باتت تربية الحيوانات الأليفة في المنزل من الحلول التي يلجأ إليها أولياء لتقليل استعمال الأبناء للأجهزة الذكية، أو العلاج من الإدمان عليها، غير أن منهم من يجهل أساليب تربيتها والاحتياطات الواجب التقيد بها لتجنب الإصابة بالأمراض المتنقلة عبرها أو التي تتسبب فيها، وعليه يحذر الطبيب البيطري مسعود زراقنية من بعض السلوكات المنتشرة الخاطئة المؤدية لعواقب صحية وخيمة.
إيناس كبير
وتصل العلاقة الوطيدة التي يشكلها مربو الحيوانات المنزلية خاصة القطط، إلى مشاركة الطعام والفراش والاحتكاك المفرط بها، لاعتقادهم أنها خالية من الجراثيم والميكروبات لكونها لا تخالط حيوانات الشارع، فيتناسون جانب النظافة بعد اللعب معها أو ملامستها، ليتعدى الأمر أحيانا إلى تقبيلها أو استخدام أدوات منزلية في إطعامها خصوصا القطط التي يُشاع لدى الأغلبية أنها نظيفة ولا تشكل أي ضرر.
وفي حديثنا لأولياء لجأوا لتربية هذه الكائنات في منازلهم، لتصبح رفيقة لأطفالهم للتسلي بها وقت الفراغ، أو للتخلص من مشكلة معينة كفرط الحركة أو الاستخدام المفرط للهواتف الذكية، قالت سهيلة وهي أم لطفلين وموظفة، إنها اختارت أن تحضر لمنزلها قطا وعصفورا لتلهية طفليها اللذين يعانيان من فرط الحركة، تفاديا لإصابتهم بأي مكروه.
بينما أخبرنا نور الدين أب لطفل يقضي جل وقته خارج المنزل، أنه لاحظ على ابنه علامات إدمان على الألعاب الالكترونية و منها عدم الاستجابة له عندما يطلب منه تركها واللعب معه، كما يضيف أنه الطفل كان يشكو من اضطرابات في نومة، لذلك فكر في أن يحضر له رفيقا إلى المنزل واختار أن يكون قطا صغيرا يساعده على التخلص من هذه العادات السلبية، إلا أنه تفاجأ أن الطفل يتقاسم فراشه مع الحيوان المنزلي وأحيانا حتى الملعقة التي يتناول بها الطعام، وفرشاة أسنانه ليقرر إخراجه من المنزل والبحث عن طرق أخرى.
وهي من طرق التعامل الخاطئة التي حذر منها الطبيب البيطري مسعود زراقنية، التي يجهل مربو الحيوانات بأضرارها المحتملة، وقدم جملة من الإجراءات الوقائية الواجب التقيد بها لتجنب أي أذى قد يلحق بأحد أفراد العائلة.
فيما أشارت السيدة نادية أن زوجها كان يربي العصافير وقد أشرك أبناءه في الرعاية بها، ما جعل عددها يزداد يوميا ليتحول المنزل إلى ما يشبه حديقة للعصافير ومن الوقت تعلق الأبناء بالعصافير وتخلوا عن هواتفهم لكن ذلك انجر عنه أمراض مثل الحساسية في العينين والعطس المتكرر.
الطبيب البيطري مسعود زراقنية
غياب الوقاية يخلف أمراضا خطيرة قد تؤدي الى الوفاة
قال الطبيب البيطري مسعود زراقنية في حديثه للنصر، إن فئة كبيرة من مربي الحيوانات المنزلية تعتقد أن حيوانها المنزلي نظيف وغير ناقل للمرض بالرغم من خروجه للشارع أين يكون معرضا للكثير من الميكروبات والفيروسات.
ومع انتشار ظاهرة تربية القطط بشكل كبير وسط العائلات الجزائرية خصوصا الذين يملكون أطفالا يتعلقون بهذه الكائنات ويقضون وقتا في ملاعبتها وملامستها، مع غياب إجراءات الوقاية والنظافة التي تؤدي وفقا لزراقنية إلى احتمال الإصابة بأمراض باطنية مثل الأكياس المائية في الجهاز الهضمي أو الرئة وقد تتعدى إلى السل، والتي وفي أحيان كثيرة يكون هناك خطأ في تشخيصها،
وهنا تحدث الأخصائي عن احتمال وفاة الطفل إذا لم يُعرض على طبيب مختص لتلقي العلاج أو الكشف المبكر عن الإصابة، مشيرا إلى أن كل أفراد العائلة غير آمنين من الإصابة خصوصا الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة حتى في حالة عدم الملامسة المباشرة للحيوان.
ومن الأمراض التي حذر منها الأخصائي الأمراض الطفيلية، الحساسية الجلدية، وحساسية الجهاز التنفسي بسبب ريش العصافير أيضا خصوصا في فصل الربيع، وكلها ناتجة وفقا له عن الاحتكاك المفرط بها، وعدم الاهتمام بالنظافة خصوصا الحيوانات التي تختلط بحيوانات الشار، وأكد في هذا السياق على أهمية إعطائها مضادات الطفيليات تفاديا لأي خطر، كما حذر من داء الكلب أيضا خصوصا في فصل الصيف.
