اعتبر الكاتب والباحث البروفيسور محمد طيبي، أن بعض الأنظمة خائفة من النموذج الذي يتشكل الآن في الجزائر، و أكد من جهة أخرى أن تفعيل المادة 102 من الدستور، يجب أن تعقبه خطوات أخرى ضرورية للخروج من الأزمة ، و قال أن المؤسسة العسكرية لم تخرج عن الدستور، لأن ذلك ليس في صالحها أولا، بل حمت الدستور لتحمي هي مشروعية سلوكياتها في الحلول المستقبلية.
النصر : بعض القنوات والمواقع الأجنبية، قامت بنقل أخبار كاذبة بشأن الحراك في الجمعة السادسة، ما ذا تقولون في هذا الشأن؟
محمد طيبي : هذه رهانات الجغرافيا السياسية بدأت ترتسم من خلال الحراك الشعبي ودخول الإعلام الذي يريد أن يشعل شرارة الشك والخوف، هي طريقة من طرقهم وهذا ليس أمر جديد، فهذا الإعلام موجه لذلك الأمر . والحلول هي عندنا وليست عندهم ومن هذا الباب في تصوري أن النظم التي تمولهم خائفة من النموذج الذي يتشكل الأن في الجزائر، فحسباتهم كانت أن النموذج سيكون على الطريقة السورية أو غير ذلك والآن النموذج بدأ يذهب إلى ما لا يرضونه هم ، وفي هذا التصور فهناك خوف أن ينضج هذا النموذج وينتقل عندهم وخاصة الأنظمة العربية .
النصر : الحراك الشعبي يبقى متواصلا ويتمسك بمطلب التغيير الجذري للنظام، وعدم الاكتفاء بالمادة 102 من الدستور، ما ذا تقولون في هذا الاطار ؟
محمد طيبي : هناك أمرين، الإجراء الدستوري الذي يضمن استمرارية الدولة، أما الأمر السياسي فيتم مناقشته مع السياسيين وهم يجدون حلولا توافقية لإرضاء مطالب الناس، يجب تطبيق المادة 102 في روحها ويجب أن يكون هناك انتقال للسلطة وفق ما تقتضيه المادة 102 من الدستور فهذا ضروري الآن، وبعد ذلك المصالح العليا للبلد والمسؤولين الكبار على الأمن القومي هم الذين يجب أن يضعوا الترجيحات التي ترضي الناس بعيدا عن إرضاء الأحزاب، سواء كانت معارضة أو موالاة.
وفي تصوري أن ما تناوله الفريق قايد صالح ، أنه يهيب ولا يقرر فهو يهيب بأصحاب الشأن السياسي، أن يبادروا إلى تفعيل المادة 102 من باب أن هذا الأمر تقتضيه ضرورة استمرارية الدولة كقوة شرعية وسيادية واحدة ووحيدة ولا تتقاسم الأمر مع أي هيئة أخرى حزبية أو غير حزبية وبالتالي هذا قرار لا يهم فقط الشأن السياسي فهو يهم الشأن الأمني والاستراتيجي، لأن الجيش هو الذي يؤمن الدولة ليؤمن من خلالها المجتمع وهذا الأمر يهم المناعة الوطنية .والمؤسسة العسكرية لم تخرج عن الدستور، لأن ذلك ليس في صالحها أولا ، بل حمت الدستور لتحمي هي مشروعية سلوكياتها في الحلول المستقبلية .
ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، عندما بادر بهذه الفكرة أولا هو درسها من كل الجوانب وهي ليست مسألة انفعالية أو ارتجالية ، وثانيا هو استباق لما قد يحضر للبلد من فوضى وثالثا لا مصلحة للجيش أن يجد نفسه أمام الشارع مثل ما حدث في التسعينات، هو يريد من خلال هذا الإجراء أن يتفادى ما لا يحمد عقباه .
وتفعيل المادة 102 من الدستور، يجب أن تعقبه خطوات أخرى فالشارع يتكلم ويرسل رسائل؛ فأي حاكم شرعي من واجبه أن يحل المشكلة بالطرق القانونية، فهذا ضروري فلا يجب أن نترك البلد يضيع بين أيدي المغامرين، فمن واجب الدولة الوطنية أن تحل المشاكل التي صنعها الرديئون الذين سيروا الشأن العام منذ سنوات.
النصر : ماهي الخطوات الضرورية التي يجب اتخاذها بعد تفعيل المادة 102 والتي من شأنها أن تؤدي إلى مخرج للأزمة؟
محمد طيبي : بعدما ننتهي من الإجراءات الدستورية الضرورية لنقل السلطة وقتها في تصوري يفتح ملف المطالب وهناك فرضيات تقتضي أن نحققها، أولها حكومة قبل نهاية عهدة الرئيس، وتكون هذه الحكومة لا حزبية ومن خيرة أبناء الوطن كفاءة ونزاهة وأصولا يقبلها الحراك ويثق فيها ويرى من خلالها مبادرة جدية من أصحاب القرار، هذه هي الخطوة الأولى والخطوة الثانية التفاهم على تكوين لجنة وطنية للانتخابات تكون أيضا محايدة صاحبة كفاءة وتشتغل وفق معايير الانتخابات العالمية وقد نذهب إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات، إذا اقتضى الأمر، وبعدها يذهب الجميع كلهم إلى الانتخابات من أجل انتخاب الرئيس أولا ثم المجالس الوطنية والمحلية ويدخل بعدها البلد في طمأنينة ونحافظ على بلدنا ومكتسباتنا .
والحقيقة أن ما عبر عنه هذا الحراك الوطني بعمقه الشعبي والشبابي وبخطاباته الحضارية في معظمها يجب أن يتحول إلى مكسب نقوي به دولتنا ونصون به صورتنا أمام العالم ونذهب به إلى بدائل تكون ثمارها طيبة على الشباب، لأني أعرف جيدا كم كانت معاناة الشباب قاسية وكم تعرض الشباب إلى الإقصاء من طرف النهابين وأبناء السراقين، فأشعر بألمهم كشباب أمام مغامرات الفاسدين ومن حقهم أن يجنوا ثمار حراكهم وإنما حذاري أن يخدعونهم بالشعارات ويسرقون مجهودهم أولئك الذين يتربصون دوما . حاوره:مراد - ح