ثمّن المتظاهرون بمختلف ولايات الوطن، أمس الجمعة، قرارات جهاز العدالة بحبس مسؤولين سامين سابقين في الدولة، ووصفوا القرار بالشجاع وغير المسبوق، كما طالبوا بضرورة مواكبة النيابات العامة على مستوى مجالس القضاء الحملة الوطنية بفتح تحقيقات في ملفات الفساد بكامل الولايات، فضلا على تمسّكهم بمطلب رحيل كل من رئيس الدولة والوزير الأوّل الحالي.
فبقسنطينة خرج المواطنون في مسيراتهم الأسبوعية ضمن الحراك الشعبي، للجمعة 17 على التوالي، رافعين شعارات ثمّنت قرارات العدالة قبل أيام والمتعلقة بإيداع عدد من المسؤولين السامين السابقين في الدولة الحبس المؤقت، وانطلقت مسيرة قسنطينة لحظات قليلة بعد صلاة الجمعة على الرغم من الحرارة الكبيرة للطقس والتي تجاوزت 40 درجة، قبل أن يتزايد عدد المشاركين عند العصر، لكن دون أن يرقى إلى مستوى مشاركات الأسابيع الماضية.
وردّد المتظاهرون شعارات عكست رضاهم الكبير تجاه القرارات التي اتّخذها جهاز العدالة ضد عدد من المسؤولين الكبار السابقين في الدولة الجزائرية، وذلك في إطار مساعي مكافحة الفساد، واعتبروا قرار إيداع الوزيرين الأولين السابقين الحبس المؤقت سابقة في تاريخ الدولة الجزائرية وصفحة جديدة كتبت، وتوّجت الحراك الشعبي ومطالب المواطنين؛ وعلى غرار الأسابيع القليلة الماضية عرفت المسيرة احتكاكات متفرقة بين مواطنين بسبب رؤيتهم للأزمة وطريقة حلها، كما طالب عدد من المتظاهرين بدولة مدنية.
وبقالمة تصدّرت توقيفات المسؤولين السابقين في الدولة وإجراءات محاربة الفساد شعارات الحراك الشعبي، وجاب المتظاهرون الشوارع الرئيسية للمدينة في يوم شديد الحرارة عبروا فيه عن عزمهم على مواصلة الاحتجاج السلمي وبناء الدولة المدنية التي تسودها عدالة مستقلة متحررة من كل الضغوط. كما عبّر سكان قالمة عن ارتياحهم لقرارات العدالة التي طالت مسؤولين مشتبه في ارتكابهم جنح فساد أثناء أداء مهامهم.
مطالب بمواصلة حملة محاربة الفساد
و ثمّن أمس مشاركون في مسيرة الجمعة 17 بجيجل، القرارات الجريئة من قبل القضاء بسجن وزراء سابقين، وطالبوا بمواصلة محاربة الفساد ومحاسبة وجوه النظام الفاسدة. وقد انطلقت المسيرة بعد صلاة الجمعة، أين تجمع المتظاهرون أمام مقر البلدية، ليجوبوا الشوارع الرئيسية، ورفعوا شعارات تطالب برحيل بن صالح وحكومة بدوي، والبحث عن حلول عاجلة بمشاركة أطياف المجتمع، وعبر المتظاهرون عن آمالهم الكبيرة في جزائر الغد، دولة القانون و العدالة، وطالبوا بصوت مرتفع بمواصلة محاربة الفساد، وثمنوا مبادرة الجيش الشعبي الوطني، مؤكدين بأن المسيرة مستمرة إلى غاية تحقيق المطالب كاملة برحيل أوجه النظام، كما تجمع المشاركون أمام مقر بلدية جيجل رافعين شعارات عديدة و بصوت واحد تطالب بالتغيير الشامل.
