع أي مساهمة مالية من قبل المكتتبين.
* تحقيق: حسين دريدح
رصدت النصر خلال تقصي وضعية سوق العقار الحالية مع الظروف الاقتصادية التي فرضتها تداعيات فيروس كورونا، لدى اقترابنا من مرقيين عقاريين، وأصحاب وكالات عقارية، و كذا محضرين قضائيين ومحافظي البيع بالمزاد العلني، و موثقين، وهيئات مالية، حالة تراجع في هذا النشاط، رغم العروض المختلفة والتخفيضات وتحفيزات الدفع بالتقسيط، و اقتصرت المعاملات في السوق العقاري على البيع والشراء عبر القروض البنكية، والكراء وتجديد عقود الكراء، سواء بالنسبة للمواطنين أو الشركات الخدماتية.
تستطيع شراء عقار بسعر مناسب إذا توفرت السيولة « الكاش»
يشير الحاج إبراهيم وهو صاحب وكالة عقارية بعنابة، بأن عمليات البيع والشراء بالنسبة للسكنات والمحلات التجارية وكذا الأراضي الموجهة للبناء، تراجعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، بسبب قلة السيولة في السوق، كون عمليات البيع تتم نقدا خارج التعاملات البنكية، فمن يتوفر لديه المال في حينه يستطيع الشراء بسعر جيد، نظرا لكثرة العرض وقلة الطلب مشيرا إلى وجود الطلب نوعا ما على العقارات المتواجدة في وسط المدينة و المواقع التي تتوفر على متطلبات الحياة من نقل ومرافق تربوية وصحية وكذا الأسواق والمساحات التجارية، فيما تراجعت أسعار الشقق الفردية المتواجدة بالمواقع التي تفتقد للمرافق على غرار مرتفع سيدي عيسى، قائلا هناك بائع اضطر لبيع شقة من 3 غرف بـ 700 مليون سنتيم، بنصف ثمن الشراء المقدر بـ 1.4 مليار سنتيم، لعدم وجود عروض باستثناء عرض واحد». وذكر الحاج إبراهيم بأن أسعار الشقق الجاهزة للسكن، بوسط المدينة وضواحي منها أحياء السهل الغربي، تختلف حسب وضعيتها وقدمها تتراوح ما بين 600 مليون و 1.2 مليار سنتيم، بتراجع في السعر بنحو 200 مليون سنتيم، بسبب قلة الطلب، حتى أسعار الكراء تراجعت نوعا ما مع تسليم سكنات في صيغتي عدل والاجتماعي بالأقطاب العمرانية الجديدة.
الغلاء الفاحش في الفترة السابقة تسبب في اختلال بالسوق العقاريويرى الخبير في المجال العقاري المهندس صياد سليم في لقاء مع النصر، ترجعا في الطلب بالسوق العقاري بعنابة، نتيجة السيرورة الاقتصادية القديمة، التي نتج عنها غلاء فاحش للسكنات، و صعوبة التداول والبيع والشراء، مما ولد تخوفا لدى المستثمرين والزبائن، واقتصرت عمليات البيع على حالات خاصة بأسعار معقولة قد تصل إلى نصف القيمة المتداولة من قبل.
وأرجع المتحدث تراجع الطلب على شراء الشقق والقطع الأرضية المعدة للبناء، وحتى المحلات التجارية، لأنها لا تجني مردودا وعوائد آنية، باستثناء وجود انتعاش في مجال شراء الأراضي الفلاحية الموجهة لمختلف الزراعات، كون المستثمرين في هذا المجال، يبحثون عن استغلالها سريعا، و تحقيق عائد مالي في فترة قصيرة.
وأضاف صياد، بأن قيمة التراجع في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، وصلت حدود 35 بالمائة، في مجال السكن المنجز حديثا، ولجأت معظم الترقيات العقارية التي أنجزت سكنات «فخمة» خاصة على الشريط الساحلي، إلى خفض الأسعار إلى قيم غير مسبوقة، بهدف خلق حركية مالية، نظرا لضغوط الأعباء على عاتق المؤسسات الترقوية، مما أدخلها في دوامة عدم الإيفاء بالتزاماتها تجاه البنوك.
وحسب المتحدث، يقترح مرقون إنشاء صندوق ضمان خاص بهم، يحمي تعاملاتهم في المجال العقاري، نظرا للتقلبات التي يعرفها السوق، منها أسعار مواد البناء التي شهدت ارتفاعا، على غرار مادة الحديد التي تضاعف سعرها في السوق، بسبب تأثيرات خارجية مرتبطة بالسوق العالمي، ونقص العرض في السوق المحلي.
ومع الاختلالات في السوق العقاري، ينتظر اتخاذ إجراءات جديدة لإرساء القواعد الصحيحة للتعامل في المجال العقاري في إطار الشفافية، ما يستوجب تدخل الدولة لتنظيم هذا النشاط الاستراتيجي، لمراقبة الأسعار وضبطها حتى تتمكن العائلات من الطبقة المتوسطة الدخل، من اقتناء سكنات لائقة بها بأسعار معقولة، كما يعرف النشاط العقاري، وفقا للمصدر تحولات جديدة بمعطيات حقيقية وليست مضخمة، منها جودة السكن و التجهيزات المرافقة لها، حيث فسحت الدولة المجال للخواص الاستثمار في الإنجاز الخدماتي كالقاعات الرياضية والمنشآت الترفيهية و المساحات التجارية لتخفيف العبء المالي على البلديات ومختلف الهيئات.
القروض البنكية تنعش الطلب على السكنات لمتوسطي الدخلكشف المرقي العقاري سفيان سالمي للنصر، عن انخفاض ملحوظ في أسعار الشقق الترقوية الحرة ذات المساحة الواسعة و التجهيزات العصرية، خاصة الواقعة بالشريط الساحلي و وسط المدينة، والتي يتجاوز سعرها 1,2 مليار سنتيم، الموجهة عموما للأفراد من ذوي الدخل المرتفع، مرجعا ذلك لقلة الطلب مع انخفاض القدرة الشرائية المصاحبة لأزمة الوباء، وكذا انكماش تداول السيولة المالية في السوق، حيث تختلف قيمة الانخفاض حسب المساحة والمواقع وكذا تواجد المرافق بالقرب من المشاريع السكنية، قد تصل قيمة الانخفاض أو تتجاوز 300 مليون سنتيم.
في المقابل أشار سالمي إلى زيادة الطلب بالنسبة للسكنات الترقوي الحرة التي تقل قيمتها عن 1.2 مليار سنتيم والموجهة للطبقة المتوسطة، الجاري إنجازها بضواحي المدينة، على غرار البوني، الشابية، برحال، مع وجود تسهيلات لاقتناء هذا النوع من السكنات بقرض بنكي، يستطيع المكتتب الحصول على سكن دون دفع أي مساهمة، بتكفل تام من البنك لتسديد ثمن الشقة بسقف لا يتجاوز 1 مليار سنتيم، بنسبة فائدة تقدر 1 بالمائة، مع حتمية توفر شروط في المكتتب والمتعلقة أساسا بقيمة الأجر الشهري الذي يتقاضاه وكذا السن، وأضاف سفيان سالمي بأن الطلب على هذا النوع من السكن في تزايد كون السعر معقولا مقارنة بارتفاع تكلفة الإنجاز بسبب غلاء أسعار المواد الأساسية كالحديد الذي تضاعف ثمنه إلى جانب مواد أخرى كالألمنيوم وجميع التجهيزات التي تدخل في عملية الإنجاز، حيث يقدر سعر المتر المربع حاليا بـ10 ملايين سنتيم، أي شقة ذات 3 غرف بمساحة 70 مترا مربعا يقدر ثمنها بـ 700 مليون سنتيم، وهي الصيغة التي تعرف إقبالا خاصة بالمشاريع المنجزة أو التي تشرف على الانتهاء،من دون أن يسجل انخفاض في سعرها مقارنة مع ارتفاع تكلفة الإنجاز.
