* الجيش يرفض دفعه لفرض الحالة الاستثنائية
شدد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش، على أن حل الأزمة لا يمكن أن يكون خارج الإطار الدستوري، ملتزما بمرافقة الجيش لسير المرحلة إلى غاية انتخاب رئيس جديد، متهما أطرافا خارجية لها خلفيات تاريخية مع الجزائر، في إشارة إلى فرنسا دون ذكرها، بفرض أشخاص لتمثيل الشارع وتقديم مطالب تعجيزية لهدم مؤسسات الدولة، والدفع نحو المرحلة الاستثنائية التي يرفضها الجيش، وكشف عن ضبط عناصر مشبوهة في المسيرات، كما رد على المشككين في نيته بمحاسبة الفاسدين، أن العدالة ستطال كل مختلسي الأموال وستفتح الملفات السابقة.
أكد الفريق، في الكلمة التي ألقاها أمس، أمام إطارات وأفراد الناحية العسكرية الثانية، في اليوم الثالث من زيارته، حرص الجيش الوطني الشعبي منذ بداية المسيرات السلمية، التي أبان فيها الشعب الجزائري عن سلوك حضاري ومستوى راقي من الوعي والنضج، على الوقوف في صف الشعب والانحياز إلى جانبه، والتأكيد على ضرورة تلبية مطالبه المشروعة، بشكل يضمن الحفاظ على سير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية.
وأوضح الفريق قايد صالح، بأن هذا الطرح أشار إليه في مختلف مداخلاته منذ بداية المسيرات السلمية، حيث أكد في البداية على ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال. ومع تطور الأحداث واتجاهها نحو التأزم، دعا الجيش الوطني الشعبي إلى ضرورة إيجاد حل للخروج من الأزمة حالا وقدم اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور، مضيفا أنه «أمام عدم الاستجابة لمقترحاته والاستمرار في التماطل»، تقدم باقتراح، يوم 30 مارس الفارط، بتفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور. وكانت آخر محطة هو اجتماع 02 أفريل أين اتخذت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي الموقف التاريخي الصارم، وأصرت على تلبية المطلب الشعبي الملح وتطبيق أحكام المادة 102 من الدستور فورا وكان للشعب ما أراد حين قدم رئيس الجمهورية استقالته مساء نفس اليوم، والدخول بالتالي في مرحلة انتقالية.
أطراف أجنبية تدفع نحو الحالة الاستثنائية وضرب استقرار البلاد
ونبه الفريق في كلمته إلى محاولات بعض الأطراف الأجنبية لضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، موضحا بأن تلك الأطراف لها خلفيات تاريخية مع الجزائر، في تلميح صريح إلى فرنسا، التي اتهمها الفريق قايد صالح صراحة بمحاولة فرض أشخاص في واجهة الحراك الشعبي كممثلين لقيادة المرحلة الانتقالية.
وقال الفريق في كلمته إنه مع «انطلاق هذه المرحلة الجديدة واستمرار المسيرات، سجلنا للأسف، ظهور محاولات لبعض الأطراف الأجنبية، انطلاقا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، لدفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد».
وبحسب الفريق قايد صالح، فإن تلك المخططات ترجمتها بعض الشعارات التعجيزية التي تم رفعها، وهي ترمي إلى «الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة»، وأكد بأن الهدف من خلال تلك المحاولات هو الوصول إلى إعلان الحالة الاستثنائية، مبديا رفضه لهذا الخيار بشدة منذ بداية الأحداث، واستطرد قائلا إنه «من غير المعقول تسيير المرحلة الانتقالية دون وجود مؤسسات تنظم وتشرف على هذه العملية، لما يترتب عن هذا الوضع من عواقب وخيمة من شأنها هدم ما تحقق، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، من إنجازات ومكاسب تبقى مفخرة للأجيال».
ضبط عناصر كلفت بمهمة اختراق المسيرات
وأمام تلك المحاولات، أكد الفريق قايد صالح، بأن الجيش الوطني الشعبي بذل كل ما بوسعه «لإحباط محاولات تسلل هذه الأطراف المشبوهة»، من أجل حماية هذه الهبة الشعبية الكبرى من استغلالها من قبل المتربصين بها في الداخل والخارج، وكشف رئيس أركان الجيش، بأنه تم ضبط بعض العناصر التابعة لبعض المنظمات غير الحكومية وهي متلبسة، و مكلفة بمهام اختراق المسيرات السلمية وتوجيهها، بالتواطؤ والتنسيق مع عملائها في الداخل، مضيفا بأن هذه الأطراف التي تعمل بشتى الوسائل لانحراف هذه المسيرات عن أهدافها الأساسية وركوب موجتها لتحقيق مخططاتها الخبيثة، التي ترمي إلى المساس بمناخ الأمن والسكينة الذي تنعم به بلادنا.