تطرق المتحدث أيضا إلى خطورة فضلات الحيوانات المنزلية خصوصا في حالة عدم تنظيفها وذكر أنها تحمل ميكروبات، وبيض الطفيليات، كما حذر من خطورة شعر القطط على الصحة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يشاركونهم الفراش والأكل، وأعقب أن احتمال الإصابة بالمرض في حالة دخولها عبر الجهاز التنفسي تكون ضئيلة لأنها تُطرد من خلال العطس، بينهما يزيد الخطر عند اختلاطها بالأكل ونصح بإبعاد الحيوان المنزلي عن المطبخ.
كما تحدث الدكتور زراقنية أيضا عن خطورة فضلات الحيوانات التي لا يولي لها المربون بالا، وذكر أنها تحمل الميكروبات وبيض الطفيليات، وعلق قائلا «من الأحسن تفادي تربية الحيوانات في المنازل مع أفراد العائلة إذا وجد الشخص نفسه غير قادرا على العناية بها وبنظافتها لأن مع مرور الوقت يدخل الكثير من الأمراض إلى البيت».
وأول إجراء يجب أن يقوم به الشخص في حالة ظهور تغيرات على الجلد، حسبه، الاتصال بطبيب مختص، مع عدم التهاون في حالة التعرض لخدش أو العض واتخاذ الإجراءات اللازمة.
النظافة والتلقيح إجراءات ضرورية
واعتبر البيطري أن تلقيح الحيوان المنزلي ضد الأمراض والأوبئة خصوصا داء الكلب، مهم جدا وعن هذا الأخير قال إنه يكون مرة في السنة، ناهيك عن عدم ترك الحيوان المنزلي في الشارع مع الحيوانات الضالة، وتفادي مشاركته الأكل، مفيدا أن الحيوان وإن كان نظيفا إلا أنه يبقى ناقلا للعدوى والجراثيم، مع تخصيص فراش له بعيد عن غرف أفراد العائلة وبالأخص الأطفال.
إ.ك
تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورا مهما في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه، لتصبح في عصر التكنولوجيا المتقدمة شريكا أساسيا للمؤرخين وعلماء الآثار والباحثين في هذه المهمة النبيلة، وتكون اليوم أهم شريك في حماية الإرث الإنساني من الضياع وتحقيق نقلة نوعية في طريقة فهمه ونقله للأجيال القادمة.
يؤدي دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمل مؤسسات التراث الثقافي عبر العالم إلى إحداث ثورة في طريقة حفظ التراث وكذا عرضه وتفسيره، وذلك من خلال توفير أدوات وتقنيات مبتكرة للحفظ والتوثيق والترويج، بما يضمن حماية واستدامة الموروث الثقافي للأجيال القادمة من خلال الرقمنة والحفظ الرقمي للبيانات والإتاحة الرقمية للوصول إليها، وتطوير تطبيقات الواقع المعزز الافتراضي وتصميم أنظمة ترجمة آلية متعددة اللغات من شأنها أن تعزز الوصول العالمي للتراث الجزائري.
المسح ثلاثي الأبعاد والخوارزميات ثورة التراث الثقافي
وقد ساعد الذكاء الاصطناعي منذ بداية تطبيقه في عمليات التوثيق الرقمي للمعالم والمخطوطات الأثرية الباحثين والمؤرخين، بحيث يمكن لهذه التقنيات المتقدمة كالمسح ثلاثي الأبعاد وتحليل الصور باستخدام الخوارزميات الحفاظ على تفاصيل دقيقة للآثار المعرضة للتلف أو الدمار، فضلا عن إمكانية استخدام خوارزميات التعلم العميق في استعادة الأعمال الفنية القديمة وتصيح الأضرار التي لحقت بها، مما يساعد على استعادة أجزاء من جمالها الأصلي.
كما تعتمد الكثير من المؤسسات الثقافية ومراكز البحوث على الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التاريخية، إذ تساعد تقنيات معالجة اللغة الطبيعية مثلا في قراءة وترجمة المخطوطات القديمة التي يصعب على الإنسان فهمها بسهولة نتيجة لاختلاف اللغة أو لتدهور حالتها، مما يفتح الباب أمام الباحثين لإكتشاف معلومات جديدة ومهمة عن الحضارات القديمة لأول مرة في عهد الذكاء الاصطناعي.وبالإضافة للكشف والتحليل، فإن الذكاء الإصطناعي يساهم وبشكل فعال في نشر التراث الثقافي عالميا، وذلك من خلال الواقع الإفتراضي والمعزز، بحيث يمكن اليوم للناس زيارة المتاحف الإفتراضية والتفاعل مع الموروث الثقافي من أي مكان في العالم، بفضل تقنيات العرض المتحفي المتطورة التي تعمل بالذكاء الإصطناعي، مما يحقق تكاملا لتقنياته في أنظمة العرض المتحفي لإنشاء معارض تفاعلية تلعب فيها تطبيقات الواقع الإفتراضي والواقع المعزز دورا مهما في تعزيز مشاركة الزوار وتقديم سرد قصصي يخلق تجربة تعليمية ممتعة للزوار، وهو ما يعزز الوعي الثقافي ويشجع على حماية الإرث الحضاري.
المختصة في العمارة والتراث الدكتورة أميرة زاتير
طموح الجزائر كبير في استعمال الذكاء الإصطناعي لصالح الموروث الثقافي
أكدت الأستاذ المحاضر المؤهلة في العمارة والتراث بالمدرسة الوطنية المتعددة العلوم للهندسة المعمارية بالجزائر، الدكتورة أميرة زاتير، أن الجزائر مستعدة تماما ولديها طموح كبير لتوظيف الذكاء الإصطناعي من أجل تعزيز وبلورة التراث المحلي الثقافي والحفاظ عليه، وهو ما تبرزه العديد من التجارب الناجحة عبر مخابر البحث والجامعات والتي شرع في تبنيها خاصة في ميدان الحفظ والترميم.
