تستقبل مدينة قسنطينة هذه الأيام، أعدادا متزايدة من الزوار المحليين والسياح الأجانب، ورغم أنها ليست مدينة ساحلية إلا أن موسم الاصطياف يحقق استقطابا كبيرا، لذلك تكيف المؤسسات الثقافية في الولاية برامجها مع المستجدات، كونها تعتبر محطات رئيسية في المسار السياحي المحلي، فيما يزدهر نشاط مرشدين سياحيين شباب بينهم من يشتغلون بصفة دائمة، ومنهم من ينخرطون تطوعا في عملية الترويج والإرشاد السياحي، من باب حبهم للمدينة و عشقهم لهذا المجال كذلك، ويضبط الجميع في سيرتا البوصلة على توقيت الصيف لاستقبال وتوجيه السياح، حيث يتم الاشتغال على برامج تشمل الثقافة، والعمران، و التاريخ، و الإطعام، وخصوصا التراث بمختلف روافده.
تعد مدينة قسنطينة سِجِّلا يضج بمعلومات وتفاصيل تثري زيارة السائح وتجعلها ممتعة، حيث تأثرت الحركة السياحية فيها بعدة عناصر تجعل القادم إليها يستغل تواجده بها ليجمع أكبر قدر من المعلومات، سواء من مرشدين سياحيين يسهلون مهمة التجول في الشوارع والأزقة، أو حرفيين يلتقي بهم هؤلاء، وحتى مسيري مكتبات يفيدونهم في الجانب العلمي والثقافي للمدينة، وتستدعي المهمة توفر خصائص تمكن من الترويج الأمثل للمدينة وتنقل صورة حسنة عنها، و تربط السائح بها وجدانيا.
رصدت النصر، من خلال حديثها مع بعض أبناء المدينة المهتمين بتراثها والحفاظ على مكانتها السياحية، بعض أساليب الترويج السياحي والثقافي وتحدثنا مع شخصيات محلية مثل فؤاد عزي صاحب أشهر دار للحرف، وعبد الحميد ربيعي مسير مكتبة بلوزداد، والمرشدة السياحية شهرزاد مانع، عن تطلعاتهم للموسم و تحضيراتهم لاستقبال ضيوفهم من أجانب وحتى زوار محليين، وكيف يمكن للمساهمة الجماعية والتنسيق المشترك بين مختلف الفاعلين، أن تحقق نجاح الموسم وتضمن استمرارية الاستقطاب على مدار السنة، خصوصا وأن هؤلاء الأشخاص وغيرهم يعتبرون واجهة المدينة وانعكاسا للثقافة السائدة فيه، بل ونموذج مصغر عن المجتمع المحلي الذي سيتحدث عنه السياح للأخرين عند عودتهم إلى بلدانهم، أو من خلال المحتوى الذي ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي.
rصاحب دار عزي للتطريز ومصمم الأزياء، فؤاد عزي
الحرفيون والتجار هم واجهة المدينة
اعتبر صاحب دار عزي للتطريز ومصمم الأزياء المعروف فؤاد عزي، أن الصناعات التقليدية مرتبطة بالسياحة، لذلك يجب على الحرفيين والتجار التحلي بالكرم وحسن الاستقبال للترويج لصورة حسنة عن المدينة وسكانها، وذكر أن المحلات المتخصصة في بيع التحف التذكارية، والأواني النحاسية، والأزياء التقليدية، نقاط جذب رئيسية للسياح سواء الأجانب أو المحليين.
مردفا، أن هذه القطع بمثابة «ألبوم» يستعيد السائح من خلاله ذكريات قضاها في المدينة التي زارها، وعبر عزي، أن التحفة هي قصة في حد ذاتها ينطلق السائح من خلال الحديث عنها، في وصف قسنطينة وأهلها فيروي لغيره تجربته في المدينة وقد ينصحهم أيضا بزيارتها، لذلك وجب الاستثمار في هذه التذكارات والتركيز على إبراز تنوع وثراء المدينة من خلالها، عبر تجسيد الأبواب، والجسور، بالإضافة إلى استغلال كل ما تجود به الصناعات التقليدية عموما.
وتحافظ دار عزي للتطريز وفقا للمتحدث، على عادات تستقبل بها الزوار مثل إعطائهم قارورة ماء تروي عطشهم خصوصا في فصل الصيف أين تكون درجة الحرارة مرتفعة، وهي بادرة حسنة لكسب الضيف وجعله يطمئن لأهل المدينة.
تجربة عصية عن النسيان
وقبل عرض السلع المتواجدة في المحل، يستضيفون الزائر في صالون مخصص لاستقبال الزوار ليستريح، ومن وصف واستعراض الزي التقليدي يعرجون للحديث عن تاريخ المدينة، وتراثها، وتعامل سكانها مع الضيوف، وطقوسها الاحتفالية في الأعراس وحفلات الختان والتسنين. وعقب مصمم الأزياء، أنها تجربة لا يستطيع السائح نسيانها إلا نادرا.
كما يستغلون في الدار، إعجاب المعني بالزي التقليدي ليعرفوه على المناسبة المخصصة لارتدائه مثل «القندورة» بألوانها السبعة التي ترتديها المرأة يوم زفافها، و يسردون عليه بعض القصص والتفاصيل عن هذا اليوم و يستعرضون دليل العادات، خصوصا المشهد الأخير حين يقوم شخص اسمه «محمد» بلف خصر العروس بحزام ذهبي، في طقس احتفالي للإعلان عن انضمامها رسميا إلى العائلة.
ويقول عزي، إن السياح ينجذبون إلى هذه القصص و يحبون التعرف على العادات المحلية، لذلك يحدثهم كذلك عن التفاصيل التي تكمل يوم العرس، فيبدون اهتماما و يتفاجؤون أحيانا حين يعلمون أن العروس في قسنطينة، بعدما ترتدي حزامها الذهبي تدخل مباشرة إلى المطبخ لتحضر الأكل لعائلتها الجديدة، وهكذا يبدأ حديث آخر عن المطبخ التراثي وعن قيمة الدين الإسلامي في المجتمع القسنطيني، وأهمية رابطة العائلة والسعادة التي تغمر أفرادها عندما ينضم إليها فرد جديد.
ولفت محدثنا، إلى أن السائح يقرأ من خلال العناصر الثقافية التي يتضمنها اللباس التقليدي صفحة من صفحات تاريخ مدينة ووطن بأكمله، و كلما ذُكر أمامه نوع معين من اللباس مثل «الكاراكو»، أو «لقويط» حجز تذكرة سفر إلى حقبة زمنية غابرة، ينتقل منها للتعرف على مقومات سياحية أخرى منها المعالم الأثرية و المتاحف وغيرها.