أما بالنسبة للسكنات الترقوية « الفخمة» فيبدأ سعر المتر المربع حسب مصادرنا من 12 مليون سنتيم ليصل إلى 20 مليون سنتيم في بعض المشاريع، و الطلب عليها محدود حاليا نظرا للقيمة المالية الكبيرة للشقة، تتراوح الأسعار فيها مابين 1.8 مليار سنتيم إلى 2.4 مليار سنتيم حسب المساحة الإجمالية والموقع، ويفسر تراجع الطلب عليها بشكل ملحوظ، بالإعلانات المتتالية لأصحاب المشاريع عبر وسائل تواصل الاجتماعي، بهدف إيجاد مشترين على غرار ترقيات عقارية بشاطئ « شابي» حي الريم و واد القبة، يصل إلى 2 مليار سنتيم مجهزة بطريقة عصرية وتحتوي على مصاعد وحظيرة ركن السيارات وغيرها من المتطلبات، أما الشقق المطلة على شاطئ شابي وسانكلو مباشرة فتتراوح أسعارها ما بين 2.5 و 3.5 ملايير سنتيم، و الإقبال عليها محدود، كونها غير موجهة للموظفين، و حتى القروض البنكية الموجهة لها تخضع لشروط خاصة.
وتحدث سفيان سالمي عن وجود مشاكل تعترض المرقي العقاري في عملية الإنجاز، أبرزها إدارية وكذا ارتفاع تكلفة مواد البناء مما يؤدي لزيادة التكلفة، بالإضافة إلى عدم تحيين القوانين التي تحمي المرقي العقاري وكذا المكتتب، مستنكرا النظرة السلبية التي توجه للمرقي العقاري وتضعه محل شبهة، و يتم مساواة جميع المرقين حيث يؤخذ الملتزم منهم بجريرة غير الملتزم، كاشفا بأن ولاية عنابة احتلت المرتبة الثالثة على المستوى الوطني بعد بجاية والجزائر العاصمة في عدد السكنات الترقوية الحرة المنجزة، والتي ساهمت في التخفيف من حدة أزمة السكن والتقليل من العبء الملقى على كاهل الدولة في القطاع.
أوضح ذات المتحدث بأن المرقيين أصبحوا يواجهون صعوبات في تجديد رخصة البناء بعد انتهاء مدة صلاحيتها والمقدرة بـ 3 سنوات، و لجأت مصالح البلدية للحلول الردعية لتهديم بنايات، مقابل أشهر من الانتظار لتجديد رخص البناء، في حين هذا الإجراء بسيط لا يستدعي مزيدا من العراقيل البيروقراطية، والتي ينجم عنها توقف الأشغال واحتجاج المكتتبين على تأخر عملية تسليم السكنات واللجوء إلى العدالة، نفس الشيء بالنسبة لزيادة سعر الشقة، حيث يخول القانون للمرقي 20 بالمائة نسبة الزيادة في حال ارتفاع مواد والتكاليف المرتبطة بالإنجاز، غير أن المكتتب يرفض الزيادة، ليصبح القضاء هو الفيصل في هذا الشأن، بالاعتماد على مؤشرات السوق إذا كانت المواد المستخدمة في البناء ارتفعت فعلا، حتى مقاولات الإنجاز المتعاقدة مع المرقي، تطالب بمراجعة سعر المتر المكعب للخرسانة عند ارتفاع أسعار مواد البناء.
وختم سالمي سفيان بالقول « يجب تشجيع المرقي والتعامل معه بواقعية لحماية مصالح الجميع، والابتعاد عن الإجراءات البيروقراطية، لتسليم السكنات في موعدها وتغطية الطلب المتزايد على السكنات الترقوية الحرة الموجهة للطبقة المتوسطة».
جزائريات ضحايا جرّاحي تجميل مزيفين
تغيرت معايير الجمال كثيرا في السنوات الأخيرة، وذلك تماشيا مع تطور عالم الجراحة التجميلية، التي باتت تستهوي جزائريات يرغبن في مواكبة موضة الشفاه المنتفخة و الخدود المملوءة و الغمازات و الأجسام المنحوتة، وهو ما شجع «تجار الجمال»، على عرض خدماتهم بشكل واسع خصوصا على مواقع التواصل، الأمر الذي أفرز كوارث حقيقية سببها عمليات فاشلة غيرت ملامح نساء و شوهت وجوه بعضهن، الوضع الذي دفع أطباء وجراحين، إلى دق ناقوس الخطر للتحذير من « أخصائيين مزيفين» يسيئون لسمعة مجال جراحي واعد في بلادنا.
هوس قالب الجمال الموحد
البوتوكس و الفيلر و نحت الأنف، مصطلحات كثيرة قد لا يعرفها سوى من يتخصص في مجال التجميل، أو من تهمه معرفة طريقة حصول تلك التغيرات السريعة و الجذرية في وجوه وأجساد النساء حول العالم وتحولهن فجأة إلى نسخ متطابقة وكأنهن نتاج قالب واحد، يطبع نفس شكل العيون و الأنوف و الشفاه، وينحت الأجسام على طريقة لعبة « باربي « البلاستيكية، خصوصا بعدما توسع مجال الخضوع لعمليات النفخ و التكبير والتصغير، ليشمل النساء العاديات بعدما كان في السابق حكرا على نجمات الغناء والتجميل و عالم الترفيه عموما.
أضحت الجراحة التجميلية اليوم، من بين اهتمامات العديد من الجزائريات كما تبينه مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك على اعتبار أن قوالب الجمال المعلبة والجاهزة باتت موضة رائجة و متوفرة بتكلفة مقبولة نوعا، كما أن مفعول مساحيق التجميل و الكريمات لم يعد كافيا في ظل طغيان المظاهر و التأثير المتزايد لمنصات التواصل التي تروج لنموذج واحد لا تشوبه شائبة، « جسد ممشوق و عينان واسعتان، شفتان ممتلئتان و وجنتان بارزتان». وكلها تغييرات لم يعد الحصول عليها يوجب السفر إلى تركيا أو فرنسا أو تونس، لأن الكثير من مراكز التجميل هنا، تتنافس من حيث العروض المغرية قليلة التكاليف غير مضمونة النتائج.
عمليات حساسة تتم في صالونات الحلاقة
اعترافات مخيفة و حقائق صادمة ترويها و تتداولها الكثير من الشابات عبر مجموعات خاصة ومغلقة تعنى بعمليات التجميل في الجزائر، وفي صالونات التجميل و غرف الانتظار داخل عيادات أطباء الجلد وجراحي التجميل، و هي قصص تخص في العموم حالات لنساء أجرين عمليات جراحية أو خضعن لتدخلات تجميلية تسببت في تشويه ملامحن، و كثيرا ما يتحدثن عن التجربة بمرارة مع إرفاق المنشور بصورة لهن قبل وبعد العملية الفاشلة، التي يكشفن في النهاية، بأنها تمت على يد « دخلاء « على عالم الجراحة التجميلية المتخصصة، بل في مراكز تجميل و تصفيف أو عند حلاقة تدعي خضوعها لتكوين في الخارج و تتبجح بتعليق شهادة لا أحد يعلم صحتها.
و يؤكد أطباء بأن « الدخلاء» على المجال، يستخدمون وسائل و مواد رديئة أو مقلدة، وهو ما يفسر ضعف تكلفة العملية و نتائجها العكسية، لأنها تدخلات تتم عادة دون خلفية طبية خصوصا ما تعلق بقراءة التحاليل الطبية و العمل على أساس معطياتها.
و تتحدث الكثير من النساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن فشل التدخلات التي خضعن لها، حيث تقول شابة، بأنها قامت بعملية توريد و تكبير الشفاه التي تعرف « بـالفيلر» في صالون إحدى الحلاقات مقابل مبلغ مالي قدره 8 ملايين سنتيم، غير أن النتيجة كانت رهيبة، إذ تضخمت شفاهها و عانت من تقرحات، أثرت سلبا على حياتها وسببت لها الكآبة و دفعتها للعزلة، كاشفة عن نيتها في مقاضاة الجهة المسؤولة عن الخطأ.
