يتحضر التلاميذ للعودة إلى المدارس بداية من الأحد المقبل، وتعتبر اللمجة المدرسية من العوامل المهمة في الحفاظ على تركيزهم أثناء الحصص الدراسية، حيث تلعب دورا حيويا في تزويدهم بالطاقة اللازمة لمواصلة الأنشطة الذهنية والبدنية.
لينة دلول
يؤكد المختص في التغذية عادل بن سالم، بأن التلاميذ الذين يحصلون على تغذية سليمة بين الحصص يكونون أكثر قدرة على الاستيعاب والمشاركة الفعالة في الدروس ما يسهم بحسبه، في رفع تحسين مردودهم الدراسي.
وقد أظهرت الدراسات، أن التلاميذ الذين يتناولون وجبات خفيفة صحية خلال اليوم الدراسي، يكونون أكثر قدرة على حل المشكلات والتركيز في المهام الموكلة إليهم مقارنةً بمن يتناولون أطعمة غنية بالسكريات أو الدهون الضارة، كما أن تناول وجبة خفيفة صحية يحسن المزاج، ويقلل من التوتر والقلق الذي قد يؤثر سلبا على التحصيل الدراسي.
تحافظ على تركيز التلاميذ خلال الحصص
وبحسب أخصائي التغذية، عادل بن سالم، فإن اللمجة المدرسية لها أهمية كبيرة على صحة التلاميذ، فهي التي تحافظ على تركيزهم أثناء الحصص الدراسية، و تلعب دورا حيويا في تزويدهم بالطاقة اللازمة لمواصلة الأنشطة الذهنية والبدنية خلال اليوم الدراسي.
وأكد المتحدث، أن تناول لمجة خفيفة متوازنة يساعد على استقرار مستوى السكر في الدم لدى الطفل، و يضبط مؤشر الانتباه لديه كما يمنع شعوره بالإرهاق أو النعاس، مضيفا بأن التلاميذ عندما يحصلون على تغذية سليمة بين الحصص، يكونون أكثر قدرة على الاستيعاب والمشاركة الفعالة في الدروس، ما يساهم بشكل مباشر في تحسين أدائهم وتعزيز قدرتهم على التعلم.
وأضاف الأخصائي، أن الأطفال يستهلكون الكثير من الطاقة أثناء التعلم الأمر الذي يتطلب إعادة شحن أجسامهم بانتظام، مع الحرص على أن تكون اللمجة التي يتناولونها غنية بالعناصر الغذائية المتنوعة مثل البروتينات و الكربوهدرات المعقدة، وكذا النشويات، والدهون الصحية التي تحافظ على مستوى ثابت من الجلوكوز في الدم.
ويعد هذا البرنامج الغذائي ضروريا بحسبه، لتزويد الدماغ بالطاقة اللازمة، و تعزيز القدرة على التفكير والتركيز لفترات طويلة، مؤكدا بأنه عندما ينخفض مستوى الجلوكوز في جسم التلميذ، يبدأ هذا الأخير بالشعور بالإرهاق وعدم القدرة على الاستيعاب.
جميع العناصر الغذائية مهمة للأطفال
وأضاف المتحدث، أن جميع العناصر الغذائية الموجودة في الوجبات، مفيدة ومهمة لجسم الإنسان، بالرغم من وجود بعض المكونات التي لا تمد الجسم بالطاقة إلا أنها مفيدة لعملية الأيض في جسم الإنسان.
وحسبما أوضح الأخصائي، فان جسم الطفل يأخذ نسبة 55 بالمئة من الطاقة من النشويات، و 15 بالمئة من البروتينات، و 30بالمئة من الدهون، فيما يحصل الجسم على نسب متباينة من الطاقة في العناصر الأخرى المتمثلة في الفيتامينات والأملاح المعدنية والماء.
وقال المتحدث، بأن الكربوهيدرات التي تعد المصدر الرئيسي للطاقة التي يحتاجها الجسم والدماغ، يتحصل عليها الطفل من خلال الخبز، والشوفان والبسكويت، فيما يتحصل على البروتينات الضرورية لبناء العضلات والأنسجة وتعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول من البيض المسلوق والجبن، واللوز والمكسرات، ومن الدجاج أيضا.
وأوضح أخصائي التغذية، بأن النظام الغذائي السليم له تأثير كبير على الذاكرة طويلة المدى والقدرة على الاسترجاع، فالعناصر الغذائية مثل الأوميغا-3 والبروتينات الموجودة في الأطعمة الصحية، يمكن أن تساعد على تعزيز قدرة التلاميذ على تذكر المعلومات بشكل أفضل وتحسين أدائهم في الاختبارات.
اللمجة يجب أن تكون متوازنة خلال حصة الرياضة
وأكد بن سالم، أن التلميذ خلال حصة الرياضة، يحتاج إلى طاقة إضافية للحفاظ على نشاطه البدني وتعويض ما يفقده من سوائل ومواد غذائية، لذلك يجب أن تكون اللمجة التي يتناولها قبل أو بعد حصة الرياضة متوازنة وتحتوي على العناصر الغذائية التي تزوده بالطاقة وتساعده على التعافي بعد المجهود.
وأضاف المتحدث، أن الترطيب مهم جدا أثناء النشاط البدني، إذ يجب التأكد من شرب كمية كافية من الماء قبل وأثناء وبعد حصة الرياضة، كما يمكن شرب عصير طبيعي خال من السكر لإعادة توازن السوائل والمعادن التي يفقدها الجسم أثناء التمرين.