وعلق عزي قائلا :»أحيانا ينتقل بنا الحديث لتوجيه الضيف نحو قصر أحمد باي على سبيل المثال، فنرسل معه شخصا يسهل مهمة التجول في أرجائه وكلها أساليب ترويجية تربط السائح بقسنطينة، وتحيي ذكراها في ذهنه».
rمسير مكتبة بلوزداد
عبد الحميد ربيعي
نقدم المحبة ونغذي الفضول لاستقـطاب الســياح
من جانبه، قال مسير مكتبة بلوزداد عبد الحميد ربيعي، إن عمل المكتبات أصبح متنوعا بفضل نشاط الحركة السياحية داخل مدينة قسنطينة، حيث أصبحت جزءا من البرنامج السياحي للزوار خصوصا الأجانب عكس ما كانت عليه في السابق، كما تأثرت وظيفة الكتبي الذي وجد نفسه وسيطا بين الزائر ومدينته من ناحية الترويج السياحي والتعريف بالعلماء والشخصيات الأدبية والفنية المحلية.
ويستغل عبد الحميد، تواجد المكتبة بوسط المدينة ليبرز في واجهتها الزجاجية كتيبات سياحية عن الزي التقليدي، الموسيقى، والطبخ القسنطيني، وكتبا تتحدث عن تاريخ الجزائر باللغة الإنجليزية، وتعرف هذه النوعية من الإصدارات حسبه، إقبالا من السياح بالإضافة إلى الكتب التي تحتوي على صور المعالم الأثرية والخرائط، وأشار إلى ضرورة الالتفات إلى النشر والتأليف في مجال السياحة، لأن السياح وفقا له يتعلقون بالمدن التي يقرؤون عنها ويقضون يوميات مع سكانها بين السطور. كما لا يغفل الكتبي، عن التعريف بالقامات الأدبية والعلمية المشهورة في قسنطينة، من خلال اقتراح عناوين معينة مثل روايات مالك حداد، مضيفا أنه يتشارك معهم اقتباسات تذكر تاريخ «سيرتا».
ووفقا لمسير مكتبة بلوزداد، عبد الحميد ربيعي، فإن الكتبي يجب أن يكون مطلعا على تاريخ مدينته وتراثها، فضلا عن تطوير رصيده الثقافي بالاعتماد على قراءة ملخصات كتب حتى يستطيع مساعدة الزائر وتوفير ما يحتاجه، وذكر أيضا تحليه بخصال طيبة ليروج لصورة حسنة عن أفراد مجتمعه.
rالمرشدة السياحية
شهـرزاد مانع
المـرشد السيـاحي صورة لأبنــاء ولايته
تربط المرشد السياحي وزوار المدينة علاقة أخوية طوال اليوم الذي يقضونه سوية فيصبحون كعائلة، هكذا عبرت المرشدة السياحية شهرزاد مانع عن طبيعة نشاطها، قائلة أيضا إن سلوك المرشد يساهم في ترسيخ صورة حسنة لدى السائح أو الزائر لمدينة الجسور المعلقة. ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بها الدليل، ذكرت حس الدعابة حتى لا يشعر الزائر بالملل، الشخصية القوية والدبلوماسية في التعامل، وأن يكون محاورا ومستمعا جيدا، وصبورا على ضيفه الذي يكون في العادة متعطشا للحصول على معلومات كثيرة.
وقالت شهرزاد، إن للمرشد السياحي دور مهم في تنشيط الحركة السياحية وبفضله يتعرف الزوار على تاريخ قسنطينة، تراثها المحلي، معالمها الأثرية فيتعلقون بها وتعيدهم الذكريات الجميلة التي احتفظوا بها إلى زيارتها.
وترى الشابة، أن المرشد يجب أن يطور من نفسه من خلال البحث الدائم وقراءة الكتب، والاتصال بباحثين في مختلف المجالات العلمية، والسكان القدامى لجمع قدر كاف من المعلومات العلمية، والقصص التاريخية والأساطير التي تستهوي الوافدين.
إيناس كبير
انطلقت يوم أمس، فعاليات تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية 2025»، في حفل رسمي احتضنه قصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، بحضور وزراء الثقافة لكل من الجزائر وموريتانيا والجمهورية العربية الصحراوية، وممثلين عن هيئات ثقافية.
وأكد وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، في كلمته خلال مراسم حفل الافتتاح، أن هذه التظاهرة تترجم عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع الجزائر بشعوب موريتانيا والصحراء الغربية، مشددا على أن الثقافة، وفي مقدمتها الثقافة الحسانية، تعد ركيزة من ركائز التقارب والتكامل الإقليمي.
وأشار السيد بللو إلى أن انتقال مشعل التظاهرة من نواكشوط إلى الجزائر ليس مجرد رمز، بل دليل حي على وحدة المصير الثقافي المشترك بين شعوب المنطقة، مبرزا أن الثقافة الحسانية حاضرة في عدة مناطق من الجزائر، لاسيما الجنوب الكبير، على غرار تندوف، بشار بني عباس، توات، أدرار، برج باجي مختار، تیمیاوین، تمنراست واليزي، وغيرها من المناطق التي تحتفظ إلى اليوم بتقاليدها الحسانية الأصيلة، وتُجسد بذلك عمق الجذور الثقافية والروحية التي تربط الجزائر بجوارها الإفريقي والعربي، حيث ما تزال التقاليد الحسانية الأصيلة – كما ذكر - متجذرة في الحياة اليومية، ومعبّرة عن امتداد حضاري وروحي مشترك.
وقال ‹› إن تسلم الجزائر مشعل هذه التظاهرة من أشقائنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ليس مجرد انتقال رمزي بل هو تجسيد حي لعمق الروابط التي تربطنا بهم، وبكل الشعوب الشقيقة التي تشترك معنا في هذا الفضاء الثقافي الرحب، وفي طليعتها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي نتقاسم معها الخصوصية الحسانية بكل مكوناتها التاريخية والاجتماعية واللغوية والفنية››.
كما أكد الوزير أن الجزائر، وهي تحتضن هذا الحدث الثقافي البارز تؤكد التزامها المتواصل بدعم التنوع الثقافي، باعتباره أحد مقومات الهوية الوطنية، مبرزا بأنه ومنذ انطلاق التحضير لها، تم الحرص على أن تكون محطة ثقافية شاملة ذات بعد استراتيجي، قادرة على الإحاطة بكل تجليات الثقافة الحسانية، والتأسيس لرؤية متكاملة لتثمين هذا التراث، وتقديمه في أبهى صوره للأجيال الصاعدة.