و تطرقت أخرى إلى عملية شد وجه باستخدام «البلازما» قالت بأنها أجرتها بتكلفة منخفضة، لكن العملية حولت وجهها إلى « مصفاة» بسبب اتساع المسامات، وأنها تعاني منذ ما يزيد عن شهر، وتتجرع الندم.
* أخصائية الطب التجميلي و الليزر الدكتورة بركات أوليزيا
نستعد لمقاضاة الدخلاء على المجال
حملت أخصائية الطب التجميلي و الليزر، الدكتورة بركات أوليزيا مسؤولية العمليات الفاشلة، « للدخلاء» على المهنة و لبعض الأطباء كذلك، وقالت، بأنهم أساءوا لمجال الجراحة التجميلية في الجزائر خصوصا وأنه تخصص يعرف الكثير من التقدم و التطور في بلادنا رغم حداثته، حتى أننا تجاوزنا من حيث الفعالية و الخبرة دولا سبقتنا إلى التخصص كتونس و المغرب، وذلك رغم الاعتقاد الشائع بأنهم أفضل منا و أكثر تطورا، ما يدفع الكثيرات لاختيار هذه الوجهات لإجراء التجميل قبل أن يعدن خائبات لتصحيح العيوب هنا في الجزائر.
و كشفت الأخصائية للنصر، بأنه يجري التحضير لإنشاء جمعية وطنية خاصة بجراحي التجميل، ستكون أولى مهامها هي مقاضاة من شوهوا سمعة المهنة و أفقدوا المواطن الثقة في ممارسيها الفعليين، و أكدت الطبيبة، بأن الكثير من الناشطين في المجال، يمارسونه بطريقة غير قانونية و خارج إطار الرقابة، مضيفة، بأن طب التجميل يحتاج إلى دراسة و تكوين متخصص ودقيق داخل الوطن وفي الخارج، لأنه تخصص حساس.
و حسب الدكتورة، فإن التحدي جزء من العمل الجراحي، وهي مسؤولية لا يمكن أن يرفعها سوى من تخصص علميا في المجال و يجيد التعامل مع الوضع و إيصال المريض إلى النتيجة المرجوة، عكس الدخلاء الذين تسببوا حسبها، في كوارث أفسدت ملامح الكثيرات، مؤكدة بأن القانون يمنع هؤلاء من القيام بمثل هذه التدخلات التي تعد خطيرة للغاية.
التدخلات الفاشلة تقتل الأنسجة و تسبب العمى و السرطان
و تشير الأخصائية، إلى الكثير من العمليات مثل عملية حقن الشفاه بالبوتوكس مثلا، تستوجب معرفة واسعة بعلم التشريح، و تحديد مكان شرايين الوجه و الأعصاب، لتفادي إصابتها أثناء التدخل، لأن الخطأ قد يسبب دخول المادة المستعملة إلى الشرايين ما سيقتل الأنسجة، ويحول الشفاه الوردية إلى سوداء ميتة، كما تحدثت الخبيرة أيضا، عن الفيلر لعلاج الخطوط بين الأنف و الفم، و حذرت من المادة الكيميائية المستعملة في هذه العملية، لأنها تقتل أيضا النسيج فيما تصيب عملية زرع الغمازات، الأنسجة المسؤولة عن الرؤية، ما يهدد بفقدان حاسة البصر، وقالت الطبيبة، أن التوظيف الخاطئ للأدوية يسبب السرطان مضيفة، بأن الدخلاء على المهنة، لا يحترمون حتى الإجراءات الصحية بداية بالتعقيم، ناهيك عن رداءة تجهيزاتهم، مؤكدة أن «الحلاقة» تعتمد على جهاز مقلد لا تتعدى تكلفته 2 مليون سنتيم، فيما يدفع الطبيب المختص ما يزيد عن 200 مليون سنتيم لاقتناء الجهاز الحقيقي، زيادة على ذلك، فإن المواد و الأدوية المستخدمة في العمليات، لا تشترى سوى من مخابر معتمدة لا تبيعها في العادة إلا للأطباء، و هو ما يطرح السؤال حول نوعية ما يستخدمه المقلدون ومدى خطورتها على الصحة.
ضحايا من مختلف المستويات
و الواضح أن عدوى عمليات التجميل، باتت تنتشر بين جميع الفئات الاجتماعية بما في ذلك سيدات مثقفات و متعلمات، وقعن أيضا ضحية لأخصائيين مزيفين و محتالين، وهو ما تؤكده شهادات بعض النسوة اللائي أغراهن ضعف التكلفة.
وقد تحدثت الدكتورة بركات، عن سيدات قصدن عيادتها لترقيع الأخطاء الطبية، بينهن كما قالت، مهندسات و تقنيات و أستاذات، عانين في معظمهن من ندوب و آثار جانبية غير مستحبة كتصبغ البشرة و التقرحات، و أشارات المتحدثة كذلك، إلى أن عمليات الغمازات التي تقوم بها الحلاقات في أيامنا، عالية الخطورة ويتوجب على النساء تجنبها أو على الأقل القيام بها عند أطباء مختصين، كاشفة، بأن العديد من الحالات التي عاينتها كانت في أغلبها لضحايا من الشرق الجزائري، فشلت عملياتهن و تركت في وجوههن ثقوبا و ندوبا دائمة، سببها الاستخدام الخاطئ للإبر. و دعت الدكتورة بركات في الأخير، إلى ضرورة الوعي أكثر و تفادي الاعتماد العشوائي على غير المختصين، تجنبا لنتائج لا يحمد عقباها، قد يعجز المختصون عن ترقيعها.
إيمان زياري
لهـــذه الأسبـــاب تأخـر البحـث العلمـــي في الجزائــــر
يرى أساتذة و باحثون، أن عدم استقرار أساتذة التعليم العالي في ما يتعلق بالسكن و الأجر، إضافة إلى "نقص" الإمكانيات، أثّرا على عدم تقدم البحث العلمي في الجزائر بشكل أكبر، رغم اعتراف البعض بالقيام ببحوث مستهلَكة علميا و ليست لها جدوى اقتصادية أو اجتماعية، لكن أزمة كوفيد أكدت وجود كفاءات قادرة على تقديم الإضافة لكنها تحتاج إلى دعم "معنوي" و مادي.
ياسمين بوالجدري
* الدكتور وليد لعوامري الأستاذ في الحقوق
منحة البحث لا تغطي تكاليف استئجار مسكن
يرى الدكتور وليد لعوامري الأستاذ المحاضر بكلية الحقوق بجامعة قسنطينة 1، وهو أيضا عضو في المكتب التنفيذي للاتحادية الوطنية للأساتذة الجامعيين، أن الباحث الجزائري لا يحظى بالاهتمام المطلوب خاصة ما تعلق بالمكافآت، زيادة على أنه "غير مستقر نفسيا" بسبب مشكلة السكن و الأجر وغيرها، وهو ما أثر على مجال البحث العلمي عموما.
و يعتبِر الأستاذ أن البحث العلمي في علوم المادة و علوم الطبيعة و الحياة و التكنولوجيا، يفترض أن ينتج ابتكارات و اختراعات تعتبر هي الآلية لتحقيق النهضة الاقتصادية المنشودة خصوصا في ظل الانفتاح الاقتصادي على مناطق التبادل الحر.
ويضيف الأستاذ أن منحة البحث لا تتجاوز 40 ألف دينار للشهر بالنسبة للمشاريع الوطنية للبحث "بي آن أر"، في حين أنها تفوق بأوروبا مبلغ 1500 أورو، متسائلا في مداخلة ألقاها خلال يوم دراسي نُظم بالمدرسة العليا للأساتذة "كيف يمكن استقطاب الكفاءات المتواجدة في الخارج و منحة البحث لا تغطي حتى تكاليف إيجار مسكن محترم"، وأضاف المتحدث أن هذه المنحة لا تتجاوز 18 ألف دينار في مشاريع البحث و التكوين الجامعية "بي آر أف إي"، بما يعادل 113 أورو، أي أقل من الأجر الوطني الأدنى المضمون.
