توجت صورة فوتوغرافية جزائرية، التقطها المصور ياسين إيمادالو العامل بشركة اتصالات الجزائر، ضمن أفضل عشر صور عالميا في مسابقة صور القمة العالمية لمجتمع المعلومات 2025، التي تم الإعلان عن نتائجها هذا الخميس بالعاصمة السويسرية جنيف.
وبحسب بيان من الصفحة الرسمية لوزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، جرى حفل التكريم بحضور سيد علي زروقي، وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، الذي قدم تهانيه الخالصة للمصور المتوج، معربا عن فخره واعتزازه بهذا الإنجاز الذي يعكس الإمكانيات الإبداعية الكبيرة للشباب الجزائري، ويبرهن على قدرته في التميز في المحافل الدولية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والفن.
وحملت الصورة الفائزة عنوان «في قمة الاتصالات»، وهي عمل فوتوغرافي مميز يخلد جهود تقنيي اتصالات الجزائر، ومن خلالهم تقنيي مختلف المتعاملين، الذين يضمنون استمرارية خدمات الاتصالات في جميع أنحاء الوطن، حتى في أصعب وأقسى الظروف. وتظهر الصورة أحد التقنيين وهو يباشر تدخله فوق هوائي شاهق الارتفاع، في مشهد يختزل التفاني والاحترافية في أداء المهام الحيوية، بعيدًا عن الأضواء.
وقد شهدت هذه الطبعة من المسابقة مشاركة مئات الصور من مختلف دول العالم، أبرزت كيف تساهم تكنولوجيات الإعلام والاتصال في دعم أهداف التنمية المستدامة، من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات وربطهم بالعالم الرقمي.
ويعد هذا التتويج شهادة عالمية على أن الصورة الجزائرية قادرة على المنافسة والتميز، حين تكون حاملة لقيم الالتزام والابتكار، ومعبرة عن واقع يومي مليء بالتحديات والقصص الإنسانية العميقة.
رضا حلاس
كرمت المؤسسة الوطنية للاتصال، النشر والإشهار «أناب» أول أمس الخميس الكاتبة والباحثة الجزائرية في تاريخ فن الطبخ، ياسمينة سلام، احتفاء بتتويجها العالمي بجائزة ‹› Gourmand World Cookbook Awards 2025’’، في فئة «الكتاب ذو الموضوع الواحد»، عن مؤلفها المميز: «الكسكسي، جذور وألوان الجزائر»، في البرتغال.
الاحتفالية التي جرت في أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز، ترأسها الرئيس المدير العام للمؤسسة، مسعود ألغم، وشهدت حضور عدد من الضيوف والصحفيين، حيث قُدّم درع تكريمي للمؤلفة، تقديرا لعطائها العلمي والثقافي، وإسهامها في تثمين التراث الجزائري من خلال مشروعها التوثيقي الرائد.
وفي كلمة له قال السيد ألغم بأن «هذا التتويج ليس فوزا شخصيا فحسب، بل هو انتصار للثقافة الجزائرية»، مشيدا بشغف ياسمينة سلام وبحثها الدؤوب عن عمق الجذور، ومثمنا روح التعاون التي جمعتها مع مؤسسة ‹› أناب ‹› التي احتضنت مشروعها منذ بداياته.
العمل الحائز على الجائزة، «الكسكسي، جذور وألوان الجزائر»ليس مجرد كتاب طبخ، بل هو دراسة أنثروبولوجية وتاريخية شاملة تغوص في أعماق الذاكرة الجماعية الجزائرية من خلال طبق الكسكسي، أحد أهم رموز الهوية الوطنية، وقد صدر عن منشورات «أناب»، ويعكس سنوات من البحث الميداني والدراسات الأكاديمية، التي جعلت من هذا المؤلف نموذجا في التوثيق الثقافي والغذائي.
وبحسب الكاتبة، فإن الكسكس ليس مجرّد أكلة، بل هو أداة سردية تحمل في طيّاتها حكايات الشعب الجزائري، وتُعبّر عن تنوعه الجغرافي والعرقي والروحي، مشيرة إلى أن لكل منطقة طريقتها ونكهتها، ولكل مناسبة طبقها الخاص من الكسكس، من النسخ الحلوة إلى الحارة، وأبرزت بأن تعدد التفاصيل لكن الجوهر يبقى واحد وهو الهوية والكرامة والمشاركة.
وفي عرضها الذي قدمته خلال الحفل، أوضحت ياسمينة سلام، أن مشروعها انطلق من قناعة راسخة بأهمية توثيق الموروث الغذائي كجزء من الهوية الوطنية، وقالت: «الكسكسي ليس فقط ما نأكله، بل هو ما نعيش به، نحتفل به، نحزن به، ونتواصل به عبر الأجيال».
ولفتت إلى أن الكتاب يعتمد على مقاربة تجمع بين التحليل التاريخي، والرصد الاجتماعي، والتوثيق الشفهي، حيث أدلت شخصيات من القرى والبوادي الجزائرية بشهادات حول كيفية تحضير الكسكس، ومتى ولماذا يُطهى، مؤكدة أن إعداد هذا الكتاب كان ثمرة عمل جماعي، وشكرت مؤسسة ‹› أناب ‹› على الدعم الذي وفرته، وأشارت إلى أن فوزها بالجائزة لم يكن ليحدث لولا «الاحترافية والجدية التي ميّزت مراحل إعداد وطباعة هذا المؤلف».
رحلة في الزمن عبر الكسكسي
يتتبع الكتاب تاريخ الكسكس منذ العصور القديمة، مشيرا إلى وجود إشارات له في نصوص تعود إلى القرن السادس عشر، مثل وصف الرحالة ليون الإفريقي الذي تحدّث عن طعام «يُعد من دقيق يُحوّل إلى حبيبات صغيرة تُطهى بالبخار»، وهي ذات التقنية التي لا تزال مستخدمة في شمال إفريقيا.
وقد خُصص جزء كبير من الكتاب لمرحلة الاستعمار الفرنسي، حيث سجل المستعمرون كثيرا من ممارسات المطبخ الجزائري، واستفادت المؤلفة من تلك الوثائق، دون أن تهمل الشهادات الشعبية التي شكلت العمود الفقري لمشروعها، معتبرة أن الرواية الشفوية لا تقل أهمية عن النصوص المكتوبة، بل تمنح البعد الإنساني والثقافي الحقيقي.
ومن بين المحاور المهمة التي يعالجها الكتاب هو البُعد الدولي للكسكسي، حيث تطرقت سلام إلى إدراج هذا الطبق ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية سنة 2020، بجهود مشتركة بين الجزائر وبلدان المغرب العربي، معتبرة أن هذا الاعتراف ليس مجرد احتفاء رمزي، بل مسؤولية أخلاقية وثقافية للحفاظ على هذا الموروث وتوريثه للأجيال القادمة.وصرحت بأن حضور الكسكس في المحافل الدولية، وتزايد الإقبال عليه في كبرى العواصم العالمية، لا يعكس فقط لذة الطعم، بل يترجم الحنين الجماعي إلى الجذور، و»رغبة العالم في التعرف على ثقافة الشعوب من خلال مطابخها».بفضل خلفيتها الأكاديمية في الزراعة وفن الطبخ، جمعت ياسمينة سلام بين المنهج العلمي والتجربة الشخصية، مما منح الكتاب ثراء نادرا، فهي لم تكتب فقط عن الكسكس، بل «عاشت معه»، كما تقول، وكانت جزءا من مجتمعه ومناسباته.ويحتوي الكتاب على جزء مخصص للوصفات، حيث استعرضت الكاتبة عشرات الطرق لتحضير الكسكس عبر مختلف المناطق الجزائرية، مشيرة إلى أن كل وصفة تحمل طابعا ثقافيًا فريدا، يعكس البيئة التي نشأت فيها.