اللمجة غير الصحية لها تأثير سلبي على تركيز الأطفال
وأشار المختص، إلى أنه لا توجد اختلافات كبيرة في الاحتياجات الغذائية بين الفئات العمرية للأطفال المتمدرين، وذلك لأن جميع العناصر الغذائية مهمة لجسم الإنسان، إلا في بعض النقاط كمستوى النشاط، وحالة الصحة العامة للطفل والتي تحددها كمية الغذاء الذي يتناوله.
وقال المتحدث، بأن الأطفال الصغار يحتاجون في مرحلة نموهم إلى طاقة كافية لدعم نموهم الجسدي، والعقلي حيث تطلب أجسامهم ما يقارب 1400 حريرة، يجدونها في البروتين و الكالسيوم و الفيتامين و الحديد،إضافة إلى الكربوهيدرات المعقدة، أما الأطفال الأكبر سنا فتزداد بحسبه، حاجتهم إلى الطاقة قبل دخولهم مرحلة المراهقة، حيث يبدأ الجسم بالنمو بسرعة لذا يتناولون الوجبات التي تمدهم على الأقل بـ 1700 حريرة، يجدونها عموما في الأسماك و اللحوم والحليب، والحبوب الكاملة،إلى جانب الفواكه و الخضروات الملونة كذلك.
ويفضل بحسب المتحدث، استشارة الأولياء لأخصائي التغذية إذا كانت لديهم تساؤلات حول الوجبات الصحية والمناسبة لعمر الطفل، وذلك بدلا من أن يقدموا له وجبات قد تكون غير صحية ومضرة أكثر لجسده.
وحذر الأخصائي، من إعطاء الأطفال لمجة غير صحية، تفتقر إلى القيمة الغذائية وتحتوي على كميات عالية من المكونات الضارة، مثل الدهون المشبعة، بالسكريات المضافة والملح، لكونها توفر طاقة مؤقتة، وتؤدي إلى مشاكل صحية على المدى الطويل أبرزها السمنة والمشاكل الهضمية، ناهيك عن تأثيرها السلبي على التركيز والأداء الدراسي للأطفال.
هكذا نتصرف مع أطفالنا الذين يعانون من فقدان الشهية
وبحسب الأخصائي، فإن التعامل مع الأطفال الذين يعانون من فقدان الشهية يتطلب الصبر والتفهم، حيث يمكن أن يكون السبب جسديا أو نفسيا، وأول خطوة يجب على الأولياء القيام بها استشارة طبيب الأطفال للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تسبب فقدان الشهية، مثل نقص الحديد أو اضطرابات في الجهاز الهضمي، كما حذر من الضغط على الطفل لتناول الطعام أو استخدام القوة، لأن ذلك قد يزيد من مقاومته للطعام ويؤدي إلى زيادة التوتر أثناء الوجبات.
وينصح بن سالم، بتقديم الطعام للطفل بشكل جذاب وممتع، وتحديد وقت منتظم للوجبات، ومشاركة الطفل في تحضير الطعام، و تغذيته عن طريق وجبات صغيرة ومتكررة لتعديل شهيته، مؤكدا بأن فقدان الشهية قد يكون مرحلة مؤقتة يمر بها الطفل.
ومن أحسن الوجبات التي يمكن أن تساعد على تغذية التلميذ بشكل جيد خلال يومه الدراسي ما يلي:
- البيض المسلوق: يعد البيض من المصادر الغذائية الغنية بالبروتينات، هو سهل الهضم كما يمكن لطفلك أن يتناوله بدون تعقيد، مع إضافة بعض العناصر المفيدة كالخضروات المقطعة مثل الجزر الخيار.
-الخبز الكامل: هو خبز لونه أسمر مصنوع من الحبوب الكاملة يشعر الطفل بالشبع لوقت طويل و مفيد لصحته، يعتبر أحسن من الخبز الأبيض المصنّع وهو مفيد جدا لتغذية الجسم والشعور بالشبع خاصة إذا كانت اللمجة متكاملة وغنية بالبروتينات و الخضروات و الفواكه.
-الفشار: للفشار فوائد صحية وتحديدا الفشار المعد منزليا وغير المحلى، والذي يمكن أن يعوض السكريات و الحلويات ويغذي جسم الطفل الذي سيستمتع بتناوله.
يمكن أن يحضر في المنزل بطريقة صحية، وهو من الحبوب الكاملة الغنية بالألياف التي تعزز صحة الجهاز الهضمي وتساعد على الشعور بالشبع .
-المكسرات: تحتوي المكسرات على العديد من الفيتامينات و المعادن والدهون الصحية المفيدة، التي تعزز صحة الأطفال لفوائدها الغذائية العالية من الفوسفور والكالسيوم، وهي فعالية لتقوية العظام والأسنان.
-الفواكه: ينصح العديد من الأطباء بضرورة إدخال الفواكه في النظام الغذائي والروتين اليومي للأطفال، حيث يمكن تقديمها في اللمجة بعد تقطيعها أو عصرها لتحضير شراب طبيعي منعش ولذيذ ومغذ.
يمتهن بشير عبد المومن ابن ولاية تبسة، تربية الإبل منذ 34 سنة، حيث يمتلك مزرعة خاصة بمنطقة واد إسماعيل ببلدية بئر العاتر، أين يمارس نشاطا بدأه وهو صغير جدا
و ورثه عن أجداده، رافضا التخلي عن المجال رغم تطور الحياة وظهور أنماط نشاط مختلفة، مع ذلك يفضل الاستثمار في حيواناته و بيع حليبها.