ولهذا الغرض، - يضيف وزير الثقافة والفنون - تم إعداد برنامج ثقافي وفني غني ومتنوع، يشمل معارض حية تجسد نمط الحياة الحساني بكل تفاصيله من اللباس إلى الحرف، ومن العادات إلى الفنون، ومن الذاكرة الجماعية إلى الممارسات اليومية. كما يضم البرنامج فعاليات سينمائية نوعية، تُسلط الضوء على الأبعاد الجمالية والاجتماعية للثقافة الحسانية، وتُعيد تقديمها للجمهور بوسائط حديثة تخاطب وجدان الشباب وتخترق الذاكرة البصرية المعاصرة.واشار الوزير بذات المناسبة، إلى أن الديوان الوطني للحظيرة الثقافية لتيندوف يعمل منذ سنوات على حماية هذا الموروث وتثمينه، من خلال عدة مبادرات ومشاريع ميدانية، من خلال الاهتمام بعملية جمع وتوثيق الموروث الحساني، خاصة العناصر الشفوية، مثل الشعر الملحون، والأغاني التقليدية، والحكايات، ويقوم برقمنتها للحفاظ عليها من الضياع، كما يعمل على تنظيم تظاهرات ثقافية تبرز جوانب مختلفة من الثقافة الحسانية، وتتيح للمجتمع فرصة التفاعل مع تراثه والتعريف به على نطاق أوسع. وفي ذات السياق، كشف بللو عن إطلاق مشاريع ثقافية نوعية تهدف إلى إبراز هذا الموروث، من بينها طباعة مؤلفات أدبية حسانية، والإعداد لإنتاج أفلام وثائقية وسينمائية تعرف بالثقافة الحسانية على الصعيدين الوطني والدولي، إلى جانب التنسيق مع شركاء من موريتانيا والصحراء الغربية لوضع خطة عمل ثقافية مشتركة.
من جانبه، اعتبر وزير الثقافة الموريتاني، الحسين ولد مدو، اختيار الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية، اختيارا ذا دلالة كبيرة، لأنه يعكس عمق الموروث الثقافي المشترك الذي قال إنه لطالما شكل جسرا للتواصل بين شعوب لم تكن الحدود السياسية عائقا أمام تلاقيها، بل رسمت مساراتها القوافل والشعر والذاكرة.وبعد أن تحدث بإسهاب عن ‘’هذا الموروث الثقافي الباهر الذي يشكل أحد أبرز ملامح وتجليات الذاتية الحضارية للفضاء الصحراوي الكبير الممتد بعيدا في الزمان والمكان’’، أكد السيد ولد مدو بأن الثقافة الحسانية واكبت في موريتانيا، حركة التدوين والبحث العلمي فصدرت عنها عشرات البحوث والأطروحات والكتب والمعاجم والمقاربات النقدية مما أتاح فهما أعمق لبنياتها المعجمية والدلالية والأسلوبية وجعل منها حقلا علميا رحبا.وأشار الوزير الموريتاني في ذات الوقت إلى أن استحداث اتحاد خاص بأدباء الحسانية، في بلاده ‘’مساو تماما لاتحاد أدباء الفصيح بما يعكس إرادة واضحة في إنصاف هذه الثقافة وتمكينها من أداء دورها في بناء الوحدة والتنوع».
أما وزير الثقافة بالجمهورية الصحراوية، موسى سلمى لعبيد، فثمن احتضان الجزائر لهذه التظاهرة، واصفًا إياها بأنها محطة نضالية تعيد الاعتبار للثقافة الحسانية كأداة مقاومة ضد النسيان، ومكون أساسي في الحفاظ على الهوية الصحراوية الممتدة في جذور التاريخ.بدوره، نوه رئيس الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، الدوه ولد بنيوك، بأهمية الحدث، واصفًا إياه بالتظاهرة الجامعة، التي توحد تحت سقفها شعوب الجزائر وموريتانيا والصحراء الغربية في لحظة وفاء ثقافي للإنسان الصحراوي وتراثه العريق.
وتُعد الثقافة الحسانية أحد أبرز المكونات الثقافية في فضاء الصحراء الإفريقية الكبرى، سيما في الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وهي ثقافة شفوية بالأساس، تنبض بالحكايات والأساطير والشعر الحساني، الذي يُعرف بجزالة تعبيره وثرائه الرمزي.
وتعتمد هذه الثقافة على اللغة الحسانية، وهي لهجة عربية غنية استعارت بعض مكوناتها من الأمازيغية والإفريقية، وتُستخدم في الشعر، والغناء، والحِكم، وطقوس الحياة اليومية. وتزخر الثقافة الحسانية أيضًا بموروث غني في اللباس والموسيقى وفنون الطهي، مما يجعلها مرآة حية لذاكرة الإنسان الصحراوي وهوية الصحراء العميقة.
تجدر الإشارة إلى أن تظاهرة «الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية» لعام 2025 تنظم من طرف وزارة الثقافة والفنون، بالتعاون مع الاتحاد العالمي لأدباء الحسانية، وتدوم إلى غاية يوم غد الاثنين.
عبد الحكيم أسابع
تستخدم الفنانة المختصة في الماكياج السينمائي نورهان بقنان، وجهها كلافتة ترفعها لتعبر عن قضايا إنسانية ومواقفها اتجاهها، مستخدمة فرشها للفت الانتباه إلى معاناة الناس عبر العالم، موظفة الفن للحديث عن المآسي الإنسانية.
يستطيع المتابع لحسابات الفنانة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا إنستغرام، أن يقرأ تفاصيل رسائلها من خلال ما ترسمه على وجهها بعناية وجمال جذاب ودقة تكاد تجعل الرسم واقعيا جدا.
تحرك الشابة فرشاتها فتنتج شخصيات متنوعة تقتبسها من أفلام «هوليوود»، و»ديزني»، وأخرى حقيقية لفنانين ومشاهير عالميين وعرب وجزائريين، ولأن الفن ثورة ناعمة تكمن قوته في قيمته التعبيرية عن الآراء والأفكار، فقد حملت نورهان ريشتها مسؤولية مخاطبة الوعي البشري والحديث للعام عن مواقف سياسية، ومواضيع إنسانية من خلال لوحات فنية تبدع في رسمها وتغوص بالمتابع من خلالها في عالم الرمزية. وهو أسلوب تجده كما قالت أكثر تعبيرا من الكلمات، وبإمكانه كسر القيود التي تفرضها مواقع التواصل الاجتماعي على بعض القضايا جاعلة وصولها إلى المستخدم محدودا مثلما هو الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية.