الكسكسي... ذاكرة شعب
الكتاب جاء ممهورا بتوطئة علمية كتبها الباحث في التاريخ والآثار عبد الرحمان خليفة، الذي اعتبر أن إعداد كتاب عن الكسكس هو «مغامرة فكرية وثقافية شاقة»، نظرا لتشعب تاريخه وغموض أصوله، وذكّر بتعدد أسماء وأشكال الكسكس عبر العالم، من نغومو في موريتانيا، إلى أتييكي في ساحل العاج، وصولا إلى كوزكوز في البرازيل.
وأوضح السيد خليفة، وهو مؤلف للعديد من الإصدارات حول التراث الثقافي الجزائري، أن المؤلفة تنتمي إلى تقليد شعبي أصيل، حيث امتهنت بنفسها تحضير الكسكس يدويا، وتعلمته من بيئتها الأصلية في منطقة ميلة بشرق البلاد، وأكد أن الكتاب يتجاوز التوثيق التقني، إلى استعادة الذاكرة الجماعية، وتكريس روح العيش الجماعي، التي يمثلها هذا الطبق.في مقدمة الكتاب، عبرت الكاتبة عن وعيها المبكر بـ «الكسكسي كحامل للهوية»، وكتبت: «هو أكثر من طعام، هو لغة اجتماعية وروحية»، مشيرة إلى أن كل تفصيلة في تحضيره تمثل رمزا عميقا : من اختيار الحبوب، إلى تقنيات الدحدحة والتبخير، وحتى طقوس تقديمه ومشاركته.
وأكدت أن الكسكسي الجزائري هو الأكثر أصالة، لأنه حافظ على تقنية الدحدحة اليدوية أو ما يعرف باللسان الدارج ‘’ الفتيل ‘’ (التفتيل)، ونُقل من جيل إلى جيل عبر نساء جزائريات حرصن على حفظ هذا الفن بكل دقائقه.
وأضافت أن الكسكسي يمثل «التوازن الغذائي والروحي»، وأنه يجمع بين البساطة والعمق، بين الجماعة والفرد، وبين الحاضر والماضي.واستنادا إلى الوثائق التي جمعتها، تتبعت ياسمينة سلام ظهور الكسكس في كتب الرحالة، وكتب الطبخ الأوروبية، والوثائق الاستعمارية، كما اعتمدت على أدوات أثرية تعود إلى القرون الوسطى.
ومن بين الروايات اللافتة التي تضمنها الكتاب، قصة ابن خلدون الذي أجاب تيمورلنك عندما سأله عن موطنه قائلا: «أتيت من بلد في شمال إفريقيا، حيث نحفّ الرؤوس، ونلبس البرنوس، ونأكل الكسكسي».ولم تُغفل المؤلفة البعد الرمزي للكسكسي كأداة مقاومة ثقافية في وجه محاولات طمس الهوية خلال الاستعمار الفرنسي، فالحفاظ على هذا الطبق كان في ذاته – كما ذكرت - شكلا من المقاومة الصامتة، وإعلانا للانتماء، مشيرة إلى أن الطهاة الجزائريين حازوا على جوائز عالمية بفضل وصفات الكسكس، وهو ما يؤكد حضوره على الساحة الدولية كرمز أصيل. من خلال هذا الكتاب، تؤكد الكاتبة أن التراث ليس مجرد ماضٍ نتغنى به، بل هو أداة فعالة لبناء الحاضر وصياغة المستقبل، فحين يُوثق الكسكس بهذا العمق، يصبح وسيلة للتعليم، والدبلوماسية الثقافية، وحوار الحضارات. وهو ما يجعل من كتاب «الكسكسي، جذور وألوان الجزائر» مرجعا ثقافيا، يُمكن للمدارس، والجامعات، والمطاعم، ومراكز البحوث، وحتى البعثات الدبلوماسية، أن تعتمد عليه في التعريف بثقافة الجزائر.
إن تتويج ياسمينة سلام بجائزة «غورماند» العالمية، ليس انتصارا شخصيا فحسب، بل شهادة دولية على ثراء الهوية الجزائرية، وعلى قدرة الثقافة المحلية، حين تُروى بصدق وعلم، أن تعبر القارات وتصل إلى قلوب الناس في كل العالم، والكسكسي، كما قدمته سلام، ليس مجرد طبق، بل ذاكرة شعب، وجسر بين الأجيال. عبد الحكيم أسابع
تثير الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها المهندس المعماري أحمد ونجلي على صفحته في موقع فيسبوك، فضول وإعجاب عدد كبير من المهتمين بالهندسة المعمارية وجمالية المحيط العمراني في الجزائر، فهو يقدم محتوى بصريا، يتمثل في تصاميم متميزة لواجهات العمارات، مداخل المدن، والمحلات التجارية، وحتى الفضاءات العمومية، ويحرص على المزج بين الحداثة والرقي من جهة، والطابع الطبيعي والبيئي من جهة أخرى، ما يمنح أعماله ميزة فنية خاصة تعكس ذوقا رفيعا ورؤية معمارية متكاملة.
يلهم 33 ألف متابع لحسابه على فيسبوك
يعد أحمد، البالغ من العمر 33 سنة، واحدا من بين الشباب الجزائريين الرائدين في مجال التصميم المعماري الرقمي والاهتمام بالمحيط العمراني المحلي، حيث استطاع أن يجمع حوله أكثر من 33 ألف متابع على صفحته، غالبيتهم من المهتمين والمحبين للهندسة المعمارية والفنون البصرية.
ويجد هؤلاء في ما ينشره المهندس الشاب من أفكار تصميمية مبتكرة ومقترحات تطويرية للمحيط، مصدر إلهام وتحفيز، خاصة وأنه لا يكتفي بعرض الصور فقط، بل يرفقها بتفاصيل تقنية دقيقة و شروحات تبين جمال التصميم ودقة التنفيذ. ما يميز صفحة أحمد على مواقع التواصل الاجتماعي، هو أسلوبه الخاص في عرض التصاميم، حيث يعتمد على المقارنة بين وضعية المكان قبل وبعد إعادة تصميمه.