وأوضحت الأخصائية أن هناك عدة تطبيقات قد استحدثت في الذكاء الإصطناعي تساعد المختصين في العمارة والتراث بشكل عام في إعادة ترميم إفتراضي، من خلال تقديم إفتراضات موضوعية وبطريقة منهجية تعيد الترميم والتأهيل الافتراضي لمدن وحضارات قديمة.
نمتلك تجارب ناجحة
وأضافت الأستاذة أن هذه التقنيات تساعد كما في العمارة مجال الألبسة التقليدية والأزياء القديمة بالنسبة لوسط ما، بحيث تعمل على إعادة تصور الحياة في تلك الفترة بطريقة ثلاثية الأبعاد، وهو ما يتم تبنيه عبر مختلف دول العالم، ومنها الجزائر التي تعتمد عليها اليوم خاصة في ميدان البحث، أين تم العمل على تطوير تقنيات ترميمية ناجحة وكذا على مستوى المتاحف، من خلال وضع جولات إفتراضية للمتاحف قصد تقريب صورة المدن القديمة للزوار والسياح وهو ما أثبت نجاحه بالفعل.
الدكتورة زاتير، التي قالت أن الجزائر تسير بوعي كبير في مجال استعمال الذكاء الإصطناعي واستغلاله من أجل عمليات الترميم الإفتراضي لتقريب صورة التراث القديم، أكدت أن هذه التقنيات تساعد في عمليات الترميم الفعلية التي يراد القيام بها، سواء تعلق الأمر بالحفريات أو بآلات المسح الضوئي ثلاثية الأبعاد، وأن الجزائر اليوم على استعداد تام لاستغلال هذه التقنيات المتطورة في التراث الثقافي، مشيرة في ذلك إلى مخابر البحث العلمية وتحديدا معهد العمارة التي تعمل على أولى الترميمات الافتراضية لمدن كانت قد اندثرت تماما أو مدن لا نعرف عنها شيء إلا ما وصلنا عن طريق كتب ومقالات.
وأوضحت الدكتورة زاتير أنه تتم ترجمة هذه الكتب والمخطوطات إلى أبعاد ورسومات معمارية تستعمل في تطبيقات الذكاء الإصطناعي لتقريب الصورة، وهذا ما نجح حسبها معهم خاصة فيما يتعلق بإعادة تأهيل المدن التي شيدت عن طريق الأمير عبد القادر أو المدن والعمارة الأميرة وهو ما أعطى نتائج مبهرة، فضلا عن مدن في العصر الوسيط بالجزائر على شاكلة عاصمة الدولة الرستمية «تيهرت» وعاصمة الدولة الزيرية «آشير» وسدراتة الدولة الرستمية في القرن الـ10، وقلعة بني حماد، قصبة وهران وقصور بالجنوب الجزائري، حيث نجحت في تقديمها عبر محاكاة بتقنيات الذكاء الإصطناعي من خلال ترميم إفتراضي يقرب الصورة الأصلية لهذه المواقع لاستعمالها كأولى فرضيات تعزز وبدقة عملية الترميم بالتشارك مع الهيئات التنفيذية الوطنية أو في وثائقيات إفتراضية أو جولات سياحية إفتراضية.
الباحثة في مخبر تهيئة الإقليم الدكتورة مريم صغيري
الذكاء الاصطناعي آداة تحويلية في مجال التراث الثقافي
وصفت الباحثة والدكتورة بمخبر تهيئة الإقليم بقسنطينة، الدكتورة مريم صغيري، الذكاء الاصطناعي بالأداة التحويلية في ميدان التراث الثقافي، وذلك من خلال نجاعتها في توفير حلول مبتكرة للتحديات المرتبطة بالحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه.
وتقول الباحثة أن حفظ التراث الثقافي يعتبر مهمة حيوية تضمن استمرارية التاريخ والتقاليد والقيم الإنسانية، ليأتي الذكاء الإصطناعي بتقنيات جد متطورة تساهم وبشكل فعال في خدمة هذا المجال عبر تطبيقات يجري استغلالها في حفظ التراث خاصة في الشق المتعلق بالرقمنة والتوثيق، بحيث تعتبر من أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على رقمنة وتوثيق القطع والمواقع التاريخية، وتتيح الرؤية الحاسوبية والتعليم الآلي كإنشاء نماذج رقمية مفصلة للقطع الأثرية الثقافية، والتي يمكن استخدامها لأغراض الحفظ والبحث والتفاعل مع الجمهور، مشيرة في ذلك إلى الأدوات المدعومة بالذكاء الإصطناعي التي تمكن من أتمتة عملية تصنيف المجموعات الكبيرة، بما يخفف العبء عن المؤسسات الثقافية ويحسن من إمكانية الوصول إليها. وأضافت المختصة أنه يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعزز مشاركة المجتمع مع التراث الثقافي ذلك عبر توفير تجارب تفاعلية وغامرة، بحيث تسمح تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز للجمهور باستكشاف المواقع والقطع التاريخية بطريقة مشوقة وجذابة، وأضافت أنه يمكن لروبوتات المحادثة وأنظمة التوصيل المدعومة بالذكاء الإصطناعي تخصيص التجربة لتجعل التراث الثقافي أكثر سهولة ومتعة لجماهير متنوعة.