عبد العزيز نصيب
أوضح بشير خلال حديثه للنصر، أنه يملك 20 ناقة كبيرة، يقوم برعيها ورعايتها، معتمدا في غذائها على العلف في أغلب الأحيان، مع ضمان سقيها باستمرار رغم صعوبة توفير ما يكفي من الماء في المنطقة الريفية النائية التي يعيش فيها، وقال إن تلبية حاجة الإبل من المياه تتطلب منه اقتناء صهاريج كبيرة بشكل دائم حتى يضمن أن لا تشح هذه المادة الحيوية في مزرعته الصغيرة، علما أنه يملك رخصة لحفر بئر لكن إمكانياته المادية لا تسمح بذلك.
يسوق الحليب لكل الولايات
يقول محدثنا، إن بداية دخوله لهذا العالم الذي يبدو قديما وبدائيا نوعا ما، تعود لسنوات الطفولة فقد ولد في بيئة زراعية، و كان محبا لتربية الحيوانات الأليفة ويتذكر جيدا أن بدايته مع الجمال والإبل كانت تجارية، حيث باشر نشاطه في مجال البيع والشراء، و قد كانت المهنة وما تزال إلى يومنا مصدر رزقه الوحيد، رغم أنه تحول قبل مدة إلى إنتاج حليبها بكميات كافية و تسويقه في الولاية وخارجها.
يقوم بشير، بحلب نوقه مرتين في اليوم، خلال فترتي الصباح والمساء، ويجمع ما يعادل 15 لترا من الحليب يوميا، ثم يتنقل به إلى مدينة بئر العاتر، على متن دراجته النارية التي يجوب بها أحياء المدينة لبيعه لزبائنه، بل أصبح بشير معروفا حتى على مستوى بعض ولايات الوطن، أين يقوم بتسويق الحليب في ولايات عنابة و خنشلة وقسنطينة و قالمة، وينتقل به حتى إلى الجزائر العاصمة أحيانا، أين أكد أنه يجد إقبالا كبيرا.
ورغم صعوبة التسويق، إلا أنه لا يتأخر في تلبية احتياجات الزبائن من خلال تزويدهم بالكميات التي يحتاجونها من الحليب عن طريق التوصيل بالحافلات كما أوضح، مشيرا إلى أن لهذا الحليب فوائد كثيرة ولذلك يكثر الطلب عليه، كما يستخدمه حرفيون كذلك في إنتاج بعض الأجبان وأنوع من الصابون.
له استعمالات علاجية
يؤكد محدثنا، أن الإقبال على استعمال حليب النوق، عرف تزايدا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وذلك بعد أن اتضحت استعمالاته العلاجية
و أكد مختصون أنه مفيد جدا لتغذية الجسم و تقوية المرضى، كما أنه مفيد بشكل كبير لمن يعانون من القولون العصبي وهو ما يخبره به زبائنه في كل مرة.
مضيفا، أن حليب الناقة له مواصفات خاصة، حيث يمتاز بصفائه ولونه الأبيض الكثيف، ويجمع مذاقه بين الحلو و الحاد والمالح، وذلك بحسب عمر الناقة الحلوب ويمتاز الحليب الطازج بالسخونة، حيث ترتفع فيه الرغوة، وعلى الرغم من عزوف البعض عن شربه، إلا أن هنالك فئة ليست بالقليلة على حد تعبيره، تستهلكه بشكل يومي طلبا لفوائده الصحية.
قال بشير، إن الكمية المنتجة من الحليب تتفاوت يوميا،حيث توجد إبل لديها قدرات كبيرة على إنتاج ما يعادل 20 لترا في اليوم الواحد، في حين أن متوسط الإنتاج اليومي للنوق من الحليب يصل إلى 8 لترات تقريبا في المراعي الطبيعية، مشيرا إلى أنه يعمل جاهدا لتوفير طلبات الزبائن، ولهذا يسعى لشراء نوق أخرى، حتى يتمكن من تلبية طلبات المستهلكين المتزايدة للحصول على حليب الجمال والإبل، أما عن سعر اللتر الواحد، فأوضح أنه يقدر بـ 400 دينار جزائري، وهو مناسب جدا مقارنة بالجهود الكبيرة للاعتناء بالجمال وتربيتها وتغذيتها الصعبة.
تراجع الاهتمام بتربية الإبل
و يرى مقابل ذلك، أن تربية الإبل لا تكلف مربيها مصاريف كثيرة، فالإبل تعتمد في غذائها على الأشواك والحلفاء، رغم مشكل المياه الذي يطرح بقوة خصوصا في المناطق الجافة من الولاية.
ويؤكد محدثنا، أنه رغم كل التحديات مصر على مواصلة تربية الإبل وزيادة عددها إذا توفرت المساعدات وفي مقدمتها إمكانية توفير الماء في المنطقة، خصوصا وأن ذلك من شأنه أن يبعث نشاط الرعي الذي تراجع بشكل كبير، موضحا أن عدد الجمال كان يصل قبل سنوات إلى 3 آلاف رأس على مستوى بلدية بئر العاتر، ومع مرور الوقت تقلص إلى أقل من 1000 رأس فقط.
