عقد مجلس الوزراء اليوم الأحد اجتماعا تحت رئاسة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، توج هذا الاجتماع ببيان، هذا نصه الكامل:
"عقد مجلس الوزراء اجتماعه الدوري اليوم الأحد 23 فيفري 2020، تحت رئاسة السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني.
استهل السيد رئيس الجمهورية الاجتماع بمخاطبة أعضاء الحكومة حاثا إياهم على ضرورة ترشيد نفقات الدولة و الاكتفاء بالضروري منها، لاسيما في مجال اقتناء أو استئجار السيارات لتنظيم عملية الإحصاء الوطني، وأكد أن التغيير يجب أن يكون نابعا عن قناعة شخصية للقضاء على الممارسات القديمة، وبناء جمهورية جديدة تستجيب لتطلعات الشعب.
ثم درس مجلس الوزراء وصادق على المشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما، الذي قدمه وزير العدل حافظ الأختام.
وينص المشروع بصفة خاصة على إعداد إستراتيجية وطنية للوقاية من جرائم التمييز وخطاب الكراهية بإشراك المجتمع المدني و القطاع الخاص في تحضيرها وتنفيذها، وكذلك وضع برامج تعليمية للتحسيس والتوعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان والمساواة والتسامح والحوار، وحدد مجال حماية ضحايا هذه الأفعال الإجرامية، وأعطى جمعيات حقوق الإنسان الوطنية حق إيداع شكوى أمام الجهات القضائية، والتأسس كطرف مدني، كما تضمن المشروع إنشاء مرصد وطني للوقاية من التمييز وخطاب الكراهية يوضع لدى رئيس الجمهورية.
إن هذا المشروع الذي ينطلق من مراعاة المواثيق الدولية، واحترام سوسيولوجيا المجتمع الجزائري، أخذ بعين الاعتبار كون أغلب جرائم التمييز وخطاب الكراهية ترتكب باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، مما يستلزم تحديد الأحكام المتعلقة بالمساعدة والتعاون الدوليين.
في تعقيبه على العرض، أكد رئيس الجمهورية أن هذا القانون هو رد على محاولات تفتيت المجتمع الجزائري وبصفة خاصة عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأوضح أن حرية التعبير لا تعني أبدا حرية الشتم والقذف والتمييز وزرع الكراهية والتفرقة. وأمر بإدخال بعض التعديلات للحفاظ على الغاية الجوهرية من إعداد القانون، وهي صيانة الوحدة الوطنية بكل مكوناتها، وأخلقة الحياة السياسية والعامة وصونها من الانحراف.
بعدها استمع مجلس الوزراء إلى وزير الصناعة والمناجم الذي استعرض الوضعية الحالية للمناطق الصناعية ومناطق النشاطات، من حيث الكم، وتعدد الهيئات المكلفة بتسيير العقار الصناعي، و وجود نظام قانوني متناقض، واقترح تطبيق عدة إجراءات لمعالجة الاختلالات، منها إنشاء هيئة وطنية مكلفة بالعقار الصناعي، واستعادة الأوعية غير المستغلة، ووضع برنامج استعجالي لإعادة التأهيل، باعتماد مقاربة مختلفة، وتهيئة فضاءات جديدة للعقار الصناعي.
كما تضمن العرض خطة لإعادة النظر في تنظيم المناطق الصناعية، بإنشاء مناطق صناعية مصغرة خاصة بالمؤسسات الصغيرة والناشئة، وتمكينها من استغلال المصانع التابعة للدولة وغير المستعملة، ومن المشاركة في تهيئة المناطق الصناعية وتسييرها مثل تسيير الكهرباء والماء والتلوث، إلى جانب فتح شباك لصناديق تمويلها، وإطلاق أنشطة بين مختلف القطاعات لتحفيز بناء اقتصاد المعرفة، و إنشاء حاضنات عمومية أو خاصة على مستوى المناطق الصناعية، وأخيرا تولي المؤسسات الصغيرة والناشئة التسيير التدريجي للمناطق الصناعية عبر أنظمة معلوماتية.
في تعقيبه على العرض، ألح السيد الرئيس على وزارة المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة، من أجل الانطلاق فورا في تجسيد مشاريعها، وفرض وجودها في الميدان، والتوفيق بين ما يمكن فعله وما ينبغي فعله.
كذلك أرشد السيد الرئيس الوزارة للاستفادة من تجارب الدول الناجحة قصد إنشاء أكبر عدد ممكن من المؤسسات الناشئة، والاستفادة من المناطق الصناعية غير المستغلة، وتشجيع مناطق النشاطات باعتبارها الأقرب لواقع البلديات.
