دفع إنجاز منتخب كرة القدم المتوّج بنهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، على حساب منتخبات عملاقة تمتلك باعا كبيرا في القارة السمراء، على غرار مصر والكاميرون ونيجيريا وكوت ديفوار، مسؤولي كرة اليد الجزائرية للتفكير في تبني نفس السياسة والاستراتيجية التي مكنت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم من الظفر بالتاج القاري، والقائمة على تدعيم صفوف الخضر بخيرة خريجي المدارس الأوروبية، ممن ساهموا بقسط وافر في الرفع من مستوى التشكيلة الوطنية، التي ظلت عاجزة على مدار أكثر من 29 سنة عن الفوز مجددا ب»الكان»، ليأتي الفرج بأقدام رياض محرز وبعض رفاقه المغتربين، في شاكلة إسماعيل بن ناصر وعيسى ماندي وعدلان قديورة ورايس وهاب مبولحي.
ويستعد مسؤولو اليد الجزائرية لاستنساخ السياسة المنتهجة من قبل»الفاف»، خاصة منذ اعتماد قانون «الباهاماس»، الذي كان وراءه الرئيس الأسبق للفاف محمد روراوة، والقاضي بتغيير الجنسيات الرياضية للاعبين، حيث تم استهداف خيرة خريجي المدارس الأوروبية، بهدف تقوية وتعزيز صفوف المنتخب الوطني، الذي تحول من فريق عاجز عن التأهل إلى نهائيات «الكان» إلى مجموعة لم تتذوق طعم الهزيمة على مدار سنتين كاملتين تحت قيادة الربان جمال بلماضي، دون نسيان إنجاز التأهل إلى مونديالي 2010 و2014، والذي أتى حسب المختصين والمتابعين، نتاج الإستراتيجية الرشيدة للمسؤولين، بعد أن نجحوا في تعويض ضعف التكوين ببلادنا من خلال دمج المغتربين مع المحليين، ليشكلوا توليفة رائعة أبانت عن تميزها.
وتأمل اتحادية كرة اليد في السير على خطى نظيرتها من كرة القدم، حيث تنوي بعث خلية، تكون مهمتها الرئيسية التواصل مع بعض مزدوجي الجنسية، ممن ينشطون في أقوى الدوريات الأوربية، ومحاولة إقناعهم بتقمص ألوان بلدهم الأصلي، لأن ذلك كفيل باستعادة هيبة اليد الجزائرية، البعيدة عن المستوى العالي منذ فترة طويلة، بدليل الأداء الهزيل المقدم في البطولة العالمية الأخيرة، ولئن كان الرئيس لحبيب لعبان، يعتبر التأهل للدور الثاني وإنهاء الدورة في المرتبة 22 عالميا، إنجازا في حد ذاته، نظير الغياب عن آخر نسختين من المونديال.
ووصل محبو اليد الجزائرية، إلى قناعة مفادها أن مواصلة الاعتماد الكلي على المحليين لن يفيد المنتخب في أي شيء، حتى وإن كان البعض منهم قد خاض بعض التجارب الاحترافية خارج الوطن، حيث بات من الضروري الاستنجاد ببعض النجوم الناشطة في أوروبا من أصول جزائرية، سيما وأنهم متألقون عبر عديد الدوريات الأوروبية، خاصة في فرنسا.
ومما لا شك فيه هو أن تبني هذا المشروع الجديد، كفيل بتشكيل منتخب، قادر على مجاراة تطور عملاق اليد الإفريقية ونعني بهما مصر وتونس، وقول كلمته في الاستحقاقات المقبلة، سيما البطولة المتوسطية التي ستحتضنها الجزائر عن قريب.