فرضت التغيرات التاريخية والسياسية التي مرت بها الجزائر مشهدا اجتماعيا مختلفا و تباينا في القيم والمعتقدات بين الأجيال، كما عمقت التكنولوجيا الفجوة الاتصالية بين الآباء والأبناء في الجزائر على غرار مجتمعات أخرى كما يؤكده مختصون في مجالات التواصل، مؤكدين أن الثورة التكنولوجية أفرزت تباينا في رؤى الحياة والمستقبل بين أفراد الأسرة الواحدة، الأمر الذي بات يصعب مهمة التواصل والتفاهم فيما بينهم.
وقد أثبتت دراسات نفسية واجتماعية، بأن إشكالية التحاور داخل الأسر قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، و تؤثر بشكل كبير على التماسك الأسري والاستقرار النفسي، كما أن هذه الإشكالية تنشأ من عدة عوامل تؤثر على جودة التواصل بين أفراد الأسرة وتتطلب فهما عميقا للوصول إلى الحلول الممكنة.
السلوك الفردي يتشكل من خلال التبادلات مع الآخرين
وبحسب أخصائية أمراض اللغة والتواصل، الدكتورة وهيبة فتيحة، فإن المجتمعات تعيش منذ الأزل في تواصل مستمر بين أفرادها و بينها وبين الطبيعة، ولقد تم تطوير العديد من قنوات التواصل على المدى الزمني البعيد، فمن استخدام أصوات الطبيعة والحيوانات للاستدلال على مكامن الأخطار للمحافظة على النفس وبقاع الأمان على الأرض للتطور والإعمار إلى استثمار ذبذبات الدماغ الكهربائية للتعرف على أصل السلوكيات البشرية السوية و المرضية، ولا تزال طرق التواصل في نمو وانفتاح لبلوغ أقصى وأمتن العلاقات الارتباطية بين الكائنات الحية عموما وبين بني البشر على وجه الخصوص. وبحسب الدكتورة، فإن النظريات التي تناولت عملية التواصل، اعتمدت في تفسير الحياة التفاعلية الاجتماعية للأفراد وذلك من خلال التأكيد على كيفية تشكل هذه التفاعلات للسلوكيات والهويات ومختلف الهياكل الاجتماعية بما في ذلك الأسرة، حيث إن السلوك الفردي بحسبها، يتشكل من خلال التبادلات مع الآخرين، ويُنظر إلى المجتمع على أنه شبكة ديناميكية من التفاعلات وليس مجموعة جامدة من الهياكل، إضافة إلى أن المعاني التي ينسبها الأفراد إلى تفاعلاتهم ضرورية لفهم سلوكهم، إذ يتأثر كل تفاعل بالسياقات الاجتماعية والمعاني الذاتية التي تندرج في إطارها، وذلك حتى تتم عملية بناء الحياة الاجتماعية من خلال هذه المعاني المشتركة التي تتطور وتتغير على مدار التفاعلات.
نمط تواصـلي وليد ظروف تاريخية و سياسية مرت بها الجـزائر
وأكدت المتحدثة، بأن المجتمع الجزائري كسائر المجتمعات تحكمه مجموعة من المعايير الاجتماعية والقيمية للتواصل، والتي بلورتها الأحداث التاريخية والأوضاع السياسية التي توالت ولا تزال تتوالى عليه فنموذج التواصل في البيئة الجزائرية، شهد إضافات وتغيرات دخيلة منذ أزيد من قرنين، و لعب دورا في تشكيل نمط اتصالي معين بفعل تأثير اللغة المستعملة للتواصل والتي تندرج تحت منظور الهوية الوطنية والتركيبة النفسية، التي كانت نتاجا لما عايشه المجتمع الجزائري من مراحل اضطرابات واستقرارات سياسية.
فالمتأمل للنسيج الاجتماعي الجزائري بحسبها، يلاحظ أن هناك مجموعة من الخصائص والسمات تهيمن على طرق تواصله، حيث يظهر لكل أجنبي دخيل على المجتمع أن طريقة الحوار العامة غليظة نوعا ما، وتتميز بحدة النبرة و ارتفاع الصوت واستعمال لغة الجسد بصفة كبيرة، ناهيك عن بعض المصطلحات التي لا تؤدي المعنى المراد إيصاله، كما أن غالبية الأفراد تعتمد بنسبة كبيرة في فهم المعاني المتداولة، على فهم السياقات لا على فهم الكلام، حتى وإن بدت طريقة التواصل داخل النسيج الاجتماعي الجزائري متجانسة.
وأكدت الدكتورة، أن المتعمق داخل اللبنة الأساسية لهذا المجتمع والمتمثلة في الأسرة، يمكنه أن يلاحظ تباينا صارخا في نماذج وطرق وحتى وسائل التواصل بين الأفراد، ففي وقت تطغى على بعض الأسر لغة تواصل تطبعها سلوكيات ساخنة كالصراخ ولغة الجسد وحتى العنف ، نجد بالمقابل نمط تواصل أسر أخرى يعتمد على لغة الحوار الهادئة والتحليل الموضوعي لمواضيع التحاور والاحتكام إلى الأصول والاجتهادات والعقل عند الاختلاف.
وبين هذا وذاك كما عبرت، نجد نمطا ضبابيا ثالثا يكاد يكون مزيجا بين النمطين التواصليين السابقين، وهو نمط الأسر التي تتشرب بالمواقف والوضعيات التواصلية التي تكون طرفا فيها، فإذا كانت أجواء التواصل صارخة وشديدة مالت إلى نفس النمط ،و إن صادف وتواجدت في بيئة تواصلية تطبعها السكينة و الموضوعية، فإنها تتبنى أسلوبا حواريا هادئا.