حولت وجهي إلى ورقة رسم
كانت بداية ابنة ولاية معسكر، من الماكياج السينمائي الذي تعرفت عليه سنة 2017 بعد تسجيل اشتراكها على منصة «إنستغرام» كمتابعة، وقالت إنه صادف «عيد الهالوين» لدى الأجانب الذي يعرف انتشار مقاطع مصورة لأقنعة ورسومات على الوجوه، ولأنها كانت تنجذب إلى الأشياء الغريبة وتحب تجربتها حفز ذلك موهبتها في الرسم، ونقلت ما كانت تقوم به على الورق إلى وجهها.
أشارت الشابة، إلى أن والدتها أورثتها موهبة الرسم، وهي التي كانت ترسم فراشات على وجه ابنتها في أعياد الميلاد، مضيفة أنها كانت تحاكي على وجهها أي شكل أو رسم يثير إعجابها وتوظف في ذلك موادا بسيطة من البيت مثل الدقيق الأبيض، مطهر الجروح أحمر اللون لتجسيد التفاصيل التي تريدها.
أردفت محدثتنا، أن امتلاكها لدقة الملاحظة ساعدها على حفظ تفاصيل الصورة وتخيلها على وجهها، وكذا اختيار الوسائل التي تستخدمها في الرسم، كما أنها اعتمدت كثيرا على منصتي «يوتيوب» وإنستغرام» لتتعلم تقنيات هذا الفن من الفيديوهات التعليمية التي ينشرها أجانب وقد كانت حريصة كثيرا على ذلك في البداية أكثر من رغبتها في تحقيق النتائج.
وتتذكر نورهان أول مظهر أو «لوك»، رسمته وكان عبارة عن سلسلة حديدية مفتوحة ومشتعلة بالنيران مثلتها في شكل حروق على وجهها باستخدام مطهر الجروح، وعلقت أنها اعتمدت في ذلك على مواد بسيطة بسبب غياب المنتجات الخاصة بالماكياج السينمائي في السوق الجزائرية.
وعبرت الفنانة، أن هذا الفن جعلها تهرب من الواقع وتنتقل إلى عوالم عديدة، فأحيانا تجد نفسها تتحول إلى أميرة من مسلسل كرتوني، وتصيح في أخرى إلى شخصية شريرة، كما تحول نفسها في بعض المرات إلى شخصيات واقعية لفنانين ومشاهير تعيد تشكيل ملامحهم بدقة على وجهها باستخدام المكياج.
شخصيات بتفاصيل واقعية
لا تكتفي نورهان بتقليد حركات الشخصيات وإعادة عبارات من أفلام ومسلسلات صنعت ضجة، بل تمزج أيضا ملامح الشخصية بملامحها سواء كانت رجالية أو نسائية، وقد سبق أن جسدت شخصية الفنانة اللبنانية فيروز، وشخصية عاشور العاشر الذي أدى دوره الفنان الجزائري صالح أوقروت، وكذا العلامة عبد الحميد بن باديس.
وذكرت محدثتنا، أنها تختار الشخصيات التي تحبها، أو تشبهها، والأسماء ذات المواقف والمبادئ، فتمحي ملامحها الحقيقية أولا ومن خلال معدات التجميل ترسم على وجهها ملامح المعني. وقالت بالخصوص إن هذه التقنية تعتمد على التدقيق في رسم التفاصيل والملاحظة الثاقبة.أما بالنسبة للمجال الذي تميل إليه أكثر، فأوضحت أنها تحب كل المجالات لأنها تكمل بعضها سواء «الماكياج السينمائي»، لتقليد شخصيات، أو الرسم على الوجه فكل له تقنيات خاصة ومواضيع يعبر عنها، مشيرة إلى آخر عمل لها وهو رسم يتحدث عن «مادلين» سفينة كسر الحصار على غزة، وقالت إن هذا النوع من المواضيع يكون أوضح من خلال الرسم لأنه يساعد على ترجمة عدة أفكار.وترى الفنانة، أن المختص في الماكياج السينمائي يجب أن يتمكن من مبادئ الرسم وتقنياته الأساسية أولا مثل المنظور و التكامل، وقد تعلمتها هي عندما كانت تلميذة في التعليم المتوسط و تطبقها الآن، وأرجعت ذلك إلى أن «الماكياج» يخضع لكثير من الأمور حتى تكون اللوحة متكاملة وجميلة، مثل الاهتمام بدرجات البشرة والألوان التي تناسبها، ملامح الوجه، والتناظر.
وعن أسهل رسمة نفذتها، أشارت إلى لوحة فنية لهلال العيد اعتبرتها الأسهل لأنها تتطلب تركيب قطع فقط، حيث ذكرت أنها صبغت وجهها بالأسود ثم طبقت الرسم وقد أخذ منها العمل ساعتين من الزمن، بينما تتطلب رسومات أخرى أكثر من 13 ساعة مثل «لوك»ّ الوحش المقتبس من كرتون الأميرة والوحش لـ»ديزني».ويعرف مجال «الماكياج السينمائي» تحديات عديدة في الجزائر حسب الفنانة، وبالأخص في جانب غياب إدراك أهميته ووظيفته، وندرة مواد الرسم من السوق وغلاء ثمنها إن وُجدت، ناهيك عن غياب الدعم والتعليقات السلبية من الجمهور، مع أنه فن له دور رئيسي في التلفاز والسينما، رغم ذلك ترى أن الفنان يجب ألا يتأثر بالتعليقات السلبية ويركز على تطوير نفسه حتى لا يقع في فخ الانسحاب.
الفن أبلغ رسالة
تستلهم الفنانة المختصة في الماكياج السينمائي، نورهان بقنان، المواضيع التي ترسمها من الواقع، ومبدأ أن الفنان يجب أن يكون ذو ضمير ولا يستهين بتحريك فنه لخدمة القضايا الإنسانية، وأوضحت أن الفن يستطيع جذب الناس وتوعيتهم بمآسي الآخرين، فيتعرفون على القضايا الإنسانية.ومن منظورها فإن للماكياج السينمائي قدرة على تمرير الرسالة الإنسانية بسهولة وبساطة و بعمق، وعبرت قائلة :»صحيح أن الموهبة تساعد الفنان على تفريغ مشاعره لكنه في الأصل حامل لرسالة إنسانية».
