قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني، عبد الباري عطوان، بأن الجزائر بإعلانها عن انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا جديدا للجمهورية، عبر اقتراع شارك فيه المواطنون في الإدلاء بأصواتهم عبر الصناديق، قد نجحت في إفشال المؤامرة التي كانت تحاك ضدها، خاصة من قبل فرنسا، مؤكدا بأن الحراك السلمي والحضاري للشعب الجزائري، الذي أوقع بالعصبة الحاكمة الفاسدة، نموذج ناجح، لم تتقبله فرنسا، التي لا تريد للجزائر أن تستقر وتعود إلى دورها الريادي في المنطقة العربية وفي إفريقيا.
في لقائه المتجدد كل مساء يوم جمعة مع متتبعيه، تحدث رئيس التحرير السابق لصحيفة «القدس العربي» والحالي للجريدة الالكترونية «رأي اليوم»، وهو أيضا من أشهر المحللين السياسين عبر الشاشات الإخبارية العربية والغربية، عن إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز عبد المجيد تبون، ليصبح ثامن رئيس للجزائر، مؤكدا بأنه حاول تجنب الحديث عن الشأن الجزائري، طوال الفترة الماضية، في انتظار الوصول إلى هذا الحدث، الذي اعتبره تاريخيا.
وقال عطوان بأن الدور الجزائري محوري في المنطقة العربية، ولا يمكن تجنب الحديث عنها، حيث أكد بأن الجزائر منذ أن غرقت في المشاكل، انطلاقا من العشرية السوداء، مرورا بالشلل السياسي والاقتصادي في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وذلك لمدة 20 أو 30 سنة، نتج عن ذلك، ضياع في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية والعالم الإسلامي، وكل ذلك يجعل حسبه، الشأن الجزائري جديرا بالمتابعة.
وأضاف المتحدث بأن الانتخابات الرئاسية الجزائرية، قد جرت من خلال تصويت المواطنين عبر صناديق الاقتراع، مقابل مقاطعة آخرين، مشيرا إلى أنه وجب احترام كل وجهات النظر، لكن هناك نقطة أساسية حسبه، وهي أن الحراك حسم الأمور في الجزائر، وسيحسمها من جديد إذا خرجت الأمور عن الخط السليم، موضحا بأن هذه الانتخابات هي نتاج وثمرة الحراك، وهي أيضا انتصار للحراك الشعبي في الجزائر، مؤكدا بأن الانتفاضة الشعبية، حققت أهدافها وأطاحت بالنظام، الذي قال بأنه شل فاعلية البلد، كما أن الحراك، هو الذي وقف خلف اعتقال كل رموز الفساد، ووضعها في السجون الجزائرية، على حد تأكيده، وسيكون خلف محاكمتهم وتنظيف البلاد من الفساد، موضحا بأن ذلك لم يكن ليتجسد إلا بمساعدة المؤسسة العسكرية، التي اعتبرها عماد البلاد، مضيفا بأنه ليس هناك بلاد في العالم، بدون جيش وبدون مؤسسة عسكرية وأمنية.
وقال عطوان «في تقديري المؤسستان العسكرية والأمنية جنبتا البلاد حربا أهلية»، مشيرا إلى أن المتتبع للتعليقات في الصحف الفرنسية، يدرك بأن هناك مؤامرة على الجزائر، حيث أكد بأنه تحدث عن ذلك في فيديو سابق، أشار فيه إلى أن هناك مؤامرة لجعل الجزائر، الهدف الذي يلي سوريا، وبأنه تم تهيئة كل شيء لذلك، من خلال تجهيز وسائل الإعلام من تلفزيونات وصحف وغير ذلك، حتى تتكرر المأساة السورية في الجزائر.
وأضاف بأنه من عوامل إفشال هذه المؤامرة أيضا، هو أن الشعب الجزائري أثبت وعيا غير عادي وغير مسبوق، من خلال الحراك، الذي كان في قمة السلمية وأيضا تعاطي الأمن والجيش، الذي قال، بأنه كان في ذروته، وبأنه يشهد على ذلك كمتتبع، كما أكد بأن الجزائر قدمت النموذج في السلمية والحضارية والتعايش.
وردا على الذين يعتبرون تبون امتداد للنظام السابق لأنه كان من رجالات النظام السابق، أكد عطوان بأن الواقع يقول بأن هذا الرجل لم يمكث في رئاسة الوزراء أكثر من 3 أشهر، لأن العصابة تآمرت عليه، بعد أن طالب بفصل السياسة عن المال، وبإبعاد رجال مال كانوا قريبين من النخبة الفاسدة الحاكمة، كما قال بأنه حاليا قدم برنامجا من 54 نقطة، وأبرزها القضاء على كل أنواع الفساد الذي كان متغلغلا في البلاد، كما تعهد بالتعايش وبالحوار مع الحراك وتفهم مطالبه والاستجابة لما يريده.
ولذلك يقول عطوان، بأنه لابد من إعطاء الفرصة لتبون، وليكن الحراك هو الرقيب والمتابع، حسبه، مع تقديم الملاحظات، إذا لم تتحقق التعهدات التي قدمت في برنامجه الانتخابي، وإن لم يلتزم يمكن للحراك أن يعود، يضيف عطوان، الذي قال بأنه لا بد من النظر إلى مصلحة الجزائر، التي هي في حاجة لالتقاط أنفاسها ، وإلى استقرار وإيجاد وظائف للمواطنين وعودة الاقتصاد.
وأكد المتحدث بأن هناك مؤامرة على الجزائر، التي اعتبرها مستهدفة على غرار سوريا والعراق، لأن هذه البلدان تعد الأركان الأساسية في المنطقة العربية، على حد تأكيده، وهذه حقيقة موثقة حسبه، مشيرا إلى أن الجزائر التي أطاحت بالنخبة الحاكمة الفاسدة، أصبحت مصدر خطر على فرنسا، التي قال بأنها لا تريد الاستقرار للجزائر، ومن استراتيجيتها الأساسية حدوث حرب أهلية في الجزائر، فالفرنسيون يريدون حسبه، تحريض المكونات العرقية في الجزائرية، على بعضها البعض.
وقد ثمن عطوان، دور قائد الأركان أحمد قايد صالح، الذي قال بأنه استطاع أن يقود البلاد، إلى بر الأمان، ورغم التشكيك والهجومات عليه، إلا أنه وفى بوعوده في إقامة الانتخابات، وعدم السماح للمؤامرة أن تتم، كما طالب المتحدث بضرورة التعايش، بين كل مكونات الشعب الجزائري، لأن الجزائر لابد أن تعود على حد تأكيده شامخة، لأنها كانت صمام الأمان في المشرق والمغرب العربي، وحتى في القارة الإفريقية، ولعبت دورا رياديا فيها، وكانت كلمتها مسموعة، ولذلك يجب أن تعود لدورها القيادي. عبد الرزاق.م