وأوضحت المتحدثة، بأن التباين في النمط التواصلي بين الأسر الجزائرية كان وليد مراحل وظروف تاريخية وتداول حقبات سياسية مرت على الجزائر، فالمؤرخون يجمعون على أن الطبيعة الحادة والغليظة في نمط تواصل الجزائريين وليدة طول الأزمنة التي قضاها الأفراد عبر الأجيال في الحروب والمعارك، كما أن صبغة الهدوء والروية التي اكتسبتها بعض الفئات، في الحقيقة وليدة احتكاك المجتمع ببعض الطبقات الأرستقراطية .
وتابعت بالقول، إنه إن جاز التسليم بما سبق طرحه، فإن هناك عاملا جوهريا هو محور العملية التواصلية وموجهها الأساسي، والمتمثل في التركيبة النفسية العصبية للفرد، والتي تعتبر مفتاح السر للتحكم في كيفية قولبة النمط التواصلي لدى الأفراد.
هكذا نعدل النمط التواصلي من منظور العلوم العصبية والمعرفية
وبحسب الأخصائية في أمراض اللغة والتواصل، الدكتورة وهيبة فتيحة فإنه يمكننا تعديل النمط التواصلي للأفراد من منظور العلوم العصبية والمعرفية، وذلك من خلال الانطلاق من مسلمة أن العلوم الحديثة أجمعت أن كل سلوكيات الكائنات الحية تحكمها مجموعة الوظائف المعرفية أو العمليات العقلية كما كانت تسمى سابقا.
وقد توصل الباحثون كما أوضحت، إلى تحديد مركز كل سلوك، ومن أهم النتائج التي توصلوا إليها، القول بأن التواصل يشمل حيزا ممتدا من القشرة الدماغية انطلاقا من الفصوص الجبهية الأمامية الظهرية ووصولا إلى القشرة الصدغية البطنية، كما أكدوا هذه النتائج العلمية من خلال تباين نمط التواصل قبل إجراء الاستثارات الكهربائية عبر القشرية وبعدها، حيث تمكن بعض عينات التجارب من تغيير نمطها التواصلي من النقيض إلى النقيض. وأضافت المتحدثة، أن هذه الأبحاث حققت قفزة علمية، يمكن أن تستثمر جيدا وإيجابا، عبر إقحام التأهيل النفسي العصبي « المعرفي» لتعديل استجابات الأفراد عن طريق الاستثارة الكهربائية عبر القشرية، وذلك بالاعتماد الأساسي على تحفيز وتنشيط الوظائف المعرفية الأساسية إجمالا والوظائف التنفيذية بصفة خاصة.
البرامج البيداغوجية
يمكنها تحسين أداء الوظائف المعرفية
وأضافت الأخصائية، بأنه من خلال ما سبق يمكن أن تستثمر هذه التقنية الحديثة في تغيير الأنماط التواصلية، وفي تحسين وتجويد لغة التواصل لدى الأسر الجزائرية، وذلك من خلال إدراج برامج بيداغوجية وتعليمية في مناهج التربية الوطنية تستهدف تأهيل وتدريب الوظائف المعرفية لدى التلاميذ منذ المراحل التحضيرية من التعليم الأساسي، وذلك بالنسبة للمراحل العمرية الأولى.
أما بالنسبة للمراحل المتقدمة « الشباب، الكهولة والشيوخ»، فيمكن حسبها، تخصيص مراكز ووحدات على مستوى المؤسسات العمومية والمرافق الترفيهية يشرف عليها فريق من المختصين يسهرون على تجويد وتحسين أداء الوظائف المعرفية من خلال ورشات عملية لكل فرد يتقدم إليها.
وأشارت الدكتورة في سياق منفصل، إلى أن التواصل من أعقد العمليات المعرفية، لذلك فإن التناول الأحادي لجانب منه، لا يمكن أن يكون كافيا لإيجاد استراتيجيات فعالة لتحسينه أو الرفع من كفاءته الأدائية، الأمر الذي يستدعي تكاثف التخصصات والجهود والتقنيات إذا أردنا الرفع من مستوى أنماط التواصل في الأسر الجزائرية.
لينة دلول
تعد المدرسة القرآنية المجاهد مسلوب لحمادي، ببلدية الماء الأبيض بولاية تبسة، صرحا دينيا وعلميا بارزا، استطاع أن يحقق نتائج باهرة في التكوين الديني و التربوي التعليمي منذ فتح أبوابه قبل 7 سنوات، حيث تستقطب المدرسة اليوم، مئات الطلبة من مختلف الأعمار ومن الجنسين، لحفظ كتاب الله.
تحظى المؤسسة ذات الطابع الديني التعليمي، باستحسان المواطنين في البلدية، لما تقدمه من فرص للتكوين الجيد و حفظ القرآن و تعلم بعض أصول الشريعة، وقد تحولت خلال ما مضى من أعوام، إلى نموذج لنجاح المنهج الإسلامي على الصعيدين التربوي و الأخلاقي. وحسب إلياس مسلوب، مدير المدرسة، فإن المؤسسة فرضت نفسها في ظرف وجيز وسط الأولياء، و أصبحت قبلة لأبنائهم، حيث تتفق الغالبية على أهمية الإضافة التي قدمتها المدرسة للمنطقة وذلك منذ تأسيسها قبل سبع سنوات ماضية، كما أن النتائج المحققة تؤكد على أن التجربة ناجحة بكل المقاييس.