ويستخدم في ذلك برامج احترافية في التصميم الثلاثي الأبعاد، مثل SketchUp وLumion، مما يمنح المتابع تصورا واقعيا وواضحا للتحول الحاصل على الفضاءات المعمارية التي يعمل عليها. ومن خلال هذه المقارنات، يظهر أحمد كيف يمكن لتغييرات بسيطة ومدروسة أن تحدث فرقا كبيرا في جمالية المكان ووظيفته، وقد لاحظنا، من خلال تصفحنا لمحتوى صفحته، أن غالبية منشوراته تحظى بتفاعل واسع وإعجاب كبير من متابعيه، سواء من العامة أو من المتخصصين في المجال، إذ يثنون على احترافيته ورقي طرحه وحبه الكبير لوطنه الذي يتجلى في كل تصميم يعكس الهوية الجزائرية، سواء من خلال إدراج عناصر تراثية محلية، أو من التركيز على البساطة المتناغمة مع لمسات الطبيعة. ومما رصدناه كذلك، فإن فضاء أحمد الرقمي لا يقتصر فقط على كونه نافذة لعرض إبداعاته المعمارية، بل أصبح منصة تحفيزية أيضا، يقدم من خلالها نصائح قيمة ومحفزة للشباب المقبلين على خوض غمار العمل الحر أو أولئك المهتمين بالهندسة المعمارية والتصميم البيئي. كما يسعى من خلال منشوراته إلى زيادة ثقافة التذوق الجمالي والوعي العمراني، والدعوة إلى المحافظة على المحيط وإعادة الاعتبار للفضاءات العامة.
الهندسة للجميع
أكد أحمد ونجلي، بأنه تخرج من قسم الهندسة المعمارية بجامعة عبد الحميد بن باديس بمستغانم، ويقيم حاليا بنفس المدينة، حيث يزاول عمله كمهندس معماري في مكتب دراسات خاص، إلى جانب إشرافه مع شقيقه على شركة متخصصة في إنجاز المشاريع المعمارية وأشغال البناء.
وعن بداياته في عالم المحتوى الرقمي، أوضح أحمد أن انطلاقته الفعلية لم تكن على موقع فيسبوك كما يظن البعض، بل على منصة تيك توك التي وجد فيها فضاء مناسبا لتقديم محتوى هندسي مبسط يفهمه الجميع بعيدا عن المصطلحات التقنية المعقدة.
كانت الفكرة الأساسية حسبه، أن يرى الناس الأماكن بعيون المهندس المعماري، وأن تتغذى حاستهم الجمالية عبر أمثلة بصرية واقعية.
وأكد المتحدث، أنه لم يكن يتوقع هذا التفاعل الكبير في وقت قصير، إذ تمكن من بلوغ نصف مليون متابع على التيك توك، وتحصلت مقاطع الفيديو التي ينشرها على ملايين المشاهدات، وهو ما اعتبره دليلا واضحا على تعطش الجمهور الجزائري لمحتوى بصري جميل وهادف في آن واحد.دفعه هذا النجاح الواسع لاحقا إلى التوسع نحو منصات أخرى مثل فيسبوك وإنستغرام، من أجل زيادة حجم قاعدة التفاعل ومشاركة أفكاره مع جمهور أكثر تنوعا.
التصميم المعماري يؤثر على جودة الحياة التي نعيشها
ويرى المهندس، أن العمارة ليست مجرد رسومات ومخططات، بل هي فن وثقافة وهوية، لذلك يسعى من خلال محتواه إلى إيصال رسالة مفادها أن العمارة تمس كل جوانب الحياة اليومية.
مضيفا بالقول :»نريد أن ندفع المواطنين لرؤية المدن والأحياء من منظور مختلف، وتفهم كيف يؤثر التصميم المعماري على جودة الحياة التي نعيشها يوميا». وعن اختياره للمواضيع التي يطرحها، أوضح أنه يعتمد أساسا على ما يراه ويلاحظه ميدانيا، من إشكالات عمرانية حقيقية يعيشها المواطن، كما يستفيد أحيانا من اقتراحات وتعليقات المتابعين، خاصة تلك التي تحمل أفكارا تستحق التناول والنقاش. وأشار، إلى أنه يحرص على تبسيط المفاهيم الهندسية، من خلال الصور، والمقارنات، والفيديوهات التوضيحية، وحتى الأسلوب السردي البسيط الذي يجعل أي شخص سواء كان مختصا أو مواطنا عاديا قادرا على فهم الفكرة واستيعاب الرسالة.
ويضيف المهندس، أن ما لمسه من تفاعل إيجابي من قبل المتابعين كان بمثابة حافز معنوي كبير، حيث تلقى العديد من الرسائل من طلاب جامعيين وحتى أشخاص بعيدين عن مجال الهندسة، يؤكدون فيها أن المحتوى الذي يقدمه غير نظرتهم لهذا التخصص، بل ودفع البعض منهم إلى التفكير في الالتحاق بشعبة الهندسة المعمارية. وقال، إنه شعر أكثر من مرة بأن ما ينشره من محتوى استطاع بالفعل أن يغير نظرة المجتمع نحو مهنة المهندس، مضيفا أنه عندما يبدأ الناس في إدراك أن دور المهندس لا يقتصر على رسم المخططات، بل يشمل أيضا تحسين نوعية الحياة، فإن آفاقهم تتسع وتتغير رؤيتهم للفضاء العمراني.
وعن طموحاته المستقبلية، أكد أحمد أنه يتطلع إلى أن يكون للمحتوى الذي يصنعه دور فعال في نشر ثقافة عمرانية إيجابية، وخلق نوع من الضغط الإيجابي على الواقع العمراني في الجزائر، من خلال توعية المجتمع وتحفيزه على المطالبة بجودة أكبر في التصميم. متابعا بالقول، أطمح إلى بناء وعي جماعي يجعل من تحسين محيطنا السكني والمعماري مسؤولية مشتركة، تؤسس لمدن أجمل وأكثر إنسانيةوقال أحمد، بأنه تمكن من ترسيخ اسمه كأحد الأصوات الشابة الصاعدة في مجال الهندسة المعمارية الرقمية في الجزائر، مقدما نموذجا ملهما على كيفية تسخير أدوات العصر الرقمي في خدمة الجمال والعمران، وبأسلوب يجمع بين الاحترافية، الشغف، وحب الوطن.
لينة دلول
تُوجت جامعة صالح بوبنيدر، قسنطينة 03، أمس الأول، كثاني أفضل جامعة على المستوى الوطني لمساهمتها في تنشيط الحياة الطلابية خلال الموسم الجامعي 2024-2025.
وقد كُرم ممثلوها عن المديرية الفرعية للأنشطة العلمية والثقافية والرياضية من طرف مديرة الحياة الطلابية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي آسيا صحراوي، خلال اللقاء الوطني التقييمي للأنشطة العلمية والثقافية والرياضية بالمدينة الجامعية بالطارف، هذا حسب ما جاء عبر الصفحة الرسمية للمديرية الفرعية للأنشطة لجامعة قسنطينة 03.
وعرفت الجامعة المتوجة نشاطات عديدة خلال العام الدراسي المنصرم على غرار تنظيم مهرجان المسرح الجامعي الذي عرف مشاركة واسعة لعدة دول عربية على غرار ليبيا وتونس، بالإضافة إلى ورشات تكوينية حضرها طلبة استفادوا من خبرات وتجارب مكونين في المسرح، السيناريو، والسينوغرافيا.
بالإضافة إلى النشاط اللافت للأندية العلمية والثقافية والرياضية من خلال المشاركة في مسابقات وطنية وفوزهم بجوائز، منها تحصل فيلم «همة» لطلبة من نادي التواصل على جائزة «ميلاف» البرونزية في المسابقة الوطنية الجامعية لأفلام الموبايل، وتتويج الطالب ضيف الله التيجاني عضو النادي نفسه بجائزة محافظة المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط الإذاعي في طبعتها الخامسة بمديرية الخدمات الجامعية خنشلة.