خيبة مونديال مصر فتحت النقاش
خاض المنتخب الوطني النسخة 27 من بطولة العالم لكرة اليد، بتعداد مشكل في مجمله من اللاعبين المحليين، حتى وإن كان البعض منهم ينشط بفرنسا وبعض الدوريات العربية، على غرار عابدي، غضبان وداود وكعباش والحاج صدوق، واكتفى الناخب الوطني آلان بورت بتوجيه الدعوة لمغترب واحد ضمن قائمة ال20، المنتقاة لخوض العرس العالمي بمصر، ويتعلق الأمر بلاعب دانكارك عبد القادر رحيم، وهو ما انعكس بالسلب على أداء المجموعة، في ظل ابتعاد جُل العناصر المحلية عن أجواء المنافسة منذ شهر فيفري الماضي، عكس ما كان عليه الحال لو تم الاستنجاد بالأسماء المحترفة خارج الجزائر، خاصة وأن بطولاتها قد استأنفت النشاط مبكرا، على عكس الجزائر التي ظلت البطولة متوقفة على مدار 10 أشهر.
وخيب السباعي الجزائري الآمال في العرس العالمي بمصر، رغم التأهل للدور الرئيسي، وهو ما دفع البعض للبحث عن أسباب الإخفاق، حيث أجمعوا على افتقاد المجموعة، لأسماء محترفة كانت قادرة على صنع الفارق، مثلما فعله أيوب عابدي لاعب نادي تولوز، الذي تطور مستواه بشكل كبير منذ مغادرته للبطولة المحلية.
البطولة في الجزائر هاوية وعاجزة عن تكوين «النجوم»
يرى الكثير من المتتبعين والنقاد أن المنتخب الوطني في أمسّ الحاجة لمزدوجي الجنسية في الوقت الحالي، في ظل عجز الأندية المحلية عن تقديم مواهب قادرة على مزاحمة كبار القارة فقط، وفي مقدمتهم منتخب مصر الذي أبان عن مردود عالمي خلال المونديال الأخير، بعد أن أحرج رفاق الطيار، أبطال العالم في مناسبتين متتاليتين الدانمارك، وكادوا يتأهلون على حسابهم، لولا ضربات الترجيح التي ابتسمت لرفاق هانس.
وتأثر المنتخب الوطني بالسياسة المتبعة من اتحاد اللعبة، الذي ورغم محاولاته الرقي باليد الجزائرية والبطولة المحلية، إلا أنه ظل عاجزا، لعديد الأسباب، أبرزها ضعف التكوين بأنديتنا «الهاوية» العاجزة عن تقديم لاعبين متكاملين كما كان الحال في السابق، أين كانت اليد الجزائرية تهيمن على الساحة الإفريقية، وتزاحم كبار المنتخبات العالمية في المونديال والألعاب الأولمبية، حتى أن حقبة الثمانينات عرفت عزفا منفردا للسباعي الجزائري الذي فاز بخمسة ألقاب متتالية.
لعبان ومنافسوه في «الكرسي» يلعبون على وتر المغتربين
تُشرف عهدة الرئيس الحالي لحبيب لعبان على الانتهاء، حيث تتأهب الاتحادية لعقد الجمعية الانتخابية المبرمجة الشهر المقبل، وسط تنافس شديد بين عديد الشخصيات البارزة في سماء اليد الجزائرية، وفي مقدمتهم الرئيس الحالي لحبيب لعبان، الباحث عن خلافة نفسه، ولئن كانت مأموريته لا تبدو سهلة، في وجود أسماء قادرة على خطف كرسي الرئاسة منه، في صورة رئيس نادي أمل سكيكدة ياسين عليوت، الذي تلقى دعم «الخبير» درواز ووعد بإدخال تغييرات جديدة على الاتحادية، شأنه في ذلك شأن المترشح الآخر طاهر عليوي، ولو أن الجميع متفق على تبني إستراتيجية جديدة قائمة على استهداف مزدوجي الجنسية، كونهم قادرين على صنع الفارق، كما كان الحال في لعبة كرة القدم، أين قدم محرز ورفاقه الإضافة المطلوبة، ويلعب كافة المترشحين على وتر المغتربين، خاصة وأنه باتوا مطلب الجميع.