وأكد المدير، أن المؤسسة تقدم مستوى تعليميا جيدا جدا لمرتاديه من التلاميذ واعتبر أقسامها بمثابة بديل مثالي و أحسن بكثير من دروس الدعم التقليدية، ذلك لأن تحفيظ القرآن مهم جدا على المستوى العقلي للطفل لأنه يقوي الذاكرة و يدرب ملكة التفكير ويساعد على تعلم التركيز الجيد، فضلا عن أن التعليم القرآني عموما يسمح بتهذيب الفرد و تعويده على الالتزام، كما أنه مهم جدا لتلقين الصغار أبجديات اللغة العربية، فضلا عن مبادئ ديننا الحنيف.
أشاد عبد الباقي مبارك، مدير الشؤون الدينية والأوقاف بولاية تبسة، بالنظام التعليمي القرآني الذي تنتهجه المدرسة القرآنية لفائدة الدارسين فيها، الذين يقبلون بأعداد معتبرة على أقسامها، وأكد للنصر، أن هذه المؤسسة نموذج ناجح في التسيير والعناية بحفظة القرآن الكريم، لما توفره من قاعات متعددة وغرف للأنشطة المخصصة للتلاميذ من مختلف الأطوار الدراسية، أين يتلقى الطلبة برنامجا خاصا بالتعليم القرآني، موزع بحسب الحصص الدراسية، حيث يتضمن برمج التعليم 42 فوجا، منها 17 فوجا للذكور و 25 فوجا إناث، و3 أفواج خاصة بالإجازة، وأفواج لمحو الأمية، كما تقدم المدرسة القرآنية مختلف الأنشطة الدينية والثقافية والرياضية.
سميت المدرسة القرآنية باسم المجاهد الراحل والمعروف في المنطقة «مسلوب الحمادي»، و تعتبر صرحا هاما ومرفقا دينيا متميزا على مستوى الولاية، دخلت حيز الخدمة في مارس 2017، ويأتي هذا المرفق في سياق تعزيز الجانب التعليمي والتثقيفي للأجيال في الإرشاد الديني، إضافة إلى تحفيظ القرآن الكريم وتلاوته.
تتكون المؤسسة من ثمانية مستويات، وتعمل على ترسيخ معالم الدين الحنيف في نفوس النشء، و قد شيدت على مساحة أولية تقدر بألف متر مربع، في انتظار توسعتها إلى 3800متر مربع كمساحة إجمالية، بتكلفة إجمالية قدرت بـ 6مليارات سنتيم، من تبرعات المحسنين والخيرين.
وتتوفر على عدة مرافق من بينها قاعة محاضرات كبيرة تتسع لقرابة 200 مقعد، وقاعة استقبال، ومكتب خاص بالمدير، إضافة إلى 6 أقسام، ومصليين ومكتبة أمانة، كما أنها مجهزة بعيادة طبية ودارا للضيافة، و أكد المشرف على المدرسة مسلوب إلياس، بأنها تعرف إقبالا كبيرا من طرف الأولياء والطلبة للتسجيل على مدار السنة وتحديدا عند كل دخول اجتماعي جديد، وتبقى المدرسة في حاجة ماسة للمحسنين للمساهمة في توفير تكاليف تسييرها و تحسين ظروف استقبال الطلبة المقبلين على حفظ القرآن الكريم وإتقانه. ع.نصيب
تحرص العديد من العائلات الجزائرية على الاحتفال بمولد المصطفى عليه الصلاة والسلام ، من خلال عادة تحضير حلوى «الطمينة» باعتبارها جزءا لا تتجزأ من الطقوس الاحتفالية التي تعكس روح المحبة والفرح، وتحظى الحلوى بمكانة خاصة في الثقافة المحلية، ويعد الترويج لطرق تزيينها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة مميزة تعكس تزايد الاهتمام بالموروث الثقافي، وكذا زيادة انتشاره خارج حدود الوطن.
يتم تحضير الطمينة خصيصا للاحتفال بالمولد النبوي، كرمز للفرح بميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتتكون من مكونات بسيطة لكنها أصلية، مثل السميد المحمص و العسل « الحر» و زبدة البقر، و تعد هذه المكونات رمزًا للبساطة والكرم، حيث يمثل العسل الحلاوة والطيبة، والزبدة الثراء والنعمة.
تبدأ عملية تحضير الطمينة السمراء، بتحميص السميد على نار هادئة حتى يصبح لونه ذهبيا، ثم يمزج مع الزبدة والعسل، ليتكون بذلك خليط متجانس وسلس، تقدم الطمينة بعد ذلك في طبق مزين بالقرفة والمكسرات، مما يضفي عليها رونقا احتفاليا مميزا.
أما بالنسبة لطريقة تحضير الطمينة البيضاء أو «طمينة الفرخ» كما تسمى في قسنطينة، فهي مشابهة للوصفة الأولى مع تعديلات بسيطة، حيث يتم إعدادها عن طريق تحميص السميد الناعم بلطف دون أن يتغير لونه، ثم تذاب الزبدة وتخلط مع العسل حتى يصبح الخليط متجانسا، ليتم بعد ذلك مزج السميد مع الخليط السائل تدريجيا، حتى يصبح القوام كثيفا.
ويتجاوز الاحتفال بتحضير الطمينة مجرد إعداد طبق شهي، فهو يعكس قيم التضامن والتآزر العائلية، حيث تجتمع النسوة في البيوت لتحضير الطمينة معا، في جو من الفرح والابتهاج، وتُقدم للأقارب والجيران كنوع من المشاركة في الاحتفال بالمناسبة الدينية.