إيمان زياري
بزغ نجم مؤسسة «بيراميد» الخاصة للتكوين المهني، كواحدة من النماذج الناجحة والواعدة في ميدان التعليم المهني الخاص، حيث رفعت شعار الجودة، التخصص، والالتزام بخدمة المتربص لتمكينه من مفاتيح النجاح في سوق الشغل، ما أهلها لافتكاك الجائزة الأولى في المهرجان الوطني للكسكس، التي تعد بمثابة تتويج لمسار طويل من العمل.
الفوز بمثابة تتويج لمسار طويل من العمل
نالت مؤسسة «بيراميد» شهرة إثر تتويجها بالمرتبة الأولى وطنيا في مهرجان «الكسكسي» الوطني، بعدما تلقت دعوة رسمية من وزارة التكوين المهني والتمهين للمشاركة في هذه التظاهرة، حيث قامت السيدة عواق بتحضير الأطباق داخل المؤسسة، واقتنت المواد الأولية ونسقت مع فريق العمل لإعداد الأطباق التقليدية التي تم تقديمها في يوم المسابقة.
وحسب ما أوضحته المتحدثة، فإنها شاركت بطبق الكسكس القسنطيني المعروف باسم «المحور»، إلى جانب أنواع أخرى تقليدية مثل «المزيت»، كسكس الشعير، المشلوش، شباح السفرة، وماء الزهر والورد المقطر، مضيفة أنهم تميزوا بتقديم الأطباق في أواني نحاسية تقليدية، ما خلق أجواء قسنطينية أصيلة أبهرت لجنة التحكيم والجمهور.
وحسب ما كشفت عنه المديرة، فإن المسابقة ضمت فئات متعددة، من مؤسسات التكوين والفندقة والمؤسسات الحرة، وورشات حية للطبخ، حيث اختارت المديرة أن تصطحب معها الفريق البيداغوجي ومختصة الطبخ الرسمية للمؤسسة، وقد كان الفوز بحسبها بمثابة تتويج لمسار طويل من التحضير والتخطيط، حيث سادت أجواء من الفرح والفخر داخل الفريق منذ اللحظة الأولى للمشاركة.
من التربية والتعليم إلى تأسيس صرح تكويني مهني
ما يميز هذه المؤسسة الناشئة أنها لا تكتفي بتقديم تكوين أكاديمي تقني، بل تسعى إلى المزاوجة بين التأهيل العلمي، والبعد الإنساني، والاحتكاك المباشر بالواقع العملي، ما جعلها بحسب مسيرتها مليكة عواق، وجهة مفضلة لعشرات الشباب والشابات الباحثين عن فرص حقيقية لبناء مستقبل مهني مستقر وواعد.
وقد كان وراء هذا المشروع التربوي الطموح السيدة مليكة عواق، التي لم تعتبر المؤسسة استثمارا تقليديا أو مشروعا تجاريا محضا، بل كما أكدت في حديث خصت به جريدة النصر، أن الأمر يتعلق بامتداد طبيعي لمسارها المهني الطويل في مجال التربية والتعليم، وخلاصة لمسيرة حافلة بالعطاء والالتزام التربوي والإنساني.
اختارت مديرة مؤسسة «بيراميد» الخاصة للتكوين المهني، بطموحات كبيرة من قاعات التربية والتعليم إلى رحاب التكوين المهني، أن تحول تجربتها الطويلة في مجال التربية إلى مشروع ذي أثر مجتمعي ملموس، حيث تأسست مؤسستها سنة 2021، بعد تقاعدها من العمل في قطاع التعليم المتخصص، حيث كانت تنشط كأخصائية نفسانية وتعمل عن قرب مع فئة الأطفال المعاقين.
ولأنها كانت متمسكة برسالة التعليم، أكدت المتحدثة، أنها وجدت في التكوين المهني امتدادا طبيعيا لمسارها، فاختارت أن تؤسس مؤسسة تكوينية تحمل بصمتها التربوية والإنسانية، موضحة بأن فكرة المؤسسة ولدت من رحم تجربتها الطويلة واحتكاكها اليومي بالميدان، حيث راودها حلم إنشاء فضاء مخصص لتكوين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، غير أن لقاءها مع عدد من المسؤولين في قطاع التكوين المهني غير مسار المشروع نحو بعد أوسع، إذ وجدت منهم تشجيعا كبيرا على المضي في فتح مؤسسة خاصة، بعدما لمسوا جديتها وكفاءتها وثقتهم في قدرتها على تقديم إضافة نوعية في المجال.
عروض تكوينية متنوعة بشهادات معتمدة منذ افتتاحها
حرصت صاحبة مؤسسة «بيراميد» على تنويع تخصصات المؤسسة لتواكب متطلبات سوق الشغل وتلبي تطلعات الشباب الباحثين عن مسارات مهنية بديلة.
وتشمل التخصصات المفتوحة، حسبما أوضحت مستويات مختلفة، من التأهيل المهني إلى التقني والتقني السامي، من بين هذه التخصصات ذكرت تقني سام في الإدارة، المحاسبة والمالية، تسيير الموارد البشرية، التجارة الدولية، وتربية الطفولة، وكذا تكوينات تأهيلية في الإعلام الآلي، النظافة، الأمن والوقاية، الحلويات والطبخ، الجمركة والعبور.
