مع انتهاء موسم الصيف وبداية شهر سبتمبر، تنخفض درجات الحرارة تدريجيا معلنة عن اقتراب الخريف، غير أنّ مشهد الشواطئ في كثير من المدن الساحلية يعكس صورة مغايرة، إذ ما تزال عائلات بأكملها تتوافد على البحر بحثا عن الاستجمام ولو لأيام معدودة، حيث لا ينتهي موسم الإصطياف عند نهاية أوت كما كان معتادا، بل يستمر إلى غاية سبتمبر ويرى أشخاص أن زيارة البحر في نهاية الصيف فرصة لتجديد الطاقة قبل العودة إلى روتين العمل والدراسة.
أجواء أكثر هدوءا و خدمات أفضل
مع اقتراب الدخول الاجتماعي تجد العديد من العائلات الجزائرية في سبتمبر وقتها المثالي للبحر، وتبرر ذلك بهدوء الأجواء مقارنة بشهري جويلية وأوت، حيث يقل الصخب ويتراجع الاكتظاظ الذي يطبع الشواطئ خلال شهور الذروة.
ولا يقتصر هذا الهدوء على الشواطئ فقط، بل يشمل الطرق المؤدية إليها، ومواقف السيارات، وحتى مداخل المدن الساحلية، وهو ما يجعل الرحلة أقل توترا وضغطا مقارنة بما تعرفه الطرقات في موسم الصيف.
وإضافة إلى هدوء الأجواء، فإن العديد من العائلات تجد في سبتمبر فرصة لتقليل التكاليف، إذ تنخفض أسعار كراء الشقق، وحتى أسعار المأكولات على الشواطئ تصبح معقولة بعد تراجع أعداد السياح والمصطافين القادمين من ولايات بعيدة.
ويعترف بعض أصحاب الشقق المفروشة، أن هذا الشهر يمثل لهم «موسما ثانويا»، حيث يفضلون خفض الأسعار بدل ترك الشقق فارغة، وهو ما يمنح العائلات ذات الدخل المتوسط فرصة لتمضية أيام إضافية من العطلة.
طقس معتدل يناسب الكبار والصغار
وما يستقطب العائلات أيضا خلال هذه الفترة هو الطقس المعتدل، فمع تراجع درجات الحرارة، يصبح الجلوس على الرمال أكثر راحة فالشمس في سبتمبر لم تعد حارقة كما كانت في أوت، ولا تؤذي البشرة والأطفال يمرحون بحرية أكبر، والكبار يستمتعون بالجلوس لساعات طويلة على الرمال أو تحت المظلات دون خوف من ضربة الشمس حتى مياه البحر تصبح أكثر اعتدالا، ما يشجعهم أيضا على السباحة أو السير على أطراف الشاطئ. وهذه الزيارات لا تقتصر على السباحة فقط، بل تتعداها إلى جلسات شواء عائلية على الشاطئ، ونزهات قصيرة على الرمال، أو حتى مجرد التمتع بمشاهدة غروب الشمس، فهناك من يعتبرون البحر في نهاية الصيف فرصة لتجديد الطاقة قبل العودة إلى روتين العمل والدراسة.
تقول السيدة نورة التي قدمت رفقة عائلتها من ولاية بجاية إلى الشاطئ الكبير بتيقزيرت، إنها تفضل البحر في شهر سبتمبر لما يتميز به من هدوء وهواء نقي وراحة نفسية مقارنة بموسم الصيف، وتستطيع أن تختار مكانا على الشاطئ بسهولة، وتشعر أن أطفالها يستمتعون أكثر بالسباحة مع هدوء البحر ودون صخب.
وأكدت سيدة أخرى من العاصمة، أن سبتمبر هو الوقت المثالي للسباحة فالماء يكون دافئا بعد حرارة الصيف، والشمس أقل خطورة، وحتى من الناحية المالية فإن أسعار الكراء والخدمات تكون أقل، وهذا يساعد العائلات على قضاء أوقات ممتعة بتكاليف معقولة.نفس الرأي شاطرته السيدة نزيهة من تيارت، والتي أكدت بأنها تريد أن يستمتع أطفالها قبل العودة إلى المدرسة، فالبحر يساعدهم على تفريغ طاقاتهم وهي أيضا تستمتع بالهدوء لأن الأجواء أفضل بكثير، ففي أوت لا تجد مكانا لتجلس فيه، أما الآن فالشاطئ واسع ومفتوح، مضيفة أن التحضير للدخول المدرسي متعب لذلك تمنح نفسها ساعات من الاستراحة على الشاطئ، مؤكدة أن البحر بالنسبة لها علاج نفسي وخاصة في هذه الفترة من السنة.
فضاء للهروب من ضغوط الحياة اليومية
من جهتهم، يرى مختصون في علم الاجتماع، أن استمرار توافد العائلات على الشواطئ في سبتمبر دليل على أهمية البحر كفضاء للهروب من ضغوط الحياة اليومية، فالماء والرمال والهواء الطلق عناصر قادرة على منح الفرد راحة نفسية يصعب إيجادها في أماكن أخرى.وبحسب هؤلاء، فإن البحر متنفس جماعي وعند اقتراب الخريف يصبح هذا المتنفس أكثر خصوصية، لأنه يجمع بين الهدوء والرمزية، وهو بمثابة جسر بين العطلة الصيفية وموسم العمل والدراسة.
كما يؤكد العديد من المختصين النفسانيين، أن البحر في هذا الوقت من السنة يلعب دورا علاجيا مهما، فبعد ضغوط الأشهر الماضية تساعد الأجواء الهادئة على الاسترخاء والتوازن النفسي، مبرزين أن الخروج إلى الشاطئ في سبتمبر يساعد على استعادة الطاقة الإيجابية قبل الدخول الاجتماعي، فالهدوء، وصوت الأمواج ، ونسيم البحر، كلها عناصر تخفف من القلق والتوتر، وتجعل العودة إلى الدراسة والعمل أقل صعوبة.
وبالإضافة إلى العائلات، يجد بعض التجار والباعة المتجولون في استمرار الإقبال على الشواطئ في سبتمبر، فرصة ذهبية لتمديد نشاطهم مثل أصحاب المطاعم المنتشرة على الشواطئ، وباعة المثلجات والمشروبات والفطائر والمكسرات.
ويؤكدون أن هذا الشهر يساعدهم على رفع مداخيلهم وتعويض أيام الركود، فسبتمبر يساعدهم على تمديد الموسم وزيادة الأرباح، وأحيانا يكون هذا الشهر أفضل لأن العائلات تأتي مع أطفالها طيلة أيام الأسبوع، فيجدون المطاعم والمقاهي مفتوحة والمثلجات لا تزال متوفرة، ولذلك فإن البحر خارج موسم الاصطياف له نكهة خاصة سواء لهذه العائلات التي تبحث عن عطلة اقتصادية ومريحة، أو للتجار الذين يعملون على تحسين الخدمات ويبحثون عن مداخيل إضافية واستمرارية عملهم الذي يشهد غالبا ركودا بمجرد انتهاء موسم الاصطياف.
سامية إخليف
برزت منذ بداية طوفان الأقصى، إبداعات في مختلف المجالات تعبيرا عن تضامن الجزائريين مع ما يجري من أحداث مأسوية، ودعما للمواقف السياسية والدبلوماسية الرسمية الجزائرية تجاه القضية، ومن بين هذه الإبداعات ما قامت به الأخوات قدار، اللواتي أطلقن تشكيلة ملابس تحمل رمزية كبيرة وتتضمن رسالة تلاحم بين شعبين.
صنعت صور التشكيلة التي عرضت خلال أسبوع الموضة بوهران قبل مدة، الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر وخارجها، وقد تفاعل معها الكثيرون خصوصا وأنها شكلت طريقة ناعمة في التعبير عن رفض العدوان، وقالت فاطمة الزهراء قدار، واحدة من الشقيقات الوهرانيات اللواتي صممن المجموهة، إنها كانت من المبادرين بفكرة تفصيل لباس فلسطيني بلمسة جزائرية تراثية، وذلك كنوع من النضال وتعبيرا عن مساندة الصامدين في غزة.
أخبرتنا، أنها شاركت بتشكيلة الأزياء في عدة تظاهرات للأزياء هذه السنة، بما في ذلك أسبوع وهران للموضة، و فعالية ثقافية في تيارت أين تحصلت على جائزة «أحسن مصممة لعام 2025»، كما قدمتها في عروض أزياء مختلفة على مستوى العاصمة.
واعتبرت الشابة، أن الزي الذي صممته بمعية أختيها «فطيمة وربيعة «، يختلف عن المعتاد فهو يحكي قضية شعبين، وقالت بأن الفكرة راودتها منذ مدة، وقد بدأت في تجسيدها تزامنا وبدايات طوفان الأقصى، وتمثلت في الجمع بين جمالية الأزياء، وقوة المواقف الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، فالزي الذي أنجزته والذي شاركت به في تظاهرة «مهرجان اللباس التقليدي»، بالجزائر العاصمة، كان تعبيرا عن تضامنهن هي وأخواتها مع أبناء غزة الصامدين.
وتمثلت الفكرة في اختيار «البدرون العاصمي» وهو لباس تقليدي جزائري وإضفاء لمسة فلسطينية عليه، حيث تم تعويض «محرمة الفتول» بالكوفية، كما أن «السترة» أي الجزء العلوي من «البدرون»، حمل تعبيرات قوية عن معاناة أهل غزة والفلسطنيين عموما.
