• قيام الخلافة غير ممكن وداعش تخدم إسرائيل
كشف الشيخ أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية العربية السورية أنه قام بمراسلة العديد من القادة العرب؛يطلب منهم وقف تدفق السلاح على بلاده، كما قال في حوار مع النصر على هامش لقائه مع المجالس العلمية لولايات الشرق، أن الحرب الدائرة في سوريا ليست طائفية لأن الطائفية لا تستعين بأجانب للقتال ، ولم يفوت الفرصة لانتقاد «داعش» بتأكيده على أن الخلافة الإسلامية لا يمكن لها أن تقوم عن طريق العنف الذي تنتهجه في عدد من البلدان العربية.
هل مكنتكم زيارتكم للجزائر من الاطلاع على أوضاع الجالية السورية بالجزائر والتي يتزايد عددها منذ بداية الأزمة، و ما هي الأصداء التي بلغتكم؟
أولا الجالية السورية بالجزائر تنقسم إلى قسمين، قسم جاء للتجارة والعمل، وقسم جاء من حالة التهجير التي فرضتها المجموعات الإرهابية في سورية على قراهم ومداشرهم، فانتشروا في العالم العربي ووجدوا في الجزائر ملاذا، فهؤلاء بعضهم لا يعمل وهذه مشكلة لأنهم لا يجيدون لأي عمل ما يجعلهم يثقلون على المجتمع الجزائري، وهذا ما لا نريده، أما المجموعات الأخرى الصناعية والتجارية فهي ترى في الجزائر أخوة وسوقا رائعة كما أخبروني، وهم يتعاونون مع الصناعيين الجزائريين ومع التجار على تطوير الصناعة كالألبسة والنسيج، ووجدوا نوعا من الاحتضان الرائع من الدولة والمواطنين، لذلك أنا مطمئن على أن السوريين في الجزائر لن يلقوا إلا خيرا، وإن وجد اختلاف بين بعض السوريين والجزائريين فالقضاء له دوره في فك هذه الخصومات، ولكن هذا لا يؤثر على مجموع الجالية التي وجدت في الجزائر احتضانا رائع.
كثيرة هي وجهات النظر والتحليلات حول الوضع في سورية بين ما يقول أنها حرب بالوكالة أو حرب طائفية، كيف تقرأون أنتم ما يحدث؟
لو تتبعتم بدقة الأحداث منذ البداية وحتى اليوم و كيف تغير الخطاب الإعلامي من كذب إلى كذب إلى كذب، ادعوا أن هنالك حرب طائفية ومذهبية، فلما وجدوا الشعب السوري لم يمزق و الجيش السوري لم يمزق، قالوا أن هنالك حرب بين النظام والشعب وبين الموالاة والمعارضة.
اليوم يسمع العالم كله أن في سورية أكثر من 100 جنسية تقاتل في سورية بدء من الصين إلى أستراليا وأمريكا مرورا بكل البلاد العربية، من جمع هؤلاء؟ ومن هي الجهة التي سلحتهم؟ ومن هي الجهة التي جاءت بهم إلى سورية؟ ولماذا؟ إذا كانوا يدعون أنها حرب طائفية ومذهبية ومعارضة فهل الطائفية والمذهبية تستدعي أن يؤتى بمقاتلين من خارج سورية ليقتلوا الشعب السوري شر قتلة ويذبحوا أبناء سوريا ويدمروا مصانعنا ويسرقوها ويحولوها إلى تركيا؟ إذن إن قالوا طائفية قلنا لهم هل في ليبيا طائفية؟ وإن قالوا مذهبية نقول لهم هل في مصر يوم صارت هذه الصدامات هي مذهبية؟ إنها يد خارجية تعبث بالوطن العربي كله.
هل يمكن القول أن الجماعات الإسلامية الموجودة في سورية تخدم أجندات أجنبية؟
المجموعات الإسلامية في سورية التي تدعي أنها تنتمي إلى الأحزاب الإسلامية بدأت عام 1980 وليس اليوم، بدأت بقتل عدد من العلماء والقيادات وبعض كبار علماء سورية وأساتذة الجامعات، واستطاع الشعب السوري عامي 1980 و1981 أن ينهي هذه القضية لأنه لم يكن هنالك إلا السوريين، ولم تكن هنالك قوى خارجية، وخلال 25 سنة عاد عدد كبير من هؤلاء السوريون إلى بلادهم، وعلى رأسهم من كان المنظر الروحي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله، والذي عاد إلى سورية قبل وفاته بسنوات واعتذر للشعب السوري عن أخطاء بعض المنتسبين للجماعات الإسلامية، لذلك ما يحدث الآن مع إخوتنا، أقول إخوتنا في الجماعات الإسلامية أنهم بإحساس وشعور وبدون شعور صاروا اليد الضاربة على أمتهم وشعبهم وأوطانهم لمصلحة أشرس عدو في المنطقة، ألا وهو الدولة الدينية التي هي الدولة الصهيونية، والتي تطلب الآن من الأمم المتحدة أن تعلن اعترافها بدولة يهودية بناء على طلب هؤلاء الإسلاميين بدول مذهبية أو طائفية أو ما يسمى بالخلافة الإسلامية.