وتؤكد المديرة أن الشهادات التي يتحصل عليها المتربصون معتمدة من طرف الدولة، حيث يجرى الامتحان النهائي في معهد تكويني عمومي، يلي ذلك تربص ميداني لمدة 6 أشهر، ثم تعرض مذكرة التخرج أمام لجنة تابعة لنفس المعهد، مشددة على أن المناهج التعليمية المعتمدة بالمؤسسة خاضعة لإشراف الوزارة الوصية، بما يضمن جودة التكوين ومطابقته للمعايير الوطنية، وقالت المتحدثة، إن عدد المؤطرين بالمؤسسة يبلغ حوالي 30 مؤطرا، يتم اختيارهم بعناية وفق كفاءاتهم الأكاديمية وخبرتهم في التكوين.
تكييف التخصصات حسب سوق العمل
في حديثها عن علاقة المؤسسة بسوق الشغل، أوضحت عواق أن «بيراميد» تسعى إلى التفاعل المستمر مع تغيرات السوق، حيث تفتح التخصصات المطلوبة، وتتفادى التكوين في المجالات التي تعرف فائضا، ومن التخصصات التي تعرف إقبالا لافتا بحسب المتحدثة تسيير الموارد البشرية، التجارة الدولية، والحلويات والطبخ، وهي تخصصات تسجل حضورا لافتا للرجال، خلافا لما كان متوقعا.
وتضيف المديرة، أن المؤسسة لا تكتفي بالتكوين الأكاديمي فحسب، بل تحرص على تأهيل المتربصين نفسيا ومهنيا، من خلال تعليمهم كيفية التحدث بثقة أمام أرباب العمل، وطرق إقناعهم بقدراتهم، إضافة إلى تدريبهم على آليات البحث عن وظيفة.
لم تقتصر أنشطة المؤسسة على التكوين فحسب، بل كانت حاضرة بقوة في عدة فعاليات ومسابقات وطنية، حيث سجلت مشاركات مشرفة، من بينها مشاركتها في احتفالية عيد المرأة في 8 مارس، ومعرض»إنجازات قسنطينة»، أين قدمت عروضا متميزة نالت إعجاب الحضور، لاسيما ممثل وزير التكوين المهني الذي أثنى على أداء المؤسسة وفريقها.
وفي ختام حديثها، كشفت عواق عن نيتها في توسيع عروض التكوين بإضافة تخصصات جديدة تتماشى مع متطلبات السوق، مع الحرص على توفير تكوين شامل يجمع بين الجانب الأكاديمي والتربوي و التأهيلي.
كما أكدت أنها تطمح إلى أن تتحول «بيراميد» إلى مرجعية وطنية في مجال التكوين المهني الخاص، تخرج كفاءات شابة قادرة على اقتحام سوق العمل بثقة وجدارة.
لينة دلول
قام النجم العالمي كيليان مبابي، بالترويج بطريقة مباشرة للسياحة الجزائرية، من خلال مشاركته عبر خاصية «ستوري» على صفحته الرسمية على «إنستغرام» صور لمعالم وأماكن سياحية في الجزائر العاصمة، في صورة «القصبة» وجامع الجزائر الأعظم، إلى جانب مناطق سياحية أخرى بولاية تيبازة، أرفقها بأغنية من التراث الجزائري (موسيقى الشعبي).
وجاء منشور مبابي بمناسبة الزيارة المنظمة إلى الجزائر من طرف الجمعية التي يترأسها (إنسبيراد باي ك.م)، وذلك من خلال نقل الأطفال في جولات استكشاف حول العالم، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية، كما وجه نجم ريال مدريد الشكر إلى السلطات الجزائرية، على حفاوة الاستقبال.
وأشارت الصفحة الرسمية لجمعية (إنسبيراد باي ك.م)، إلى أن الزيارة التي دامت ثلاثة أيام، تدخل في إطار التعرف على بلد والدة نجم النادي الملكي، فايزة العماري، بعد الأولى التي كانت في الكاميرون صيف 2024، موطن والده ويلفريد مبابي.
وصنع منشور مبابي الحدث عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، حيث تم تداوله على نطاق واسع، خاصة الصور المتعلقة بترويجه للتراث الجزائري، سواء المتعلق بالمناطق السياحية أو المعمار الأصيل، إلى الأطباق التقليدية والجلابة الجزائرية.
حمزة.س
يعاني الكثير من الشباب خاصة والمراهقين من تضرر أقمصتهم غالبا بماء الكلور «جافيل» ومنهم من يصاب بإحباط خاصة إذا تضرر قميصه المفضل، ولكن قد لا يعلم الكثيرون بوجود تقنية تسمح لهم بإضفاء حلة أجمل على القطعة من خلال «الرسم بالكلور»، وهو عمل فني يقوم به الشاب ريان زرقة من تلمسان، الذي يتقن هذه التقنية الأولى من نوعها ببلادنا.
ريان زرقة، هو شاب في 22 سنة ابن مدينة تلمسان، تحدث للنصر عن حبه للفن بمختلف أنواعه، قائلا « أنا رسام وشغوف بالفن منذ طفولتي، في حياتي اليومية أعمل نَجّارًا أتعامل مع الخشب وأستمتع بتحويله إلى قطع فنية ووظيفية، بالإضافة إلى ذلك أمارس فن الرسم على الجدران وأستخدمها كمساحات للتعبير الفني، وأرسم البورتريهات، وتخصصت مؤخرا في الرسم على الأقمصة بماء الكلور».
