أعلنت المحكمة العليا أمس أنها تلقت من النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر ملفات 12 مسؤولا ساميا سابقا في الحكومة، وأنها ستباشر إجراءات المتابعة القضائية ضدهم بتهمة إبرام صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعمول به..
و قد أحال النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، بلقاسم زغماتي، أمس ملفات التحقيق الابتدائي الخاصة بوزيرين أولين سابقين، وثمانية وزراء سابقين، وواليين سابقين، إلى النائب العام لدى المحكمة العليا للنظر فيها تماشيا وحق امتياز التقاضي الذي يعطيه القانون لهؤلاء بحكم الوظيفة التي كانوا يشغلونها وقت ارتكاب الوقائع المنسوبة إليهم.
وحسب بيان صادر عن مجلس قضاء الجزائر أمس ممضى من طرف النائب العام الجديد المعين قبل أيام، بلقاسم زغماتي، فإنه و"عملا بأحكام المادة 573 من قانون الإجراءات الجزائية أحالت النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر يوم 26 مايو 2019 إلى السيد النائب العام لدى المحكمة العليا ملف التحقيق الابتدائي المنجز من قبل الضبطية القضائية للدرك الوطني بالجزائر في شأن وقائع ذات طابع منسوبة للمدعوين، زعلان عبد الغني، تو عمار، طلعي بوجمعة، جودي كريم، بن يونس عمارة، بوعزقي عبد القادر، غول عمار، بوشوارب عبد السلام، زوخ عبد القادر، خنفار محمد جمال، سلال عبد المالك، أويحيى أحمد".
وأشار ذات البيان أن المعنيين بحكم وظائفهم وقت ارتكاب الوقائع يستفيدون من قاعدة امتياز التقاضي المكرسة بموجب النص القانوني المذكور أعلاه.
ويتعلق الأمر في هذه الإحالة على النائب العام للمحكمة العليا بملفات 12 مسؤولا ساميا سابقا في الدولة، منهم وزيران أولان سابقان، هما عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، و ثمانية وزراء سابقين، وواليان سابقان هما عبد القادر زوخ والي العاصمة السابق، و خنفار محمد جمال والي البيض سابقا.
وكان قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة قد استمع لكل هؤلاء يوم الخميس 16 مايو الجاري لأول مرة في إطار التحقيق في ملف علي حداد، الرئيس السابق لمنتدى رؤساء المؤسسات الموجود رهن الحبس بسجن الحراش منذ قرابة الشهرين.
من جهتها أعلنت المحكمة العليا أمس أيضا في بيان لها أنها تلقت أمس إحالة النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر لملفات مسؤولين سابقين في الحكومة، وأنها ستباشر إجراءات المتابعة القضائية ضدهم وفقا للأشكال والأوضاع المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.
وجاء في بيان المحكمة العليا" تلقت النيابة العامة لدى المحكمة العليا بتاريخ 26 ماي 2019 من النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر ملف الإجراءات المتبعة ضد مجموعة من أعضاء الحكومة السابقين بسبب أفعال يعاقب عليها القانون تتعلق بإبرام صفقات وعقود مخالفة للتنظيم والتشريع المعول به".
وأضاف البيان ذاته " وستباشر النيابة العامة لدى المحكمة العليا إجراءات المتابعة القضائية وفقا للأشكال و الأوضاع المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية".
وبعد هذه الإجراءات فقد أصبحت ملفات المسؤولين السامين السابقين بين أيدي المحكمة العليا بصفة رسمية، وقد أعلنت أنها ستباشر إجراءات المتابعة القضائية ضدهم بشكل رسمي وفقا لقاعدة امتياز التقاضي بصفتهم مسؤولين سابقين في الدولة وقت ارتكاب الوقائع.
وتعد هذه الخطوة سابقة في تاريخ البلاد، حيث لم يسبق أن تابعت المحكمة العليا قضائيا وزيرا أول أو وزراء بتهمة مخالفة التشريع والتنظيم المعمول بهما، أو أي تهمة أخرى، والأمر هنا يتعلق بمسؤولين سامين ظلوا في الحكومة لسنوات عديدة على غرار أحمد أويحيى، الوزير الأول السابق الذي قاد الجهاز التنفيذي لعدة مرات في عهد الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وقبله في عهد اليمين زروال.
وأيضا يتعلق الأمر بعبد المالك سلال الوزير الأول الأسبق بين سنتي 2012 و 2017، وقبلها شغل منصب وزير لعدة قطاعات في الحكومة منذ سنة 1997 وبخاصة قطاع الموارد المائية، وكان لثلاث مرات مديرا للحملة الانتخابية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفي المرة الأخيرة تم استبداله بعبد الغني زعلان وزير النقل والأشغال العمومية سابقا الذي كان واليا على وهران، والمتهم هو الآخر في ذات القضية.
أما بقية الوزراء ومنهم عمارة بن يونس فهو أيضا رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، وعمار غول الذي شغل مطولا وزيرا للأشغال العمومية هو رئيس تجمع أمل الجزائر كذلك.
ويتهم هؤلاء بالتورط في قضايا فساد ومنح امتيازات دون وجه حق وبعيدا عن التشريعات والتنظيمات المعمول بها لعلي حداد، الذي ينشط في العديد من القطاعات الاقتصادية وله استثمارات فيها، وقد استفاد من عدة قروض بآلاف المليارات، وأيضا من مساحات وأراضي واسعة كما هي الحال في ولاية البيض، التي تم مؤخرا استرجاع العشرات من الهكتارات كانت ممنوحة له.
ونشير أن حملة مكافحة الفساد هذه وفتح ملفاته كانت العدالة قد شرعت فيها منذ أسابيع، وهي من المطالب الأساسية للحراك الشعبي طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، وقد تم لحد الآن إحالة العديد من المتورطين في قضايا فساد على السجن على غرار علي حداد، يسعد ربراب، الإخوة كونيناف وغيرهم.
وحسب مختصين في القانون فإنه وبمجرد السماع للمتهمين من طرف القاضي المستشار المحقق بالمحكمة العليا توجه لهم مباشرة التهمة، ويمكن لهذا الأخير إصدار أمر بإيداعهم الحبس المؤقت مباشرة أو تركهم لحين محاكمتهم.
للتذكير فقط كانت المحكمة العليا قد أعلنت في 25 أفريل الماضي أنها تلقت ملف وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل المتهم في قضية ما يعرف بقضية سوناطراك.
إلياس -ب