الجيش سيرافق المرحلة الانتقالية وعلى الشعب التحلي بالفطنة
وشدد الفريق في كلمته على ضرورة مراعاة ظروف المرحلة الحاسمة التي تعيش فيها البلاد، والتي تقتضي من كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات، مضيفا بأن هذه المرحلة « تفرض على كافة أبناء الشعب الجزائري المخلص والوفي والمتحضر، تضافر جهود كافة الوطنيين بإتباع نهج الحكمة والرصانة وبعد النظر، الذي يراعــي بالدرجة الأولى وأساسا المصلحة العليا للوطن».
وأكد في السياق ذاته، أن تسيير المرحلة الانتقالية، التي تعيشها البلاد، يتطلب مجموعة من الآليات يقتضي تفعيلها حسب نص الدستور، منها أن يتولى رئيس مجلس الأمة الذي يختاره البرلمان بغرفتيه، بعد إقرار حالة الشغور، منصب رئيس الدولة لمدة ثلاثة أشهر، بصلاحيات محدودة، إلى حين انتخاب رئيس الـجـمـهـوريـة الجديد.
وفي رده على المشككين في مخرجات المرحلة الانتقالية، التزم الفريق، بمرافقة الجيش لسير المرحلة الانتقالية المخصصة لتحضير الانتخابات الرئاسية، مؤكدا في الوقت ذاته، بأن المؤسسة العسكرية ستسهر على متابعة سير هذه المرحلة، في ظل الثّقة المتبادلة بين الشعب وجيشه، في جو من الهدوء وفي إطار الاحترام الصارم لقواعد الشفافية والنزاهة وقوانين الجمهورية.
ودعا نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش، الجميع إلى فهم وإدراك كافة جوانب وحيثيات الأزمة، خلال الفترة المقبلة، لا سيما في شقها الاقتصادي والاجتماعي، التي ستتأزم أكثر إذا ما استمرت هذه المواقف المتعنتة والمطالب التعجيزية، وحذر من تداعيات الوضع الحالي الذي سينعكس سلبا على مناصب العمل والقدرة الشرائية للمواطن، خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر وغير مستقر، بالإضافة إلى ضرورة التحلي بالصبر والوعي والفطنة، من أجل تحقيق المطالب الشعبية والخروج ببلادنا إلى بر الأمان وإرساء موجبات دولة القانون والمؤسسات».
«إعادة فتح ملفات الخليفة وسوناطراك والبوشي»
كما رد الفريق على من شككوا في نية السلطة محاسبة الفاسدين وفي مقدمتهم أفراد العصابة، مؤكدا أن العدالة وبعد استرجاعها لكافة صلاحياتها، مُنتظر منها الشروع في إجراءات المتابعات القضائية ضد العصابة التي تورطت في قضايا فساد ونهب المال العام دون إملاءات ولا ضغوطات، وأن الأمر سيمتد أيضا إلى ملفات فساد سابقة.
وقال الفريق في كلمته «وفي هذا الشأن تحديدا، فإننا نشير إلى أن العدالة، وقد استرجعت كافة صلاحياتها، ستعمل بكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات ولا إملاءات، على المتابعة القضائية لكل العصابة، التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية، وأكد الفريق قايد صالح، بأن الأمر سيمتد كذلك إلى ملفات سابقة كقضايا الخليفة وسوناطراك والبوشي وغيرها من الملفات المتعلقة بالفساد والتي تسبب أصحابها في تكبيد الخزينة العمومية خسائر فادحة.
أجدد التزامي بدعم الشعب في هذه المرحلة
وجدد الفريق تأكيده، أن لا طموح له سوى خدمة البلاد والسهر على أمنها واستقرارها، وأنه على ثقة كاملة بتفهم الشعب الجزائري وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وقدرته على الخروج من هذه الأزمة منتصرا، وقال في كلمته «أود بهذه المناسبة أن أجدد التذكير بأنني قد التزمت شخصيا بدعم الشعب في هذه المرحلة الهامة، والوقوف إلى جانبه، رغم ظهور بعض الأصوات الناعقة في الداخل والخارج، ممن يزعجهم التلاحم القوي بين الشعب وجيشه»، مضيفا بأن التاريخ سيثبت صدق أقوال ومسعى قيادة الجيش وأنه لا طموح أخر سوى خدمة بلادنا والسهر على أمنها واستقرارها، واستطرد يقول «ستخيب كل آمالهم ومناوراتهم الرامية إلى المساس بسمعة ومصداقية الجيش الوطني الشعبي، الذي سيظل، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، سندا قويا لشعبه في المحن والأزمات، في إطار أحكام الدستور وقوانين الجمهورية، وأن ثقتنا كبيرة في تفهم شعبنا وإدراكه لحساسية الوضع وتغليبه المصلحة الوطنية وسيتمكن وطننا بإذن الله من الخروج من هذه الأزمة منتصرا كما عهدناه».
ع سمير