من جهة أخرى، شدد السيد الرئيس على ضرورة تطهير العقار الصناعي القائم قبل التفكير في إنشاء مناطق صناعية جديدة. لأن المهم، كما قال، هو التصنيع الذي يخلق الثروة ومناصب الشغل، ودعا إلى الابتعاد عن منح العقار الصناعي للمغامرين تجنبا لتكرار أخطاء الماضي وحماية للثروة العقارية الوطنية.
وأكد السيد الرئيس أن المناولة مع الخارج ممنوعة إلا في حالة جلب عتاد متطور غير متوفر في البلاد، لأن الهدف هو إطلاق تكنولوجيا جزائرية من خلال الشباب الجزائري.
كما دعا السيد الرئيس الوزارة المختصة إلى التحرر من العوائق البيروقراطية واستخدام المنطق في التعاملات الاقتصادية، وحثها على التجديد والابتكار، وعلى تنظيم المعارض، وفي هذا الإطار، أمر بإلحاق حظيرة التكنولوجية لمدينة سيدي عبد الله التابعة حاليا لوزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بوزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة واقتصاد المعرفة. كما أمر بوضع تحفيزات جبائية للمؤسسات التي توفر مناصب الشغل في قانون المالية التكميلي لهذه السنة.
ثم واصل مجلس الوزراء أشغاله بالمناقشة والمصادقة على عرض لوزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة، يتعلق باستراتيجية تكييف الاتصالات الحكومية مع الوضع الجديد الناشئ في البلاد بعد حراك 22 فيفري المبارك، وينجر عن ذلك اتصال مؤسساتي تكاملي، وهياكل رصد إعلامي فعال، ومرافقة مؤسسات الدولة لتحقيق التزامات رئيس الجمهورية، بوضع مخططات اتصال قطاعية، وإعادة الاعتبار لخلايا الاتصال المؤسساتي.
إن الهدف من تفعيل هذا القطاع هو تجنيد وسائل الإعلام العمومية والخاصة بهدف المساهمة في إعادة كسب ثقة المواطن في مؤسسات بلاده. فضلا عن إعادة هيكلة الصحافة العمومية بإصلاح جذري لتحسين أدائها وتسييرها، وخاصة بتعميم الرقمنة عبر البوابات، والصحافة على شبكة الأنترنيت. كما تضمن العرض إنشاء قناة برلمانية لتقريب المواطن من المؤسسة التشريعية وترقية ثقافة المواطنة والحس المدني.
وفي تعقيبه، شدد السيد الرئيس على ضرورة الإسراع في تسوية الوضعية القانونية للقنوات الخاصة، حتى تتطابق مع قانون السمعي البصري، وكذلك الأمر بالنسبة للوسائط الإلكترونية، ملحا على التزام الجميع بأخلاقيات المهنة، ثم دعا إلى استغلال الكفاءات الإعلامية التي مرت بالقطاع للمساهمة في إثراء المشهد الإعلامي وتكوين الصحفيين الشباب، كما أعطى توجيهات بشأن الاتصال المؤسساتي والصحافة العمومية، وأمر بإطلاق قناة برلمانية فورا، والتفكير من الآن في إطلاق قناة خاصة بالشباب.
كذلك استمع مجلس الوزراء وصادق على عرض قدمته وزيرة الثقافة حول تطوير قطاع الثقافة والصناعة السينماتوغرافية، وتضمن العرض تشخيصا دقيقا لواقع القطاع، واقتراح استراتيجية لتطويره في الفترة 2020 – 2024 تتم بالتعاون مع العديد من القطاعات الوزارية الأخرى، وتقوم على ثلاث ركائز، وهي التربية على الاستمتاع بالفن والفكر بالاهتمام بمسرح الطفل، وتأسيس جائزة وطنية للمسرح يحتفى بها سنويا في اليوم العالمي للطفولة، وإعادة هيكلة المسارح الجهوية، وإطلاق المسارح الصغيرة في البلديات، فضلا عن إعادة تأهيل المكونين والمشرفين.
والركيزة الثانية خاصة بإطلاق صناعة سينمائية بخلق ديناميكية تمهيدية من خلال بث أفلام روائية طويلة، متوفرة في الوزارة، عبر قاعات السينما وإنشاء المركز السينماتوغرافي الوطني، ورفع الإنتاج السينمائي إلى 20 فيلما في السنة، والتسوية النهائية لوضعية القاعات السينمائية الواقعة تحت وصاية الجماعات المحلية أغلبها خارج الخدمة.
ومن أجل تحقيق الإقلاع في هذا المجال اقترحت الوزيرة المختصة إعفاءات جبائية وشبه جبائية، لصالح المشتغلين في القطاع.
وتخص الركيزة الثالثة تثمين المواقع الأثرية والعمل على خلق سياحة ثقافية. ويستدعي تجسيد هذه الإستراتيجية مراجعة الإطار التشريعي والإداري والهيكلي والخدماتي للإنتاج الثقافي.