وقد كرست الشابة ريشتها منذ سنتين للحديث عن القضية الفلسطينية بعد المجازر التي عرفتها غزة وأثرت بها، وقالت إن هذه الأحداث أنارت بصيرة الكثيرين وجعلتهم يفهمون ما يحصل سواء في فلسطين أو في العالم.
وأردفت، أنها في بداية الحرب تجنبت ركوب الموجة ولم ترد استخدام معاناة الناس لتتبع « الترند»، لتصلها بعدها عدة رسائل من متابعين يطلبون منها توظيف فنها للتعبير عما يحصل، مضيفة أنها استلهمت عدة لوحات من التراث الفلسطيني مثل التطريز، الفن، والموسيقى، ونقل معاناتهم في شكل رسائل إنسانية.واعتبرت الفنانة، أن الحرب الحالية هي حرب وعي يجب أن يتسلح فيها الناس بالعلم والأفكار الصحيحة، وتحدثت في هذا الخصوص عن رد فعل الناس على المقاطعة خصوصا من كانوا يجهلون أهميتها والهدف منها غير مؤمنين بفعاليتها، وعقبت الشابة «أنها في الأساس تهدف إلى تحرير الفرد أولا، ولما لا تحرير فلسطين على المدى البعيد».مضيفة، أنها استخدمت التعبير الصريح وكذا الرموز حتى تجذب الناس ليتابعوا القصة، وتزرعها في وجدانهم ويتعاملوا معها على أنها جزء منهم. وقالت، إنها نشرت مقاطع مصورة دون الإحالة لأية جهة لكن المتابعين عندما يحللونها يستخرجون منها عدة دلالات، وذكرت «فيديو» «النقطة السوداء» التي تظهر في الوجه ثم تتحول إلى «زومبي» وشرحت دلالته وأنها قصدت الكيان الصهيوني الذي توغل في العالم مثل السرطان واستخدم أسلحة مختلفة في القتل والدمار، والدعاية لتنويم العقول وغرس أفكار خاطئة، وقد حاز على 10 ملايين إعجاب على منصتي «تيك توك» و»إنستغرام».مضيفة، أن هناك من فسر العمل بطريقة أخرى مثل وصف تأثير الطاقة السلبية، والعلاقات السامة، خصوصا وأنها تنتهز المناسبات لتنشر لوحات تعبر عن مواضيع مختلفة.
إيناس كبير
يحذر مختصون في الصحة، من خطورة ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام، لما لذلك من تأثيرات مباشرة على صحة الإنسان، خصوصا لدى الفئات الهشة على غرار كبار السن، الأطفال ومرضى الأمراض المزمنة.
يذكر، أن وزارة الصحة دعت المواطنين إلى الالتزام بجملة من الاحتياطات لتفادي المضاعفات المحتملة جراء الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، خاصة لدى كبار السن و المصابين بأمراض مزمنة وأكدت الوزارة، على ضرورة «غلق الشبابيك الخارجية و الستائر الموجودة على واجهة المساكن المعرضة لأشعة الشمس، وإبقاء النوافذ مغلقة طالما درجة الحرارة في الخارج أعلى من الداخل مع تجنب الخروج في الأوقات الأشد حرا».
كما شددت الوزارة في بيانها، على أن الخروج من المنزل ينبغي أن يكون في حالة الاضطرار مع ارتداء ملابس خفيفة و واسعة و المكوث في الظل بعيدا، مؤكدة على تناول كمية كافية من المشروبات و تفادي تلك التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر.
من جهتها، أوضحت الطبيبة العامة لمياء محلول، أن التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة خلال ساعات الذروة، أي من الساعة العاشرة صباحا إلى الرابعة مساء، يعد من العوامل الرئيسة في الإصابة بضربات الشمس ومضاعفاتها الصحية
مشيرة، إلى ضرورة تجنب الخروج خلال هذه الفترة إلا في الحالات القصوى، مع اتخاذ كافة الاحتياطات الوقائية، وعلى رأسها ارتداء القبعات الواقية، استخدام المظلات، وتفادي المجهود البدني الكبير تحت أشعة الشمس.
وأكدت محلول، أن أصحاب البشرة الحساسة والبيضاء، هم الأكثر عرضة لحروق الشمس، حيث ينبغي عليهم استعمال واقي الشمس قبل الخروج بنصف ساعة على الأقل، من أجل الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية التي قد تحدث التهابات جلدية حادة، تظهر على شكل احمرار، حكة، بثور صغيرة، أو حروق سطحية مصحوبة بانتفاخ.
وشددت المتحدثة، على أهمية شرب كميات كبيرة من الماء يوميا، بمعدل لا يقل عن 3 لترات في اليوم الواحد، موزعة على فترات متفرقة، حتى يستفيد منها الجسم بشكل فعال، إلى جانب تناول الفواكه الموسمية الغنية بالماء والأملاح المعدنية، مثل البطيخ، الشمام، والعنب، للمساعدة في تعويض السوائل المفقودة بسبب التعرق.
وفي ذات السياق، دعت الطبيبة إلى منع كبار السن والأطفال الصغار جدا، وذوي الأمراض المزمنة، من الخروج في فترات الذروة، لما لذلك من خطر مضاعف على صحتهم، إذ تساهم درجات الحرارة المرتفعة في تفاقم حالاتهم المرضية، وقد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وكشفت، أن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هم من أكثر الفئات تضررا خلال موجات الحر، إذ يمكن أن يتعرضوا لنزيف داخلي، أو حتى جلطات دماغية في حال إهمال الوقاية، بسبب اضطراب الدورة الدموية الناتج عن ارتفاع حرارة الجسم.
وفي حال إصابة أحد الأشخاص بضربة شمس، نصحت المتحدثة بضرورة تقديم الإسعافات الأولية على الفور، من خلال نقله إلى مكان مظلل وهادئ، ترطيب جسده بالماء البارد بشكل تدريجي، وتقديم ماء للشرب إن كان في وعيه.
أما في حال فقدانه الوعي، فشددت الطبيبة على ضرورة نقله فورا إلى أقرب مرفق صحي لتلقي العناية الطبية اللازمة.
