وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مساء الخميس، كلمة الى الشعب الجزائري، أشاد فيها بالهبة التضامنية تجاه المتضررين من حرائق الغابات، محذرا من محاولات استغلال هذه المحنة للمساس بالوحدة الوطنية.
وقال رئيس الجمهورية: "مرة أخرى، يعرف وطننا المفدى ظروفا صعبة وأليمة في نفس الوقت بسبب حرائق مهولة مست ما يقارب 17 ولاية من ترابنا الوطني، تمركز أكثرها بولاية تيزي وزو. وبهذه المناسبة الأليمة، أجدد تعازي القلبية الخالصة لكل من قضوا من مدنيين وعسكريين شهداء الواجب الذين التهمتهم النيران وهم يحاربون الكارثة".
غير أن رئيس الجمهورية أكد على ان "إيماننا بالوطن وقوتنا وعزيمتنا لن تنهار"، حيث سيتم التصدي لهذه الحرائق التي "تسبب فيها ربما الطقس المرتفع جدا بالبحر الابيض المتوسط بصفة عامة لكن أغلبها تسببت فيها أياد إجرامية".
وأشار الرئيس تبون إلى أنه وفور وقوع هذه الحرائق، طلب تزويده بالمعلومات الكافية للوقوف على انتشارها، ليتبين أن "الصور كانت مهولة"، حيث "امتدت الحرائق، وفي نفس الوقت، من البليدة إلى عنابة مرورا بتيزي وزو التي تعد المنطقة الأكثر تضررا".
وقد تطلب التصدي لهذه الحرائق التي "لم يعرفها الوطن منذ عشرات السنين بهذا الحجم"، تجنيد كل الإمكانيات البشرية والمادية ووسائل النقل والإطفاء عبر أغلب الولايات، بحيث "ركزنا على ولاية تيزي وزو الأكثر تضررا، لكون النيران التي اشتعلت كانت في أماكن صعبة جدا وآهلة بالسكان".
وأشار الرئيس تبون إلى أن "حجم هذه الحرائق التي مست تقريبا 14 ولاية في نفس الوقت، لسنا متعودين عليه"، إذ "تم تسجيل، يوم 9 أوت، 14 حريقا في 14 ولاية و 33 بلدية، وفي 11 أوت تمركزت الحرائق في ولايتين و20 بلدية".
وأكد أنه قام، في أول يوم من اندلاع هذه الحرائق، بإسداء تعليماته للوزير الأول وحتى على مستوى الرئاسة "للاتصال بكل الدول الاوروبية الصديقة من أجل اقتناء طائرات إخماد الحرائق، حيث كنا نعلم بأن التضاريس لا تسمح بإطفاء النيران بوسائل تقليدية'"، غير أنه "مع الأسف، ولا دولة استجابت لطلبنا لأن كل الطائرات الأوروبية من هذا النوع كانت آنذاك متمركزة في اليونان وتركيا'' التي عرفت هي الأخرى اندلاع حرائق مهولة.
وبعد أن ذكر بوصول طائرتين فرنسيتين، اليوم، كشف رئيس الجمهورية عن استئجار طائرتين إسبانيتين وأخرى سويسرية ستصل الى الجزائر في غضون "الثلاثة أيام المقبلة"، وهو ما "سيمكننا من السيطرة على هذه الحرائق"، مثلما قال.
وأوضح في ذات الصدد أن الجيش الوطني الشعبي سخر ''ما يقارب ست مروحيات لإطفاء النيران''، فضلا عن إسدائه تعليماته للجيش بالشروع في اتصالات لاقتناء طائرات اخماد الحرائق.
وجدد رئيس الجمهورية تأكيده على أن "الدولة وقفت بإمكانياتها البشرية والمادية من خلال تعبئة ما يقارب 3000 عون حماية مدنية وإطارات محافظات الغابات وأفراد الجيش وكذا المواطنين المتطوعين، لاسيما بولاية تيزي وزو".
وقال في هذا الصدد: "سبق وأن قلت أن الاماكن التي اشتعلت فيها النيران صعبة التضاريس وآهلة بالسكان"، حيث "كان الأهم هو إنقاذ الأرواح".
كما توقف بالمناسبة عند التضامن الذي أظهره الجزائريون في هذه المحنة، قائلا: "الشيء الوحيد الذي يواسينا ويلهمنا الصبر في هذا المصاب الجلل هو الهبة التضامنية التي أبان عنها كل المواطنين الذين كانت قلوبهم مع سكان تيزي وزو وبجاية، وهي الهبة التي يجب ان نحافظ عليها كما نحافظ على الوحدة الوطنية".
وأضاف بالقول: "يجب أن نتصدى جميعنا الى كل الذين يريدون اثارة التفرقة بين الجزائريين وبين منطقة وأخرى، وهي المحاولات التي تعد إجراما في حد ذاته"، ليتابع قائلا أن "الضحايا الذين استشهدوا ينتمون الى أغلب المناطق والولايات، وكل الجزائريين سارعوا بكل وسائل الاطفاء المتاحة لديهم لتخفيف وطأة الحرائق على سكان تلك المناطق".
وحذر رئيس الجمهورية من الأطراف التي ''تغتنم الفرصة للتفرقة'" ليؤكد أن "الدولة الجزائرية دولة واحدة موحدة والشعب واحد موحد من تيزي وزو الى تمنراست ومن تبسة الى تلمسان، وهذه المسائل مفصول فيها وسنتصدى بكل الوسائل المتاحة لكسر هؤلاء الناس الذين يحاولون المساس بالوحدة الوطنية".
كما أردف قائلا: "أما بالنسبة لمن يغتنمون الظروف الأليمة لتسميم الأوضاع ومحاولة التفرقة بين الجيش والشعب وبين الشعب والدولة فأقول لهم أن المواطنين الشرفاء هم الذين ساعدوا مصالح الأمن في إلقاء القبض على بعض المشبوهين الذين وصل عددهم لحد اليوم إلى 22 مشبوها تم توقيفهم بفضل مساعدة المواطنين الشرفاء والاحرار".
وألح الرئيس تبون على أن من يحاول المساس بالوحدة الوطنية "سيدفع الثمن غاليا، فالوحدة الوطنية هي أمر مقدس سقط من اجلها مليون ونصف مليون شهيد".
وبخصوص مقتل شاب بالأربعاء ناث إيراثن عقب شكوك بخصوص تورطه في حرائق الغابات التي ضربت المنطقة، شدد رئيس الجمهورية على ان العدالة هي وحدها المخول لها إظهار الحقيقة'، منبها إلى أنه "لا يجب استغلال الموقف والوقوع في فخ المنظمتين الارهابيتين اللتان تحاولان الدخول من هذا الباب للمساس بالوحدة الوطنية".
وخلص إلى القول: "نوصي بعضنا البعض بالوحدة الوطنية، فهي البداية وهي النهاية، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".