وللإشارة فقد أصبح الترويج لطرق تزيين الطمينة للاحتفاء بالمولد النبوي الشريف، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الطبخ وسيلة فعالة للحفاظ على هذه العادة المتوارثة ونقلها للأجيال، وكذا إلهام عشاق الطهي أفكارا لإضفاء لمساتهم الشخصية عليها.
ويلاحظ متصفح الفضاء الافتراضي، بأن العديد من الطهاة ومحبي الطعام، يقومون بمشاركة صور وفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وفيسبوك، لطرق تزيين الطمينة بأساليب مبتكرة وجذابة، كاستخدام المكسرات والزهور الصالحة للأكل، والزخرفة باستخدام القرفة ورسم تصاميم لنجمة أو هلال أو قلوب تضفي لمسة جمالية على هذا الطبق التقليدي. كما يشارك الكثيرون وصفات جديدة لإعداد الطمينة، تلبي فيها من التجديد الكثير، حيث تراعي القيمة الغذائية والمظهر الجمالي معا، كإضافة الشوكولاطة الطرية والمكسرات مع السميد، أو إضافة النيستلي أو استبدال السميد بمكوّن صحي مثل فرينة العدس.
أما قنوات الطبخ على اليوتيوب و البرامج التلفزيونية، فتقدم دروسا عملية للمشاهدين حول كيفية تحضير الطمينة وتزيينها بطريقة احترافية.
لينة.د
تتميز ولاية الوادي بعادات وتقاليد متنوعة ترتبط بإحياء المناسبات الدينية سواء داخل البيوت أو في المساجد والزوايا، وتعد ذكرى المولد النبوي الشريف، من بين المناسبات التي يهتم بها سكان المنطقة من حيث تكثيف الدروس والمواعظ الدينية التي تخص السيرة النبوية ونفحاتها، وتخصيص أوقات لتأدية عدد من القصائد التي تتحدث عن خير الأنام.
تخصص المساجد والزوايا كل سنة، ومع أول يوم من شهر ربيع الأول، فترة ما بين المغرب والعشاء، أو عقب صلاة العشاء لحلقات الأداء الجماعي للقصائد التي تصف النبي و خصاله، لتختتم الحلقة يوميا بالقصيدة الشهيرة طالع البدر علينا كاملة.
ويشكل المؤدون للقصائد والمدائح الدينية، في بعض المساجد والزوايا على غرار الزاويتين التيجانية والقادرية حلقة ذكر، مع الاستعانة بمكبر صوت حيث تستهل الحلقة بمقطع من قصيدة البردة للشيخ البوصيري، التي تعد الأشهر والأكثر تداولا وحفظا بين الشباب والشيوخ، و يمتدح فيها رسول الله في 160 بيتا شعريا.
كما يخصص جزء من البرنامج لقصيدة أخرى للبوصيري، تسمى الهمزية وتتميز ببلاغتها وقوة نظمها وشموليتها، بحيث تتناول الكثير من موضوعات السيرة النبوية والشمائل المحمدية، إضافةً إلى ما فيها من ذكر للصحابة وأمهات المؤمنين.
ويقرأ المشاركون في الحلقة كذلك بعضا من كتاب قصّة المولد النبويّ الشريف للشيخ الفقيه الفاضل سيّدي جعفر البرزنجي، قبل أن يختتم مجلس أداء القصائد في المساجد والزوايا بتكرار القصيدة الشهيرة « طلع البدر علينا» فيتفاعل معها الأطفال الصغار والصبيان الحاضرون في حلقات القصائد.
وتخصص أغلب المساجد أيضا، أوقاتا للدروس المحمدية سواء ما بين المغرب والعشاء، أو بعد صلاة العصر، فيقدم أساتذة ودعاة من أبناء المنطقة ندوات حول السيرة النبوية، وعادة ما يتنقلون بين المساجد لإلقاء محاضرات ودروس على المصليين تصب كلها في ذكر النبي محمد.
كما يفضل بعض أئمة المساجد ضبط برنامج يومي طيلة شهر ربيع الأول يعنى بدروس السيرة النبوية، وهي حصص لا تتعدى مدتها 20 دقيقة.
العصيدة وكسكس المسقي والحلويات عنوان المناسبة
من جانبها، تحاول عائلات المنطقة التميز في هذا الموعد، و الاحتفال على طريقة تراثية من خلال تحضير أطباق تقليدية كنوع من التعبير عن الفرح وعن أهمية المناسبة.
ومن أشهر الأطباق و الأكلات التي ترتبط بالحدث طبقا العصيدة و» الكسكس المسقي» وهي وصفة تحضر باللحم الأحمر أو باللحم الأبيض مع طهي كميات إضافية حتى يتسنى إخراج جزء منها بنية صدقة على بعض الأسر المحتاجة، كما يوزع الطعام على المعتكفين و المصلين في المسجد، أو حتى من يجلسون في الساحات العامة، وهي عادة مكرسة بشكل خاص في الأحياء الشعبية.
كما دخلت الكثير من الأطباق التقليدية الجديدة و العادات إلى قاموس الاحتفالات في الوادي، وصارت عائلات تفضل «الشخشوخة» أو الكسكس بأشكال و وصفات أخرى، تحضير كعك خاص بذات المناسبة. ورغم أن المفرقعات والألعاب النارية لم تكن من بين تفاصيل الاحتفال في مدينة وادي سوف، إلا أنه أسلوب جديد صار يطبع المناسبة في السنوات الأخيرة.