لينة.د
مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، يزداد خطر الإصابة بالجفاف أو ضربة الشمس، خاصة في حال عدم شرب كميات كافية من الماء، لذلك يوصي المختصون بضرورة الحفاظ على ترطيب الجسم بشرب الماء والسوائل بانتظام، إلى جانب اعتماد نظام غذائي غني بالفواكه والخضر التي تحتوي على نسب عالية من الماء، فهي تلعب دورا حيويا ومكملا، ومميزا، في إمداد الجسم بالسوائل اللازمة والحفاظ على توازنها المائي.
وتزخر الخضروات والفواكه بالمعادن الأساسية مثل البوتاسيوم، المغنيسيوم، والكالسيوم، والتي تعدّ بالغة الأهمية للحفاظ على توازن السوائل في الجسم بحسب المختصين، كما أن الألياف الغذائية الموجودة بوفرة في الخضروات والفواكه تساهم بشكل غير مباشر في الترطيب، فالألياف تمتص الماء وتساعد على الاحتفاظ به في الأمعاء، مما يدعم صحة الجهاز الهضمي ويمنع الإمساك، وهي حالة يمكن أن تؤثر سلبا على مستويات الترطيب العامة في الجسم.
أوضحت الأخصائية في التغذية العلاجية هاجر بوسالية، أن الخضروات والفواكه تمثل مصدرا مهما للماء حيث يمكنها أن تساهم بنسبة تفوق 20 بالمئة من حاجيات الجسم اليومية، كما أن تناولها بانتظام يحمي من الجفاف ويعزز ترطيب الجسم، خصوصا خلال فصل الصيف، حيث يزداد احتياج الإنسان للماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية.
وفي ذات السياق، تنصح الأخصائية بتناول ما لا يقل عن خمس حصص يوميا من الخضر والفواكه لضمان ترطيب الجسم بشكل كاف، مؤكدة أن الخضروات والفواكه بمحتواها العالي من الماء، مصدر طبيعي ومثالي للترطيب، خاصةً في الأيام الحارة أو بعد ممارسة النشاط البدني، كما أنها متكاملة من العناصر الغذائية التي تعزز الترطيب بطرق متعددة.
ومن بين أهم الفواكه المرطبة، البطيخ الأحمر الذي يعد الأكثر فاعلية، إذ يحتوي على نسبة ماء عالية جدا تصل إلى 94 بالمئة، كما أن البطيخ غني كذلك بالبوتاسيوم والمغنيسيوم، أما الفراولة فتضم حوالي 92 بالمئة من الماء، إلى جانب غناها بفيتامين ج، والمعادن، والألياف، ما يجعلها فاكهة مغذية ومنعشة في آن واحد. وتبرز فاكهة المشمش بنسبة ماء تبلغ 89 بالمئة، مما يجعلها خيارا مثاليا لمن يبحث عن الانتعاش خلال الأيام الحارة، كما يعد العنب فاكهة صيفية مثالية باحتوائه على نسبة كبيرة من الماء، ومضادات الأكسدة ، ومركب الفلافونيد الذي يساهم في حماية القلب والأوعية الدموية.
ويحتوي التفاح على 84 بالمئة من الماء، إلى جانب دوره في دعم صحة المعدة وتقوية جهاز المناعة، ما يجعله من الفواكه التي ينصح بإدراجها في النظام الغذائي اليومي.
وإلى جانب الفاكهة، تحتوي الخضراوات أيضا على كمية كبيرة من الماء تُساعد على ترطيب الجسم، وحسب هاجر بوسالية، فإن الخس يتصدر القائمة بنسبة تصل إلى 96 بالمئة من الماء، إضافة إلى كونه غنيا بالكالسيوم والعناصر الغذائية الأخرى المفيدة للجسم، وهو أساسي للسلطات الصحية.
كما تعتبر الكوسة والطماطم من الخضروات المفضلة صيفا، إذ تحتويان على 95 بالمئة من الماء، وتتميز الكوسة بسرعة هضمها واحتوائها على الألياف، بينما تقدم الطماطم فوائد صحية متعددة بما في ذلك تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، وتحسين صحة القلب، وتعزيز جهاز المناعة، ودعم صحة العين، أما الخيار فيحتوي أيضا على نسبة عالية من الماء تصل إلى 96 بالمئة، مما يجعله من أفضل الخيارات المُرطبة، وعند إضافته إلى الماء يضفي عليه نكهة رائعة للحصول على مشروب مُرطب ومُنعش.
وشددت الأخصائية، على أهمية شرب الماء بكميات كافية خلال فصل الصيف لتفادي الجفاف ومخاطره، موضحة أن الشخص العادي يحتاج يوميا إلى ما بين 1.5 لتر إلى لترين من الماء، بينما تتراوح الحاجة اليومية لمن يعملون تحت أشعة الشمس، كالبنائين والفلاحين، بين لترين ونصف إلى ثلاث لترات.
سامية إخليف
يقضي أطفال صيفا مسليا بالمشاركة في مخيمات تعليمية تنظمها مؤسسات وجمعيات قسنطينية تنشط في تخصصات مختلفة، ويحضر القائمون عليها برامج ترفيهية تفيد الأطفال في عدة مجالات، كما يتلقون معارف مختلفة تُنمي قدراتهم الفكرية والثقافية، وتطور شخصياتهم باعتماد أسلوب التواصل الفعال بين المشاركين.
وتُتاح أمام أولياء الأمور خيارات عديدة حيث تنتشر على الصفحات الخاصة بهذه المؤسسات والجمعيات على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات تحتوي على تعليم المهارات، الفنون على غرار المسرح والرسم و التعرف على أساسيات التكنولوجيا والروبوتيك. وقد رصدنا من خلال تعليقات أولياء على البرامج المقترحة، اهتماما بهذه المخيمات، التي يجدونها فرصة ليقضي أطفالهم وقت فراغهم بعيدا عن الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية وكذا الألعاب الإلكترونية، واستبدالها بأنشطة مفيدة ومتنوعة ترفع طاقتهم الإبداعية وتقربهم من مجالات جديدة أصبحت عصب العصر الذي يعيشون فيه.
ورشات تهتم بالجانب الإبداعي
و المقاولاتية
يقدم نادي الهندسة التكنولوجيا والابتكار، بعلي منجلي بقسنطينة تجربة صيفية مميزة، من خلال برنامج موجه للطفل مليء بالأنشطة التعليمية والتكنولوجية، وقد انطلق في الفاتح من شهر جوان، ويضم وفقا لمدير النادي عبد الغني بوناح، أنشطة تنمي المهارات تعرف إقبالا على غرار التصوير «الفوتوغرافي»، التصميم «الغرافيكي»، وتركيب «الفيديو»، واللغة الإنجليزية والمسرح.