و تابع الدكتور أنه وفي إطار الانفتاح الاقتصادي و توجه المؤسسات الوطنية العمومية و الخاصة إلى التصدير و اقتحام الأسواق الأفريقية في إطار اتفاقيات التبادل الحر، استنجدت هذه المؤسسات بالأساتذة الدكاترة و المهندسين من جميع التخصصات لكفاءتهم و قدرتهم على تقديم قيمة مضافة على الصعيدين الوطني و الدولي، و هو ما تسبب في استقالات جماعية من مناصب الجامعة و السبب هو الامتيازات المادية المقدمة لهم خارجها والتي بلغت 42 مليون سنتيم.
و يؤكد الأستاذ لعوامري أنه وعلى الرغم من توفير الدولة الجزائرية للإمكانيات المادية بمخابر البحث، من أجل تشجيع البحث و الإبداع، إلا أن براءات الاختراع تكاد تكون منعدمة، مرجعا ذلك إلى عدم زرع ثقافة الاختراع لدى الجزائري منذ الصغر، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة من تنمية لقدرات التلميذ على الإبداع و الابتكار، إضافة إلى اعتماد الطالب الجامعي على الجانب النظري أكثر من العملي، رغم أن بعض المخابر مجهزة بأحدث الوسائل.
تسجيل براءات الاختراع باسم المؤسسات الجامعية غير مشجع
و أضاف الأستاذ أن التقرير السنوي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، أظهر أن الجزائر قدمت 640 براءة اختراع و هو رقم أقل مما هو مسجل في بعض الدول الأفريقية، مردفا بالقول إن تسجيل هذه البراءات باسم المؤسسات الجامعية وليس الباحث تجعل الأخير لا يتحمس للابتكار.
و طالب المتحدث برفع مبلغ الأجرة الشهرية للأستاذ الباحث و مراجعة المرسوم التنفيذي المتعلق بمهام التعليم و التكوين التي يقوم بها أساتذة التعليم بحيث أنه لم يعدل منذ أكثر من 20 سنة، كما دعا إلى مراجعة مبلغ مكافآت البحث لمشاريع "بي آر أف إي" و المنصوص عليها في المادة 14 من المرسوم الرئاسي 21-144 الذي يحدد شروط ممارسة أنشطة البحث العلمي و التطوير التكنولوجي بوقت جزئي و مكافأتها.كما أكد الدكتور على ضرورة مراجعة مبلغ مكافأة البحث لمشاريع "بي آن أر"، بما يتناسب مع الجهد المبذول من طرف الباحث و جعلها تتوافق مع ما هو معمول له دوليا، حتى تسمح باستقطاب كفاءات وطنية من الخارج و تحفيز الكفاءات الداخلية من أجل العمل أكثر لتحقيق النهضة الاقتصادية و الاجتماعية المنشودة.
و نبه الأستاذ إلى أهمية إعادة الاعتبار للأستاذ الباحث و منحه المكانة التي يستحقها، إلى جانب استقطاب الكفاءات المتواجدة بالخارج و الاستفادة من خبرتها في مشاريع بحث وطنية تعود بالفائدة على المجتمع، مع تشجيع إنشاء مراكز البحث و المخابر في مختلف التخصصات و الحرص على تقديم القيمة المضافة علميا و عمليا.
* الدكتور عقبة سحنون الأستاذ في الاقتصاد
بعض البحوث مستهلَكة و ينبغي رفع مدة التربصات
ذكر الدكتور عقبة سحنون، وهو أستاذ جامعي في تخصص الاقتصاد بقسنطينة، أن البحث العلمي بالجزائر يصطدم بإجراءات إدارية طويلة، كما انتقد اختيار البعض لمواضيع بحثية مستهلكة، و دعا إلى رفع مدة التربصات في الخارج مع استفادة عدد محدود من الأساتذة منها، حتى تكون ذات جدوى فعلية.
و يقول الأستاذ وهو أيضا منسق الفرع النقابي للاتحادية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي بجامعة العلوم الإسلامية بقسنطينة، إن هناك إشكالات تتعلق بالوسائل الممنوحة و بعض العراقيل الإدارية الخاصة بإجراءات البحث العلمي، حيث أنه و على سبيل المثال، يجب أن يمر القيام ببحث في المجالين الاجتماعي أو الاقتصادي، بعدة مراحل منها التسجيل في المنصة الرقمية التابعة للوزارة الوصية، و قد يأخذ الأمر وقتا يستغرق أحيانا سنة كاملة قبل الحصول على القبول فقط.و يرى الدكتور سحنون أن واقع البحث العلمي في الجزائر غير مرتبط بالأستاذ فقط بل حتى بطلبة الدكتوراه، لذلك أعلنت الوزارة الوصية مؤخرا عن إجراء جديد لتمويلهم إلى جانب الباحثين لإنجاز الأعمال التي تحتاج إلى دعم مالي.
و يضيف المتحدث أن جزءا من المشكلة يتعلق كذلك بالمورد البشري و حتى بالمواضيع البحثية المقترحة، حيث تكون في بعض الأحيان مستهلكة علميا، و أحيانا يؤتى بها من جامعات خارج الوطن لكن لا تتوفر الظروف ولا السياق المناسبين لها بالجزائر، كما قال إن نظام الألمدي الذي تم إدخاله ببلادنا منذ سنوات، لم يكن يتماشى مع المحيط الاجتماعي و الاقتصادي في البلاد، بما يسمح بإجراء بحوث علمية نرى نتيجتها في الواقع.
و دعا الأستاذ إلى العناية بالجانب المهني و الاجتماعي للأستاذ، من أجل رفع مستوى البحث العلمي، إلى جانب رفع مدة التربصات قصيرة المدى خارج الوطن و التي قال إنها تستغرق مدة 15 يوما تبقى، في نظره، غير كافية أيا كان نوع البحث، قبل أن يعلّق "عوض استفادة الجميع من التربصات قصيرة الأجل، يمكن إيجاد صيغة أخرى بأن تستفيد فئة قليلة بناء على معايير ترتيبية معينة، لتكون التربصات لفترات معتبرة تسمح للباحث بأن ينجز الأعمال الحقيقية".
* أمين اتحادية التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مسعود عمارنة
الجزائر تتوفر على 1900 باحث دائم فقط
يؤكد الأمين العام للاتحادية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، مسعود عمارنة، أن عدد الباحثين الدائمين في الجزائر لا يتعدى 2000باحث، و هو رقم قال إنه غير كاف و أثر سلبا على تقدّم الأبحاث العلمية ببلادنا، مؤكدا وجود كفاءات علمية أثبتت جدارتها مؤخرا خلال أزمة كوفيد 19.
و ذكر النقابي المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، في حديثه للنصر، أن هناك 1900 باحث دائم في قطاع التعليم العالي و البحث العلمي بالجزائر، إضافة إلى حوالي 3 آلاف باحث في قطاعات المناجم، الصيد البحري و الجماعات المحلية، مع وجود 65 ألف أستاذ باحث.
و تابع المتحدث أن هناك باحثين يعانون من نقص في الإمكانيات، كما أن عددهم قليل بما لا يسمح بتوزيعهم على مختلف القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية، ليكونوا ذوي فاعلية، مردفا بالقول إن الباحثين الجزائريين برهنوا خلال الأزمة الصحية الأخيرة، على كفاءتهم و قدراتهم، حيث قدم العديد منهم براءات اختراع منها ما تتعلق بالكشف عن كوفيد 19 رغم اصطدامهم "بمشاكل إدارية و بيروقراطية"،
زيادة على أن "الباحث الجزائري يحتل الريادة خارج الوطن".
* الدكتور كعبوش سامي الأستاذ في علوم الطبيعة والحياة
مخابر البحث تعمل بإمكانيات محدودة
يعتبر الدكتور كعبوش سامي، وهو أستاذ محاضر بكلية علوم الطبيعة والحياة بجامعة قسنطينة 1، أن نجاح البحث العلمي لا يتأتى إلا من خلال ضمان استقرار الأستاذ الجامعي ماديا و معنويا.