وبعنابة تصدّرت حملة محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، أبرز الشعارات التي رددت في جمعة أمس من طرف المتظاهرين، مطالبين العدالة بمزيد من العمل ومعالجة جميع ملفات الفساد، دون استثناء أي مسؤول، كما أكّدوا رفضهم تنظيم الانتخابات في وجود الحكومة الحالية مرددين «مكانش انتخابات مع العصابات»، مع اشتراط الاستعانة برجال نزهاء لقيادة المرحلة المقبلة وردد المتظاهرون مطولا «الشعب تخاوا خاوة خاوة « منددين بالفرقة والجهوية، ومجددين شعارات التلاحم بين الجيش والشعب «جيش الشعب خاوة خاوة».
و تميّز التجمع الشعبي بولاية خنشلة بتجمع حاشد بساحة الشهيد الرمز عباس لغرور التي شهدت توافد الشباب والمواطنين من كل فئات المجتمع عقب صلاة الجمعة ورغم ارتفاع الحرارة الشديدة إلاّ أنهم فضلوا الحضور حاملين الرايات الوطنية ولافتات مختلفة تتضمن شعارات تبين مطالب الشعب الأساسية لبناء دولة مدنية أساسها العدل والمساواة والديمقراطية ثم اطلاق «تيفو» رقم 5 من على مقر سينماتيك يلخص في مجمله أهم المطالب الشعبية والوقوف وراء قيادة الجيش في تطهير البلاد من الفساد الذي نخر جسم الاقتصاد الوطني منذ 20 سنة. التيفو أطلق بالنشيد الوطني الجزائري الذي ردّده المئات من الحاضرين، كما طالب المشاركون في الحراك بتصفية ولاية خنشلة من بعض رؤوس الفساد ومعاقبة المسؤولين السابقين الذين تسبّبوا في نهب خيرات الولاية وتعطيل مشاريعها.
«التيفو» يعود من جديد إلى قصر الشعب بالبرج
بولاية برج بوعريريج، تناغمت شعارات مسيرة الأمس، مع المستجدات الحاصلة على مدار الأسبوع، خاصة ما تعلق منها بحملة التوقيفات والإيداع رهن الحبس بمؤسسات اعادة التربية والتأهيل، لكبار المسؤولين السابقين بأعلى هرم للدولة، مثمنين دور العدالة، وجديتها في التعامل مع قضايا الفساد وتبديد المال العام وسوء استغلال السلطة والنفوذ، خصوصا بعد إجراء التعديلات الأخيرة التي مست مجالس القضاء وعددا من المحاكم ومسؤولين بقطاع العدالة. وتخللت المسيرة، دعوات لتهدئة الأمور، وتجنب محاولات تشتيت وحدة الشعب في الحراك، إلا أن واقع الحال أبان عن حدوث انقسامات في صفوف المتظاهرين وتواصل الصراعات، ما شتت مطالب الحراك بعدما كانت موحدة للمطالبة برحيل رموز النظام والإسراع في الإصلاحات السياسية، ومحاسبة المفسدين، لكن تسللت إليها في المسيرات الأخيرة مظاهر التفرقة، وتبادل الاتهامات والتشكيك والتخوين بين المتظاهرين، رغم الشعارات المرفوعة للعودة بالحراك إلى بداياته الأولى وترديد شعارات من قبل البعض (مسيرة حاشدة موحدة، لا تخوين لا فتنة قوتنا في وحدتنا). تجدر الاشارة إلى عودة فكرة إطلاق «التيفو» من مبنى قصر الشعب الذي دعا إلى التحلي بالروح الوطنية وتغليب قيم الأخلاق للوصول إلى مسعى الإصلاح، من خلال التعجيل بقطع دابر الصراعات وتنظيم انتخابات رئاسية، فيما حمل «التيفو» الآخر بعمارات حي 18 فيفري، دعوة إلى تطبيق مطالب الشعب وتفعيل المادتين السابعة والثامنة من الدستور.
