اعتبر خبراء ومحللون، أمس، أن مشروع تعديل الدستور يؤسس لفصل وتوزيع وتوازن حقيقي للسلطات، حيث أنه وضع قطيعة مع الممارسات السابقة في دستور 2016، وأشاروا إلى أن هناك إبداع دستوري جزائري موجود فقط في هذه المراجعة الدستورية، وأكدوا أن توزيع السلطات في الدستور الجديد يعد بمثابة الضمانة الحقيقية لتجسيد مفهوم الانتقال الديمقراطي، كما أبرزوا في الوقت ذاته، أهمية السهر على سلامة تطبيق نص الدستور المقبل.
يتوزع مشروع التعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على ستة أبواب ويتعلق الباب الثالث بـ"تنظيم السلطات والفصل بينها" ، وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي الدكتور فاتح خننو أنه من حيث الشكل فقد أعطى الدستور الجديد توزيعا وتوازنا حقيقيا للسلطات بحيث أعطى دورا كبيرا للبرلمان كمؤسسة تشريعية منوط بها الرقابة والتشريع وأبقى مجموعة من الصلاحيات المحورية في يد رئيس الجمهورية وأعطى صلاحيات للحكومة.
وأضاف الدكتور فاتح خننو في تصريح للنصر، أمس، أن المراجعة الدستورية الجديدة لسنة 2020 وضعت قطيعة مع الممارسات السابقة في دستور 2016 ، أين كانت السلطة تتركز في يد رئيس الجمهورية.
واعتبر المحلل السياسي، أن الدستور الجديد به إبداع دستوري جزائري موجود فقط في هذه المراجعة الدستورية وغير موجود في باقي الدساتير وهو أن الحكومة يقودها وزير أول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية و إذا أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية برلمانية يقود الحكومة رئيس حكومة، وهذا إبداع دستوري مهم جدا ويبين أن هناك توازن فعلي وتوزيع حقيقي للسلطات على مستوى السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية.
وأضاف في السياق ذاته أن توزيع السلطات في هذه المراجعة الدستورية يعتبر فريد من نوعه وأخذ بعين الاعتبار الخصائص الكبرى للتوازنات ما بين هذه المؤسسات، والتي ينتظر منها مستقبلا بعد الانتخابات التشريعية وخاصة البرلمان أن يكون مؤسسة بحد ذاتها قائمة وليست غرفة لتسجيل الأصوات، حيث تصبح مؤسسة تشريعية تمتلك صلاحيات الرقابة والتشريع وستعطي قيمة مضافة لسيرورة الانتقال الديمقراطي في الجزائر -كما قال-.
ويرى الدكتور فاتح خننو، أن مصطلح توزيع السلطة هو أكثر دلالة وعمقا وحضورا من مصطلح تقليص صلاحيات الرئيس، مؤكدا في هذا الصدد أن توزيع السلطات في الدستور الجديد يعد بمثابة الضمانة الحقيقية لتجسيد قيم الديمقراطية وتجسيد مفهوم الانتقال الديمقراطي بشعار الجزائر الجديدة التي يتبناها السيد رئيس الجمهورية كمشروع وطني.
وأوضح المحلل السياسي، في نفس الإطار أن الدستور يتضمن الكثير من النقاط الإيجابية التي يمكن الاستئناس بها والتي تراعي الخصوصية الجزائرية ، خصوصا وأننا انتقلنا بعد 22 فبراير 2019 من نظام تسلطي يقوم على شخصنة السلطة إلى نظام يجسد قيم الديمقراطية عن طريق توزيع السلطات الأخرى، مؤكدا أن الدستور المعدل أعطى دورا وصلاحيات كبيرة للبرلمان في التشريع والرقابة على الحكومة وحتى في النقطة المتعلقة بإرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الحدود، فإنها تأتي بعد موافقة البرلمان.
وأضاف قائلا: إن إحدى المحطات الأساسية التي تكون مساندة لمشروع رئيس الجمهورية والذي هو مشروع وطني يقوم على أساس فكرة الجزائر الجديدة وهو الخروج ببرلمان يجسد قيّم الديمقراطية.
وأكد أنه من الناحية المبدئية وعندما نقرأ الدستور قراءة متأنية فكل النقاط التي أتى بها هي نقاط إضافية، مضيفا أن دستور 2016 شخصن السلطة، أما دستور 2020 فقد وزع السلطة وجاء بنقاط إيجابية تستحق تثمينها ويبقى من يفصل في هذا الدستور هو الشعب في 1 نوفمبر المقبل.
ومن جانبه، أوضح المحامي ورئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان سابقا فاروق قسنطيني، أن الدستور الجديد يؤسس لفصل حقيقي بين السلطات وتحقيق التوازن بينها، حتى لا تتحكم أي سلطة في سلطة أخرى، كما أنه لا يمكن أن تنشط أي سلطة دون أن تكون هناك مراقبة وقال إن هذا الأمر جديد ومهم في الدستور المقبل.
واعتبر المحامي فاروق قسنطيني في تصريح للنصر، أمس، أن الدستور المقبل سيعزز الديمقراطية في البلاد وأضاف أن صلاحيات رئيس الجمهورية أصبحت محدودة في ظل نظام شبه رئاسي.
كما يؤكد الدستور أيضا -كما أضاف -على استقلالية القضاء وهذا شيء جوهري بحيث يكون القاضي حر ولا يخضع إلا للقانون ولا يتخوف من أي شيء.
و أشار الأستاذ فاروق قسنطيني إلى أهمية السهر على سلامة تطبيق نص الدستور لتصبح الجزائر دولة قانون بمعنى الكلمة وتتجنب كل التجاوزات للسلطات والأشخاص ، معبرا عن أمله في أن يصوّت الشعب الجزائري بقوة في الفاتح نوفمبر المقبل على مشروع تعديل الدستور. مراد - ح