بدأ ريان الرسم بالكلور صدفة، بعد أن سقطت قطرات من ماء «جافيل» على قميصه المفضل، فحاول الاحتفاظ به بعد تزيينه بالرسم بالكلور، وهي تقنية قال بأنه لم يدرسها بل إطلع عليها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، موضحا « بدأت الرسم بالماء المبيض «الكلور» تحديدا في شهر أكتوبر من سنة 2024، ولاقت الفكرة إقبالا وإعجابا حيث تلقيت اتصالات كثيرة، لأنجز رسومات على أقمصة متضررة وجديدة»، مردفا بأنه ينشر
فيديوهات عبر صفحته توثّق لمراحل عمله وصور للقميص قبل وبعد الرسم عليه، ما ساهم أكثر في رواج منتوجه الفني، مؤكدا بأنه من الأوائل الذين قاموا بعرض هذا النوع من الفن في الجزائر عبر الإنترنت وبيع قطع ملابس فريدة من نوعها.
وقال ريان إن التقنية لا تتطلب الكثير من الأدوات فقط قميص قطني يكون لونه أسود من الأفضل، كما يمكن استعمال قميص بلون أخضر أو أحمر أو أزرق، فمفعول ماء «الجافيل» يعطي لونا مختلفا باختلاف لون القطعة، مردفا « في الوقت الحالي أرسم فقط على الأسود لأن التفاصيل تظهر فيه جيدا»، مردفا بأنه يستخدم الطباشير لرسم اللوحة الفنية فوق القميص، وقد تكون لحيوانات أو أشخاص أو أشياء وغيرها حسب رغبة الزبون، كما يستعمل فرشاة رسم وماء الكلور «جافيل» ، مع ارتداء قناع واق لتفادي استنشاق مادة الكلور المضرة بالصحة.
استعمل مادة خاصة للحفاظ على الملابس
ويستعمل ريان، لتجنب تأثير الكلور على الملابس، وتآكل القمصان أو تمزقها مع مرور الوقت، مادة خاصة رفض الكشف عن نوعيتها مؤكدا أنها تضمن سلامة القميص لمدة طويلة، واستعمالها من المراحل المهمة في عملية الرسم.
وعن الفئة الأكثر اهتماما بما يعرضه، قال ريان بأن غالبيتهم شباب من كلا الجنسين، يقترحون رسومات ورموز تحمل رسائل مختلفة، فيما لم يتعامل بعد مع الأطفال الصغار، بالرغم من أنهم الفئة الأكثر ميولا لارتداء القمصان المزينة برسومات مختلفة خاصة تلك التي تحمل بورتريهات لشخصيات كرتونية، حيث يسعى لبلوغ هذه الشريحة وتوفير قمصان بألوان ورسومات تستميل الصغار.
ويطمح الشاب لتطوير هذا الفن في الجزائر وتنظيم ورشات عمل لتكوين الشباب المهتمين به، ونقل تجربته لهم، كما يفكر في تصميم علامة تجارية خاصة به للترويج لإبداعاته ونقلها خارج الوطن.
بن ودان خيرة
غيّب الموت، أمس، فضيلة، الشيخ الدكتور المقرئ، عبد الهادي لعقاب، إمام وأستاذ محاضر بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر1، بعد صراع مع المرض، فهو المتقن المجاز في القراءات القرآنية المتواترة من طريق الشاطبية والدرة وطيبة النشر.
وحصل الفقيد على شهادة الدكتوراه، تخصص اللغة العربية والدراسات القرآنية من جامعة الجزائر1، أستاذ الدراية، الباحث في علم القراءات القرآنية بكلية العلوم الإسلامية ودار القرآن الكريم بجامع الجزائر، عضو لجنة مراجعة و تدقيق المصحف الشريف بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية.
عمل إماما أستاذا ثم إماما أستاذا رئيسيا في الفترة ما بين 2008م و2015م وأستاذ في كلية العلوم الإسلامية، كان يدرّس مواد التجويد والقراءات والتفسير وعلوم القرآن في الفترة ما بين 2006 إلى 2015 وكان أستاذا مساعدا ثم محاضرا بجامعة الجزائر 1، كلية العلوم الإسلامية منذ 2015، ختم القرآن الكريم سنة 1996 وكان عضوا في اللجنة الوطنية لتدقيق نسخ المصحف الشريف منذ 2018 وكذلك عضو لجنة تحكيم جائزة الجزائر الدولية لعدة سنوات، فضلا عن مشاركته في لجنة تحكيم مسابقة الأسبوع الوطني للقرآن الكريم ثم رئيسُها وشارك الراحل دوليا في تحكيم مسابقة الملك عبد العزيز الدولية بالمملكة العربية السعودية سنة 2010، جائزة سيّد جُنيد عالم بمملكة البحرين 2013، جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءاته وتجويد تلاوته عام 2015 وجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم عام 2019.
ع.ن
اجتاح مؤخرا "تحدي الباراسيتامول" منصة تيك توك وعدة مواقع افتراضية أخرى، وتحوّل إلى كابوس حقيقي يرعب الأولياء ويشكل خطرا على صحة الأبناء قد يصل إلى حد الوفاة، حسب مختصين، شددوا على ضرورة التوعية بالتبعات الصحية لهذه التحديات التي تترصد المراهقين الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع.