كما خرج السطايفية بقوة، أمس الجمعة، وقاموا بتنظيم وقفة أمام مقر الولاية، أتبعوها بمسيرة جابت بعض الشوارع الكبرى، رددوا خلالها العديد من الشعارات الجديدة، مطالبين بمواصلة محاسبة أفراد العصابة ورموز النظام. وقد ردد السطايفية عبارات قوية، على غرار «الشعب يريد الأحزاب في الحراش» إضافة إلى «الشعب يريد بقية رموز النظام في الحراش»، «ماناش حابسين كل جمعة خارجين» وقد رددوا عبارات أخرى تدعو للوحدة الوطنية وتفادي الفتنة، مؤكدين على ضرورة إرساء قواعد الدولة الوطنية، إضافة إلى ترديد عبارات مناوئة لحكومة الوزير الأول بدوي، ومطالبين بضرورة تنحيها آليا بطلب من الشعب.
الحرارة لم تمنع سكان الطارف وميلة والوادي من الخروج
كما خرج أمس سكان ولاية الطارف مباشرة بعد صلاة الجمعة في مسيرة سلمية جابت الشوارع الرئيسية للمدينة انطلاقا من ساحة النصر وصولا لساحة الاستقلال حيث تجمعت حشود بشرية من مختلف الفئات والأعمار ردّدوا خلالها هتافات تطالب برحيل بقايا النظام ومعربين عن دعمهم للعدالة في محاربة الفساد والمفسدين، ومنوهين في سياق متصل بالقرارات التي اتخذها القضاء في حق بعض كبار المسؤولين، كما طالبوا بتوسيع دائرة محاسبة الفساد والمتلاعبين بالمال العام لتمس المسؤولين المحليين والمنتخبين، علاوة على المطالبة باسترجاع كل الأموال المنوهبة، وجدّد الحراك الشعبي المحلي تمسكه بمطلب رحيل الباءات للانتقال للجمهورية الجديدة.
فبميلة رفع المتظاهرون شعارات أصروا من خلالها على مواصلة المسيرات السلمية إلى غاية تحقق مطالب الحراك الشعبي، كما أشاد المشاركون بالقرارات التي اتخذها جهاز العدالة بوضع مسؤولين سامين سابقين في الدولة رهن الحبس المؤقت، كما طالبوا بضرورة مواصلة مكافحة الفساد عبر كامل ولايات الوطن، وعدم اقتصارها على العاصمة فقط، وبالمقابل عبّر سكان ميلة عن دعمهم للمؤسسة العسكرية ومساعيها لحماية الوطن.
وعبر المئات من المشاركين عصر الجمعة بولاية الوادي عن مدى فرحهم بإيداع العديد من المسؤولين السابقين الحبس، مطالبين بإكمال المسيرة بتوقيف كافة رموز الفساد، كما هتف المحتجون بضرورة رحيل الباءات التي مازالت في سدة الحكم على غرار بن صالح وبدوي ، مع مطالبة النيابة العامة المحلية بمواكبة آلة محاسبة الفاسدين على المستوى الوطني وجر الفاسدين المحليين إلى العدالة واسترجاع ما نهبوه من أوعية عقارية وأموال اقترضوها من البنوك .
بولاية باتنة واصل أمس الجمعة متظاهرون الخروج للحراك الشعبي إذ تميزت مظاهرات أمس باستحسان ومباركة أحكام التوقيفات التي طالت مسؤولين سابقين بالحكومة أبرزهم أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وطالبوا بمواصلة توقيف شخصيات أخرى. وكما جرت العادة خرج المتظاهرون في مسيرات حاشدة عرفت عودة الحشود بقوة بعد تراجع تعدادها في الجمعات الأخيرة حيث جابت الشوارع الرئيسية على غرار طريق بسكرة وساحة الحرية بوسط المدينة.
وفي الجزائر العاصمة تجمع المتظاهرون في الساحات والشوارع الرئيسية ، تعبيرا عن تمسكهم بمطالبهم المرفوعة، على غرار رحيل العصابة ورموز النظام و محاسبة كل المتورطين في نهب المال العام وقد توافدت الحشود بعد صلاة الجمعة على الشوارع و الساحات الرئيسية ، حيث جابت المساحات المحيطة بالبريد المركزي كما انتشرت عبر شارعي العقيد عميروش و زيغود يوسف و نهج باستور و كذا ساحة موريس أودان.