وحرصت الأخوات على استعمال ألوان العلم الفلسطيني، وتكثيف استعمال اللون الأحمر تعبيرا عن دماء الشهداء، وذلك بطريقة فنية اعتمدت التطريز وخيوط الحرير المتدلية من كتف «السترة» للإشارة إلى الدماء التي يخلفها القصف العنيف. بينما اختير اللون الأخضر في أسفل «السترة» كرمز للأرض، أو»أرض فلسطين الخضراء التي أصبحت تروى بالدماء».
وأضافت محدثتنا، أنها أرفقت التصاميم بقفازات حمراء تعبيرا عن معاناة الأمهات اللواتي يحملن أطفالهن ودماؤهم تسيل بسبب الاعتداءات الهمجية التي لم تستثن البراءة. أما الجزء السفلي من «البدرون» فكان عبارة عن «سروال الشلقة» بلون أبيض يرمز للأمل والتحرر، عليه تفصيل من قماش الكوفية التي صنع منها أيضا الجزء الذي يقع تحت «السترة».
وعن سبب اختيار «البدرون العاصمي» دون غيره من الأزياء التقليدية التي تزخر بها بلادنا، أوضحت فاطمة الزهراء، أنها وجدته مناسبا لتجسيد أفكارها الإبداعية كما تريد بتفاصيلها كي تبقى علامة مسجلة في التراث كونها تحمل قضية شعبين رمزين. وبخصوص علامة «سيستر براند»، قالت فاطمة إنها خاصة بها هي وأخواتها وهي مسجلة رسميا، وأنهن ابتكرن هذه العلامة لتوحيد أفكارهن وإبداعاتهن لتطوير اللباس التقليدي الجزائري.
بن ودان خيرة
تعتبر الحظيرة الوطنية للحيوانات والتسلية «برابطية» بمدينة القالة في ولاية الطارف، من أكبر وأبرز الحظائر على المستوى الوطني، تجتمع فيها أصناف نادرة من الحيوانات القادمة من مختلف غابات العالم، لتقدم لزوارها تجربة سفاري جزائرية ممتعة، تطبعها الحركات البهلوانية للقرد زعتور، الذي يستقبل معجبيه بالرقص والمرح، والليث الكسول «بيكهام» ملك الغابة النائم.
إعداد: حاتم بن كحول / نوري حو
ولا تقتصر المتعة والإثارة في هذه الحديقة على القرود والأسود فقط، بل تمتد لتشمل حيوانات أخرى تصنع الحدث بسلوكياتها الذكية، على غرار الأسد «سيمبا» الذي يظهر جوعا لا ينتهي، ولبؤته « ليزا» نجمة المكان وسيدته، بينما يراقب «الدب كيكي» معجبيه بذكاء منتظرا مكافأة منهم نظير الاستمتاع بحركاته السريعة رغم حجمه الكبير. فيما تغوص السلحفاة المسنة صاحبة 90 سنة في سباتها العميق غير آبهة بزوارها الذين يشدّهم هدوؤها وكبر حجمها.
وتعد حظيرة برابطية من أكبر الحظائر الوطنية، حيث تبلغ مساحتها 109 هكتارات، منها 16 هكتارا فقط مستغلة، فيما تعمل إدارة الحظيرة على استحداث مشاريع جديدة تتضمن ألعابا بيئية، وأخرى عبارة عن فضاءات للترفيه لإتاحة الفرصة أمام الزوار لاكتشاف هذه الجوهرة الطبيعية الوطنية بشكل أكبر.
فضاء إيكولوجي ذكي يتوسط غابة
زارت «النصر» إحدى أكبر وأبرز حظائر الحيوانات والتسلية على المستوى الوطني، وتزامن ذلك مع ذكرى الحريق الذي التهم جزءا منها قبل سنوات، وقد لاحظنا أن آثار الكارثة قد محيت تماما بفضل إصرار المسؤولين عنها على الإبقاء على هذه الجوهرة الطبيعية جعلها تظهر بحلة جديدة.
تقع هذه الحظيرة داخل غابة كبيرة، تحيط بها جبال شاهقة كثيفة الأشجار، ما جعلها تتزين بأجواء غابية تميزها عن غيرها من الحدائق والحظائر. بدا لنا ونحن نبلغ وجهتنا أن المكان مكتظ عن آخره بالنظر إلى العدد الكبير للمركبات المركونة في خطيرة السيارات، وقد لاحظنا من خلال ترقيم السيارات أن الزوار قدموا من مختلف جهات الوطن، ما يؤكد الإقبال الكبير على هذه الأدغال الغناء.
عند الوصول إلى مدخل الحظيرة، كان مديرها هارون الرشيد سايغي، في استقبالنا من أجل أخذنا في جولة لاكتشاف سحرها، وبعفوية شرع الشاب في التحدث عن مواصفات ومميزات المكان الذي يتوفر كما علمنا منه على حديقة إيكولوجية ذكية.
قال المسير،إن الحديقة تتواجد داخل الحظيرة الوطنية، مكوناتها طبيعية وميزتها أنها الوحيدة على المستوى الوطني الواقعة داخل غابة، موضحا أن الغابة بدورها عبارة عن محمية مصنفة في إطار اتفاقية «رامسر» الدولية للحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة من أجل الحد من فقدان الأراضي الرطبة في الحاضر والمستقبل، مضيفا أن الحديقة تتوفر على أصناف نباتية وحيوانية وزواحف نادرة.
قادنا المدير في جولة، وقد وقفنا في البداية على مساحات مفتوحة خضراء في شكل مربعات جميلة مزينة بالأزهار والورود، تحيط بها كراسي بلاستيكية وخشبية تتوفر على مضلات لحماية العائلات من أشعة الشمس، ما جعل العشرات من زوار الحديقة يستغلونها للراحة قبل مواصلة جدولتهم داخل هذه الحديقة الضخمة.
كما عمدت الإدارة لوضع مجسمات لحيوانات مختلفة في كل زوايا الحديقة لمنحها الطابع الغابي، وبعد السير لأمتار قليلة توجه بنا مرافقنا إلى مغارة يمر عليها زوار الحديقة مباشرة عند دخولهم، وأوضح أنها تجسيد تقريبي مصغّر لمغارة تازة بولاية جيجل «لي غروت»، مزيّنة بمجسمات حيوانات بعضها اصطناعي وآخر حقيقي محنط، مثل النمس، والبومة والضبع، والدب، والنعامة، إضافة إلى جمجمة ثور، ما يمنح الزائر شعورا بأنه داخل أدغال حقيقية خاصة وأن المغارة مظلمة والأجواء تبدو حقيقية.
تتميز أبواب المكان بأنها إلكترونية تسهل حركة الزوار الذين يقفون في طوابير للدخول مقابل تذكرة سعرها 100 دج للكبار، و50 دج للصغار، فيما يعد الدخول مجانيا لذوي الاحتياجات الخاصة.
وقد أكد لنا المدير، أن الإقبال على الحديقة أو الحظيرة عموما، تحسّن كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية وذلك بزيادة قدرها 40 بالمئة، مرجعا الفضل إلى التحسينات وأشغال التهيئة الخارجية التي شهدتها الحظيرة مؤخرا، على غرار توسيع فضاء ركن المركبات ليستوعب 1200 سيارة، إضافة إلى شبكة إضاءة متطورة خارج وداخل المكان، ناهيك عن كاميرات مراقبة تؤمن الفضاءات الداخلية والخارجية على مدار الساعة، كما تم تزويد المكان بمكبرات صوت للتبليغات الاضطرارية، ولأجل الموسيقى كذلك.
أزيد من ربع مليون زائر للحديقة منذ بداية موسم الاصطياف
وبخصوص تزايد الإقبال على الحظيرة، أكد محدثنا استقبال أزيد من 8 آلاف زائر يوميا، فيما يرتفع العدد في ذروة الموسم إلى 9 آلاف زائر، حيث فاق عدد الزوار إلى غاية منتصف شهر أوت الماضي 250 ألف زائر، أي ما يعادل ربع مليون شخص.
ويتكفل 42 عاملا في مختلف النشاطات، بتأمين وتنظيم هذا العدد الكبير من الزوار، منهم 36 عاملا دائما و6 عمال موسميين، كما خصصت الإدارة فتيات للتعامل مع النساء عند الحاجة، ولاحظنا أنهن كن يتجولن داخل الحديقة واضعات شارة «عون أمن»، لتتعرف عليهن الزائرات.
تزامن تواجدنا داخل حديقة الحيوانات، مع حادث اختفاء طفل صغير يبلغ من العمر 11 سنة، بعد أن تقدمت والدته التي كانت في حالة هستيريا لمكتب الأمن، وهنا رد المدير أن هذه المواقف تتكرر يوميا بالنظر إلى العدد الكبير من الزوار، والسبب هو تغافل أولياء عن مراقبة أبنائهم الذين يقصدون أقفاص الحيوانات دون إبلاغ أحد.
أطلقت الإدارة نداء عبر مكبر الصوت للإبلاغ عن حالة الضياع، وتم تفحص أشرطة كاميرات المراقبة التي قال محدثنا إنها فعالة جدا في مثل هذه الحالات، وسرعان ما تم تحديد موقع الطفل من خلال تتبع حركته عبر الكاميرات.
