تصنّع شركة “تريوكس آلجيري”، التي تمثل علامة ألمانية، في ولاية قسنطينة منذ فترة معقما قادرا على قتل جميع أنواع الفيروسات دون ترك آثار جانبية على البشر أو المحيط، حيث يؤكد مسؤولوها لـ“النصر” أنّه المعقم الوحيد في الجزائر الذي يعتمد على الطاقة “كهروكيميائية” لأداء وظيفته كما أنه وليد تكنولوجيا ألمانية حديثة، فيما تراهن عليه الشركة الجديدة في مكافحة فيروس كورونا.
المنتج قابل للتحلل كليا في الطبيعة
و تتوارى شركة “تريوكس ألجيري” بين مجموعة من البنايات بحي الياسمين بزواغي سليمان، حيث استقبلنا مسؤول تطوير الشركة والتسويق، في مقرها بمجرد وصولنا، وأكّد لنا أنها الممثل الحصري للشركة الألمانية “تريوكس” في إفريقيا، كما أنها الممثلة الثانية للعلامة على المستوى العربي بعد الممثل الموجود في قطر. و أضاف نفس المصدر أن عملية التصنيع تتم محليا، في حين أكد أن المنتج عبارة عن معقم يصنع بتكنولوجيا ألمانية تعتمد على مفهوم جديد.
و أشار نفس المصدر إلى أن “تريوكس”، الذي يقتل الفيروسات و لا يعمل كمجرد مثبط، يتحلل تدريجيا في الطبيعة عند استعماله في صيغته السائلة أو الغازية دون أن يترك أي أثر أو يتسبب في الأضرار. و نبه نفس المصدر أن المعقم يستطيع القيام بعملية التعقيم الكامل في فترة تتراوح بين دقيقتين إلى عشرين دقيقة بحسب التركيبة الفيروسية و الميكروبية و البكتيرية، في حين يزول في مدة زمنية تتراوح بين ثلاث إلى ست ساعات.
عملية التصنيع تتم بمواد أولية محلية
و يتكون المعقم من مكونات طبيعية بحسب محدثنا، حيث أشار إلى أنه يقوم على جزئي الماء H2Oالمطهّر و المنقى من المعادن الثقيلة و كل المواد الأخرى، مضيفا أن عملية التطهير تتم على مستوى الوحدة انطلاقا من مياه الحنفية، في حين تتم إضافة الماء إلى أقراص تنتجها المؤسسة الوطنية للأملاح بتقنية سويسرية متطورة، حيث تتمثل هذه الأخيرة في مادة كلوروهيدرات الصوديم المُطهَّرة أيضا، والتي يصنع منها ملح المائدة بإضافة مواد أخرى لها.
و يحدث اختلاط جزئي الماء مع كلوروهيدرات الصوديوم قبل الدخول إلى آلة متوسطة الحجم و تعتمد على تكنولوجيا متقدمة تسمى «الصناعة 4.0»، حيث أوضح المصدر ذاته أن هذا التصنيف يعني أن تتمكن آلة وحيدة من القيام بتحويل مادة أولية إلى منتج نهائي، عوضا عن سلسلة إنتاجية كاملة، وأضاف أن التصنيف يتضمن أيضا التحكم عن بعد في الآلة، مشيرا إلى أن خبراء الشركة الألمانية يتحكمون فيها عن بعد، فيما أشار إلى أن المواد الأولية المذكورة طبيعية و لا تمثل أي ضرر على المحيط، فضلا عن أن الآلة لا تترك أي نفايات صناعية، بحيث أن كمية المادة الأولية تعادل بشكل تام كمية المنتج النهائي.
و شرح لنا مسؤول التطوير بالشركة «أن الطفرة التي حققتها هذه الآلة تكمن في أنها تمنح المحلول بطاقة كهروكيميائية هائلة و هي المسؤولة عن التعقيم بسرعة ودقة»، موضحا أن شحن الطاقة يكون في الشوارد السالبة «أيونات الكلور سالبة الشحنة»، فيما اعتبر أنه منتج التعقيم الوحيد في الجزائر الذي يعتمد على الطاقة فضلا عن أنها تكنولوجيا جديدة على المستوى العالمي. و تحدث نفس المصدر عن أن فكرة المعقم مستوحاة بالأساس من الطاقة الكامنة في المياه المعدنية، انطلاقا من فكرة أن الماء كائن حي و يحتوي على طاقة مثل أي كائن حي آخر.