أما في المسابقات الرياضية فقد كُرمت الطالبة شيماء مرزوق من جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03 خلال فعاليات الحفل الختامي للأنشطة الوطنية الجامعية الذي استضافته المدينة الجامعية غليزان، نظير تحصلها على الميدالية البرونزية مع المنتخب الوطني أكابر «لتنس» الطاولة في البطولة الافريقية بـ»أديس ابابا» دولة أثيوبيا.
يُذكر أن جامعة قسنطينة 03 احتلت مؤخرا المرتبة الثالثة ضمن جدول ترتيب الميداليات في الطبعة الخامسة للبطولة الوطنية الجامعية للسباحة، وحقق فريقها 03 ميداليات ذهبية، و04 فضية، وميدالية برونزية.
إيناس كبير
توّج الأسبوع الماضي، الطالب الكفيف محمد راهم، ابن مدينة بئر العاتر ولاية تبسة، بجامعة محمد خيضر ببسكرة، بشهادة الدكتوراه الموسومة بـ “ تحولات الخطاب الديداكتيكي بالمدرسة الجزائرية وانعاكاساته على تعليمية اللغة العربية ـ السنة الثالثة من التعليم الثانوي أنموذجا ـ، بملاحظة مشرف جدا، بعد أن استغرق 7 سنوات من البحث.
لم تنعدم رؤية محمد لحلمه وطموحه الذي لطالما سعى إليه، وسهِر الليالي ليجني ثماره بالحصول على الدكتوراه، بعد أن تسلح بإرادة وعزيمة قويتين، عنوانهما الإصرار والتحدي والهمة، نحو تحقيق إنجاز يضاف إلى إنجازات أبناء الوطن العزيز، ليبعث برسالة إلى العالم، بأن الإعاقة لا تبرر تقاعس العطاء.
الدكتور محمد، الذي شاركته النصر، فرحة حصوله على شهادة الدكتوراه، يحمل طاقات إبداعية كبيرة ويعد نموذجا متميزا، مضيفا أنه بعد نجاحه في مسابقة الدكتوراه، بدأ بتحضير الرسالة، واستعان بمرافقة بعض الأصدقاء طوال دراسته بالجامعة ورحلته البحثية إلى الخارج، وبعد عودته للمنزل يظل مع أصدقائه لتزويده بالمعلومات من أجل المذاكرة والتحصيل. الدكتور محمد راهم، يقول أنه حاول في أطروحته الكشف عن أثر التحول الذي عرفته المدرسة الجزائرية من خطاب ديداكتيكي الأهداف إلى خطاب ديداكتيكي الكفاءات، على واقع تعليم اللغة العربية بأقسام البكالوريا، وقد دعم الباحث هذه الدراسة النظرية بدراسة ميدانية، شملت أسئلة وجهها لأساتذة ثانويات ولاية تبسة، الذين درّسوا مادة اللغة العربية بأقسام البكالوريا وفق هذين الخطابين المذكورين، مضيفا أن حصوله على شهادة الدكتوراه لم يكن سهلا،
فقد مرّ الدكتور محمد راهم بصعوبات كبيرة، لعل أبرزها قلة المساعدة، وصعوبة التنقل والقراءة، ولكنه رغم ذلك استطاع أن يتجاوز كل هذه المصاعب والمتاعب، وينجز بحثه وينال شهادته، وخلص محمد إلى القول بأن الإرادة والتحدي يغلبان الإعاقة، و أنه لا يوجد في العالم شخص معاق، بل حسبه المجتمع هو الذي يعيق، موجها الشكر لكل من أعانه للوصول إلى هذا المستوى، وفي مقدمة ذلك والديه، وأخيه الدكتور راهم فريد، والمشرف الدكتور الأمين ملاوي، وبعض الأصدقاء ومنهم لخضر دحداح، مراد براهمي، رشيد مجاهدي، أيمن فرحان، ويأمل أن يتحصل على منصب في جامعة الشيخ العربي التبسي بتبسة بحكم قربها من مسقط رأسه ليبدأ حياته العلمية وبناء أسرة. محمد راهم، يقول للنصر، أنه فقد بصره منذ ولادته، حيث لاحظ والداه بأنه لا يتمكن من رؤية الأشياء من حوله، مما دفع بوالديه إلى عرضه على طبيب العيون الذي قام بفحصه للتأكد من سلامة بصره، ولكن شاءت حكمة الله أن يكون فاقدا للبصر حسب ما أكده الطبيب المعالج، وهو مطمئن أشد الاطمئنان لقضاء الله تعالى، مضيفا بأنه تربى في كنف والديه، الذين كانا لهما الدور الكبير في تجاوزه للعقبات التي صادفها في حياته إذ كانت تغمره سعادة وفرحة عامرة حينما كان يلعب سويا معهما وكأنه يبصرهما من دون أن يحسسنه بأنه فاقد البصر.
أمي منبع سعادتي..
ويضيف محمد بأن والدته تعني له كل شيء في هذه الحياة، وكان أمله هو رؤية وجهها ولو لبضع دقائق، ولشدة تعلقه بها فقد رسم لها صورة جميلة في مخيلته، ولا يتوقف لحظة عن الدعاء لها بطول العمر، وأن يمتعها الله بالصحة والعافية، وأن تبقى له ذخرا في مستقبل الأيام، شاكرا على ما قدمته وتقدمه له من تربية حسنة، ورعاية كريمة، فهي صاحبة القلب الكبير والصدر الحنون، فهي الأم، والأخت، والصديقة، التي لن يتمكن من رد ولو جزء بسيط من فضائلها عليه.
يقول محمد أنه عندما اشتد عوده أخذ يسعى جاهدا للتعلم والالتحاق بمدرسة خاصة بالمكفوفين لكي يتمكن من القراءة، لكن للأسف لم تتوافر مدارس خاصة بالمكفوفين في مدينته بئر العاتر، ولم تيأس أسرته، بل بحثت عن المدارس التي تدرس فئة المكفوفين، فوجد ضالته في مدرسة المكفوفين بولاية أم البواقي أين وفق في الالتحاق بهذه المدرسة، واستقبله مديرها وجميع الأساتذة العاملين بها بكل حفاوة وترحيب، وتمكن من مواصلة دراسته بفضل التحدي الذي هو سلاحه، ومساعدة الأسرة الفاضلة وبعض الأصدقاء الأعزاء.
ويشير محمد إلى أنه بعد نجاحه وبتفوق في شهادة التعليم المتوسط، قرر العودة إلى مسقط رأسه بئر العاتر لمواصلة دراسته الثانوية أين وجد كل الترحاب والمساعدة من قبل الطاقم التربوي والإداري بثانوية فارس الطاهر وزملائه الطلبة الذين يكنون له حبا عجيبا، واعتمد محمد في دراسته على التركيز والانتباه للأساتذة أثناء الشرح، ويسجل كل ما يقولون بطريقة البراي، وعند عودته إلى البيت يراجع ما كتبه، ويحاول أن يستحضر ما نساه من شرح الأساتذة، ويستعين بأفراد أسرته في الإملاء وقراءة الكتب، والمراجع المتعلقة بالمقرر الدراسي وهذا من باب الاستزادة وزيادة الفهم.