لاحظنا أيضا خلال جولتنا، أن الحديقة تضم أكشاكا خدماتية تضمن الإطعام، ناهيك عن توفرها على المثلجات والحلويات وغير ذلك، كما توجد في المكان مراحيض وحمامات ومرافق أخرى ضرورية.
وقد شد انتباهنا أن الأقفاص الحديدية زُيّنت بمجسمات وصور الحيوانات التي تعيش داخلها وأكد المدير، أن مصالحه تركز على اللمسة الفنية للزينة لتضفي جمالية على الحديقة، حتى وإن تعلق الأمر بلافتة توجيهية، لأن هذا التفصيل مهم جدا لاستقطاب الأطفال.
أزيد من 400 حيوان وسلالات نادرة
وتتميز هذه الحديقة عن غيرها من الحدائق الوطنية الأخرى، بفضل الحيوانات المختلفة والنادرة التي تعيش فيها، وأكد المدير في هذا الصدد، أن عدد أصناف الحيوانات داخلها يبلغ 64 صنفا لأزيد من 400 حيوان. متحدثا عن بعض الفصائل النادرة المحمية بحكم القانون الجزائري، على غرار الحيوان الآربي، والضبع المخطط، والأسد الأبيض والدب الرمادي، والنمر البنغالي، وخليط من الحيوانات التي تثير إعجاب الزائر وتميز الحديقة عن غيرها.
ولفت انتباهنا حمار وحشي غريب الشكل واللون، كان كبير الحجم مقارنة ولونه رمادي عليه خطوط سوداء، فأوضح مرافقنا أنه نتاج تزاوج حصان وأنثى حمار.
مزرعة نموذجية لتشجيع السياحة البيئية في الوسطين المدرسي والجامعي
تقع عند المدخل الشمالي للحديقة، مزرعة نموذجية أنشئت لتشجيع السياحة البيئية والإيكولوجية في الوسطين المدرسي والجامعي، وأكد سياغي، أنه تم إبرام اتفاقية مع مديرية التربية لولاية الطارف، تشجيعا للثقافة البيئية في إطار ما يعرف بالأقسام الخضراء ناهيك عن اتفاقية ثانية مع الجامعة للتباحث العلمي وتبادل الخبرات مع الأساتذة الجزائريين والأجانب، لاكتشاف الموروث الطبيعي والإيكولوجي النادر الذي تزخر به محمية القالة التابعة للحظيرة الوطنية.
وتبلغ مساحة هذه المزرعة الجميلة، 6 آلاف متر مربع، مزودة بقسم للتدريس ومخبر صغير، إضافة إلى 8 أقفاص بها حيوانات أليفة على غرار الدجاج، والأرانب، والبط، وكل حيوانات المزرعة تقريبا، بهدف تربية الحس البيداغوجي والبيئي لدى الطفل المتمدرس، كما تساعد أيضا في إنجاز البحوث الجامعية، وستدخل حيز الخدمة خلال الدخول المدرسي المقبل حسبما أوضحه المتحدث.
نظام وقائي متطور للحماية من الحرائق
أخبرنا محدثنا، أن الحظيرة جهّزت بناظم وقائي ضد الحرائق، بعد الكارثة التي حلّت بها قبل 3 سنوات، لما احترقت الأشجار المحاذية لها، لتمتد النيران إليها وتلتهم الكثير من الثروات النباتية والحيوانية.
ذرف المدير الدموع وهو يتذكر المشاهد الصادمة والصعبة، مضيفا أن الإدارة استوعبت الدروس، وجهّزت برنامجا مضادا للحرائق يطلق جرس إنذار مباشرة عند رصد دخان أو نار صغيرة، كما تم استحداث مخارج نجدة عديدة، وتوفير مضخات مائية موزعة على كامل الحديقة، موضحا أن هذا النظام الجديد يجعل العائلات تتواجد في أوضاع آمنة، إضافة إلى وسط ترفيهي وتربوي وبيداغوجي وعائلي مئة بالمئة.
وقال، إن زوار الحظيرة ليسوا فقط جزائريين من مختلف الولايات، بل تستقطاب أيضا سياحا تونسيين ليبيين، يعبرون دائما عن إعجابهم بها ويثمنون أسعار الدخول الرمزية مقارنة بالخدمات المقدمة.قاطع رجل حديثنا مع المدير، وهو يطلب تدخله لمساعدة ابنه الذي سقط وجرح ويحتاج إلى إسعافات أولية، فوجهه مرافقنا إلى العيادة المتواجدة داخل الحديقة والتي تتكفل بالأطفال ومرافقيهم وتستغل في حالات الطوارئ، وهي ميزة أخرى تضاف لقائمة الخدمات التي تزخر بها حديقة برابطية.
مشـروع لإنشاء ألعاب بيئية لأول مرة
لاحظنا توفر مساحات كبيرة شاغرة وتساءلنا عن مصيرها، فأوضح لنا المدير أن استغلال كل الفضاءات المتوفرة يعد ضربا من الخيال، وذلك بالنظر إلى شساعة الحظيرة، مع ذلك فإن هناك سعيا لاستغلال ما يمكن من المساحات لمضاعفة الخدمات السياحية في المكان مشيرا، إلى التفكير في مشروع فضاء للألعاب البيئية، وهي سابقة على المستوى الوطني كما عبر. أين سيتم استحداث لعبة تسلق الأشجار والمرتفعات، وإنجاز مسالك لعشاق قيادة المركبات الرباعية «الكواد»، ناهيك عن مسلك للدراجات النارية والهوائية، وأخرى للأحصنة، وسيتم توفير هذه الألعاب على مستوى غابة حقيقية عكس الحدائق الأخرى التي تستعمل ألعابا اصطناعية.
كما أضاف مرافقنا، أن الحظيرة البيئية الجديدة ستمتد على مساحة 14 هكتارا، وستنطلق بها الأشغال شهر أكتوبر المقبل، مذكرا أن الحظيرة الوطنية تدعّمت بأقفاص وحيوانات جديدة، على أن تستقطب أخرى في آجال لاحقة، لتفتك صفة الأفضل على المستوى الوطني دون منازع.
تجارب ناجحة لمشاتل ومزارع وحاضنات بيض النعام
قادنا المدير هارون الرشيد سايغي، نحو مشاتل تقع في الجهة الغربية للحديقة، تستعمل في إنتاج الشتلات النباتية الصغيرة بغرض زراعتها في الحدائق، والحقول، والبساتين، وتقع على بعد عشرات الأمتار من المزرعة النموذجية، إضافة إلى توفر المساحة على حاضنات لبيض النعام. وأكد المدير أن هذا البيض لم يكن مستغلا في السابق، إلا حاضناته الجديدة مكّن من استغلاله بعد نجاح التجربة والشروع في إنتاجه.
وعاد المرافق للحديث عن بعض المساحات الشاغرة، موضحا أنه سيتم في شهر سبتمبر الجاري، استحداث ساحة كبيرة مساحتها تفوق الهكتار مزودة بنافورة مياه، مع إنجاز أكشاك بيئة جديدة للورد والنباتات، وهذا لاستغلال ما تنتجه المشاتل، لأن الحظيرة ليست مجرد منطقة للتجول والزيارة، بل هو فضاء يجمع بين المتعة السياحية المنفعة الاقتصادية.
وأضاف، أن إحدى المساحات التي كنا بالقرب منها، ستستغل لإنجاز مدينة أثرية بالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون لولاية الطارف، في إطار اتفاقية ستسمح بنقل قطع أثرية منتشرة حاليا عبر كامل تراب ولاية الطارف إلى الحظيرة.
موضحا، أن هذه الأثريات ستكون شاهدا على تاريخ مدينة الطارف، وستثير شغف استكشافه في قلوب الزوار، وتشجعهم أكثر على التعرف على المدينة. مشيرا من جهة ثانية إلى التوجه نحو استحداث مسرح سيضاف إلى قاعة السينما الموجودة مسبقا و التي تتوفر على أشرطة تعنى بالثقافة البيئية والإيكولوجية، إضافة إلى بعض المواضيع التربوية والخاصة بالطفولة.
اتفاقيات لإثراء البحث العلمي
كما تقدم الحظيرة العالمية حسبه، نموذجا ناجحا عن التعاون مع الجامعات الوطنية والأجنبية في إطار إثراء البحث العلمي، مشيرا إلى اتفاقية تعاون مع جامعة «نيروبي» مكنت من جلب حيوانات برية جديدة، إضافة إلى تعاون محلي مع جامعة الطارف بمختلف معاهدها وخاصة معهد الطبيعة والحياة، ناهيك عن الشراكة العلمية و الاقتصادية مع مخبر الحياة البرية، حيث تعتبر الحظيرة مؤسسة عمومية مساهمة في مؤسسة تجارية تابعة لجامعة الطارف، ويتعلق الأمر بمؤسسة بيطيرية أنشئت في إطار الاتفاقية المبرمة بين الطرفين.
وتحدث المدير كذلك، عن العيادة البيطرية الجامعية التي ستدخل حيز الخدمة مع بداية الموسم الجامعي المقبل، وتعتبر مستشفا استعجاليا للحيوانات المنزلية والبرية، موضحا أنها الوحيدة على المستوى الوطني من هذا النوع، وقد أشرفت الوصاية على إنشائها بغية التكفل بإجراء عمليات جراحية للحيوانات البرية والمتوحشة المتواجدة في الحديقة.