ماذا عن الدولة الإسلامية وهل تعتبر دعوته لقيام الخلافة معقولة؟
الخلافة الإسلامية التي ينادون بها اليوم ما وجدت في يوم من التاريخّ، إنما وجدت الخلافة الراشدة، الأموية، العباسية، العثمانية التي نسبت إلى من حكم وليس إلى الإسلام لكي لا يتحمل الإسلام جريرة أفعال بعض الحكام الذين كانوا ينتسبون في الخلافة إلى هذه الأمة.
لذلك ما يحدث في سورية يجب أن تنتبه إليه الأمة العربية والإسلامية بأجمعها، إنه فقط يخدم الأجندة الصهيونية ويسمح لها بإقامة دولة دينية يعترف فيها العالم كله، فتصوروا عندما تعلن الأمم المتحدة والتحالف الغربي بـ 120 دولة يدعون أنهم أصدقاء سورية والذين اجتمعوا في المغرب أن في سورية سلاح كيميائي، ثم يكتشفون اليوم أن الذين استعملوا السلاح الكيميائي هم الإرهابيون وليس الشعب ولا الحكومة، وفي المقابل لا يذكرون أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سابقا «كارتر» قال أن في إسرائيل أسلحة نووية وكيميائية وسكتوا عنها، لذلك أرجوا من شبابنا المسلم في الجزائر وسورية وكل أنحاء الوطن العربي أن يصحوا إلى الفخ الذي ينصب لهم، فإن الذين يدعموهم اليوم في أوربا باسم الديمقراطية يسمحون لهم أن يدمروا بلادهم، فنسألهم لماذا تسمحون لهم أن يدمروا بلدانهم ولا تسمحون لهم أن يقيموا ذاتهم وهويتهم عندكم؟ يقولون للفرد اذهب إلى بلادك، لماذا يتركون عشرات الآلاف يموتون في البحر على أبواب المتوسط وهم قادرون على إنقاذهم من خلال الأقمار الصناعية التي يستعملونها الآن والطائرات من دون طيار التي يوجهون بها المقاتلين في العراق «داعش» وفي سورية إلى الأماكن التي يدمرونها، أماكن النفط والمناطق الآمنة، إنهم يتخذون الشباب يدا ضاربة لتدمير هذه الأمة بحجة مذهبية وطائفية وتغير أنظمة وتدويل أنظمة.
أقول أن الأنظمة العربية تحتاج منا إلى الحوار وإلى الهدوء وإلى أن نتناقش وبعدها يقرر الشعب ما نظامه ومن يحكمه بالفكر والحوار والصبر والسياسة لا بالسلاح والقتل والتدمير الممنهج.
وكيف كان تجاوب ورد فعل المنظمات الإسلامية الحكومية وغير الحكومية مع ما يحدث في سورية؟
أرسلت رسائل منذ ثلاث سنوات إلى كل القيادات الدينية في عالمنا الإسلامي، إلى الأزهر وإلى منظمة التعاون الإسلامي، بل وأرسلت رسائل إلى بعض القادة العرب أرجوهم أن يوقفوا ضخ السلاح إلى سورية، وأن يأتوا لنبدأ بالمصالحة، وبدأنا بالمصالحة في الداخل، وأنقذنا آلافا ممن غرر بهم وعادوا إلى الطريق المستقيم، لذلك هذه الرسائل لا زالت قائمة، ونحن نرجو من الأمة العربية أن تتحرك إلى كل بلد عربي، فهذه ليبيا والصومال يحزننا ما يقع بهما، وذلك اليمن يقصف قصفا لم يعرفه في تاريخه كله، لذلك نرجو من القادة العرب ومما تسمى بالجامعة العربية بدل أن تفصل الدول وتفرغ مواقعها الغرب لم يفصل سورية عن مقعدها في الأمم المتحدة والعرب فصلوا أخاهم عن جامعته، ولم يملئوها بأحد، إنا أرادوا أن يملئوها بعصابات التي كانت ولا زالت تعلن أنها تريد أن تجعل من سورية دولة تنطلق منها إلى العالم لتقدم الخلافة الإسلامية.
نقول لهم إن الذي يريد أن يقيم الخلافة الإسلامية يجب أن يعود إلى منهج النبي صلى الله وعليه وعلى آله وصحابته وسلم، وهو: «إن كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك» فمنعه من غلظة اللسان وفظاظة القلب، فكيف بمن يقتل ويذبح ويعتدي على أعراض الناس؟ فهل يكونوا أهلا لإقامة خلافة أو دولة؟
أختم بالقول، تعالوا لنبدأ الحوار ولنقيم دولا تتلاءم مع عصرنا في ظل إسلامنا الحنيف وفكرنا المتجدد والعولمة التي يجب أن نستعملها لننشر للعالم إسلاما ارتضته السماء سعادة للإنسان، وجعلتنا بأعمالنا السيئة متخوفا منه في العالم، فإن الإسلام جاء للسلم والحب والإخاء، لا للقتل والتدمير والذبح.
حاوره: عبد الله بودبابة