وتحدث محمد عن هواياته ويقول في هذا الشأن “ إن الله منحني هوايات متعددة لم يمنحها لمن هم يبصرون، وذلك فضل من الله يأتيه من يشاء، ومن هذه الهوايات اكتشافي لموهبة الشعر، وأشهر ما كتبت قصيدة سميتها “ أوصاف شاعر”، وقصيدة أخرى موزونة اخترت لها عنوان “ أهل الشعر”، ومن أجمل ما قلته في هذه القصيدة التي أعتبرها تجسيدا لعودتي الميمونة لكتابة الشعر :
يا سامع المدح مني في تميزهم
هم الرياض التي غنى بها الشجر
والله ما نسجوا وصفا بقافية
إلا وكان مقاما مثل ما ذكروا
قالوا بمن لا ترى بهذي فقلت
بمن لهم على كل شبر من فمي أثر
أقولها وغرام الشعر تشرق من
بلاغة الشعراء جهرا لمن حضروا
إن الفؤاد إذا استدعت مواجعه
يرى بحكمته ما لا يرى البصر
ويتمتع الدكتور محمد بموهبة العزف على آلة “ البيانو” حيث قال “ أتفنن في استعمال البيانو بتميز كبير وهذا بشهادة الجميع، وهو ما سمح لي بالمشاركة في العديد من المسابقات والمهرجانات التي نظمت داخل الولاية وخارجها، وقد نلت استحسان كل من حضر”، وكغيره من الشباب فإن لمحمد راهم طموحات مستقبلية يتمنى أن تتحقق، وهو عازم على تحقيقها وهو أن يصبح أستاذا جامعيا، وعازفا بارعا، وشاعرا مفوها.
وفي ختام حديثه وجه محمد النصح لزملائه الطلبة، بضرورة الاجتهاد والمثابرة، شاكرا الله تعالى على جزيل عطائه وعظيم توفيقه، دون أن ينسى جريدة النصر التي أتاحت له فرصة الظهور على صفحاتها، كما يشكر كل من ساعده في دراسته من قريب أو بعيد.
عبد العزيز نصيب
شهدت قاعة المحاضرات بقصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة صباح أمس، أجواء روحانية مؤثرة خلال حفل تكريم 58 طالبا وطالبة من الدفعة الثانية من حفظة القرآن الكريم لجمعية الإمام عبد الحميد ابن باديس للقراءات وعلومها، والتي حملت اسم المرحوم فضيلة الدكتور المقرئ عبد الهادي لعقاب، أحد رجالات القرآن البارزين، في مبادرة جمعت بين الاعتراف بجميل العلماء وتشجيع الأجيال الصاعدة على السير على ذات الدرب.
وافتتحت فعاليات الحفل بكلمة ألقاها الأستاذ الدكتور محمد بوركاب، رئيس الجمعية، ذكر فيها بأهمية القرآن الكريم في بناء شخصية المسلم، مؤكدا على التزام الجمعية بتنشئة جيل يحمل القرآن بقلبه وعقله، ويتصل بسند متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تلتها مداخلات كل من الدكتور ناصري والدكتور واعليلي، اللذان استحضرا خصال الفقيد العلمية والأخلاقية، واستعرضا جهوده في خدمة كتاب الله وتعليم القراءات، ليتم عقبها تتويج 58 طالبا وطالبة من مختلف الفئات العمرية، منهم من ختم القرآن الكريم كاملا بالسند المتصل، ومنهم من قطع شوطا كبيرا بحفظ 45 حزبا، أو نصف المصحف، أو ربعه، أو سورتي البقرة وآل عمران، أو جزئي عم وتبارك.
ففي فئة الناشئة «1» نال الطالبان إبراهيم بوضياف ومحمد منصف حملاوي بوضياف المرتبة الأولى بدرجة امتياز، بينما أحرز الطالبان ياسر عبد الرحمن بوهالي وعبد البارئ خيط الصدارة في فئة الناشئة «1»، أما في صفوف المتفوقات، فقد تألقت الطالبتان إكرام عبد الحي ونور الهدى جبير منصف في فئة الناشئة «1»، في حين افتكت المرتبة الأولى في فئة الناشئة «2» كل من رنيم فرح ميلي وزينب بوطهرة.
وعبر الطفل ياسر عبد الرحمن بوهالي، المتحصل على المرتبة الأولى عن فئة الناشئة «2 وهو يعتلي منصة التتويج، في كلمة مؤثرة عن اعتزازه العميق بهذا التكريم، ووجه شكره الخالص لكل القائمين على الجمعية لما قدموه من دعم وتعليم وتوجيه، ولم ينس أن يهدي هذا التفوق إلى والديه، اعترافا بفضلهما ودعمهما المتواصل في رحلته مع القرآن.
وفي تصريح للنصر على هامش الحفل، عبر الأستاذ الدكتور محمد بوركاب، رئيس جمعية الإمام عبد الحميد ابن باديس للقراءات وعلومها، عن فخره الكبير بما حققه الطلبة من إنجازات مباركة في حفظ كتاب الله، مشيدا بالجهود الجبارة التي يبذلونها، والتي تعكس إرادة قوية وتربية راسخة على حب القرآن الكريم، مضيفا بأن الجمعية ستواصل مسيرتها في احتضان وتكوين النشء القرآني، سعيا لتخريج جيل متصل بالقيم والأصالة.
وأقيم الحفل، الذي تخلله وصلات لتجويد القرآن الكريم قدمها عدد من الطلبة المتفوقين، بحضور ثلة من العلماء والأساتذة وأهل القرآن، على غرار الدكتور جمال ناصري، رئيس المجلس العلمي لمديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية قسنطينة، والشيخ مقرئ جامع الجزائر الدكتور حسين واعليلي، إلى جانب أخ ووالدة الراحل عبد الهادي لعقاب، التي عبرت بعد تكريم العائلة عن امتنانها للجمعية على هذه الالتفاتة التي تحفظ سيرة ابنها وتخلد أثره الطيب.
رضا حلاس
صُدم متابعون من التناول الالكتروني لجرائم حصلت مؤخرا، وقد ركزت أغلب المنشورات المتداولة على صفحات وحسابات على وصف حيثيات تنفيذ الجريمة، ولم يجر الحديث حول القتل المتعارف عليه فقط بل وجد المتلقي نفسه أمام إعادة تصوير مشاهد بشعة مثل تعذيب الضحية قبل الوفاة، التجويع، ثم التنكيل بالجثة، سلوكيات جعلت السؤال يدور حول «سيكولوجية المجرم الجديد»، واحتمال تدخل البيئة الرقمية في تشكيل دوافعه لممارسة العنف الجسدي.
إعداد / إيناس كبير
تحولت مجموعات «فايسبوكية» وصفحات مجهولة المصدر على مدار الأشهر الماضية، وفق ما رصدته النصر، إلى قاعات تحقيق لفك ألغاز جرائم حدثت مؤخرا، واختلفت الأدوار في التعليقات بين تحليل الأحداث زعما من أصحابها أنها تساعد على توقيف متهمين، ونشر معلومات حول مكان إخفاء ضحايا، وصولا إلى نشر فيديوهات موثقة من طرف متهمين أثناء ممارسة العنف على ضحاياهم ومن المقاطع الصادمة تداول «فيديو» لاعتداء منحرفين على قاصر بكلب، وفيديو انتشر على «تيك توك» يوثق لاعتداء جسدي على شخص.