حيوانات فريدة تجذب عشاق البرية
وخلال الجولة التي قمنا بها، قررنا التوجه لرؤية بعض الحيوانات النادرة التي تزخر بها الحديقة، لنقف على أصناف توجد بشكل حصري في هذه الحديقة، بداية بالقردة «النسناس» الذي تم جلبه من جمهورية إفريقيا الوسطى، وهو سريع وكثير الحركة، يقفز بخفة من زاوية إلى أخرى وكأنه رافض لفكرة التواجد داخل القفص.
لفتنا إقبال كبير للأطفال على قفص معين، كان به كنغر قزم تم جلبه في إطار اتفاقيات تبادل ما بين الحدائق، واحتوى قفص آخر على ثعبان كبير الحجم لونه بني مائل للأسود، وأكد مرافقنا أنه يدعى «الثعبان الشبكي» ويعيش في ماليزيا وبجنوب شرق آسيا عموما، إضافة إلى ببغاء فريدة من نوعها، ترفض التجاوب مع الزوار بل وتطير بعيدا عنهم في كل مرة. رأينا كذلك صنفا آخر من القردة يختلف كثيرا عن بقية الأصناف، هو قرد غينيا الشهير والذي كان أقل نشاطا من سابقه، كما رصدنا في الحديقة ليمور مدغشقر، وهو عبارة عن قرد ذيله طويل جدا وشكله غريب، يعيش في جزر مدغشقر ويعد من الحيوانات المهددة بالانقراض.
وبينما كنا نتجول بين الأقفاص، لاحظنا عربة «كاليش» يجرها حصان تشق طريقها وسط الحديقة وعلى متنها عائلة كانت تستمتع بفسحة مريحة في الحديقة، وما هي إلا أمتار حتى سمعنا زئيرا قويا جدا للأسد الأبيض ملك الحظيرة، كانت معه في نفس الرقعة أسود بيضاء كبيرة الحجم نائمة تنتظر وجبتها القادمة..
كما صادفنا 3 أقفاص أخرى بها أسود مختلف الألوان والأحجام، جلها كانت طريحة الأرض متخفية بين صخور حقيقية وضعت في عرينها خصيصا لأجل توفير بيئة مناسبة لها. علمنا من مرافقنا أن الحديقة تتوفر على كل أصناف الأسود بالبرية، باستثناء أسد الأطلس.
صادفنا خلال جولتنا أيضا، حيوان لا يقل هيبة من الأسد، وهو النمر الرمادي المخطط الذي كان يتميز هو الآخر بحجم كبير وضخامة يخشاها كل ينظر إليه.
«أحمرة و وخرفان التهريب» لتغذية الأسود والنمور
أوضح المدير، أن الحديقة خصّصت جناحا للحيوانات «الأحمرة، والبغال، أو الخرفان» التي يتم حجزها من طرف مختلف السلطات الأمنية في إطار محاربة التهريب، حيث توضع في حظيرة كبيرة لتستغل في تغذية الحيوانات المفترسة، وهو تحديدا ما يجعل الأسود والنمور في الحديقة في حالة جيدة، ومحافظة على الحجم الطبيعي الذي تظهر فيه في الأدغال بيئتها الطبيعية.
منبّها إلى وجود مذبح بمواصفات تقنية حديثة تتم فيه عمليات الذبح، حيث توزع الكميات لاحقا على كل حيوان حسب حاجته وفي الوقت المناسب، ويشرف على العملية مختصون في تربية الحيوانات الشرسة أو البرية.
وعن الطريقة المتبعة من طرف إدارة الحظيرة للمحافظة على هذه الأصناف النادرة، رد المدير، أن الأسود تتزاوج بقوة ما يجعل عددها كبيرا دائما كما هو الحال مع بعض الحيوانات الأخرى، مع ذلك أشار إلى توفر جنس واحد فقط من بعض الأصناف الأخرى ما يطرح مشكلة كبيرة فيما يخص التزاوج الضروري للإبقاء على الصنف، وهو إشكال تواجهه جل الحدائق على المستوى الوطني كما قال، ويعد أكبر تحد له ولزملائه المشرفين على تسيير الحظائر الأخرى.
الدب كيكي و الليث بيكهام والقرد زعتور الأكثر استقطابا للزوار
وتمكنت بعض الحيوانات الذكية، من صنع أجواء عائلية مع المربين والعاملين في الحظيرة حتى أنهم أطلقوا عليها أسماء مختلفة وكأنهم تحولوا إلى عائلة واحدة داخل البرية، وأكد المدير أن مكانة بعض الحيوانات كبيرة لدى العمال، مثل الدب «كيكي»، وهو عبارة عن دب بني ضخم يرفع رأسه للنظر إلى الزوار حين يرغب في الطعام، ويستلقي على جانبه عندما لا يجد استجابة، وقد سمي على اسم الشخصية الكارتونية الدب «كيكي»، فيما أطلق على ليث أبيض اسم «بيكهام»، في إشارة إلى نجم كرة القدم الإنجليزية الوسيم دافيد بيكهام، وذلك نظرا لوسامة الليث الأشقر الصغير.
واختير للبؤة اسم «ليزا» وهي بطلة إحدى الروايات، وسمي أسد «سيمبا» مثل الأسد الشهير في الرسوم المتحركة وفي الأفلام، كما يلقب أحد القردة بزعتور، ويعتبر من أنشط وأذكى الحيوانات في الحديقة، وهو المفضل لدى العمال والزوار، كما توجد في الحديقة سلحفاة ضخمة تسير ببطء شديد داخل قفصها و تكاد لا تتحرك من شدة ثقلها، علمنا من مرافقنا أنها الأكبر سنا وعمرها 90 عاما.
واصلنا جولتنا باتجاه حديقة الألعاب التي كانت تعج بالزوار، فأكد مرافقنا أن هذه الحديقة تتوفر على 20 لعبة متنوعة ومختلفة للأطفال من مختلف الفئات، فيما تقع الحديقة المائية بعدها مباشرة والدخول إليها ليس مجانيا، بل يكلف 1000 دج للراشدين و800 دج بالنسبة للأطفال، وهي أسعار أقل بكثير من المعتمدة في مثل هذه الحدائق عادة. وتتزود الحديقة المائية بمياه عذبة قادمة من منطقة بوقلاز، وهي مياه معروفة بجودتها بولاية الطارف، كما تتوفر على 6 مسابح 3 للكبار وأخرى للصغار، بعضها يحتوي على مزالج «طوبوغون» للأطفال والكبار، عددها الإجمالي حسب مرافقنا 8 مزالج. كما تضمن الحديقة المائية كل ظروف الراحة من كراس وطاولات ومضلات، وقد أنشئت توسعة جديدة لها هي عبارة عن مسبح مخصص للكبار أو الصغار الذين يتقنون السباحة عمقه حوالي مترين.لت بعيدا عن المكان أحيطت مساحة من الأشجار التي تضررت إبان الحريق الذي مس الحديقة قبل ثلاث سنوات، وقد تحولت الأغصان والجذوع في تلك الرقعة من الحظيرة إلى اللون الأسود بعدما تفحمت كليا في ما عرف بـ « الأربعاء الأسود».
ثروة نباتية نادرة و بيئة مناسبة لتكاثر البرمائيات
توجّهنا بعدها إلى بحيرة كبيرة لا تبعد كثيرا عن الحديقة المائية، كان سطحها مغطى بالكامل بنبات دائري الشكل، حيث أوضح لنا المدير أنه «النوفر الأصفر» ويوجد نوع مثله بلون أبيض في بحيرة «طونغا»، وأن هذا النوع نادر ويقتصر على بحيرة برابطية وحدها مضيفا، أنه يشبه النبات الذي يأوي الضفادع في البحيرات، لكنه ينمو في المياه العذبة فقط وهو مؤشر واضح على نقاء مياه البحيرة. وتتزود البحيرة حسبه، من منبع عين خيار المتدفق من وادي بوعروق، الذي يصب كذلك في بحيرة الملاح الشهيرة، وتعيش في المجمع المائي عدة أصناف نباتية وحيوانية مثل البط بأنواعه على غرار البط المتوحش، ومختلف أصناف الأسماك، والضفادع المائية والسلاحف المائية، وتقع بمحاذاتها مساحة مفتوحة تزينها أشجار عالية تستقطب العائلات التي تزور الفضاء الطبيعي بشكل دائم.
بعد السير لأمتار وصلنا إلى خيمة صحراوية ضخمة، كانت مزينة بطريقة تقليدية وبها مقاعد وطاولات أرضية، وقد استراحت هناك عائلات تحتسي الشاي الصحراوي في أجواء جميلة تصنعا حفاوة صاحب المكان وهو شاب من ولاية تقرت، يقترح على زوار خيمته كذلك تشكيلة من الأطباق والمأكولات التقليدية.
غادرنا الحظيرة وكلنا شوق للعودة لزيارتها مرة أخرى، لما تزخر به من مقومات طبيعية وتنوع حيواني وبيئي، جعل منها قبلة مثالية لعشاق الطبيعة والحياة البرية من مختلف الأعمار.