ختان الأطفال صباح المولد بالوادي
ويعد المولد النبوي الشريف، فرصة لعائلات من الولاية لختان أطفالها، مع تنظيم وليمة بذات المناسبة، تحضر فيها أطباق تقليدية وحلويات ويجتمع خلالها الأهل حول مائدة واحدة.
وقد لاحظت النصر، بأن المناسبة أصبحت تحظى بزخم كبير في السنوات الأخيرة، حيث صار التحضير لها مسبقا و الاستعدادات للاحتفال كبيرة ومتنوعة المظاهر، خصوصا ما تعلق بالوجبات الخاصة بالعشاء و السهرة مقابل ذلك، فإن عدد عمليات الختان في هذا الموعد الديني، تراجع نوعا مقارنة بما كان عليه في السابق، فقد كانت العائلات تبرمج الختان بعد اليوم السباع من تاريخ ميلاد الرسول الكريم، وغالبا ما كانت المناسبة تتزامن كذلك مع الاحتفال بعقيقة الطفل، لكنه تقليد انحصر بشكل كبير مؤخرا.
منصر البشير
يشدّد المختص في الصحة العمومية محمد كواش، على ضرورة الانتباه لما نأكله خلال الاحتفال بالمولد النبوي، خصوصا وأن الأطباق التقليدية والحلويات تعتبر تفصيلا مهما في برنامج إحياء المناسبة لدى غالبية الجزائريين.
ويقول الطبيب، إن الإفراط في تناول الأطباق التقليدية الدسمة إلى جانب الحلويات التي تزخر بها موائد العائلات ليلة الاحتفال بالمولد النبوي، قد يؤثر سلبا على صحة الإنسان وإن كان ذلك خلال يوم واحد، على اعتبار أن الإصابة بالتخمة و الاضطرابات الهضمية من بين المشاكل شائعة الحدوث في مثل هذه المناسبات، كما حذر كذلك من التسممات الغذائية التي تسجل سنويا بسبب الحلويات المصنعة.
وحسبه، فإنه من الواجب عدم المبالغة في تناول الأطباق التقليدية لأنها مشبعة بالدهون والدسم، و تعتمد بشكل أساسي على اللحم أو قطع منه، ما يؤثر سلبا على وظيفة المعدة، ويسبب الدوار والصداع، والرغبة في التقيؤ، وكذا الشعور بالتخمة وبحرقة المعدة.
ويتسبب الإكثار من تناول الدسم والدهون والسكريات في هذه المناسبات في مشاكل صحية أخرى، منها احتمال الإصابة بداء النقرس وزيادة الآلام الروماتيزمية والمفاصل عند الأشخاص الذين تكون لديهم خلفيات مرضية أو يكونون مهيئين للمرض.
كما يطرح لديهم أيضا خطر انسداد الأوعية الدموية والأزمات القلبية بسبب زيادة الكولسترول والدهون الثلاثية.
وبحسب المختص في الصحة العمومية محمد كواش، فإن الحوادث الخاصة بالمولد النبوي الشريف لا تتعلق فقط بخطر الألعاب النارية بل يتعدى ذلك إلى الأمراض الهضمية وتسمّمات المعدة، إذ يشتكي البعض جملة من المشاكل والمتاعب الصحية بفعل إسرافهم في تناول اللحوم والأطباق التقليدية المختلفة، التي يتم إعدادها في هذه المناسبة الدينية وهو ما ينعكس سلبا على صحتهم، وينتهي بهم إلى بعض المضاعفات التي تؤدي بهم إلى مصالح الاستعجالات.
وقال، بأن المصالح الاستشفائية تستقبل سنويا، خلال ليلة الاحتفال المولد النبوي الشريف، عشرات الضحايا الذين يتعرضون للتخمة والتقرحات المعوية، والتسممات الغذائية والقولون العصبي، بسبب الإكثار من الأطباق الدسمة والخلط بين المأكولات الحلوة والمالحة واستهلاك المشروبات الغازية بكثرة.
وحذر المختص، من طريقة الطهو الخاطئة التي تعتمدها ربات البيوت، أثناء إعداد أطباق الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إذ يستخدمن كميات كبيرة من الدهون والصلصات الكثيفة والسمن، وهو خليط يصعب هضمه ويؤثر سلبا على الجهاز الهضمي للأفراد وبالأخص على الأطفال، ومن يعانون من مشاكل صحية مختلفة أو يتبعون حمية غذائية خاصة.
كما ينصح الطبيب، بعدم شراء الأطعمة الجاهزة والمعروضة في الأسواق الشعبية خصوصا الحلويات والمملحات، لأنها تباع بطريقة غير صحية، فضلا عن أن تخزينها يكون في أماكن غير نظيفة ومكشوفة مما يعرضها للتلوث بالأتربة و البكتيريا والحشرات.
ولتجنب المشاكل الهضمية ينصح كواش، بالاعتدال قي تناول الأطباق الدسمة التقليدية، واختيار طرق طهي صحية مثل الشوي أو الطهي بالبخار بدلا من القلي، واستخدام زيوت نباتية خفيفة بدلا من الحيوانية الثقيلة، كما ينصح باستهلاك الخضروات والأطعمة الغنية بالألياف كالسلطة لتحسين عملية الهضم.
لينة دلول