وهي حالة وصفتها الأغلبية بأنها «فوضى إلكترونية» سببت ضغطا داخل المجتمع وجعلت حالة الهلع تزيد خصوصا بعد تكثيف النشر تقريبا بشكل يومي وكانت الأخبار المغلوطة سيدة الموقف، وبناء على طبيعتها لاحظنا أن معظمها يعتمد على التهويل في وصف تفاصيل الجريمة وكأن المتلقي يشاهد فيلم رعب بطله «سايكوباثي»، وعلى معدلات وتوقيت النشر تحديدا، الذي يكون عادة من الساعة السادسة مساء إلى منتصف الليل، وهي الفترة التي يؤكد مختصون في التسويق الرقمي أنها مناسبة للتواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، والمبالغة في رفع عدد المتهمين، ولرفع مستوى الإثارة توصل بهم الأمر إلى اختلاق قصص واتهام أقارب وأفراد من أسر ضحايا خصوصا عندما يتعلق الأمر بضحية أنثى.
ويقول مصدر من منطقة شهدت حادثة من هذا النوع، أن التداول الالكتروني لهذا النوع من الأحداث خصوصا وأنها وقعت في أوقات متقاربة، جعل سكان ولايات مجاورة يستغربون من خطورة ما يحصل، وقد لمس ذلك في إحدى زياراته وتواصله مع أصحاب محلات هناك، مضيفا أن الخوف كان يسيطر على حديثهم بسبب المتابعة اليومية لصفحات وحسابات كانت تنشر عن الظاهرة بطريقة وصفها مختصون في علم النفس، وعلوم الاعلام والاتصال، وعلم الاجتماع تحدثت معهم النصر أنها خاطئة.
وبالإضافة إلى ما نُشر على «فايسبوك»، وإنستغرام» لاحظنا من خلال تعليقات على مجموعات إلكترونية تأثرا لافتا بعالم الجريمة وقصص السجون لاسيما لدى الجنس اللطيف، يتعرض إليها مستخدمون في شكل «فيديوهات» طويلة عبر «يوتيوب»، وقد رصدنا بعض الإحصائيات لما يُنشر على هذه المنصة من بينها صفحة جزائرية متخصصة في التدوين الصوتي عن فظائع حصلت فترة العشرية السوداء يصل عدد متابعيها إلى أكثر من مليون متابع، إذ حقق آخر فيديو لها من هذا النوع نُشر خلال الشهر الجاري أكثر من 174 ألف مشاهدة، حوالي 5 آلاف إعجاب، و472 تعليقا.
منصات العرض الإلكترونية جعلت العنف «مباحا»
ومما لاحظناه أيضا أن منصات العرض الالكترونية أصبحت تتوجه نحو عرض وثائقيات القتلة المتسلسلين أشهرها وثائقي «جيفري دامر» وقد لاقى تفاعلا عالميا، ووثائقي «جزيرة جيفري إبستاين» يتحدث عن رجل أعمال كان يُتاجر بقاصرات، وكذا السلسلة الكورية «سكويد غايم» وتدور قصتها عن اختطاف أشخاص وسجنهم في جزيرة ليمارسوا مجموعة من الألعاب من أجل الحصول على أموال والخاسر يتعرض للقتل ليتبين فيما بعد أن المشاركين مخطوفون من قِبل شبكة تتاجر بالأعضاء البشرية.
ظواهر جديدة يرى مختصون أنها تشكلت تحت تأثير تنشئة العالم الافتراضي التي نزعت، حسبهم، عباءة الأخلاقيات واحترام الضوابط الاجتماعية عن بعض السلوكيات وجعلت «العنف مباحا» أمام صورة يريد منحرفون تكريسها لأنفسهم باحثين عن الاعتراف الالكتروني.
* نصر الدين بوزيان، بروفيسور وأستاذ علوم الإعلام والاتصال
صفحات غير خاضعة لضوابط أخلاقية ومجتمعية
أوضح البروفيسور نصر الدين بوزيان، أستاذ علوم الاعلام والاتصال بجامعة صالح بوبنيدر قسنطينة 03، أن الدراسات حول نشر وسائل الإعلام لمضامين العنف بدأت في الستينات مع ظهور التلفزيون، وتوصلت إلى أن العنف الرمزي يتحول لفعل واقعي في المجتمعات، وقد أثيرت موجة احتجاجات حينها من طرف منظمات طالبت القائمين على هذه الوسيلة بالامتناع عن نشر مشاهد تحرض على الجريمة.
وأردف بوزيان أن هذه المضامين والصور تساهم في تفشي الجريمة خصوصا لدى أشخاص مؤهلين نفسيا لتبني سلوك انحرافي بسبب معاناتهم من مشاكل نفسية وأخرى في تكوين الشخصية، معقبا أن هذه المشاهد تؤثر في كل المتلقين لكن بمستويات متفاوتة، وذكر فئة تستغلها كرد فعل عن مكبوتات تُترجم في تقليد بعض المشاهد، وفئة ثانية أكثر هشاشة تتمثل في الأطفال بحكم أنهم في مرحلة تكوين الشخصية، لذلك فإن التأثير عليهم يكون مباشرا، أما التأثير الثالث وفقا لدراسات أشار إليها البروفيسور فإنه يكون على التفاعل مع الجريمة في حد ذاتها، فالتعرض المفرط لهذه المضامين يجعل الناس يعتادون على الفعل رغم شذوذه.
وفي سياق متصل قال المتحدث، إن المعضلة سابقا لم تكن بالوقع ذاته عندما كانت تُنشر على وسائل إعلام بفعل وقوف هيئات وسلطات مراقبة وضابطة، أما في عصر منصات التواصل الحديثة فقد أفرزت عددا كبيرا من المستخدمين والفاعلين من مختلف مناطق العالم وبمستويات متنوعة، يضيف بوزيان أن الإشكال الأكبر يكمن في أن الناشرين على الصفحات والمجموعات غير متخصصين ولا يراعون أخلاقيات المجتمع ومصلحته، والكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان، ناهيك عن ضوابط أخرى مرتبطة بسيرورة التحقيق والتشويش عليه بسبب نشر معلومات مضللة للرأي العالم خصوصا في قضايا الاختطاف والقتل التي تجعل جهاز القضاء يعمل في ظروف غير عادية.
وتحدث في هذا الجانب عن دوافع النشر على المنصات الالكترونية لاسيما البحث عن الاعجاب، الانتشار، والشهرة، أو العائد المالي عما يحصده «الفيديو» من تفاعل ومشاركة خصوصا على منصة «تيك توك» التي تتعامل وفقا لهذا المبدأ، ويرى الأستاذ أن هذا التوجه سبب مع الوقت «هوس النشر»، أما عن اهتمام مستخدمين بعالم الجريمة أفاد أنه، مرتبط بالبحث عن الأمن ومراقبة البيئة التي يعيشون فيها بمتابعة أخبار ما يحصل في أحياء، ومدن، والبلد ككل.