خلية التنقيب تواصلت مع نجوم في الدانمارك والنرويج وفرنسا
يستعد القائمون على شؤون كرة اليد، لبعث خلية تنقيب عن المواهب في أوروبا، بمجرد الانتهاء من عقد أشغال الجمعية العامة الانتخابية المرتقبة شهر مارس المقبل على أقصى تقدير.
ويترأس المدير الفني كريم بشكور، اللجنة المكلفة بمتابعة النجوم الجزائرية في مختلف الدوريات الأوربية، حيث جس نبض البعض منهم، كما تلقى رسائل الرغبة في تمثيل ألوان الجزائر من البعض الآخر، ومن بين الأسماء المرشحة لتدعيم الكتيبة الوطنية مستقبلا، نجد نوري بن حليمة (تولوز) ومحمد أنطونين (إيفري) ومايك بلاسور (ليموج) ومنير شهري (النرويج) وخرموش باستيان (ديجون) وصالح بوطاف (حارس سكندربورغ الدانمارك) وسمير بلحسن ( دانكارك ).
ويرى غالبية المتابعين أن حراسة المرمى أضحت عماد المنتخبات العالمية وبالمقابل كانت النقطة السوداء للمنتخب الوطني في مونديال مصر، نظير المستوى المهتز للثنائي غضبان وبن مني، ولذلك يحاول المسؤولون الظفر بخدمات الثنائي صالح بوطاف وسمير بلحسن، خاصة وأنهما أبانا عن رغبتهما في اللعب للجزائر، والبداية ببوطاف حارس منتخب الدانمارك لأقل من 21 سنة، وهو شاب قدم إلى الدنيا نتاج زواج جزائري مع سيدة بوسنية، وهو من مواليد العاصمة كوبنهاغن شهر مارس 1999، ولعب في كل أصناف المنتخب الدانماركي، وينشط حاليا في الدوري الدانماركي الممتاز مع فريق سكندربورغ هاندبولد.وتواصل المكلف بالإعلام على مستوى الاتحادية بن عثمان مع اللاعب بوطاف، وأبدى له خلال مكالمة قصيرة استعداده للعب للجزائر، مضيفا أن والده يحثه دوما على تقمص ألوان الخضر.
بالمقابل، توجد عناصر أخرى لامعة في بطولات أوروبية قوية، صرحت عن رغبتها في اللعب للجزائر، في شاكلة منير شهري من مواليد 1999 بالنرويج، من والدين جزائريين هاجرا قبل أكثر من 30 سنة، فوالده ينحدر من الجزائر العاصمة والأم من تيزي وزو.
ويدافع منير شهري منذ ثلاث مواسم عن ألوان نادي هالدين، الناشط في الدوري النرويجي الممتاز، ويشغل منصب الظهير الأيسر، كما يمكنه اللعب في مركز الجناح، ويتميز بالسرعة والمرونة في الأداء، وفي حديث له كشف بأنه سبق أن زار الجزائر 7 مرات، مثلما أكد أن تمثيل الخضر أمر مهم بالنسبة له.
وبعيدا عن الدوريات «الاسكندنافية» المعروفة بقوتها ونجاعة فرقها في تكوين أمهر اللاعبين، لكن بالمقابل لا تعرف وجود جاليات جزائرية كبيرة، على عكس بلدان جنوب أوروبا، وفي مقدمتها فرنسا، التي تعج بالمواهب من أصول جزائرية، على غرار نجم نادي ليموج مايك بلاسور، الذي تحول لأمل لدى مسؤولي اليد الجزائرية، ويتمنى الجميع قبوله دعوة تمثيل المنتخب الوطني، وهو الذي سيكون بعد أشهر زميل الدولي هشام داود، أول صفقات فريق ليموج تحسبا للموسم المقبل.
تجدر الإشارة، أن نوري بن حليمة زميل أيوب عابدي في فريق تولوز، بعث بإشارات ايجابية عن اهتمامه باللعب للمنتخب الوطني، من خلال منشور على موقع «انستغرام»، حمل صورة له تحمل علم الجزائر.
سمير. ك