انتقدت الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ بشدة الضغط الذي يمارسه الآباء على الأبناء لدفعهم إلى التفوق وتحقيق أعلى العلامات، مما أدى إلى تفاقم ظاهرة انتحار القصر أو الفرار من البيت الأسري، هروبا من العقاب، ودعت الجمعية المستشارين النفسانيين للقيام بدورهم لحماية هذه الشريحة الهشة.
حذرت الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ من الضغوط النفسية التي تلاحق التلاميذ خلال الموسم الدراسي، لا سيما من قبل الأسرة التي تلقي على طفل قاصر كامل المسؤولية لتحقيق التفوق والنجاح، وتهدده بالعقاب في حال الرسوب أو تدهور النتائج الدراسية، وأكدت في هذا الشأن العضو القيادي في التنظيم والمختصة الاجتماعية السيدة باشا فتيحة «للنصر» أن قطاع التربية يشهد سنويا نفس السيناريو تزامنا مع الكشف عن النتائج الفصلية، والمتمثل في ظاهرة انتحار الأطفال، على غرار المأساة التي عاشتها هذين اليومين ولايتي المدية والبليدة، على إثر انتحار ثلاثة أطفال جراء سوء النتائج الدراسية.
وحملت المختصة الاجتماعية الأولياء القسط الأكبر من المسؤولية، جراء الضغوط التي يمارسونها على الطفل خلال الفصل الدراسي، مما يؤدي به إلى الإصابة بنكبة أو أزمة نفسية فور الإعلان عن النتائج الدراسية، جراء تحول التلميذ إلى مجرد علامة يحققها خلال كل امتحان، في حين أن دور الآباء يكمن في مرافقة الطفل وتأطيره بطريقة حكيمة وسليمة، لمنحه الثقة في النفس وتقوية شخصيته، وتنمية روح المثابرة والعمل لديه، وليس مراقبته ثم معاقبته في حال الإخفاق.
ودعت المتحدثة المؤسسات التعليمية إلى تحمل حصتها من المسؤولية، وضمان تكافؤ الفرص بين التلاميذ، مع ضرورة نشر ثقافة الحوار داخل المحيط الأسري، وجعل التلميذ يشعر بالمسؤولية اتجاه طبيعة النتائج التي يحققها، وبضرورة العمل والمثابرة لتحسين مستواه وتحقيق النجاح والرقي في المجتمع، بدل الضغط عليه وممارسة كافة أشكال التخويف والترهيب من أجل الحصول نتائج جيدة لإرضاء الأسرة، التي عادة ما تلجأ إلى مقارنة النتائج التي يحققها الأبناء مع نتائج أطفال آخرين من المحيط العائلي أو الجيران، وهو الخطأ الفادح الذي يجعل التلميذ يفقد الثقة في نفسه وفي كفاءاته الذاتية، بل وتدفع به إلى تصرفات لا يحمد عقباها، كالانتحار أو الفرار من البيت.
وأضاف من جهته رئيس الجمعية خالد أحمد بأن الإخفاق في المشوار الدراسي لا يعني إطلاقا الفشل في الحياة العملية، لأن كثيرا من الشباب اختاروا مسار التكوين المهني، وحققوا نجاحا باهرا، بل إن نسبة هامة من الشباب الذين تفوقوا في المجال المهني، هم من خريجي مراكز التكوين المهني، ومن من بينهم من أسس مؤسسات مصغرة، وأعاب المصدر على المستشارين النفسانيين على مستوى المؤسسات التعليمية بسبب تقصيرهم في التكفل بالتلاميذ، خاصة الذين يواجهون مشاكل عائلية، كاشفا عن شروع تنظيمه في القيام بحملات تحسيسية لفائدة الآباء والأساتذة بالتنسيق مع مدراء المؤسسات التربوية، وبالتعاون مع مستشاري التوجيه والأخصائيين في مجال علم النفس التربوي، للتوعية بكيفية مرافقة التلميذ وتحسين أدائه الدراسين دون الضغط عليه.
كما يتم التنسيق مع المساجد التي تولت بدورها تنظيم حملات توعوية وتحسيسية، يساهم في تأطيرها أخصائيين نفسانيين، وذلك على مقربة من تنظيم الامتحانات الرسمية، من بينها شهادة البكالوريا، لتحضير المتمدرسين لهذه المواعيد الهامة، وبحسب خالد أحمد فإن عملية التحسيس يجب أن تستهدف أيضا الأولياء، من خلال دعوتهم إلى ضمان الراحة النفسية للتلميذ بدل اعتماد أساليب الترهيب والتخويف.
وبشأن نتائج الفصل الثاني، أكد المصدر بأنها كانت جد إيجابية بفضل التحسن الملحوظ في المعدلات الفصلية على مستوى الأطوار الثلاثة، مقارنة بالفصل الأول، مرجعا ذلك إلى الاستقرار النفسي الذي يشعر به التلميذ في الفصل الثاني، لا سيما بالنسبة للذين انتقلوا إلى مستويات جديدة، فضلا عن تعودهم على وتيرة الدراسة.
لطيفة/ب