وعرج الأستاذ إلى وصف الجرائم البشعة، ومن وجهة نظره فإن هذه الأخيرة موجودة منذ القدم لكن المشكلة الحاصلة في المجتمعات المعاصرة هي تضخيم تفاصيلها ونقلها إلى المتلقي، الأمر الذي تسبب في الإساءة إلى صورة مدن، أحياء وأشخاص ويتعدى الأمر أحيانا إلى أجهزة، مما يعطي انطباعا عن غياب الأمن، حسبه، ويؤثر بطريقة سلبية على الرأي العام خصوصا في بعض القضايا التي تهز الرأي العام مثل جرائم الأطفال.
الجريمة في الجزائر تُنفذ في إطار محدود
أما عن توثيق الجرائم فقد اعتبر البروفيسور نصر الدين بوزيان، أستاذ علوم الاعلام والاتصال، أن هذا السلوك يُفسر وفقا لبعدين الأول المفاخرة بالجريمة، والثاني رغبة المجرم في تشكيل صورة له داخل المجتمع وبناء اسم في عالم الجريمة، ناهيك عن التقليد الذي وسم اللغة الاجرامية، وهي ظواهر يرى أنها جديدة في المجتمع جاءت من ثقافات أجنبية تكرس لها أفلام ومسلسلات الجرائم والتحقيقات، وقال المتحدث، إن أبطالها يكونون بمعايير معينة يواجهون مجرما خطيرا وفي إطار الحبكة تُضمن أفكارا يمكن أن يستغلها المجرم أو تنبهه لسلوكيات ومعلومات يتبناها في الفعل الإجرامي.
وفي إجابته عن سؤال «إذا كان هناك نشاط لسوق «ديب ويب» أو «الانترنت» المظلمة في الجزائر» توجه منحرفين إلى تصوير سلوكيات خطيرة وعنيفة يقومون بها ضد ضحاياهم، أكد البروفيسور أن نطاق الجريمة مازال محدودا والأجهزة الأمنية متحكمة في زمام الأمور، فضلا عن أن التشريعات القانونية تواكب التحولات الجديدة، معقبا أن الحديث اليوم يدور حول التداول الواسع مثل النشر في مجموعات خاطئة، أو إعادة مشاهدة الفيديوهات بين الجماعة المنحرفة في حد ذاتها لكنها في غالب الأحيان تتسرب وتصل في وقت قياسي إلى الأمن.
* نوال مامي عبد اللطيف بروفيسور وباحثة في علم النفس
عوامل نفسية جديدة خرجت من العالم الافتراضي
وحول التأثر المتزايد لعقول شباب بعالم الجريمة وانحراف سلوكهم، أوضحت البروفيسور والباحثة في علم النفس من جامعة سطيف، نوال مامي عبد اللطيف، أنه يُفسَّر نفسيًا بانخفاض مناعتهم النفسية أمام مؤثرات خارجية قوية، وسط فراغ تربوي وعاطفي، وانفصال عن المرجعيات الدينية والقيمية، يُضاف إليها عامل المخدرات الذي يُعد اليوم، وفقا لها، محفزًا خطيرًا لتشويه الإدراك، ضعف السيطرة العصبية، وتفجير السلوك العدواني أو التهوري، ما يجعل منحرفون يقدمون في كثير من الحالات على الجريمة إما بدافع التقليد، أو ملء الفراغ الداخلي، أو للحصول على المال لشراء مواد مخدرة.
وترى البروفيسور أن العصر الحالي أخرج «نماذج لمجرمين جُدد» بسلوكيات وخلفيات نفسية واجتماعية حديثة ومعقدة، متأثرين بعدة عوامل ذكرت منها الانفجار الرقمي، التعرض اليومي للعنف المرئي ومحتوى مشوه من دون حماية أو تأطير خصوصا لدى مراهقين، وتفكك الأسرة وغياب الحوار مع الأبناء، وغياب أماكن الترفيه الموجه والاحتواء النفسي الحقيقي للمراهقين، وغياب النصيحة الصادقة.
تحدثت عبد اللطيف أيضا عن تأثير الاضطرابات النفسية الحديثة وظهور أنماط إجرامية جديدة، مؤكدة أن الأبحاث السريرية أثبتت العلاقة بين هذين الفاعلين فالأفراد الذين يعانون من اضطرابات مثل الاكتئاب الحاد المصحوب بنوبات عدوانية، القلق المرضي المزمن المؤدي للانفجار أو الانهيار، واضطرابات الشخصية الحدية أو «السيكوباتية»، هم أكثر عُرضة لتبني سلوكيات عنيفة أو إجرامية إذا لم يتم التكفل بهم نفسيًا واجتماعيًا، وتتضاعف الخطورة، وفقا لها، حين يقترن الاضطراب النفسي بتعاطي المخدرات، حيث يفقد الفرد السيطرة الكاملة على قراراته ودوافعه.
ووفقا للتصنيف النفسي والاجتماعي أفادت الباحثة في علم النفس، أنه يمكن التمييز بين أصناف من المجرمين، وأشارت إلى «المجرم الانفعالي» الذي يتصرف بناء على رد فعل سواء تعلق الأمر باستفزاز، ظلم حقيقي أو متخيل، «المجرم السيكوباتي» الذي يفتقد إلى القدرة على التعاطف ويتصف بسلوك بارد ومخطط، «المجرم تحت تأثير المخدرات» غالبًا ما يرتكب جرائم خطيرة نتيجة تغييب الوعي، «المجرم الجماعي» يُشارك في أفعال إجرامية بتأثير المجموعة، دون أن يمتلك نية فردية واضحة، والصنف الجديد من المجرمين «المجرم الباحث عن الاعتراف الرقمي» المتأثر بثقافة «الترند» ينفذ أفعالا خطيرة بغرض تصويرها أو نشرها، وعقبت أن هذا التنوع يُعبّر عن مدى تعقّد الجريمة المعاصرة التي لم تعد مرتبطة بالحرمان المادي فقط، بل أيضًا بالأمراض النفسية والتربوية والقيمية الاهتمام بالصحة النفسية المجتمعية ضروري.
ولفتت الباحثة، أن السلوك الإجرامي يظهر غالبا في مرحلة عمرية ما بين 10 إلى 14 سنة في شكل عدوانية غير مبررة، الكذب المتكرر، إيذاء الزملاء أو الحيوانات، العزلة والانطواء أو العكس أي الانخراط المفاجئ مع أصدقاء منحرفين، الافتتان غير المبرر بمشاهد العنف أو الأسلحة أو السلوك الاستعراضي، الهروب من المدرسة أو التجوال الليلي، التهكم على الرموز الدينية أو الأسرية.