حوّلت مصمّمات أزياء شابات وحرفيات في مجال الخياطة والطرز مواقع التواصل الاجتماعي إلى سوق افتراضية نشطة، للترويج وبيع مآزر مدرسية "بيرسوناليزي" مصمّمة حسب الطلب، بتفاصيل دقيقة وزخارف متنوّعة، تراعي ذوق الطفل ورغبة الأولياء على حد سواء.
كما مكنت هذه الفضاءات الافتراضية الحرفيات من إبراز إبداعاتهن التي يعتمدن فيها على تصاميم ملوّنة ونقوش مبتكرة، تتنوّع بين الرسومات الكرتونية والشخصيات الخيالية المحبّبة للأطفال.
وحسب ما أشارت إليه حرفيات تحدثن لـ«النصر»، فإن الطلب على هذا النوع من المآزر تضاعف في الآونة الأخيرة، خاصة مع اقتراب الدخول المدرسي، حيث تبحث الأمهات عن قطع مميزة وذات جودة، توفر الراحة لأبنائهن، وتمنحهم في الوقت ذاته مظهرا أنيقا ومختلفا عن المآزر التقليدية المتوفرة في الأسواق.
مآزر بعبارات تشجيعية وتصاميم شخصية بقيمة رمزية
وحسب ما لاحظناه فقد غزت صور هذه التصاميم صفحات ومجموعات الموضة على مواقع التواصل، حيث لاحظنا تنوعا لافتا في الموديلات بما يعكس اختلاف الأذواق ورغبة الأولياء في التميز، كما لاحظنا كذلك أن من بين أكثر المآزر رواجا بين الفتيات هذا الموسم، تلك التي تأتي على شكل فستان قصير الأكمام، بطيات أنيقة عند الأطراف، وحزام يلف من الخلف، ما يمنح التلميذة مظهرا أنثويا أنيقا.
كما لم تكتف الحرفيات حسب ما رصدناه بتصميم مئزر كلاسيكي وفقط بل أبدعن في تقديم تشكيلات خاصة تتضمن طباعة صورة الطفل أو اسمه واسم المدرسة على المئزر، باستخدام تقنيات الطباعة الحرارية أو إدراج رسومات ثلاثية الأبعاد.
وتضاف إلى ذلك لمسات أخرى كالتطريز اليدوي لعبارات تشجيعية مثل «أنت مميز» أو «بالتوفيق»، نزولا عند رغبة الزبائن، الأمر الذي جعل هذه المآزر قطعة شخصية تحمل قيمة رمزية إلى جانب وظيفتها العملية.
وما لاحظناه كذلك على حسابات وصفحات المصممات و الحرفيات في الخياطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هو دمج المآزر ضمن صيحات عصرية جديدة يتم تنسيقها مع باقي مستلزمات الطفل المدرسية.
بحيث تصمم حرفيات، مآزر تتماشى مع النقوش والرسومات المطبوعة على حقيبة الظهر، أو حقيبة اليد الخاصة باللمجة، أو قارورة الماء كذلك، فيظهر الطفل وهو يحمل لوازمه المدرسية كاملة في طقم متناسق، يعرف في أوساط الشباب بموضة «ماتشي ماتشي».
هذا التوجه كما أجمعت حرفيات تحدثنا إليهن، لقي استحسانا كبيرا خاصة لدى أولياء أطفال التحضيري والسنوات الأولى ابتدائي، الذين يبدون حرصا أكبر على توفير تشكيلات متكاملة لأبنائهم، ليس فقط لأجل المظهر الجميل والأنيق، بل أيضا بدافع عملي يتمثل في تسهيل تنظيم الأدوات ومنع ضياعها، باعتبار أن هذه الفئة العمرية ما تزال صغيرة وتحتاج إلى لوازم واضحة ومتناسقة يسهل تمييزها داخل القسم.
مصمّمة الأزياء أميمة منصوري
نصف زبائن الموسم الماضي عادوا لتجديد طلباتهم
أكدت الحرفية ومصممة الأزياء أميمة منصوري، البالغة من العمر 28 سنة، من ولاية تبسة، وصاحبة ماركة «مامز توش»، أن الخياطة كانت شغفها منذ الصغر، لكنها حولتها إلى مشروع فعلي خلال فترة جائحة كورونا.
ومنذ ذلك الحين، وهي تنشط في هذا المجال، حيث انطلقت عبر الإنترنت بتصاميم بسيطة تخص العرائس، مثل القبعات والإكسسوارات. غير أنها لاحظت مع كل دخول مدرسي، ارتفاعا ملحوظا في الطلب على مآزر الأطفال، وهو ما دفعها إلى ولوج هذا التخصص، خاصة وأنها كانت واثقة من دقة حرفتها وقدرتها على كسب الزبائن بجودة خياطتها. وأضافت أميمة، أن تصاميمها سرعان ما لاقت استحسانا لدى الزبائن، بفضل جودة المنتجات والاهتمام بأدق التفاصيل.وأشارت إلى أن الأولياء غالبا ما يختارون القماش بأنفسهم، مؤكدة أنها توفر خيارات متعددة مثل البوبلين والغاباردين، وكل خامة بسعرها الخاص، كما تمنح حرية اختيار الملصقات والزخارف.
وأوضحت، أن بعض الزبائن يفضلون ترك كامل الحرية لها في التصميم، بينما يحدد آخرون بدقة الألوان أو الرسومات.وأكدت الحرفية، أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدتها بشكل كبير على توسيع دائرة زبائنها، إذ باتت تتلقى طلبات ليس فقط من داخل ولاية تبسة، وإنما أيضا من خارجها، حيث يقصدها زبائن من ولايات ميلة وقسنطينة، وهران، وسطيف، وحتى من خارج الوطن على غرار تونس. كما لفتت إلى أن نصف زبائن الموسم الماضي عادوا هذا العام لتجديد طلباتهم، وهو ما يعكس ثقتهم في تصاميمها.
الإقبال مرتفع هذه السنة
وعن حجم الطلبات، أوضحت المتحدثة أن الإقبال هذه السنة كان مرتفعا للغاية إلى درجة اضطرت معها إلى توقيف استقبال طلبات جديدة مؤقتا، حتى تنتهي من تنفيذ التصاميم السابقة.
مشيرة في ذات السياق، إلى أن الطلب على المآزر يبدأ مبكرا منذ فصل الصيف، لكنه يتضاعف بشكل خاص في شهر أوت، أي قبيل أيام قليلة من الدخول المدرسي المقرر في سبتمبر. متابعة بالقول إن شريحة زبائنها تتكون أساسا من الأولياء، وأحيانا من جمعيات ومدارس خاصة.
وترى أميمة، أن السر في نجاحها هو الحرص على النوعية، فهي تفضل إنجاز طلبية صغيرة بإتقان ودقة عالية، على أن تنفذ كمية كبيرة دون نفس المستوى من الجودة. ولهذا الغرض تعتمد على جدول قياسات يغطي مختلف الأعمار، ما يسهل التعامل مع الزبائن.
الذكور أقل إقبالا
وتقول إن أكثر التصاميم طلبا هي المآزر التي تأتي على شكل فستان خصوصا للفتيات، بينما يظل الإقبال من الذكور أقل نسبيا، رغم تسجيل بعض الطلبات الخاصة لهم أيضا.
وأضافت المتحدثة، أن رغبات الأطفال تختلف فهناك من لا يفضل طباعة اسمه على المئزر، بينما يختار آخرون إضافة ملصقات أو عبارات تشجيعية.
أما سر نجاحها في جذب الزبائن الجدد، فيكمن حسبها في طريقة تصوير منتجاتها وعرضها عبر المنصات الافتراضية، حيث تولي أهمية كبيرة لإبراز التفاصيل والإتقان، مؤكدة في ذات السياق أنها تتابع جميع مراحل العمل شخصيا، لضمان أن يكون المنتوج النهائي في المستوى المطلوب.
واعتبرت أن من أسرار نجاحها أيضا إضافة لمسة إنسانية، إذ تحرص على إرفاق كل مئزر بهدية صغيرة موجهة للطفل أو للأولياء، تعبيرا عن الامتنان ورغبة في كسب ود الزبائن وتشجيعهم على التعامل معها مجددا.
«مشروع موسمي مربح»
من جهتها، أكدت صاحبة علامة «أم أميرة للخياطة»، أن موضة هذه السنة في عالم مآزر الأطفال المدرسية، اتجهت نحو تصميم يشبه الفستان، ينجز عادة باستعمال قماش البوبلين، مع اعتماد اللون الوردي البسيط والهادئ. وأوضحت المتحدثة، أن أسعار المآزر تختلف تبعا لنوعية القماش المستعمل، والتصميم المختار، والتطريزات المضافة، لافتة إلى أن الإقبال الكبير على المآزر المخصصة جعل من هذا النشاط التجاري مشروعا موسميا مربحا تحرص على ممارسته مع كل دخول مدرسي.
وأكدت الحرفية، أن زبائنها يتوزعون على مختلف ولايات الوطن وينتمون إلى شرائح اجتماعية متعددة، حيث تزداد طلباتهم بشكل ملحوظ مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس.
موضحة في ذات السياق، أنها تراعي في تصميماتها أن تكون الألوان هادئة ومريحة للعين، خاصة الوردي بدرجاته، مع رسومات واضحة وبسيطة تتماشى مع شخصية الطفل وتمنحه مظهرا مهذبا داخل القسم. وتضيف، أن عملها يعتمد أيضا على الاستلهام من تصاميم عالمية حديثة لضمان مواكبة الموضة و«التوندونس» في مجال أزياء الأطفال.