و دعا الأستاذ إلى مواكبة الدول المتقدمة و الاحتكاك بها في مجال البحث العلمي، لكن بما يتوافق مع متطلبات اقتصاد البلاد للمساهمة في نموها، مقدما مثالا عن البحث في الصيدلة الذي يسمح للجزائر بتطوير أدوية معينة تتماشى مع مشكلاتها الصحية، إضافة إلى شق تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، و تطوير الصناعات الإلكترونية، عوض الاستمرار في الاستيراد.
و يؤكد المتحدث أن مخابر البحث العلمي يمكن أن تكون ذات جدوى إذا منحت لها الإمكانيات اللازمة، مقترحا استغلال أموال التربصات في الخارج لتسخير الوسائل المطلوبة بهذه المخابر، مع جلب الخبراء الأجانب من حين إلى آخر، من أجل نقل معارفهم.
و يتابع الأستاذ أن الاستقرار يبقى عاملا أساسيا لكي لا يبقى الباحث منشغلا طيلة الوقت بالتفكير في الأجر و السكن، ليعلق قائلا: "البحث العلمي يستلزم أجرة، سكن و محيط مريح، إضافة إلى دعم معنوي".
و دعا الدكتور كعبوش إلى إعادة هيكلة و رسكلة و إلى التفكير في معايير انتقاء الأستاذ الجامعي ليتوفر على الكفاءة البيداغوجية و العلمية و اللغوية المطلوبة، قائلا بأنه سجل تراجعا في المستوى، ليؤكد أن مشكلة البحث العلمي تكمن في المنظومة بأكملها، لذلك يجب، بحسبه، اشتراط أن تخدم البحوث العلمية الدولة و احتياجاتها.
بيوت الجزائريين تفقد هويتها و أصالتها
تعج منازل الجزائريين بخليط غير متجانس من الديكورات الأوروبية و المشرقية و التركية، التي أفقدت البيوت هويتها، و قد غذت هذا التوجه المسلسلات و الأفلام و مواقع التواصل الإجتماعي و الصفحات المهتمة ببيع و تسويق الأثاث و المفروشات و لوازم الزينة.
و يكلف الهوس بركوب مختلف موجات الموضة، الشرقية و الغربية، العائلات ميزانيات معتبرة في طلاء المنازل من حين لآخر، و تغيير البلاط و تصميم الغرف، و أيضا اقتناء أحدث القطع و تغييرها من حين لآخر، بعدما كان الاعتماد في السابق على الأسرة و المفروشات و الزرابي، محلية الصنع، و قطع الديكور التقليدية المصنوعة في الغالب من النحاس أو الفخار، و تحمل كل قطعة خصوصية المنطقة، و تحتفظ بها الأسر لسنوات طويلة، لأنها ترمز لأصالتها و تقاليدها .
و أكد معماريون و مختصون في الديكور للنصر، أن الهوية الجزائرية كانت حاضرة بقوة داخل المنازل في الماضي، من خلال اعتماد ديكور مستمد من البيئة المحلية، و التراث، و هو الآن مغيب تماما.
العصرنة تدخل الديكور المحلي إلى المتحف
لم تعد قطع الأثاث و المفروشات المحلية و التقليدية، تجد مكانا لها في بيوت الكثير من العائلات الجزائرية، فقد استبدلت بأخرى عصرية، منها الأوروبية و المشرقية، إلى جانب التركية، و تجد الكثير من السيدات متعة كبيرة في تغيير الديكور الداخلي للبيوت، من فترة لأخرى، و متابعة آخر المستجدات في هذا العالم الواسع و المتغير.
قالت خديجة أنها نجحت مؤخرا في تغيير ديكور قاعة الضيوف، فبعد سنوات من الاحتفاظ بأسرة خشبية و أفرشة تقليدية، اقتنت طاولة و آرائك عصرية، كما قامت بتغيير طلاء الجدران و البلاط القديم، مشيرة إلى أن ذلك كلفها أكثر من 150 ألف دج ، و رغم ذلك فهي سعيدة بالتوجه نحو الأثاث العصري و مواكبة الموضة السائدة .
و أضافت أن الديكور المحلي تم التخلي عنه خلال السنوات الأخيرة، و لم يعد يستعمل إلا في البيوت العتيقة، من قبل القليل من العائلات التي لا تزال تحافظ على هذا الطابع، الذي لا يناسب الشقق الحديثة، حسب المتحدثة.
و قالت السيدة أميرة/ب، التي ستنتقل قريبا إلى بيتها الجديد، أنها رغم حبها للأثاث التقليدي و القديم، غير أنها اقتنت قطعا عصرية، كما فضلت أن يكون مطبخها عصريا، أما غرفة المعيشة، ففضلت أن تكون ذات نمط تركي، لشدة إعجابها بما تشاهده في المسلسلات، ما جعلها تتخلص من الكثير من الأثاث القديم الذي لم يعد يتماشى مع الموضة، و لا تستطيع الاحتفاظ به في منزلها الجديد، كما قامت ببيع الكثير من الأواني و قطع الديكور النحاسية، و احتفظت بقطعتين فقط، من أجل استعمالها في المناسبات.
و أكد حميد بأنه و بإصرار من زوجته، قام ببيع قطع أثاث خشبية، و استبدلها بأثاث عصري، إلى جانب تغيير بعض التفاصيل في غرفة الجلوس و المطبخ.
و يرى أنه رغم جمال الأثاث العصري، الذي يعتمد على البساطة و عدد محدود من القطع، إلا أن البيت أصبح خاليا من اللمسة التقليدية، و ذلك الارتباط الوثيق بالبيئة المحلية، و بعض القطع التي ألفناها داخل بيوتنا و تربينا معها و جمعتنا بها الكثير من الذكريات.
* المهندس المعماري عبد الحليم فيلالي
تصاميم مستوردة فرضت أساليب دخيلة في التعامل مع الفضاء و الأثاث
يرى المهندس المعماري عبد الحليم فيلالي، أن هناك مشكلا في دفاتر شروط البناء التي تركز على الجانب التقني، و تهمل النمط العمراني الإسلامي و الجزائري، و مقومات البناء التي يتم فيها التركيز على العادات التقاليد في استغلال الفضاءات، تحديدا داخل المنازل، كالمطبخ الذي كان في الماضي مساحته واسعة، تتناسب مع طبيعة النمط الغذائي و المعيشي للعائلات الجزائرية، و كان يضم عدة زوايا تستخدم في حفظ المؤن و غيرها، و كان المطبخ يجمع أفراد العائلة للأكل و الجلوس و تبادل الأحاديث.
أما اليوم، فتقلصت المساحة، و أصبحت ربات البيوت تفضلن المطابخ العصرية الجاهزة التي تصلح لتحضير الأكل السريع فقط، و بالتالي تخلت المرأة عن الكثير من قطع الأثاث و الأواني و اللوازم، و حتى استعمالات المكان، ابتعدت عن الخصوصية الجزائرية.
نفس الشيء بالنسبة للفضاءات الأخرى في المنازل، حسب المتحدث، فقد تغيرت أيضا مساحاتها و طرق استغلالها، مثل البهو و غرفة المعيشة و الجلوس التي عرفت تغيرا جذريا، في ظل الإقبال على التصاميم الحديثة التي تميل إلى الأسلوب الأوروبي و المشرقي، و تفرض نوعا معينا من الأثاث، و حتى طريقة الاستغلال مختلفة، «فبعدما كنا نعتمد في الماضي على الأفرشة البسيطة و الجلوس على الأرض و الاسترخاء، أصبح اليوم الاهتمام أكثر ببرستيج المكان و تنظيمه، و تقلصت مدة البقاء بالبيت، و انحصر الأمر على غرف النوم فقط، و تحولت المنازل إلى فضاء لديكور» كما قال المهندس المعماري عبد الحليم فيلالي .
* خالد نعيجة مختص في الديكور
الديكور الأوروبي يطغى على الجزائري التقليدي
أكد المختص في الديكور خالد نعيجة ،أن أغلب زبائنه يفضلون النمط الكلاسيكي الأوروبي، في التقسيم الداخلي للمنازل، فهو يميل أكثر للبساطة في تقسيم الغرف و التفاصيل، مع اختيار المطابخ الجاهزة و العملية.و تقبل العائلات، كما قال، على ألوان الطلاء الترابية و الكلاسيكية، خاصة الأبيض و الرمادي، و تتجنب الألوان الزاهية و الصارخة، و كذا النمط التقليدي أو « الأرابيسك» في نقش الأسقف و جوانب الجدران و كذا الأقواس.