المعقم يستخدم
في الأنفاق التي صممها شباب للمستشفيات
و تتنوع استعمالات معقم الشركة، حيث أوضح محدثنا أنه يمكن أن يستعمل في مياه الخزانات المغلقة أو المفتوحة أو مياه المسابح، فضلا عن إمكانية استخدامه لتعقيم الأسطح أيضا. وأضاف نفس المصدر أن المعقم يمكن استعماله من أجل تعقيم الهواء، فيما أشار إلى أن الخبراء أكدوا على قدرته على محاربة فيروس «كوفيد 19» من خلال المنتج الذي يحتوي على خمسة آلاف عنصر نشط، وأضاف أن قطرة منه تساوي في تركيزها ما تحتويه عشرة لترات.
و يمكن استعمال المعقم الذي تقترحه الشركة في المجال الصناعي والعديد من المجالات الأخرى، كما أشار محدثنا إلى أن الدراسات في ألمانيا جارية عليه من أجل استخدامه في المجال الفلاحي، موضحا أنه قادر على قتل الفيروسات و البكتيريا والميكروبات و الفطريات. وقد ساهم موظفو الشركة في عملية تعقيم تطوعية على مستوى مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة بالمستشفى الجامعي ابن باديس.
و لاحظنا خلال تواجدنا بمقر الشركة مجموعة من القوارير، اعتقدنا في البداية أنها عبارة عن المعقم، لكن محدثنا أكد لنا أنها عينات مأخوذة من أماكن تابعة لمؤسسات، تتعامل مع الشركة للتعقيم، موضحا أنه لا يمكن القيام بالعملية قبل تشخيص نوع التلوث المسجل في المساحات المستهدفة لتحديد نسبة التركيز و المعايير الأخرى، فيما أوضح أن «تريوكس» يستخدم في أنفاق تعقيم مداخل المستشفيات، التي قام بتطويرها شباب خلال جائحة كورونا، بعد أن أثبت فعالية و سرعة في العملية ما يسمح بعدم تشكل طوابير طويلة أمام الأنفاق، إذ يستغرق وقوف الشخص تحت مضخات النفق أربعين ثانية و يستغرق التعقيم بين عشرين إلى أربعين ثانية فقط منذ خروجه من النفق.
الشركة قادرة على إنتاج مليون لتر سنويا
وزار ممثلون عن الشركة مؤسسة «سياكو» لتقديم المنتج واقتراحات بدعوة خبراء ألمان من أجل دراسة إمكانية استعمال المنتج في محطات تطهير المياه، فيما اعتبر نفس المصدر أن القيمة المالية للمنتج ليست مرتفعة كثيرا مقارنة مع الكمية التي يمكن الحصول عليها منه بعد الإماهة، كما أوضح أن الشركة تعمل على نسخة من المنتج للاستعمال المنزلي مستقبلا.
وقد خضع المنتج لعدة اختبارات وحصل على شهادات مطابقة في ألمانيا، في حين تحصل على المطابقة للتسويق في الجزائر من مختبر «ديرماتيست»، فضلا عن أنه لا يسبب أي تأثيرات على الحلق أو البشرة أو أية أضرار صحية أخرى، في حين حصل المنتج أيضا على مطابقة البروفيسور محمد الحبيب بلماحي، رئيس قسم التسممات بالمستشفى الجامعي ابن باديس، مثلما أكد مصدرنا.
وتبلغ قدرة إنتاج الشركة السنوية مليون لتر من المنتج المذكور، أي بطاقة شهرية تصل إلى مئة ألف لتر، بطاقم لا يتجاوز عشرة أشخاص متخصصين في مجالات متنوعة، فيما قد تنتقل الشركة مستقبلا إلى التصدير نحو البلدان الإفريقية الأخرى، مثلما أوضح لنا مسؤول التطوير، الذي أشار إلى أن الطلبات على المعقم تزايدت كثيرا منذ ظهور جائحة كورونا، وخصوصا من الولايات الكبرى التي تضم الأعداد الأكبر من الإصابات بالفيروس، كما قال إن الطلبات من القطاع الصحي كبيرة.
سامي حبّاطي