أما بخصوص الرسومات الكرتونية الأكثر طلبا، فذكرت الحرفية بأن شخصيات مثل «دورا»،و«فلة»،و«ماشا» لا تزال تتصدر اختيارات التلاميذ، حيث تضفي لمسة طفولية على المآزر وتجعلها أكثر قربا من عالمهم.
لينة دلول
زاد اهتمام الشباب بكمال الأجسام، ولم تعد الممارسة مقتصرة على الصورة النمطية المرتبطة بتشكيل الجسد و إبراز عضلاته بشكل لافت بل صارت هذه الرياضة تندرج ضمن مفهوم الحياة الصحية والحصول على كتلة عضلية قوية ومتناسقة تجمع بين الجمال و الصحة واللافت أن هذه المعادلة لا تقتصر اليوم على الرجال فحسب، بل تشمل الإناث وشريحة من المراهقين كذلك.
من صالات الأحياء الشعبية في قسنطينة، إلى المراكز المجهزة بأحدث العتاد، يزداد الإقبال على هذه الرياضة بشكل غير مسبوق، سواء من فئة الشباب الباحثين عن تحسين مظهرهم، أو من نساء يرغبن في الحفاظ على لياقتهن، وتلاميذ ثانويات يهدفون لتعزيز ثقتهم بأنفسهن.
وبين الهوس بالمظهر والتقليد الأعمى من جهة، والوعي والانضباط من جهة أخرى، يظل الخط الفاصل رفيعاً فيما يتعلق بدوافع كل فرد لممارسة هذه الرياضة، مع ذلك يؤكد مدربون أن طبيعة الهدف تحدد نوع النتيجة فإما أن تكون إيجابية أو سلبية، لأن الممارسة الصحيحة تعتمد على الانضباط، والقدرة على الاستمرار، والتغذية المتوازنة، و الاعتماد على تدريب جيد، في المقابل يؤدي اللجوء للحلول السريعة مثل المكملات الغذائية و الحقن وغيرها إلى إيذاء الكتلة العضلية واحتمال خسارتها نهائيا.
فضاءات مكتظة بالشباب في قلب المدينة
يقول محمد، صاحب صالة رياضية معروفة بوسط مدينة قسنطينة «أنشط في المجال منذ أكثر من 12 سنة، وجل خبرتي في كمال الأجسام، واليوم ألاحظ فرقاً هائلاً في حجم الإقبال بين الماضي والحاضر، ففي السابق كان عدد الممارسين محدوداً، أما الآن فالإقبال تضاعف بشكل ملحوظ، خاصة من الشباب الذين أصبحوا أكثر اهتماماً بأجسامهم ومظهرهم».
كان كل شيء داخل الصالة يوحي بالانضباط والجدية، فالأجهزة متوفرة بكثرة، والمدربون يرافقون المبتدئين خطوة بخطوة، وحتى الجانب الغذائي يجد مكانه في النقاشات كما لاحظناه خلال سويعات قضيناها هناك.
أضاف محدثنا وهو يصف الأجواء في القاعة الرياضية: «نحن لا نكتفي بمرافقة الشباب في التمارين، بل نهتم أيضاً بالجانب الغذائي، لأنه الأساس في هذه الرياضة، فبدون تغذية سليمة لا يمكن تحقيق أي نتيجة مهما كانت قوة التمارين».
شروط مسبقة تحدد إمكانية الالتحاق بالتدريبات
أخبرنا حسن، مدرب في الصالة، بأن تدريبات كمال الأجسام تستقطب اهتمام مراهقين جلهم من تلاميذ الطور الثانوي، كما أنها تحظى باهتمام متزايد من قبل النساء كذلك، ولذلك فإن خصوصية هذه الفئة من الراغبين في التسجيل تفرض الحاجة إلى وضع شروط صارمة تحدد إمكانية التحاق الفرد ببرنامج التدريب من عدمها.
وقال محدثنا، بأن الوقاية تأتي في مقدمة الأولويات لأن هذه الرياضة تندرج ضمن خانة رياضات التحمل وتتحمل قدرة عالية على ذلك موضحا :» كل متدرب جديد مطالب بتصريح طبي إلى جانب اشتراط فحص القلب وذلك للتأكد من أن جسده مستعد للتأقلم مع متطلبات الرياضة، والأمر ليس شكلياً أبدا بل يعد ضروريا جدا لتفادي أي خطر صحي».
ويضيف: «نستقبل الفئات العمرية ابتداءً من 18 سنة فما فوق الخمسين أما من هم دون ذلك فلا ننصحهم أبداً بممارسة كمال الأجسام، لأن أجسادهم ما تزال في طور النمو وقد يتأثر هرمون النمو بشكل سلبي».
وتعكس هذه الصرامة وعياً متزايداً لدى أصحاب قاعات الرياضة بأهمية السلامة حسبه.
الإنترنت ليس مدرباً وهذه أكثر المغالطات شيوعا
من بين الظواهر السلبية التي تواجه هذه الرياضة، التقليد الأعمى لما يُعرض على منصات التواصل، كما يذهب إليه الهادي مدرب بقاعة رياضية بحي سيدي مبروك، قائلا:» أكثر الأخطاء شيوعاً هي التدرب بعشوائية أو تقليد فيديوهات من الإنترنت، إضافة إلى رفع أوزان ثقيلة منذ البداية، أو إهمال النوم والأكل الصحي. هذه الأمور كلها تعيق التطور وتسبب إصابات خطيرة».
ويشرح المدرب مبادئ هذه الرياضة من منظور علمي موضحا : «كمال الأجسام يقوم على فكرة بسيطة وهي تمزيق الأنسجة العضلية بواسطة الأوزان، ثم تركها تستريح لتُبنى من جديد عبر الاستشفاء العضلي، إنها فلسفة العضلة بين البناء والهدم».
مضيفا: «عملية الاستشفاء لا تتم إلا بثلاثة عناصر أساسية: الغذاء، النوم والفيتامينات. لذلك أقول دائماً لمن أدربهم من رياضيين وهواة إن العضلات تبنى في وقت الراحة وليس أثناء التمرين فقط».
ويفرق محدثنا، بين هدفين رئيسيين للممارسة أولهما زيادة الكتلة العضلية وهي مرحلة تحتاج حسبه، إلى غذاء غني بالبروتين والكربوهيدرات والدهون، تليها مرحلة التنشيف، ويعتمد خلالها الجسم على البروتين مع تقليل الدهون والكربوهيدرات إلى الحد الأدنى».
الهرمونات والحقن خطر صامت
ويحذر المدرب، بشدة من استعمال الهرمونات والحقن، واصفاً إياها بـ»الخطر الصامت»، وقد أوضح بهذا الخصوص :» قد تمنح هذه المركبات والمكملات نتائج سريعة، لكنها تدمر الصحة وتؤدي أحياناً إلى العقم أو أمراض قلبية خطيرة».
مشيرا في سياق حديثه، إلى أنها مكملات غير مناسبة تماما للنساء اللواتي دخلن عالم «الحديد» بثقة في السنوات الأخيرة، فلم تعد قاعات كمال الأجسام حكراً على الرجال حسبه بل صارت مستقطبة للشابات كذلك.
من جهتها، أوضحت علياء مدربة بذات القاعة الرياضية وحاصلة على شهادة ماستر في التدريب الرياضي، أن العنصر النسوي أصبح حاضراً بقوة في رياضات التحمل والقوة معلقة على الأمر : « النساء أصبحن أكثر وعياً بأهمية الرياضة، والكثيرات يأتين لأهداف مختلفة منها إنقاص الوزن، وتحسين اللياقة، أو حتى تعزيز الثقة بالنفس».
وتضيف: «تدريب النساء يختلف عن الرجال، فهو يعتمد غالباً على الأوزان الخفيفة والمتوسطة مع برامج غذائية متوازنة. أما بالنسبة للحوامل، فهناك برامج خاصة تراعي وضعهن الصحي، بل إن بعض الأطباء ينصحون بها لتسهيل الولادة الطبيعية».
وتشير المدربة، إلى أن كمال الأجسام لدى النساء لا يقتصر على الجسد فقط، بل يمتد إلى الجانب النفسي قائلة : «الرياضة تخفف التوتر وتساعد على التوازن العاطفي، وهذا جانب مهم في حياة المرأة».
المكملات ليست بديلاً عن الغذاء الطبيعي
في شارع تجاري بقسنطينة، يملك فريد محلاً لبيع المكملات الغذائية التي يستهلكها عادة من يمارسون رياضة كمال الأجسام، ويشرح صاحب المحل طبيعة هذه المنتجات قائلاً: «المكملات ليست بديلاً عن الغذاء الطبيعي بل مكمل له. أغلب البروتينات تستخرج من مصل الحليب، وتضاف إليها فيتامينات ومواد أخرى مثل الكرياتين».
ويعدد محدثنا الأنواع موضحا :» البروتين سريع الامتصاص: مناسب بعد التمرين مباشرة، والبروتين بطيء الامتصاص يمد الجسم بالعناصر تدريجيا، أما بروتين الضخامة فيحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات لزيادة الوزن».
