أبرز خبراء ومختصون ، أمس، أن تحرك الجزائر من أجل حل الأزمة الليبية ، يأتي في ظرف صعب ومعقد، لكنه يحمل فرصا للنجاح، إذا ما قبلت الأطراف الليبية بالمشاركة في مؤتمر المصالحة بالجزائر والذي سيكون حبل نجاة لليبيا بلدا وشعبا ، وفي قراءتهم لزيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى ليبيا ومباشرة مساع للم شمل الفرقاء، أكدوا أن الجزائر تتحرك بهدوء وبعيدا عن الأضواء وبدون صخب إعلامي، سعيا منها لتحقيق نتائج على الأرض، كما أن الجزائر لا تملك أي أجندة داخل ليبيا، ويرون أن الوساطة الجزائرية تبقى مرهونة بدرجة توافق الأطراف الليبية في حد ذاتها .
وأوضح المحلل السياسي البروفيسور بوحنية قوي ، أمس، أن الجزائر أحد عناصر حلحلة الأزمة الليبية، باعتبار أنها تمتلك عقيدة أمنية واضحة فهي لا تتدخل خارج الحدود ، كما أنها لا تملك أجندة تجاه طرف أو آخر ، وأضاف في تصريح للنصر، أمس، أن الجزائر تدعم الشرعية الدولية وبالتالي هذا يجعلها في موقف المفاوض القوي والمؤثر إقليميا ودوليا ، مضيفا في هذا الاطار أن هذه العناصر تجعل الدور الجزائري دورا تصالحيا حقيقيا ودورا يحظى باستجابة وقبول من طرف جميع الأطراف المتصارعة في ليبيا.
وأكد البروفيسور بوحنية قوي، أن الدور الجزائري هو دور محوري ، مشيرا إلى أن الحل للأزمة في ليبيا هو ليبي داخلي بالأساس، مضيفا أن الجزائر تحاول أن تقف على مسافة واحدة مع الجميع ، تدعم الحكومة الشرعية بقيادة السراج، ولكن بالمقابل بعد تفاقم هذه الأزمة ، أصبح التعاطي مع الأطراف مجتمعة، عامل مهم جدا على الأقل في التخفيف من الاحتقان وحل هذه الأزمة، مبرزا أن هناك تحريكا للدبلوماسية الجزائرية بصفة أكثر تكثيفا عما كانت عليه في السابق، لأن الدبلوماسية كانت محتكرة بيد الرئاسة ، والتي كانت مشلولة في جزئها الدبلوماسي لمدة تجاوزت تقريبا عقدا من الزمن -كما قال-.
وأضاف أن الدبلوماسية الجزائرية ، كانت حبيسة الأدراج خلال العشر سنوات الأخيرة على الأقل ، حيث كان دور الدبلوماسية معطلا ، والآن الدور الجزائري يعود بقوة وهذا الشيء مهم جدا ، ولكن الأهم بما كان أن هذه الدبلوماسية - كما أضاف - تتجاوز دبلوماسية العلاقات العامة إلى دبلوماسية التأثير، بحيث تكون الجزائر قوة اقتصادية وقوة صانعة للاستقرار وقوة استثمارية في إفريقيا وقوة للشراكة الأورو متوسطية وقوة أيضا من حيث بناء المؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية كاتحاد المغرب العربي .
وأضاف البروفيسور بوحنية قوي، أنه من الأهمية بما كان الدعوة إلى عقد قمة ثنائية تجمع بين أطراف الأزمة الليبية في العاصمة الجزائرية للتقريب بين وجهات النظر ، ومن ثمة البدء بالتفكير في خطوات مهمة جدا لحلحلة هذه الأزمة من منظور دستوري مؤسساتي ، أمني واقتصادي، وصولا إلى بناء المؤسسات للدولة الليبية التي تنهار يوما بعد آخر .