ومن خلال تجربته في مجال الديكور الداخلي للمنازل، أكد خالد نعيجة، أنه لاحظ اهتماما كبيرا وصل حد الهوس، عند البعض بديكور البيت، فانتشرت الكثير من شركات الديكور مؤخرا، و تزايد الطلب على خدماتها، وقد غذت مواقع التواصل الاجتماعي هذا الهوس، حيث تتابع ربات البيوت كل جديد في عالم تصاميم البيوت و الديكور، و هيمن النمط الأوروبي إلى جانب التركي و حتى المشرقي، و أزيح النمط الجزائري التقليدي .
وهيبة عزيون
ألقاب الجزائريين .. تفاصيل جريمة استعمارية في حق الهوية الوطنية
تعاني العديد من العائلات الجزائرية، من عقدة اللقب المشين، أو المحرج، خصوصا الألقاب التي ترتبط بأسماء الحيوانات، أو تشير لعيوب أو عاهات جسدية، وهي عقدة توارثتها أجيال عديدة، لما يزيد عن نصف قرن، باعتبارها تجسيدا صارخا لجريمة هوياتية ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين، وظل مسكوتا عنها لسنوات، رغم آثارها النفسية و الاجتماعية الكبيرة، كما يؤكد باحثون.
عقدة تلاحق الكثير من العائلات
حسب دراسة أجرتها الباحثة في تاريخ المغرب العربي المعاصر، أسماء دقيش، حول « منظومة الألقاب العائلية الجزائرية في الريف الشرقي القسنطيني أواخر القرن 19، من خلال سجلات أرشيف الحالة المدنية لدواري أولاد ناصر و أولاد جحيش»، فإن نسبة كبيرة من عائلات المنطقتين، تعاني من عقدة اللقب وهي مشكلة عقدت حياة الكثيرين، خصوصا الأطفال و الشباب، و أعاقت اندماجهم اجتماعيا.
و قد واجه الكثيرون صعوبة في تغيير ألقابهم في السنوات الماضية، بسبب تعقيد الإجراءات الإدارية، فيما قدمت عائلات طلبات لتغيير اللقب، مباشرة بعد صدور المرسوم التنفيذي الجديد المتعلق بتبسيط الإجراءات، خصوصا و أن أغلب الألقاب المنتشرة في المنطقة، ألقاب محرجة و تتعلق بأسماء حيوانات، من قبيل جحيش و ذيب، أو بصفات و عاهات، وهو أمر جد شائع في المناطق الريفية، كما قالت الباحثة للنصر، مؤكدة بأن أكثر فئة عانت وتعاني من هذا المشكل، هي فئة الأطفال، الذين قالت بأن بينهم من غادروا المدارس بسبب الحرج، و تعرضهم للتنمر من قبل زملائهم، أي أن عقدة الألقاب تسببت في تسرب تلاميذ من المدارس و تجهيلهم.
إجراءات قانونية جديدة لتسهيل تغيير الألقاب
تعتبر طلبات تغيير اللقب من بين الإجراءات القانونية التي يكثر التعاطي معها، كما أشارت إليه المحامية رنيدة ياسمين مراز، موضحة بأن هناك عائلات تتوجه إلى تغيير ألقابها كاملة، بينما تفضل أخرى تغيير حرف واحد، بما يسمح على الأقل بتغيير المعنى.
حسب المحامية، فإن عملية تغيير الألقاب، أصبحت أكثر سلاسة، بعد أن أقرت وزارة العدل إجراءات مبسطة، في إطار مسعى تقريب جهاز العدالة إلى المواطن، حيث تم تعديل و إتمام المرسوم رقم 71-157 ، المؤرخ في 3 يونيو سنة 1971 ، المتعلق بتغيير اللقب بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 20-223 المؤرخ في 8 غشت 2020، و الذي تضمن أحكاما جديدة يمكن من خلالها لكل شخص بالغ، يرغب في تغيير لقبه العائلي و لقب أولاده القصر، لسبب ما (لقب مشين، معيب.. إلخ) ، إيداع طلبه أمام وكيل الجمهورية لدى الجهة القضائية لمكان الولادة، بدلا من وزارة العدل، و يمكن أن يودع الطلب بالنسبة للأشخاص المولودين في الخارج لدى المركز الدبلوماسي أو القنصلي لمقر إقامة المعني، كما يمكن إيداعه مباشرة لدى وكيل الجمهورية بأي محكمة، عبر التراب الوطني، بدلا من وزارة العدل.
* الباحث في التاريخ توفيق بن زردة
نظام التلقيب الاستعماري استهدف «الرأسمال» الرمزي للجزائريين
توضح وثيقة بحثية أعدها، الباحث في التاريخ توفيق بن زردة، بأن منظومة الأسماء التي اعتمدها الاستعمار الفرنسي، وجه من أوجه المجازر الهوياتية، أو الحرب الناعمة التي مارستها فرنسا في حق الجزائريين، فاللقب، حسبه، يعد تراثا اجتماعيا و رصيدا ثقافيا، يحمل من المدلولات، ما يجعله شاهدا ضمنيا و تعبيرا هوياتيا مشحونا بالمحصلات الثقافية لأية مرحلة، و الجزائر، بوصفها فضاء متوسطيا، فقد عرفت قبل الاستعمار، منظومة أسماء و ألقاب تستند للتسلسل التراثي « اسم الابن، ثم الأب، ثم الجد»، وهي صيغة تختلف عن نظام الاسم الواحد و اللقب الواحد، الذي أقرته الإدارة الفرنسية، في محاولة لاستهداف «الرأسمال الرمزي» للجزائريين، من خلال فرض منظومة إسمية هزت العادات و التقاليد المحلية.
بدأت هذه العملية في مراحل مبكرة من الاحتلال، تحديدا بين سنتي 1838 و 1848، و حاولت فرض سياق الألقاب العائلية الفردية، في إطار تسجيل المواليد، ضمن منظومة الحالة المدنية، بموجب قرار20 جويلية 1848، الذي يفرض إجبارية تسجيل المواليد، بإشراف «قايد» البلاد، وهو مسعى تعزز بمرسوم 8 أوت 1854، حيث تم فرض تسجيل المواليد و الوفيات للفئات التي تعيش في الفضاءات المدنية، و هي مهمة أوكلت للمكاتب العربية و لشيوخ القبائل، و تلقوا سجلات خاصة، يجردونها فيها باللغة العربية، و يقدمونها في نهاية الشهر إلى السلطة الاستعمارية، بغية تقييد الوضعيات الجديدة بالفرنسية.
مع توسع القبضة العسكرية على الجزائر، توسع معها تطبيق نظام الحالة المدنية، حيث صدر قرار20 ماي 1868، و نص على تكليف سكرتير في كل جماعة ريفية، يحمل سجلات، يدون فيها حالات الميلاد و الزواج و الوفاة، هي مرحلة سبقت فرض اللقب، وذلك بفعل مقاومة الجزائريين لتعليمة التقييد و عدم تجاوبهم مع إجراء الحالة المدنية، لتعارض ذلك مع خصوصية المجتمع مثل رفض ذكر اسم الزوجة أو البنت.
قانون فارني 26 جويلية 1873.. المنعرج الخطير
حسب الباحث، فإن المنعرج الحقيقي الذي عرفته هذه العملية، يتمثل في قانون فارني 26 جويلية 1873، والذي يشكل بداية تطبيق النظام التلقيبي في الفضاءات الريفية، في إطار قانون التمليك، الذي نص في مادته 17 ، على ضرورة تدوين ألقاب عائلية في عقود ملكية الأراضي، للتمكن من تمييز الملاك عن بعضهم البعض، وذلك للتشابه الكبير بين الأسماء، بفعل الوعاء التسموي المشترك، الذي كانوا يستخدمونه.