ولدى تدخله، طالب السيد الرئيس بالتركيز على الملفات المستعجلة لهذه السنة انطلاقا من الحرص على تشجيع الانفتاح على الثقافة العالمية وتنشيط الحركة المسرحية سواء في المدارس لحماية شخصية الطفل، أو بدعوة المغتربين إلى تكوين جمعيات مسرحية تقدم عروضا في الجزائر لربطهم أكثر بوطنهم.
ثم أكد رئيس الجمهورية بأن الغاية من بعث الصناعة السينماتوغرافية هي تشجيع الاستثمار في استوديوهات الإنتاج بتقديم كل التحفيزات للمهنيين من عقار وقروض بنكية لتنويع هذا الإنتاج حتى يكون وسيلة لتعزيز الروح الوطنية وزرع الشعور في النفوس بالفخر بالجزائر وتاريخها بكل مراحله، ودعا من جهة أخرى إلى توجيه السينما التجارية بما يحقق الإشعاع الثقافي العالمي للجزائر كأفضل وسيلة لمواجهة الغزو الثقافي الأجنبي.
بعد ذلك درس مجلس الوزراء وصادق على عرض قدمه وزير الشباب والرياضة، يرتكز على ثلاثة أسس، تتمثل في ترقية الشباب وتنمية النشاطات البدنية والرياضية وتطوير البنى التحتية، ومزيد من الاهتمام بشباب الجنوب والمناطق المعزولة والجبلية من أجل القضاء على التهميش والإقصاء بوضع مخطط خماسي وطني يساعد على اكتشاف المواهب الرياضية في صفوف ملايين التلاميذ والجامعيين.
كما ركز العرض على إتمام البرامج المختلفة قيد الانجاز وتسليمها، و خاصة الملاعب التي ستستقبل المنافسات الدولية مثل العاب البحر الأبيض المتوسط بوهران عام 2021 وبطولة أمم أفريقيا للمحليين في 2022، وإعداد خطة لحماية المنشآت الحالية المقدرة بست منشآت رياضية و 2500 منشأة خاصة بالشباب.
ولدى تعقيبه على هذا العرض، ذكر السيد الرئيس بالتعجيل بإسناد تسيير دور الشباب للجان شبانية منتخبة وغير مهيكلة في أي تنظيم أو تيار سياسي، وكذلك التعجيل بإنجاز الملاعب الرياضية المبرمجة، وحل إشكالية تنظيم الرياضة المدرسية والجامعية قبل نهاية الثلاثي الجاري، كما وجه بوضع مقاييس محددة لتشجيع الأندية المحترفة للتنافس بينها، وطلب من كاتب الدولة المكلف برياضة النخبة الإسراع في التحضير الجدي لألعاب البحر الأبيض المتوسط.
ثم وجه وزير الشباب والرياضة إلى مزيد من الاهتمام بقطاع الشباب، داعيا إلى تنظيم مبادلات دولية بين الوفود الشبانية، ووجه بتشكيل المجلس الأعلى للشباب في أقرب وقت.
وبعد ذلك صادق مجلس الوزراء على تعيينات فردية في بعض مؤسسات الدولة.
وقبل رفع الجلسة، تقدم السيد الرئيس بتهانيه الخالصة للشعب الجزائري وخاصة الفئة الشغيلة بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين يوم 24 فيفري 1956، وتأميم المحروقات يوم 24 فيفري 1971، وحث العمال على استلهام العبر من هذين الحدثين التاريخيين، في رفع التحدي اقتداء بالسلف الصالح من العمال الذين هبوا بنشر الوعي التحرري في أوساط العمال وحشدهم لصالح تحقيق الهدف الوطني النبيل المتمثل في استرجاع السيادة الوطنية وتحقيق الاستقلال والشروع في بناء الدولة الوطنية المستقلة.
كما هنأ السيد الرئيس عمال قطاع الطاقة بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات، حين نجحت ثلة من المهندسين والفنيين في تحدي الشركات الأجنبية في فبراير 1971 بتولي التسيير المباشر والتحكم في إنتاج وتصدير المحروقات بعد صدور قرار التأميم، مما عزز الاستقلال الاقتصادي وحرره من احتكار وسيطرة الشركات الأجنبية على الثروات الوطنية.
واستغل السيد الرئيس المناسبة ليوجه الدعوة لجميع المواطنين والمواطنات لكي يقدسوا فضائل العمل والأخلاق في الجهاد الأكبر الذي نخوضه لبناء الجمهورية الجديدة، فيشمروا على سواعدهم، ويفجروا طاقاتهم ومواهبهم من أجل تحقيق القفزة النوعية المطلوبة في مجال تنويع الإنتاج الوطني والإسراع في تخليص البلاد من التبعية لعائدات المحروقات".