ورفع المتظاهرون الأعلام الوطنية والعديد من الشعارات على غرار «لبلاد بلادنا ونديرو راينا»، « نحن أمة جزائرية واحدة»، «كليتو لبلاد ياالسراقين» ، «الشعب يريد استرجاع المسروقات» ، « لا رحمة عند محاسبة العصابات»، « بدوي بن صالح ما زال مازال» ، كما رفعت لافتات كتب عليها «العدالة النزيهة = عصابة مسجونة ...شكرا» و «سجن الحراش، مرحبا بكم» و غيرها ، كما طالب المتظاهرون بتطبيق المادة 7 من الدستور ، وحملوا شعارات عبروا فيها عن ابتهاجهم بقرار إيداع كل من الوزيرين الأولين السابقين عبد المالك سلال و أحمد أويحيى و أيضا الوزير السابق عمارة بن يونس الحبس المؤقت لتورطهم في قضايا فساد ، إضافة إلى الوزير السابق للنقل و الأشغال العمومية عبد الغني زعلان الذي وضع تحت الرقابة القضائية ، و أكد المتظاهرين على ضرورة استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة في البنوك الأجنبية كما طالبوا في نفس الوقت بإخضاع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للمحاكمة.
وشارك في المسيرات أطفال رفقة عائلاتهم، فيما أحضر بعض المتظاهرين في المسيرات علب ياوورت للاحتفال بسجن أويحيى، وقام البعض بتوزيع الياوورت مجانا على الحضور تنويها بدخول أويحيى السجن.
وفي تيزي وزو، تدفق آلاف المواطنين على شوارع عاصمة الولاية، في مسيرة ضخمة شارك فيها الرجال والنساء والأطفال والشيوخ لمواصلة الحراك الشعبي، وتجديد مطلب الرحيل الفوري لباءات النظام المتبقية. وتزامنت مسيرة الجمعة 17 مع ذكرى أضخم مسيرة قام بها سكان منطقة القبائل نحو الجزائر العاصمة بتاريخ 14 جوان 2001 . ورُفعت أمس، صور ضحايا الربيع الأسود وضحايا مسيرة 14 جوان 2001، وطالب أولياؤهم بكشف حقيقة مقتل أبنائهم وتطبيق العدالة على المتسببين في مأساتهم. ووقف المتظاهرون الذين ارتفع عددهم مقارنة بالجمعات الماضية، دقيقة صمت ترحما على أرواح كل من سقط من أجل الحريات والديمقراطية ، قبل أن يواصلوا طريقهم في هدوء نحو وسط المدينة وساحة الزيتونة عند محطة نقل المسافرين القديمة.
وفي وهران طالب المتظاهرون بضرورة مواصلة العدالة لمهمة ادخال المزيد من رموز النظام للسجن، مثمنين ايداع رؤساء حكومة سابقين ووزراء للحبس المؤقت، وحمل المتظاهرون لافتات « نريد عدالة مستقلة، لا انتقائية ولا انتقامية وكان للوزير الأول السابق أحمد أويحيى النصيب الأوفر في هتافات المتظاهرين للإشادة بدور العدالة في إيداعه السجن، كما أصر الحراكيون على تمسكهم ايضا بالمسيرات السلمية لغاية تغيير النظام، وحل أحزاب ، وكذا دعوا للمحافظة على الوحدة الوطنية وتوحيد صفوفهم من اجل تحقيق المطالب، وعلى راسها اقامة دولة مدنية وليس عسكرية. ويبدو ان الحراك تخلى عن تقديم مقترحات لأسماء شخصيات من أجل المرحلة الانتقالية، و كان التركيز على أنه لا تنظيم لانتخابات رئاسية برموز النظام السابق، للتذكير فإن عودة المسار للسكة الاولى أي ساحة اول نوفمبر، شارع العربي بن مهيدي ومقر الولاية ثم تجمع ساحة احمد زبانة و المرور بشارع واجهة البحر لغاية العودة لساحة اول نوفمبر، وحد الوهرانيين مثلما وحدتهم الشعارات المطالبة برحيل و معاقبة كل رموز النظام.
مراسلون