لكن رغم هذه الفوائد، يحذر الشاب وهو خريج كلية العلوم البيولوجية بجامعة قسنطينة1، من مخاطر استهلاك هذه المكملات دون توجيهات المدربين الرياضيين، وحتى أخصائيي التغذية معلقا:» يزورني العديد من المختصين في مجالات الرياضة والتغذية، وكثيرا ما نتحدث عن فعالية هذه المكملات ومخاطرها أيضا، فالإفراط في الاستهلاك أو شراء منتجات مجهولة المصدر مثلا، قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل ضعف الكلى، لذلك أنصح زبائني دائماً باستشارة المدرب أو الطبيب قبل الاستعمال».
وحسب علياء، المختصة في مجال التدريب الرياضي، فإن مواقع التواصل من العوامل التي ساهمت في انتشار موضة أو ثقافة كمال الأجسام، لأن صور الرياضيين المحترفين المنتشرة على «إنستغرام» و»تيك توك» دفعت شبابا كثرا إلى تقليدهم.
مع ذلك تحذر المتحدثة، من هذا التقليد موضحة: «ليس كل ما يراه الإنسان على الإنترنت قابل للتطبيق فالظروف، النظام الغذائي، وحتى الإمكانيات تختلف تماماً». مشيرة، إلى أن كمال الأجسام رياضة مفيدة بلا شك، وتعزز القوة البدنية وتمنح الجسم شكلاً متناسقاً، لكنها أيضاً رياضة صعبة تتطلب معرفة وانضباطاً، وأي خطأ بسيط في التمرين أو النظام الغذائي قد يكلف الرياضي صحته أو حتى حياته، مؤكدة بأن «العضلة لا تُبنى بالحديد فقط، بل بالعقل والانضباط». وكمال الأجسام حسبها ليس تقليدا لأجل المظهر بل أسلوب حياة يجب أن يختاره الشباب انطلاقا من الوعي بأهمية الرياضة عموما.
عبد الغاني بوالودنين
يصعب التفريق على «السوشل ميديا» بين صور المستخدمين الحقيقية والمعدلة أو الملتقطة بواسطة «فلاتر» يختارونها حسب ما يريدون تغييره في ملامحهم، فيما يعتمدون أحيانا على برامج خاصة أكثر تطورا خصوصا مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، فلا تكاد تفرق بين ملامح الشخصية الحقيقة ونسختها المنقحة من شدة تطابقهما.
إينــاس كبيـر
تغيرت معايير الجمال في الألفية الجديدة المتأثرة بمخرجات التكنولوجيا الحديثة، فسابقا كان الفرد يُعجب بملامح أشخاص حقيقيين يظهرون في المسلسلات والبرامج المعروضة على التلفاز خصوصا الغربية منها، وحتى تعامل المشاهير مع مظهرهم أخذ أبعادا أخرى، فقد أصبحت برامج تعديل الصور المتطورة و»فلاتر» الصور تنافس المكياج وعمليات التجميل، لتظهر الشخصية بجسد مثالي خال من العيوب وملامح وجه مثالية، ما دفع متابعين لتصيد ظهور هؤلاء أمام الكاميرا بملامحهم الحقيقية، مطلقين تعليقات حول أجسادهم وتفاجئهم من حالة بشرتهم التي تكون عادية وأحيانا منهكة من كثرة استخدام مستحضرات الجمال، أو بروز علامات التقدم في السن عليها.
ملامح الشخصيات الكرتون مقابل الصورة الحقيقية
وتعدى الأمر من تصفية الصورة وتعديلها لتصبح أكثر وضوحا، إلى تغيير ملامح الشخص في حد ذاته، فيكفي أن يختار المستخدم أي «فلتر» سواء في «سنابشات»، «إنستغرام»، و»تيك توك» حتى تنعكس ملامح افتراضية على الحقيقية سواء كانت «سيلفي» أو «فيديو» فتتوسع العين ويتغير لونها، مع تكبير حجم الشفاه، وكذا شكل الأنف الذي يصبح منحوتا وأقل حجما من الحقيقي.
ولاحظنا أيضا أن «الفلاتر» التي يوفرها «سناب شات»، تقترح شخصيات وهمية، أو تشبه المستخدم، أو مشاهير من العالم، ناهيك عن إعدادات تساعد الشخص على تطبيق تعديلات تجميلية سواء على أنفه شعره، أو الشفاه، فيختار النسبة التي يراها متوافقة مع طبيعته، ناهيك عن تغييرات أخرى تجعل الشخص بملامح شرق آسيوية خصوصا الكورية. ولا يضطر مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي إلى وضع صورته الحقيقية على حساباته، فالموقع المُختار يقترح إنشاء شخصية «آفاتار» تُمنح له الحرية في جعلها قريبة من الشخصية الحقيقية ملمحا ومظهرا، وقد وجده من لا يرغبون في وضع صورهم الحقيقية حلا لهم يخفون به هوياتهم.
فيما انتشر مؤخرا «ترند» تحويل الصورة إلى نسخ كرتونية مقتبسة من «أستوديوهات» «غيبلي» و»ديزني»، وتتم العملية بعد تحميل الصورة الحقيقية على تطبيق «تشات جي بي تي» ثم إعطائه أوامر بتحويلها إلى رسم كرتوني، وقد لاقت تفاعلا واسعا معها ونشر مستخدمون صورهم على حساباتهم الشخصية، واعتمدها آخرون كصور «بروفايل» ليظهروا بصورة افتراضية بعيدة عن الواقعية.
ومما يثير الاستغراب حول هذه الظاهرة، أن شركات أصبحت تشترط في إعلانات البحث عن موظفين أن تكون الصورة المرفقة في السيرة الذاتية حقيقية غير معدلة بـ»فلتر».
* الأخصائية النفسانية العيادية ريمة هزيل
استخدام «الفلتر» مرتبط باضطراب الصورة الذاتية
أوضحت الأخصائية النفسانية العيادية، ريمة هزيل، أن عدم تقبل الشخص لنفسه تعد مشكلة عميقة مع صورته الذاتية، لذلك لا يتجرأ على مواجهة الناس دون التعديل عليها.
وأرجعت أسباب ذلك، إلى اهتزاز ثقته بنفسه منذ الصغر، تعرضه للتنمر على شكله، أو جسمه، أو لونه، ما يشكل لديه ثغرات في شخصيته وعندما يصل لمرحلة الخروج إلى الناس يكون مضطرا للتعديل على صورته الحقيقية حتى يرضى عنها، لأن الأصلية تكون مشوهة لديه.
وتضيف، أن الشخص عندما يرى صورته المعدلة بـ»فلتر» يصبح غير قادر على تقبل نفسه بدونها، وهنا يحصل شرخ كبير لأن الأسباب التي ذُكرت سابقا لم تُعالج. وتؤثر المقارنات مع مشاهير ونجوم أجروا عمليات تجميل على حالته أيضا، إذ يحب التشبه بهم أو الاقتراب من صورتهم التي تكون نموذجا مثاليا لمعايير الجمال بالنسبة له.
وقالت الأخصائية، إن الشخص الذي يذهب إلى جراح تجميل حاملا صورة معدلة ويطلب منه أن يغير شكله حتى يتشبه بها، يعاني من الهوس وحالته متأزمة، وأردفت أنه من الصعب إقناعه بالعذول عن رأيه إذا لم يعالج الجذر النفسي.
وكشفت هزيل، أن من 10 إلى 15 بالمائة هي نسبة الأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل مع صورهم الذاتية، بينما ترفض بقية الحالات التي تزورها في العيادة تقبل الواقع، وفي هذه الحالة من الصعب حسبها، أن يتقبل هؤلاء سلوكياتهم واضطراباتهم النفسية.
وتضيف، أن هناك حالات لا تستطيع أصلا التعبير عن مشاعرها بسبب الانعزال عن الذات وعدم القدرة على التواصل الداخلي، فيشبع المعنيون فراغهم العاطفي وإصلاح اختلال صورتهم الذاتية بفرط الاهتمام بالمظهر الخارجي خصوصا الجسم و اللباس.
ولفتت الأخصائية النفسانية العيادية، ريمة هزيل، إلى أن الشخص عند خضوعه للعلاج النفسي يجب أن يعترف أمام نفسه أنه يعاني من خلل الصورة الذاتية ويجد صعوبة في تقبل نفسه، ثم يتوجه إلى مختص ليعطيه الجذور النفسية العميقة لهذه النقاط لمعالجتها من أعماقها، والوصول إلى الشفاء الداخلي.كما تطرقت المتحدثة أيضا، إلى الظهور بصور معدلة في العلاقات الاجتماعية خصوصا عند عقد رابطة الزواج. وأكدت أن ذلك يؤثر على الشريك الذي يرتفع سقف توقعاته اتجاه شريكه سواء في المظهر أو السلوك، أو التوافق الفكري ما يسبب خيبة تزعزع العلاقة، ونصحت أن يكون الشخص على طبيعته في مرحلة التعارف تفاديا لأي تأثيرات سلبية.
* المختص في الجراحة وطب التجميل، الدكتور الهادي زيتوني:
هناك مبالغة وهوس بعمليات التجميل
من جهته، كشف الدكتور الهادي زيتوني، مختص في الجراحة وطب التجميل، عن حالات كثيرة لزبونات يأتين له بصورهن ملتقطة بواسطة «فلتر»، وأخرى لممثلات أو مغنيات ويطلبن منه تطبيق نفس الملامح على مظهرهن، الأمر الذي وصفه أنه يقترب من الاضطراب النفسي.