ولأن الأمر لم يعد متعلقا بالتعدي على الأرواح بل وصل إلى التنكيل بالجثة، أوضحت المتحدثة أن هذا الفعل هو سلوك منحرف بعمق يشير غالبا إلى اضطراب نفسي أو أخلاقي خطير يحدث نتيجة، رغبة في الانتقام والتشفي المتطرف، محاكاة مشاهد إجرامية في الإعلام أو الألعاب الإلكترونية، إثبات سيطرة أو إرسال «رسالة تهديد» للمجتمع أو طرف معيّن، فقدان تام للإحساس بالآخر بسبب تعاطي المخدرات أو اختلال نفسي حاد، ومن منظور علم النفس الجنائي، اعتبرت أن هذا السلوك يظهر تفككا في الوعي الأخلاقي وقد يرتبط باضطرابات سادية أو سلوكية مركّبة.ولأن هذه الأخبار والتفاصيل أصبحت تُعرض أمام شريحة واسعة من مستخدمي المنصات الالكترونية، نصحت البروفيسور والباحثة في علم النفس، نوال مامي عبد اللطيف، بتعزيز المناعة النفسية للأطفال والمراهقين اتجاه الأخبار الصادمة والجرائم، ومساعدتهم على التعبير عن الصدمة أو الخوف بالكلام والرسم والنقاش، وعدم تعريضهم لمشاهد صادمة بشكل مباشر، وتفسيرها لهم إن حصل ذلك، وغرس قيم الأمل، الرحمة، والتسامح كمفاتيح داخلية لمواجهة العنف الخارجي.
كما ترى أن الصحة النفسية المجتمعية أصبحت مطالبة بأداء دور وقائي واستباقي وليس علاجيًا فقط، وذكرت أنه يتمثل في مرافقة المراهقين داخل المدارس والفضاءات الشبابية لاكتشاف المؤشرات الأولى للانحراف، وتكوين المعلمين والأولياء والأئمة لاكتساب مهارات الإصغاء والتدخل،ناهيك عن فتح فضاءات حوار ومرافقة نفسية مجانية وسرية في المؤسسات التعليمية والدينية، والتنسيق بين قطاعات التربية، الشؤون الدينية، الثقافة، الصحة لبناء مشروع حماية جماعي.
* الدكتورةغزالة بن فرحات أستاذة علم الاجتماع
سيكولوجية المجرم تجاوزت الأطر التقليدية
وفقا للدكتورة وأستاذة علم الاجتماع، بجامعة قالمة، غزالة بن فرحات، فإن سيكولوجية المجرم شهدت تحولات عميقة في ظل التغيرات الاجتماعية والرقمية المتسارعة خاصة في عصر تتزايد فيه الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والرقمية، وترى أن المجرم اليوم لم يعد نتاجا حصريا لظروف الفقر أو الانحراف الفردي، بل أصبح يعكس حالة من الاغتراب الاجتماعي وفقدان الشعور بالانتماء في مجتمعات تتسارع فيها وتيرة التحول دون أن تتيح الفرصة للجميع للاندماج والمشاركة الفعلية، لذلك فإن الشعور بالتهميش والإقصاء من النسيج الاجتماعي خصوصا بين فئات الشباب، أصبح يولد أشكالا جديدة من السلوك المنحرف تتجاوز الأطر التقليدية لفهم الجريمة ولا تنبع بالضرورة من اضطراب نفسي أو خلل أخلاقي،وفي هذا السياق أوضحت المتحدثة ذاتها أن الجريمة تتحول أحيانًا إلى وسيلة لإعادة التوازن الرمزي أو لفرض الاعتراف الاجتماعي خصوصاً لدى من يعتبرون أنفسهم مواطنون من الدرجة الثانية وضحايا نظام اجتماعي غير عادل فالمجرم لم يعد شخصية هامشية، بل قد يكون في بعض الأحيان فاعلا رمزيا يطمح إلى التأثير أو الاحتجاج من خلال أفعاله حتى وإن كانت خارجة عن القانون.
وترى الأستاذة أن هذه التحولات فرضت إعادة التفكير في مفهوم الجريمة وفي شخصية المجرم ذاته، خصوصا بعد ظهور أنماط اجتماعية جديدة من المنحرفين يختلفون عن الذين عرفهم المجتمع التقليدي سواء من حيث الدوافع أو الوسائل أو الخصائص النفسية والاجتماعية، وذكرت على سبيل المثال أن القتل لم يعد محصورا في إطار الانفعال اللحظي أو الاضطراب النفسي الصريح، بل بات يتغذى أحيانًا على شعور طويل الأمد بالعزلة والتهميش، يتعزز عبر الفضاءات الرقمية المغلقة التي تسمح بتكوين أفكار متطرفة دون رقيب أو تفاعل إنساني حقيقي.
تضيف أنه في هذا السياق ظهر نوع من القتلة الذين ينشأون افتراضيا ضمن مجتمعات رقمية مظلمة يتفاعلون فيها مع خطابات تحريضية أو أيديولوجيات عنيفة، ما يجعل الجريمة التي يرتكبونها تحمل بعدًا رمزيًا يتجاوز الفعل المادي إلى محاولة التأثير أو الانتقام من النظام الاجتماعي نفسه.
الجريمة أصبحت رسالة
أما عن ظاهرة توثيق الفعل الاجرامي، أوضحت الأستاذة غزالة بن فرحات، أن الظاهرة من منظور اجتماعي تعد مؤشرًا على تحول عميق في وظيفة الجريمة ودلالتها الرمزية داخل المجتمع الرقمي المعاصر، فهي لم تعد مجرد فعل عنيف موجه نحو ضحية بعينها، بل أصبحت أيضا رسالة مصورة ومسرّبة وموجهة إلى جمهور واسع، ما يمنحها بعدا أدائيا وإعلاميا يتجاوز النية الإجرامية التقليدية إلى السعي نحو الاعتراف ولفت الانتباه، أو الانتقام الرمزي من النظام الاجتماعي أو الثقافي السائد، وأشارت الدكتورة أن هذا النمط من العنف يرتبط بما يسمى في علم الاجتماع بـ «اقتصاد الانتباه»، حيث تقاس القيمة الرمزية للفعل بمدى انتشاره وقدرته على إثارة الصدمة لدى الجمهور وتحقيق نوع من الوجود «الرمزي» في الفضاء العام الرقمي، تضيف أن عملية التوثيق والنشر ليست مجرد تفاصيل تقنية بل هي جزء جوهري من الجريمة نفسها، أين تستبدل المواجهة الاجتماعية التقليدية بـ «عرض» رقمي هدفه إحداث أثر جماعي ونشر الخوف أو التحدي أو حتى البحث عن الشهرة.
وقد لعب التفاعل الافتراضي، وفقا لها، دورًا معقدا في تعزيز هذه السيكولوجية، إذ تتيح المنصات الرقمية للمجرم الشعور بأنه يخاطب جمهورا حقيقيا ما يمنحه إحساسا بالقوة والتأثير لم يكن متاحا في الفضاء الاجتماعي التقليدي، تضيف أن التعليقات والإعجابات، أو حتى الإدانات الجماعية قد تعزز هذا الإحساس لديه، وتجعل من الفعل الإجرامي سلوكا مشبعا بالمعنى والدلالة من منظور القاتل. وأوضحت الأستاذة أن بعض الدراسات تشير إلى أن هذا النوع من التفاعل يولد ما يعرف بـ «التحفيز المعزز رقميا» وهو يغذي دوافع التقليد، والانتماء إلى «مجتمعات رقمية متطرفة» تمجد العنف وتمنح الفاعل الإجرامي نوعًا من الشرعية الرمزية، وذكرت أنه وفقا لتحليلات باحثين فإن ضعف الروابط الاجتماعية في المجتمعات الحديثة حولت الشبكات الرقمية من وسيلة للتواصل إلى فضاء لإنتاج المعنى والسلطة، حتى عندما يتعلق الأمر بسلوك منحرف أو مدمر. إ.ك