استبعد عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، العودة إلى الحكومة مستقبلا رغم جلسة الحوار التي جمعت مؤخرا بين حمس والسلطة، كاشفا بأن حركته لن تعود إلا عبر النجاح في الانتخابات وتطبيق مبادئ الحركة بصفة شاملة، معلقا على جلسة الحوار التي جمعته مع مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى قائلا «تعتبر خطوة عبّرت خلالها الحركة عن وجهة نظرها للجهات الرسمية، و بالمقابل عبروا لنا بدورهم عن وجهة نظرهم وسلّمناهم وثائق مثل ميثاق الإصلاح السياسي الذي كنا قد بادرنا باقتراحه قبل الانتخابات الرئاسية وكل ما يتعلق بأرضية اتفاق مزافران ذات الصلة بالتنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، وغيرها من الاقتراحات والمطالب التي وعدونا بدراستها»
مقري وخلال تصريح صحفي خصّ به النصر على هامش إشرافه على لقاء الإفطار الرمضاني، سهرة أول أمس جمعه بإطارات حزبه بولاية سطيف احتضنته قاعة للحفلات بمنطقة خلفون، كشف عن استعداده للتنسيق مع السلطة لكن بشروط، و قال «مشكلة الجزائر أعمق مما نتصور والنظام السياسي بدأ يشعر بأنه يتجه نحو أزمات كبيرة، كما بدأ يستوعب بأنه سيعيش أوضاع صعبة، لأنه أمام تحدي أزمة اقتصادية كبيرة، ستكون مشكلته وقتها مع الشعب وليس الأحزاب، بالتالي فإنه سيكون بحاجة إلى الأخيرة. ليس لدينا الاستعداد أن نركب قطارا لا ندري أين سيتجه، نحن على استعداد للتوافق والعمل معا والمرور إلى انتقال ديمقراطي وإنجاز عمل مشترك وفق المعايير العلمية لهذا الانتقال».
و تطرق مقري إلى أزمة غرداية، مبرزا وجهة نظر الحركة حول خلفياتها وأسبابها، و قال « حاليا الحدث مرتبط بالجرح المفتوح في غرداية، نحن لم نكن نتصور في يوم من الأيام الوصول إلى هذا الوضع، و من المؤسف والمؤلم أن تسيل دماء الجزائريين بهذا الشكل. حركة مجتمع السلم تهتم بالموضوع منذ مدة من خلال هياكلها المحلية والتي لديها علاقة طيبة مع الإباضيين والمالكيين على حد سواء، إضافة إلى اللجان التي تشكلها الحركة، و إنني بذلت مجهودا شخصيا وزرت غرداية والتقيت مع الإباضيين من خلال مجلس الكورتي والمالكيين من خلال مجلس عمي سعيد، تحدثنا في هذا الشأن واستمعنا إليهم وما ذكروه من مأساة وأوضاع مزرية هناك».أما بخصوص الاقتراحات التي ترى حركة مجتمع السلم بأنها ستساهم في استتباب الأوضاع الأمنية، فأشار عبد الرزاق مقري، بأنه التمس استعدادا من الطرفين للأخذ بها، من أجل الخروج من هذه الأزمة والحل متعدد الجوانب، و قال «الجزء الأمني من حل مشكلة غرداية يفرض نفسه وبقوة، ويجب أن يكون حاضرا مع الضرب على أيادي المتشددين والمتطرفين، لابد أيضا من حلول سياسية والاستماع للمعنيين واقتراحاتهم وآرائهم ومعاناتهم وكذا لأوضاعهم ثم الاستجابة لمطالبهم»، مضيفا بأنه من الضروري جبر الخواطر بتقديم الديّات ودفع التعويضات عن الخسائر الكبيرة التي وقعت لأن القضية ليست أمنية فقط.
و تابع رئيس حركة مجتمع السلم «لم أقتنع بأن المشكل مذهبي بين الإباضيين والمالكيين بغرداية، لأن هذه الخصوصيات موجودة منذ قرون، لكن الآن أصبحنا نتابع بعض الآراء المتطرفة التي نلاحظها أيضا في كل أرجاء العالم، فبعض الجماعات المتطرفة قامت بتكسير الآثار ومعبد بوذا» ليتساءل مقري في ذات السياق «ألم يعلم هؤلاء بأن الصحابة مروا من هناك؟ فهم لم يزعجهم الأمر من منطلق لكم دينكم ولكم ديني»، مضيفا «التنوع الديني ليس نقمة فالسنة والشيعة والإباضية والمالكية وغيرها أرادها الله ويجب أن نجعل التنوع إيجابيا من أجل صناعة الحياة التي تحتاج إليه، فهي لا تصنع بالرأي أو النمط الواحد». و أبرز رئيس حركة حمس، بأنه لاحظ أيضا وجود جهات متشددة من الجانبين «مثلا لدى لقائي في مجلس المالكية واجهني بعض الأفراد المتشددين ولولا أن الأغلبية كانوا من العقلاء لتحول اللقاء إلى وضع صعب، في الجهة المقابلة ذكرت نفس الأطراف المتشددة كلاما خطيرا يمس بالوحدة الوطنية وغيرها من الأمور المماثلة». كما تحدث مقري عن الجانب الاقتصادي والمعيشي بالجزائر، و قال «أعتقد بأن مشكلة غرداية مظهر من مظاهر الأزمة وسبب من أسباب تراجع أداء السلطة، على غرار عدم التحكم في الملف الاقتصادي، فبعد 15 سنة من الإنفاق الكبير نجد أنفسنا نسلك طريق التقشف، كما لا نزال تابعين لمداخيل المحروقات» مستفسرا «أرادونا أن نضع هذه السنوات بين قوسين و أن نغض الطرف عن 800 مليار دولار التي أنفقت، لكن الأمر غير منطقي، فنحن لا نغفل وجود نقائص أخرى في قطاعات التعليم والصحة ومشاكل أخرى متنوعة سببها غياب الحكم الراشد وعدم بنائه على الشورى والمحاسبة والاحتكام للقانون في غياب الإبداع والتنافس الشريف». وفي كلمة وجهها مقري لإطارات حزبه، قال بأن حمس وبقية الحركات الإسلامية قادت حملة أثمرت صحوة إسلامية منذ عقود، من خلال تحجب 80 بالمئة من الجزائريات، إضافة إلى ارتياد الجزائريين المساجد بقوة، مضيفا بأن هذه الحركات الإسلامية تجابه تحولات جديدة وأسئلة جديدة في الوقت الراهن، عليها التأقلم معها وتغيير مقارباتها وسلوكياتها «فالتيارات السياسية والإيديولوجية الأخرى ترفض تغيير أفكارها، لكن سيشهد القرن المقبل نهضة الأمة العربية والإسلامية من خلال مفكريها وروادها، رغم أن الغرب يحاول تعطيل هذه النهضة من خلال بث الحروب الطائفية وزرع الفتنة بين السنة والشيعة والإباضيين والمالكيين الذين كانوا يعيشون منذ قرون بسلام، لكنه كيد صليبي صهيوني وجد دولا هشة وحكومات عربية ضعيفة». وذكّر مقري الحاضرين في الأخير بأن الإفطار السنوي فرصة للالتقاء مع إطارات الحزب ومختلف التيارات السياسية لتبادل وجهات النظر والتعاون.
رمزي تيوري