وهنا أشارت هذه المادة، إلى أنه إذا عجز المحقق العقاري على إيجاد اسم أو لقب غير مشترك، فان اختيار لقب الفرد يتم، انطلاقا من اسم قطعة الأرض التي سيتم تمليكها له، وهنا تحديدا بدأت المجزرة الهوايتية، كما عبر المتحدث، ذلك لأن قطع الأرض في الريف الجزائري، كانت تحمل مسميات كثيرة وغير واضحة، مثل « الطبة» و «الهنشير» و «الولجة» و «السودة» و «الرملية» وغيرها.و قد سمحت هذه التعليمة، باختيار ألقاب للجزائريين، بناء على لون التربة «الكحلة»، «البيضا»، و «الحمرا»، ومنه ظهرت ألقاب من قبيل « بو طبة»، «بوهنشير»، «بوكحلة» و ما إلى ذلك». وهي عملية سرت على الدواوير التي طبق فيها قانونا فارني، فكانت هذه المادة، بداية تفكيك منظومة الاسم الثلاثي التي كانت قائمة قبل الاحتلال. بعدها سن قانون آخر، كما أوضح الباحث، وهو قانون 23 مارس 1828، وهو القانون الذي سيعمم الألقاب العائلية على كامل الجزائريين، و يدخل ضمن مسعى تطبيق نظام الحالة المدنية على كامل الجزائريين في الريف و المدينة، وتضمن 30 مادة منظمة لآلية منح الألقاب، ألحقت لاحقا بتعليمات 17 أوت 1885 و أخرى في 20 أفريل 1888، و هي التعليمات التي تم بموجبها تشويه هوية الجزائريين، عبر اختيار ألقاب مشينة و غير مقبولة، فالإدارة الاستعمارية حددت فضاءات التدوين والتلقيب، حسب نظام الدواوير الذي فكك القبيلة الواحدة إلى مجموعة من الفضاءات محددة السكان و المساحة، و كانت لكل مفوض حالة مدنية سلطة اختيار الألقاب، حيث تم تعيين، على مستوى منطقة الشرق الجزائري، ثلاثة مفوضين هم موريس بويت، إيدوارد جوفر وجوزيف سوترا. ولعل أكثرهم إثارة للجدل، هو موريس بويت، الذي قام بتلقيب سكان مدينة قسنطينة، إضافة إلى 196 دوارا من أصل 489 دوارا، و هو امتياز منح له من قبل صهره، رئيس اللجنة المركزية المكلفة بتطبيق نظام الحالة المدنية في منطقة قسنطينة ومحيطها، و ذلك لأن عملية التلقيب، كانت تتم بمقابل مادي، إذ يقبض المفوض عن كل لقب يختاره من 20 الى 60 سنتيما، بمعنى أن هويتنا كانت تباع في هذه المرحلة، خصوصا و أن نسبة من الأرباح كانت توجه لرئيس اللجنة.
هكذا اختيرت الألقاب المشينة
عن آليات اختيار الألقاب، قال الباحث، بأن مفوض الحالة المدنية، كان يقوم بداية بإحصاء سكان الدوار، ويدونهم في السجل الأم، ثم ينتقل إلى مرحلة وضع الشجرة العائلية، عن طريق تطبيق التشريع الفرنسي الذي يمنح حق اختيار اللقب العائلي، لأكبر فرد في العائلة، وهنا كان الجزائريون من أبناء العمومة، مجبرين عن الانفصال عن الشجرة الأم، لأجل إنشاء شجرة عائلية خاصة، بهدف الحصول على حق التملك، كي ينتقل بعدها المفوض إلى مرحلة اختيار اللقب، والتي كانت تتم، وفق ثمانية آليات.
كلما تشبعت مرحلة أو آلية يعتمد على آخرين، فكانت البداية بتحويل اسم الجد إلى لقب، و من ثم تكسير اسم الجد، مثلا « جعفر» ـ «جعفري»، و بعدها إضافة البنوة إلى اسم الجد، مثلا «عيسى» ـ «بن عيسى»، ثم تأنيث اللقب مثل « دراجي» ـ دراجية»، بعدها إضافة النسبة القبلية، مثل « غرزولي»، نسبة إلى قبيلة الغرازلة ، إضافة إلى الاعتماد على النسبة الجغرافية، مثلا « ساحلي»، «شرقي»، «غربي»، «قبلي» و «صحرواي»، التي اعتمدت أيضا آلية توظيف « بو ـ بن» وهي ظاهرة ثقافية محلية « بوقوس» «بن فازة».
أما أبشع الآليات، فهي، كما ذكر المؤرخ، تلك التي تم الاعتماد فيها على توظيف الأوصاف الجسدية، مثل «بولحية»، «فرطاس»، «لعور» و «لكحل»، ناهيك عن الاعتماد على أسماء الحيوانات و الطيور، مثل «ذيب»، «عقاب» و غيرهما من الأسماء ذات المدلول الحيواني و الأوصاف الجسدية، وهي ظاهرة سلبية أحدثت قطيعة مع الثقافة المحلية الشائعة، و مشوشة للانتماء، و مفككة لروابط الدم، و محدثة لشروخ اجتماعية، بعدما صارت مشهدا متجذرا نطقا و توثيقا، ما هز العادات التسموية في الوسط الريفي، كما جاء في كتاب لتوفيق بن زردة بعنوان «هوامش مجهولة قراءة جديدة للسياسة الاستعمارية في الدول المغاربية» و وثيقة بحثية حول «منظومة الأسماء في بايلك قسنطينة من خلال الدفتر 2144» ، كما نشرت دراسة للباحث حول «صياغة الألقاب العائلية في أواخر القرن 19 بين دور المفوض و الموروث المحلي دوار حساسنة نموذجا»، و ركزت المؤلفات على المجازر الهوياتية التي مورست في حق الجزائريين.
هدى طابي
أغلبُ التغريداتِ المُسيئة للجزائر على "تويتر" صادرة من المغرب
كشف تحقيقٌ أجرته النصر، أن أغلب التغريدات المسيئة للجزائر والشائعات والأخبار المزيّفة، على منصّة "تويتر" مصدرها المغرب، وهو ما حوّل منصّة التواصل الاجتماعيّ "تويتر" إلى بابٍ خلفيٍّ يُستخدم في محاولاتٍ يائسةٍ لضربِ سُمعة الجزائر وشعبها وتاريخها، من خلال تسخير نوعٍ جديدٍ من المرتزقة في حربٍ إلكترونيّةٍ غيرِ مُعلنةٍ، وحملةٍ إعلاميّةٍ شرسةٍ لتشويه صورة البلادِ، عبر ترويجِ أكاذيب وتحريفِ حقائق، ونشرها على نطاقٍ واسعٍ.
ويستعينُ المغرب في حربه إلكترونية ضد الجزائر، بجيوشٍ من "الذباب الالكتروني" والحسابات المزيّفة، لترويج الأكاذيب ومحاولة إحباط معنويات الجزائريين وهو التوجه الذي أخذ منحى تصاعدياً منذ حراك 22 فيفري 2019، ثم تضاعف في نوفمبر 2020، تزامناً مع خرق اتفاق وقف إطلاق النار في الكركرات.
ويحاول النظام المغربي تشويه صورة الجزائر في العالم من خلال التركيز في هجومه على منصة "تويتر" و استغلال صفحات تدار عبر برامج "بوت" أو عبر حسابات مزيّفة سيّرها أشخاصٌ محترفون، تم تكوينهم تكويناً خاصاً لإدارةِ عشرات الحسابات، وهمّها الوحيد الإساءة للجزائر دولة وشعبا ومحاولة تشويه تاريخها.
ويظهر جلياً عبر منصة تويتر تزايد عدد التغريدات التي يتمُّ تداوُلها عل نطاقٍ واسعٍ والهدف منها الإساءة للجزائر أو نشر معلومات مغلوطة، وفي العديد من الأحيان يكون للاستخدام الكبير لهذه التغريدات تأثير تختلف درجته على رواد الموقع، ما يدفع أشخاص عاديين إلى إعادة نشرها مرة أخرى، سواء في داخل المغرب أو خارجها، وحتى في بعض الأحيان من داخل الجزائر.