وأردف، أن بعضهن مصابات بهوس التجميل ويصل بهن الحد إلى المبالغة في تغيير أشكالهن خصوصا المتأثرات بالمشاهير، ومن يعتبرن هؤلاء معيارا للجمال بغض النظر عما إذا كانت صورهم حقيقية أو معدلة. وأوضح الدكتور، أن طبيب التجميل لا يستطيع تحويل شخص إلى نسخة عن آخر ومهمته هي التعديل فقط.
وعن الفئة العمرية المهووسة بهذه العمليات، قال :» ف السابق كنا نسجل إقبالا من البالغات بين 18 إلى 30 سنة، لكن السلوك انتشر في السنوات الأخيرة بين سيدات تعدين الأربعين من العمر». ويزيد الطلب وفقا له على عمليات شفط الدهون، وتعديل القوام إما لتكبير أو لتصغير عضو معين. أما بالنسبة للوجه فترغب زبونانه في حقن الفيلر، والبوتكس، وعلاج التجاعيد، وتغيير شكل الشفاه.
وتتحول عمليات التجميل إلى هوس عند التعود المبالغ والإكثار منها حسب زيتوني، موضحا أن هناك سيدات يخترن إجراء تعديلات بسيطة مع الحفاظ على ملامحهن الحقيقية، وذكر في هذا السياق أنه يرفض إجراء عمليات للفئة الأولى أي من يعانين من الهوس، خصوصا وأن حالتهن تكون غريبة وتقترب من الاضطراب النفسي، فلا تقتنع المعنية بالنتيجة المحققة مهما برع الطبيب الجراح فيها، ناهيك عن اللواتي يأتين له بصور ويطلبن أن يتشبهن بصاحباتها، الأمر الذي صعب من عملهن كأطباء جراحين.
ونصح المتحدث، هذه الفئة أن يكون طلبها معقولا دون مبالغة وقابلا للتنفيذ، وأفاد أنه كلما ارتفع سقف تطلعات الزبونة كلما زادت نسبة الخطورة الصحية.
كما نبه إلى تفادي الذهاب إلى مراكز التجميل التي تديرها حلاقات، وتكون غير خاضعة لمعايير صحية، ولا يشتغل بها أطباء جراحون متخصصون. وذكر موقفا حصل معه مع إحداهن قائلا إنه اكتشف أنها تقدم خلطات وحقن لزيادة الوزن تمزجها بأدوية «كورتيكوئيد» وعندما واجهها تحججت بأن الجرعات صغيرة.
إ.ك
يعتبر الميناء القديم بمدينة القالة في ولاية الطارف، من أبرز المعالم التاريخية للمنطقة فقد شكل واجهة بارزة للملاحة منذ قرون، ومحطة رئيسية للعبور في البحر الأبيض المتوسط على خلاف ما يعرفه اليوم من هدوء تام، خاصة بعد دخول الميناء الجديد حيز الاستغلال، ليتحول المرفأ السابق إلى مكان أقل استقطابا للصيادين، لكنه أكثر حركية فيما يخص الجانب السياحي.
إعداد: حاتم بن كحول
ويتميز هذا الميناء الواقع في وسط مدينة القالة بجمال ساحر، بفضل هندسته الفريدة من نوعها وحفاظه على شكله القديم قدم السفن والبواخر الصغيرة التي ترسوا على فيه، إضافة إلى مياهه الصافية عكس الكثير من الموانئ الأخرى التي تعرف تلوثا بسبب الرمي العشوائي وزيوت محركات البواخر والقوارب.تواجدت النصر في هذا الميناء التاريخي في حدود منتصف النهار، أين وقفنا على طبيعة خلابة تحيط بميناء صغير، به حوالي 50 قارب صيد و 9 سفن متوسطة الحجم، تحمل كل واحدة اسما معيّنا، فيما كان بعض الصيادين ومساعديهم بصدد نقل كميات من أسماك السردين، وكان البعض الآخرون منشغلين بعمليات صيانة على مستوى تلك القوارب.
في الجهة المقابلة اصطف الزوار المكان أمام بعض السفن لالتقاط صور تذكارية، خاصة وأن هذا الميناء فريد وجذاب، يحمل جانبا من الخصوصية الجغرافية للبحر الأبيض المتوسط التي تمتزج بين اخضرار الأشجار، وزرقة المياه الصافية، والمباني العتيقة التي تُركت على حالها لمئات السنوات، على شاكلة مباني مدينة «نابولي» بأقصى جنوب إيطاليا.
ترسو به أقدم سفينة في الوطن
أكد لنا صيّادون كانوا بصدد تنظيف سفنهم والقيام بعمليات صيانة روتينية، أن أقدم سفينة على المستوى الوطني تتواجد في هذا الميناء، ويتعلق الأمر بسفينة صنعت سنة 1924، لا يزال صاحبها إلى اليوم يستغلها في نشاط الصيد، رغم الصعوبات التي يعاني منها يوميا بسبب أشغال الصيانة المتكررة سواء على مستوى المحرك، أو قطع الغيار، أو هيكلها البالي.وأضاف المتحدثون، الذين استقبلونا بحفاوة، أن الميناء يعتبر من أقدم الموانئ على المستوى الوطني، بل كان عبارة عن واجهة بحرية تشكّل معبرا حيويا للملاحة والتجار في البحر الأبيض المتوسط، يجذب السفن والبواخر من عدة دول إفريقية وأوروبية كذلك و على غرار إيطاليا وإسبانيا.ويكمن السر وراء أهمية هذا الميناء، في تميز شواطئ القالة بمادة المرجان ومواد طبيعية أخرى، ما جعل المدينة مستهدفة من القوات الأجنبية في تلك الفترة، طمعا في استغلال تلك الثروات، إلا أن حراس المنطقة كانوا يعرفون حسب رواية الصيادين، بأنهم من أقوى الحماة والمدافعين في الإقليم المتوسطي. ولاحظنا أن الهدوء يخيّم على الميناء، فباستثناء بعض الزوار الذين يعرفون قيمة المكان، لم يكن عدد السفن كبيرا ولا حتى عدد الصيادين، وقد أوضح محدثونا أن جل الصيادين يستعملون الميناء الجديد بمحاذاة شاطئ المرجان، بالنظر إلى شساعة مساحته التي تتيح حسبه ركن أزيد من 200 سفينة وباخرة.
منطقة استقطاب سياحي ليلا
وعلى عكس هدوئه الغريب نهارا، يتحول الميناء القديم شبه المهجور، إلى منطقة حيوية تعج بالزوار في الفترة المسائية وخاصة في الليل، وتحديدا على مستوى «الكورنيش»، الذي لا يقل جمالا عن الميناء بفضل الإضاءة العالية، ورصيفه الواسع الذي يتوفر على كراسي خشبية وحديدية مثبتة في الأرض.
بدت الأجواء في الميناء مختلفة كليا في الليل، حيث لاحظنا توافدا كبيرا للعائلات والشباب انطلاق من وسط المدينة، أين كانت الحركة كثيفة نحو المنطقة، وكذلك الأمر بالنسبة للطرقات الضيقة التي تؤدي إليه والتي كانت مزدحمة، زيادة على صعوبة الركن في الأماكن القريبة نظرا للعدد الكبير من المصطافين الذين حجوا إليه مساء.
وقد استغل بعض شباب القالة فرصة هذا الإقبال من أجل كسب قوت يوميهم، من خلال استحداث أكشاك خدماتية متنوعة، ناهيك عن فضاءات للإطعام تقدم الشواء والحلويات المعروفة لدى الأطفال على غرار حلوة القطن أو شعر البنات، والفشار «البوبكورن»، والمثلجات ، إضافة إلى أكياس «شيبس» والتفاحة المغطاة بالحلوى.
كما يستغل شباب التراث التاريخي لمدينة القالة، وذلك من خلال صنع وبيع مجسمات لأهم المعالم، و لشعب المرجان، وبعض الحيوانات البحرية، والأسماك النادرة، إضافة إلى مجسمات صغيرة لسفن قديمة، وألعاب بحرية، فيما فضّل البعض بيع خواتم وسلاسل وقلائد تقليدية مصنوعة من مادة المرجان التي تتميز بها مدينة القالة. كما لاحظنا عرض سيارات ودراجات صغيرة كهربائية للكراء موجهة للأطفال الصغار، فيما استغلت مساحات أخرى في وضع ألعاب مثل « الترونبولين» و المزالج البلاستيكية.
وكانت الحركية في الليل كبيرة جدا على مستوى كورنيش الميناء، وكأن المنطقة استيقظت ليلا بعد سبات دام طيلة النهار، حيث كانت العائلات تجوب المحلات والأكشاك مستمتعة بالطقس وصوت مياه البحر التي تتحرك عليها القوارب الصغيرة يمينا وشمالا بفعل الرياح الخفيفة.
وشغلت عائلات الكراسي والطاولات لتناول وجبات ساخنة أو باردة مستمتعة بتلك الأجواء وقد لاحظنا أن أرقام لوحات ترقيم المركبات المركونة بمحاذاة الميناء ترمز لعدة ولايات شرقية، وجنوبية، وأخرى من الغرب الجزائري، على غرار قسنطينة، سطيف، قالمة، سوق أهراس، بسكرة، تقرت، بلعباس وسعيدة.