وقد وجه القائمون على النادي اهتمامهم وتركيزهم لتطوير هذا النشاط وذلك انطلاقا من قناعتهم بأن المستقبل لا يرتبط بالشهادات الأكاديمية فحسب، بل يحتاج الفرد كذلك إلى مهارات أخرى، وذلك ينظم النادي ورشات تمزج بين تقديم المعلومات النظرية، وتعليم أسلوب التواصل الإبداعي، وفنون الإقناع والعمل الجماعي، وكلها مهارات مهمة للمشاريع المقاولاتية، وهو مجال يرى بوناح أنه، فرض نفسه وأصبح من الضروري الإلمام بأساسيات النشاط فيه، والتعرف عليه في سن صغيرة حتى يمتلك الطفل في المستقبل رصيدا يستطيع توظيفه. بالإضافة إلى هذا يقول مدير النادي، إن الطفل في المخيم الصيفي سيكون على موعد مع مجموعة من العلوم الحديثة المرتبطة بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، التي تكون متضمنة في برنامجين الأول مكون من أسبوعين، والثاني لمدة شهر كامل أين يلتقي المشاركون بمدربين ذوي مستوى عال، وكذا طلبة جامعيين يساعدونهم على اكتشاف مواهبهم والتعرف على قدراتهم من خلال أنشطة تنافسية تلائم كل فئة عمرية، علما أن سن الانتساب يبدأ من ثماني سنوات إلى ثمانية عشر سنة وكذا مستوى الاستيعاب. وأردف المتحدث، أن الاهتمام بالاحتياجات النفسية والترفيهية للأطفال يجعلهم يُقبلون على المخيم وكلهم حماس للمشاركة في أنشطة تمزج بين التسلية التي تعد مهمة في العطلة الصيفية، حيث يُفرغ الطفل طاقته ويتجاوز الضغط والتعب الدراسي، دون إغفال أن يتواجد المعني في بيئة تعليمية تهتم بتكوينه علميا وفكريا.
مخيم تكنولوجي و أنشطة تعليمية ترفيهية
من جهتها، تعتمد مؤسسة «تيكمولوجي» على كفاءاتها من مهندسين لتنشيط مخيم صيفي يتخصص في أنشطة متعلقة بالتكنولوجيا، والروبوتيك وبرامج تطوير مواقع «الويب»، وذلك وفقا لما أوضحته المديرة البيداغوجية ياسمين حاشي.
ويتعلم المشاركون في المخيم حسبها، تصميم وصناعة منازل ذكية تحتوي على مستشعرات تقيس درجة الحرارة والرطوبة، كما يبرمج الطفل حساسات ترسل معلومات إلى تطبيق أو موقع يكون معروضا على «النت». وتوفر المؤسسة أثناء تواجد المشاركين في المخيم، دورات تدوم لأسبوعين وتكون متجددة، كما توجد دورات أخرى تمتد إلى غاية شهر سبتمبر، بالإضافة إلى تزويد المشتركين بأطقم تعليمية، أوضحت حاشي أنها عبارة عن وسائل تحتوي على أجزاء خاصة بالروبوتيك، أو تركيب المنازل الذكية.وعملا بمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية لكل المشاركين الذين يبدأ سنهم من 6 سنوات إلى 15 سنة، فإن المخيم يعتمد على المعارف البسيطة وأساسيات التكنولوجيا والبرمجة سواء في أسلوب التعليم أو المعارف المقدمة للطفل، كما أن المعارف المقدمة تكون موافقة للقدرة الاستيعابية للطفل أكثر من السن، وعلقت قائلة «في حال وجدنا طفلا يستطيع اكتساب معلومات أكثر فإننا نوفر له ما يناسبه دون حرمانه من المعرفة الكافية أو الحد من تفكيره».و أردفت المتحدثة، أن البرامج تكون مبنية أيضا على اللعب حتى لا يشعر المشاركون بالملل، فضلا عن اختيار أنشطة تلائم شغفهم بالمجال مثل التفكيك والتركيب. وتضيف المديرة البيداغوجية للمؤسسة، أن من بين أهدافهم تغيير توجهه الطفل المنخرط في المخيم، من مستهلك للتكنولوجيا يقضي كل وقته في الألعاب الإلكترونية، إلى مطور أو مبتكر فضلا عن تزويده بمهارات البحث والآليات الصحيحة لاستخدام المحركات البحثية. وأشارت كذلك، إلى أن المدربين يهتمون بتطوير لغة الصغار من خلال برنامج محادثات باللغة الإنجليزية، يُبرمج كل أسبوع أين يختارون موضوعا تقنيا أو شخصية رائدة في مجال التكنولوجيا يجتمعون ليتحاوروا حولها، ويتشاركون خلال حصص المناقشة معلومات مختلفة. وفي هذا السياق، أعقبت حاشي، أنهم يحاولون استضافت الشخصية نهاية الأسبوع خصوصا إذا كانت جزائرية ومتاحة، وهي فرصة للطفل ليلتقي بنماذج يحتذي بها ويسير على دربها في ميدان العلوم.من جهة أخرى، قالت إن المخيم الذي سينطلق في منتصف الشهر الجاري يعد رابع تجربة لهم مع الأطفال، ومن خلال الطبعات السابقة فقد لاحظوا تطورا في مستوى المشاركين الذين يخرجون من المخيم وهم يحملون صفة مبرمج
تطبيقات، كما تزيد ثقتهم في أنفسهم بفضل تعاملهم مع معلومات جديدة خصوصا إذا تمكنوا من مجالات تتجاوز سنهم.
أنشطة فلكية وبيئية
من جانبه، ذكر الأستاذ مراد حمدوش عضو جمعية الشعرى، أنهم يحاولون من خلال المخيم الصيفي الذي يحضرون له تقديم برامج تحت شعار «نتسلى نتعلم». وأوضح أنهم يربطون التسلية العلمية بالترفيه والثقافة في الأنشطة المقدمة للطفل ليكتسب معارف استحدثتها الجمعية من خلال الخرجات والألعاب العلمية.وذكر من بين الأنشطة، خرجة إلى غابة «البعراوية» لاكتشاف بعض أسرار الطبيعة والبحث عن الحشرات، والتعرف على أنواع الأشجار والأوراق، ورصد التناغم البيئي.وقال حمدوش، إنه يراعى في برنامج المخيم الصيفي اختيار مكان إقامته سواء على شاطئ البحر أو في الغابة، وذلك حسب طبيعة النشاط إما رصدي علمي، أو تكويني ثقافي. وتُنسق جمعية الشعرى أيضا، مع جمعيات أخرى لإقامة مخيمات صيفية مشتركة وذكر جمعية «كاف العروس» التابعة لبلدية راسيرا بولاية باتنة، حيث التقى الصغار سابقا وشاركوا في أنشطة متنوعة. كما اعتبر المتحدث، العطلة الصيفية فرصة للقاء قامات علمية يحاولون برمجة أنشطة معهم موجهة للطفل، وذكر في هذا السياق اللقاءات التي تعرف فيها المشاركون في مخيمات سابقة للجمعية بالأستاذ نضال قسوم.