وقد استطاع "الذباب الالكتروني" الترويج لأكاذيبه من خلال الاستعانة بجيوش من الحسابات المزيفة التي تقوم بدورها بإعادة نشر هذه التغريدات لتكوّن مجموعات مؤثرة، و يتم ذلك من خلال تُوسيع دائرة النّشر إلى عدد أكبر من الأشخاص والحسابات.
(اضغط على التغريدة ليظهر الرسم البياني)
وعلى الرغم من وجود مواقع وبرامج معروفة عبر العالم تقوم بتتبع "رحلة الهاشتاغ" منذ أول استعمال إلى النهاية، إلا أنّ غالبية رواد موقع "تويتر" يجهلون هذه التقنيات، علماً وأنّ التحليلات المُقدّمة مجانيّةٌ ويُمكنٌ لأيّ شخصٍ الحُصولُ عليها بسهولةٍ كبيرةٍ.
وقامت النصر بتتبع رحلة "الهاشتاغ" من خلال الاستعانة بموقع متخصص يسمى موقع " هواكسي" والذي يمنحُ المتصفِّحَ إمكانيّة تحديدِ الحسابات التي تقومُ بالتغريد عبر موقع تويتر، وتحيل مباشرةً على الحساب، مع وضع تقييمات لكلّ حساب توضّح ما إذا كان الحساب آلياً أم مزيّفاً أو حساباً لشخصٍ حقيقيٍّ.
ومن خلال الدخول لموقع تويتر والبحث في خانة "الهاشتاغ" الأكثر تداولاً بتاريخ 4 أكتوبر 2021، تظهر لنا تغريدة "الجزاير_اضحوكه_العالم" حيث اكتشفنا أنّ استعمالها انحصر بين حسابات بيّن الموقع أنّها مغربية.
و من بين أوائل الحسابات التي نشرت التغريدة حساب باسم "_ Patriote_ VtweetI_Re" تم إنشاؤه بتاريخ مارس 2021، و لم يظهر أيّة معلوماتٍ شخصيّةٍ تُبيّنُ هويّةَ صاحبِه، ومن خلال تصفّحِ بسيطٍ لمجمل منشورات الحساب، يظهر جلياً أنّها موجهةٌ أساساً للهجومِ على الجزائر وتزييف تاريخها الثوريّ، كما أحالنا موقع "هواكسي" إلى حساباتٍ أخرى بعضها مزيّفٌ، قامت بإعادةِ نشرِ نفسِ التغريدة.
ومن بين الحسابات المزيّفة التي قامت بإعادة نشر للتغريدة سالفة الذّكر نجد حساب باسم "منال الزايدي" تم إنشاؤه في جوان 2021، وتستهدف منشوراته الجزائر، مع التّركيز على الجانب الاجتماعيّ بشكلٍ ساخرٍ، من أجل جلبِ اهتمام المُتابعين، علماً أنّ الحساب يستقطبُ عدداً هاماً من المتابعين حيث بلغ عددهم بتاريخ 12 أكتوبر الحالي أكثر من 4300 متابع عبر "تويتر".
حسابات بأسماء مزيّفة
وتسرب حسابات مغربيّة شخصيّة و مُزيّفة في الاهتمام بالشأنِ الجزائري وتقديمه بصورةٍ سلبيّةٍ من خلال متابعة دقيقة للأخبار يبدو للمتابع العاديّ أنّها صادرة عن جزائريين، حيث اكتشفنا خلال الفترة بين 12 أكتوبر و13 أكتوبر التي تزامنت مع فترة لعب مباريات تصفيات كأس العالم 2022، من خلال عملية بحث على موقع تويتر قيام العديد من الحسابات المغربية بالتهجم على الجزائر وهو ما يظهر جليا في بثّ خطابٍ قديمٍ للجنرال "ديغول" تحدث من خلاله على تاريخ الأمة الجزائرية من وجهة نظر المحتل، وهو الفيديو التي تم تداوله على نطاقٍ واسع، وهي التغريدة التي تم الترويج لها من قبل 39 حسابا آليا مغربيا كما أظهره موقع "هواكسي".
زيادة على ذلك يبرز أيضا الاستغلال الكبير لتغريدة "القبايل_دولة_مستقلة" وهي العبارة يتم تداولها منذ فترة طويلة ، حيث لا يزال تداول هذه التغريدة متواصلا عبر موقع تويتر، مع إرفاقها بمنشورات مسيئة للجزائر وتاريخها.
ويظهر من خلال عملية بحث بسيطة عبر موقع "هواكسي" حول نشر هذه التغريدة بين 04 و13 أكتوبر حساب "Vendetta_M_dima" مجددا كواحد من أبرز الحسابات التي تقومُ بنشر العبارة المذكورة، مع تداولها من طرف عدد آخر من الحسابات التي ترفقها بصور أو فيديوهات "ساخرة"، ليظل استخدام التغريدة محدودا قبل أن يعود للتداول بشكل أكبر بتاريخ 09 أكتوبر بشكل متزايد، مع تسجيل تداول التغريدة من حسابات مكتوبة بالعبرية وتظهر علم دولة الكيان الصهيوني.
وواضح أنّ الحسابات الآلية، لا يقوم بإنشائها أشخاصٌ عاديون، بل أجهزة منظمة، وحين يتزامن هجومها على الجزائر مع هجومات مماثلة لمنصّات معروفة للمخابرات المغربيّة فإن "المصدر" يكشف عن نفسه بنفسه.
الخبير في المعلوماتية يزيد أقدال
"لا يمكن لأفراد التصدي لهجمات أجهزة منظمة"
أكد الخبيرُ في المعلوماتيّة ورئيس لجنة في التجمّع الجزائريّ للنّشاطين الرقميين يزيد أقدال أنّ التصدي للهجومات المنظّمة عبر موقع تويتر يجب أن ترقى لمستوى الهجومات، مقلّلاً من شأن تأثيرها على الرأي العام الوطنيّ باعتبارٍ أنّ الجزائريين يميلون إلى استخدام فيسبوك أكثر.
وأكد ذات المتحدّث في تصريح للنّصر أنّ تحدي تكفل أفراد بالردّ على الإساءات أو الهجومات التي تتعرّضُ لها الجزائر وشعبها عبر منصة "تويتر" لن يكون كافياً مصرحاً "في حالة ما إذا كان الهجوم مُنظّماً يجب أن يكون الردّ عليه منظّماً أيضاً" وتابع يقول "لا يمكنُ لأشخاصٍ أن يردوا بمفردهم على الهجومات التي تصدرُ من جهاتٍ مُنظّمةٍ"، مضيفاً، أنّه لا وجود لحلٍّ فعليٍّ لهذه المشكلات، ما دام صاحب الشّبكة نفسه غير قادرٍ على تحديد ووقف استخدام حسابات وهميّةٍ أو آليّةٍ.
وأضاف محدثُنا أنّ الإشكاليّة حالياً في صاحب شبكة التواصل الاجتماعيّ نفسه، ولا يمكن لأفراد أن تواجه أجهزة منظمة أو أن تقف في وجه المال.
وبالمقابل قال الخبير في المعلوماتية إن "تويتر" كشبكة تواصلٍ اجتماعيٍّ يعتبر استخدامها في الجزائر محدوداً، ويشملُ عموماً فئة النُّخبة الفرنكوفونيّة على وجه الخصوص، مقدراً عدد الجزائريين المستخدمين للموقع بين 600 إلى 700 ألف فقط، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة مع موقع فيسبوك، الذي يعتبر الوِجهة المفضّلة، وبالتالي فإنّ التعرّض للمحتوى الذي تنشره حساباتٌ أخرى سواء داخل المغرب أو خارجه لن يُؤثّر بصورةٍ كبيرة على الرأي العام الوطني، وتابع بالقول "أن الهاشتاغ نادرا ما يلفتُ الانتباه في الجزائر ويتحوّل إلى (تراند)".
عبد الله بودبابة