ويرى المحلل السياسي، أن الوساطة الجزائرية تبقى مرهونة بدرجة توافق الأطراف الليبية في حد ذاتها ، مؤكدا أن الجزائر لا تملك أي أجندة داخل ليبيا ، مضيفا في السياق ذاته أن الطرف الجزائري رؤيته دقيقة وواضحة أن الأزمة الليبية بالأساس يجب أن تحل من طرف الليبيين . وأوضح أن مدى نجاح الدبلوماسية الجزائرية ودورها في هذا الصدد مرتبط بالجانب الليبي في حد ذاته، فإذا لم يكن مقتنعا بجدوى المفاوضات و بجدوى حلحلة هذه الأزمة لن يكون لأي طرف كان تأثير على حل هذه الأزمة.
وأوضح المحلل السياسي، أن انتشار السلاح وانتشار الحركات المسلحة في ليبيا ، كل هذه التهديدات الثقيلة، من شأنها في حال عدم تأمين الحدود أن تؤثر على دول الجوار الليبي ومنها الجزائر وتونس ، وبالتالي الجزائر تحاول قدر الإمكان أن تقوض هذه الارتدادات، من حيث التعاون الجزائري الليبي والتعاون الجزائري التونسي والتعاون الجزائري الألماني ومع دول الجوار .
ويرى أنه لا توجد إرادة دولية لحل الأزمة الليبية والدليل على ذلك أن بعض الدول الغربية والإقليمية تدعم هذا الطرف دون طرف آخر و بعض الدول تمارس لغة فوق الطاولة غير اللغة تحت الطاولة ، بعض الدول تدعي دعم الحكومة الشرعية، لكنها تدغم حكومة بنغازي و بعض الدول تمارس دعما بالسلاح لطرف دون آخر، وهذا الذي يجعل القوى الغربية والدولية إلى حد كبير غير صادقة في مسعاها لحلحلة الازمة الليبية -كما قال- وأضاف أن وجود النفط عنصر مهم جدا في الحالة الليبية وهو ما يجعلها محل أطماع ، وأضاف أن بعض الأطراف الدولية من مصلحتها ان تستمر حالة التنازع الحالي . ومن جانبه أوضح المحلل السياسي الدكتور لزهر ماروك في تصريح للنصر ، أن مشاركة الجزائر في مؤتمر برلين ، كانت مشاركة فعالة ومهمة وحظيت فيه الجزائر بثقة الجميع باستضافة كافة الأطراف الليبية المعنية بالأزمة، مشيرا إلى خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال قمة برلين، أين عبر عن استعداد الجزائر لاستقبال كل الفرقاء الليبيين من أجل التوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة، لذلك الجزائر في إطار جمع الفرقاء الليبيين وتكريس الحل السلمي في ليبيا من خلال الليبيين أنفسهم بالدرجة الأولى ، -كما أضاف - استضافت اجتماعا لدول الجوار ، هذا الاجتماع الذي يعكس إرادة الجزائر في تنسيق التشاور مع كل الدول المحيطة بليبيا من أجل تفعيل مخرجات مؤتمر برلين ، ويرى أن الخطوات الدبلوماسية الجزائرية مهدت للزيارة بالغة الأهمية لوزير الخارجية صبري بوقادوم إلى بنغازي وهي زيارة تعكس دلالات عميقة وسعيا حثيثا من الجزائر لإقناع كل الأطراف الليبية أن الحل بيدهم ، وأن لقاء كل الأطراف والرموز على طاولة واحدة يحمي ليبيا وشعبها وثرواتها .
وأكد الدكتور لزهر ماروك، أن الجزائر تتحرك بهدوء وبعيدا عن الأضواء وبدون صخب اعلامي سعيا منها لتحقيق نتائج على الأرض ، خاصة وأن هناك الكثير من الصعوبات أمام الحل السياسي والدبلوماسي في ليبيا، مضيفا أن تحرك الجزائر يأتي في ظرف صعب ومعقد، لكنه يحمل فرصا للنجاح إذا ما قبلت الأطراف اللبيبة بالمشاركة في مؤتمر المصالحة بالجزائر والذي سيكون حبل نجاة لليبيا بلدا وشعبا -كما قال-، مضيفا أن الأزمة في هذا البلد قد وصلت إلى مستوى ستختفي معه ليبيا من الخارطة الجغرافية في حال استمرارها .
مراد - ح