ولقد لقي تحدي "البراسيتامول" الذي انطلق من دول أجنبية، صدى في أوساط المراهقين بالجزائر، حيث يقوم المشاركون فيه بابتلاع جرعات كبيرة من دواء "الباراسيتامول" في ما يعرف بـ"اختبار التحمل"، وسط ترويج خادع بأن من يتحمل أكثر يعد "فائزا"، غير أن الفوز هنا قد يكون تذكرة نحو الموت.
تهديد حقيقي للصحة العمومية
وحرك التحدي هيئات رسمية، التي دقت ناقوس الخطر في بيانات رسمية، في مقدمتهم وزارة الصحة التي حذرت من خطر انتشاره في شكل "ترند" يتم خلاله تناول الباراسيتامول دون إشراف طبي ولغير الغاية التي وجد لها وبجرعات مفرطة، خصوصا من طرف الشباب، مؤكدة في بيانها أن هذه الممارسات تشكل تهديدا حقيقيا للصحة العمومية، لما لها من آثار قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تصل إلى ما لا يحمد عقباه، داعية مدراء الصحة والصيادلة إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة، والمشاركة في حملة تظهر مساوئ الاستعمال السيء والمفرط لهذا الدواء دون مراعاة الشروط الطبية لاستعماله،
كما أبدت وزارة التربية قلقها العميق إزاء انتشار الظاهرة داخل المدارس، وطلبت من مديري المؤسسات التربوية تنظيم حملات تحسيسية للتلاميذ وأولياء الأمور، وهو الأمر الذي جعل جمعية الصيادلة أيضا تصدر بيانا، محذرة فيه من تفشي هذه الظاهرة، ووصفتها بـ"السخيفة والخطيرة"، مؤكدة أنها رصدت انتشار التحدي بين صفوف المراهقين عبر مواقع التواصل، منبهة الأولياء، والمربين، ومهنيي الصحة بالتحلي باليقظة والتحرك العاجل، فيما اعتبرت منظمة حماية المستهلك الظاهرة دخيلة وغريبة عن المجتمع الجزائري، مطالبة بتشديد الرقابة على بيعه لمن هم دون السن القانونية.
خوف شديد وسط الأولياء
و لاحظنا عند متابعة ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقات كثيرة لأولياء تفاعلوا مع الأخبار المتداولة حول "تحدي الباراسيتامول"، وعبروا عن خوفهم الشديد من تفشي هذه الظاهرة في صفوف التلاميذ والمراهقين، من بينهم السيدة ليلى، التي قالت في تعليقها بأنها لم تكن تعلم "بتحدي البراسيتامول"، إلى حين اكتشاف أقراص براسيتامول داخل محفظة ابنها، الذي اعترف بعد أن واجهته بالأمر، بأن بعض زملائه في المدرسة طلبوا منه المشاركة في تحد منتشر على تيك توك.
أما السيد فؤاد، أب لفتاة في الطور المتوسط، فأكد بأن ابنته عادت إلى البيت وهي في حالة نفسية سيئة جدا، والدموع تملأ مقلتيها لتروي له ما حدث لزميلتها خلال الاستراحة المدرسية، بعد أن تناولت عدة أقراص من الباراسيتامول، فيما كتب ولي آخر في تعليقه، قائلا "بات من الضروري مراقبة ما يشاهده الأبناء على هواتفهم، لا يمكن أن يتم تركهم يواجهون هذا الكم الهائل من المحتوى الخطير دون رقابة".
أعراض خطيرة ومضاعفات قاتلة
حذر المختص في الصحة العمومية الدكتور محمد كواش، من خطورة ما يعرف بـ "تحدي الباراسيتامول" الذي انتشر مؤخرا بين أوساط المراهقين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن التسمم بهذا الدواء قد تكون له عواقب وخيمة تصل إلى حد الوفاة.
وأوضح كواش، أن الباراسيتامول، رغم كونه من أكثر الأدوية استهلاكا ومبيعا في العالم بصفته مسكنا للآلام وخافضا للحرارة، إلا أن تناوله بشكل عشوائي ودون وصفة طبية يعد خطرا كبيرا، مضيفا أن الدواء يطرح في الأسواق بجرعات مختلفة، لكن التسمم يحصل عند تجاوز الجرعة الموصى بها، مشيرا إلى أن تناول ست حبات فقط، أي ما يعادل 6 غرامات، كفيل بإحداث تسمم حاد تظهر أعراضه بعد 24 ساعة من الاستهلاك.
وذكر المختص جملة من الأعراض التي قد ترافق حالات التسمم، أبرزها، آلام شديدة في المعدة، اضطرابات في التوازن، الغثيان، نزيف معوي، تلف حاد في خلايا الكبد، اختلال في وظائف الكلى قد يؤدي إلى القصور الكلوي، فضلا عن إمكانية الإصابة بأمراض في القلب والشرايين، وحتى الموت المفاجئ.
كما شدد المتحدث في سياق متصل، على أن التسمم الناتج عن الباراسيتامول من النوع غير العكسي، أي أن الشفاء منه صعب ومضاعفاته طويلة المدى.
"ترندات" قاتلة تستهدف فئة حساسة
ووصف كواش هذا "التحدي" بالترند القاتل الذي يستهدف فئة حساسة من المجتمع، وهم المراهقين والشباب، الذين يسهل التأثير عليهم نتيجة رغبتهم الظهور وجلب الانتباه.