إ.ك
كسرت سارة فردي، مهندسة دولة في العمران القاعدة، حين قررت أن تتخلى عن شهادتها الجامعية لتخوض غمار عالم آخر، تسلحت لمواجهة تحدياته بالإرادة والإيمان بإمكانية النجاح، لتجد نفسها اليوم ضمن قائمة أصحاب المؤسسات الناشئة الناجحة في مجال تصميم ديكورات الحفلات، و التي تزود سلعها قطاعا مهما من السوق في الشرق الجزائري بأكمله.
واجهت سارة البطالة بعد تخرجها سنة 2012، وكانت قد استسلمت لليأس نهائيا وفقدت الأمل في الالتحاق بعالم الشغل بعدما غادرت قسنطينة إلى عين مليلة لتبدأ فصلا آخر من حياتها كزوجة وأم، لكنها ظلت تحلم بتحقيق بعض من طموحها و تمسكت بآخر قشة للاستمرار في السعي فبدأت في التفكير في نافذة تطل منها على مجالات أخرى لا علاقة لها بالوظيفة، و لا حتى بمجال تخصصها الجامعي، وهكذا قررت أن تطور موهبتها في مجال التصميم والديكورات، عن طريق تعلم برمجيات وتتبع جديد المجال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
انطلقت بميزانية
لا تتجاوز 700دج
استهلت سارة مشروعها الصغير انطلاقا من الوسط العائلي، ورغم بعض الأصوات التي حاولت إحباطها أو التأثير على قرارها في التوجه إلى عمل « أقل أهمية» مما تمثله شهادتها الجامعية كمهندسة، إلا أنها لم تستسلم وقررت المواصلة، فاقتحمت مجال الطباعة على الورق وصناعة ديكورات الحفلات سنة 2016، وتحديدا صناعة ديكورات أعياد الميلاد. أطلقت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، واشترت لنفسها طابعة صغيرة من ميزانيتها الخاصة، وبدأت العمل مباشرة ونشر نماذج عن بضاعتها البسيطة عبر الصفحة، وقد سعدت جدا كما عبرت حين وصلتها أول طلبية، رغم أن ميزانية مشروعها في ذلك الوقت لم تكن تتعدى 700دج.وعلى الرغم من كثرة الانتقادات التي واجهتها واستمرار المقارنة بين مستوى شهادتها الجامعية ونوعية المشروع الذي قررت التخصص فيه، إلا أنها تجاوزت الإحباط، وانشغلت بتطوير نفسها فقررت الاستثمار بشكل أفضل، واشترت طابعة حرارية جديدة هذه المرة، وذلك بمساعدة زوجها.بدأ مشروعها يعرف نجاحا، وصارت صفحتها أكثر تفاعلية وانتشارا ما ساعد على مضاعفة عدد الزبائن، وقد كانت تطور من أدائها في كل مرحلة عبر تحسين نوعية الورق و التنوع في التصاميم و الخروج بأفكار جديدة، كما كانت منفتحة على طلبات واقتراحات وأفكار زبائنها ومستعد لتنفيذها.
طموح بلا حدود
مشروع سارة البسيط الذي بدأ بالورق في غرفة صغيرة، تطور ليتحول إلى ورشة بعد أن تضاعف الطلب على منتجها، وصارت المهندسة العاطلة عن العمل مالكة لورشة خاصة تتوفر على آلات أكبر حجما وأكثر إنتاجية، كما فتحت باب التوظيف لشابتين أخريين كي تتمكن من تلبية كل طلبات زبائنها المتزايدة. اعتمدت أيضا كما أخبرتنا، على خياطة لتصميم بعض قطع الديكور من القماش و التي كانت تطبع عليها رسومات مختلفة باستخدام الطابعة الحرارية التي اشترتها في بداياتها.
ولأن طموح سارة كان كبيرا للغاية، فقد استمرت في تطوير نفسها وتطوير عملها، لتقتني آلة أخرى للقطع كانت نادرة جدا في السوق، وهو ما زاد من شهرة ورشتها ووسع نشاطها بشكل أكبر، فتحسنت ظروفها وأصبحت صاحبة الورشة الوحيدة بمنطقة عين مليلة، التي تنشط في مجال صناعة الديكوارت الخشبية المخصصة للزينة، والتي يكثر الطلب عليها في المناسبات مثل رمضان والأعياد والأفراح، أو تستخدم لتزيين المكاتب وغير ذلك.
رغم النجاح الكبير الذي حققته مؤسستها الناشئة، لا تزال سارة تحلم بأن تلتحق يوما بمنصب يتناسب مع مستوى تكوينها الجامعي وشاهدتها في الهندسة، مع ذلك تقول بأنها تدرك أهمية ما حققته، وأن قصتها قد تكون مصدر إلهام وتحفيز للعديد من الشابات أو النساء الماكثات في البيت، لأن الإيمان بالذات وحده قادر على تغيير واقع العديد من الأفراد وبالأخص النساء. مؤكدة، أنها لم تتوقف يوما عند عقبة معينة، ورغم أنها بدأت بميزانية ضعيفة جدا، فقد تمكنت بفضل السعي المستمر من النجاح، وقد تطور مشروعها أكثر مستقبلا في حال قررت الاستفادة من قروض دعم للمشاريع المصغرة، وهو توجه بدأت فعليا التفكير فيه، لأنها ترغب حسب قولها في أن توفر ورشتها أكبر عدد من فرص العمل للآخرين وإشراك عدد أكبر من النساء أو الشباب في هذا المشروع. تنصح في الأخير، كل من لم يتمكن من الحصول على وظيفة بأن يتوجه إلى المشاريع المصغرة وعالم المؤسسات الناشئة، شريطة عدم التقليد والبحث دوما عن التميز عبر لمسات فنية خاصة، تضمن استمرار أي مشروع.
إيمان زياري