متابعا بالقول، أن من يروجون لهذه التحديات مجرمون في حق هذه الفئة، فقد سبق بحسبه، استهدافهم بتحديات خطيرة مثل تسلق المرتفعات، التدخين، السهر المفرط، وها نحن اليوم أمام تحد أكثر فتكا، مشددا على ضرورة تحلي الأسرة بمسؤوليتها وتوعية الأبناء بمدى خطورة التحديات المنتشرة على مواقع التواصل، تفعيل الحوار داخل الأسرة للكشف المبكر عن أي سلوك غير طبيعي.
التطبيب الذاتي خطر قائم
وألح كواش على منع استهلاك أي دواء دون وصفة طبية، بما في ذلك الباراسيتامول، مشددا على أن "التطبيب الذاتي" بات ظاهرة خطيرة، تسببت في انتشار أمراض نادرة ويصعب علاجها وتستلزم تكاليف باهظة.
وفي حال ملاحظة أعراض التسمم، نصح المتحدث بتقديم الإسعافات الأولية بسرعة، من خلال مساعدة المصاب على التقيؤ، ثم إعطائه أدوية خاصة بامتصاص مفعول الباراسيتامول، إلى حين نقله لأقرب مرفق صحي لتلقي العناية اللازمة، محذرا من خطورة الاستهلاك العشوائي للأدوية والانجرار وراء الظواهر الاجتماعية السلبية، داعيا إلى ترسيخ ثقافة الوقاية والتربية الصحية في المجتمع، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والصحية في توعية التلاميذ بخطورة هذه التحديات.
استغلال الهشاشة النفسية والاجتماعية للمراهقين
وأكدت المختصة في علم الاجتماع، سارة زقاد بأن من أبرز سمات المجتمع الحديث هو التغير الدائم، وهذا التغير أصبح اليوم مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي، لا سيما في ظل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها تطبيق تيك توك.
فمنذ ظهوره، بحسب الأخصائية، أصبحت المجتمعات عرضة لظهور ترندات متتالية، كثير منها لا يخلو من الخطورة، بل يمكن وصف بعضها بالمرعبة، على غرار تحدي الباراسيتامول الذي يهدد حياة المراهقين بشكل مباشر.
وأوضحت زقاد أن هذا التحدي يقوم على تناول المراهقين كميات كبيرة من الباراسيتامول دفعة واحدة، بهدف اختبار قوة التحمل، دون أي اعتبار للخصوصيات الفسيولوجية لكل فرد أو لقدرة الجسم على تحمل مثل هذا التسمم الخطير، فالخبراء والأطباء بحسبها مجمعون على أن الباراسيتامول لا يمنح الشعور بالنشوة أو التخدير كما تفعل المخدرات، بل يُعد تناوله المفرط سببا مباشرا لتسمم حاد، وقد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات قليلة.
وترى الأخصائية أن انتشار هذا التحدي بين فئة عمرية معينة، خاصة فئة المراهقين، لا يمكن فصله عن ما تعانيه هذه الفئة من هشاشة نفسية واجتماعية، فالمراهقون هم الأكثر عرضة للتأثر بالضغط الاجتماعي الذي تمارسه الأسرة، المدرسة، والمجتمع بشكل عام، ويبحثون دائما عن فضاء بديل يعبرون فيه عن أنفسهم، ويجدون فيه من يشبههم ويشاركهم أزماتهم، وفي منصات التواصل الاجتماعي، يجدون ذلك الفضاء الذي يفتح لهم المجال لخوض تجارب جديدة، ولو كانت خطيرة، لإثبات الذات أو التمرد على القواعد الاجتماعية.
ثقافة جماعة الأقران والضغط الاجتماعي الرقمي
تؤكد زقاد أن الانخراط في مثل هذه التحديات ناتج أيضا عن رغبة المراهق في الانتماء إلى جماعة الأقران، وهي جماعة عمرية لها تأثير كبير في توجيه السلوك، فالانضمام إلى مثل هذه الجماعات يكون مشروطا بالخضوع لقواعدها، والتي قد تشمل خوض تحديات خطيرة، كالباراسيتامول، ورغم إدراك المراهقين، تضيف الأخصائية، لمخاطر هذه السلوكيات، إلا أنهم يفضّلون تحدي الخطر بدل الشعور بالعزلة أو الرفض.
وأشارت الأخصائية إلى أن الجيل الحالي، المسمى بـجيل زد، هو جيل نشأ في ظل الثورة الرقمية والتكنولوجيا الحديثة، فقد تفتح على مختلف الثقافات العالمية دون وجود ضوابط واضحة تنظم هذا الانفتاح. فنلاحظ تأثره بالموضات، وأنماط اللباس، وطريقة الكلام، وحتى التصرفات اليومية، بحسبهاهذا ما جعل سلوكياته تختلف جذريا عن الأجيال السابقة، وتتمرد على كثير من القيم الاجتماعية والدينية التقليدية.
وتحذر زقاد من أن بعض أساليب التربية الحديثة قد تتحول إلى سلاح ذو حدين، فمحاولة الأولياء بناء شخصية مستقلة لأبنائهم، عبر منحهم حرية مفرطة دون ضوابط، قد يؤدي في النهاية إلى نوع من الانفلات السلوكي.
وشددت المتحدثة، على ضرورة تفعيل الرقابة الأسرية الاستباقية، ورصد التحديات المنتشرة، والتأكد من مدى ارتباطها بالفئة العمرية لأبنائهم، فإذا كان التحدي موجّها للمراهقين، وجب اتخاذ كافة إجراءات الوقاية والمراقبة وتكثيف الحوار الأسري حول مخاطره.
لينة دلول