يشدّد خبراء على أهمية وضع استراتيجية لحماية الأنظمة المعلوماتية للبنى التحتية بالبلاد، إلى جانب تكوين الكفاءات و إدخال ثقافة الأمن الرقمي في المقررات التعليمية، لمواجهة حروب الجيل الرابع التي تُجنَّد فيها جيوش الكترونية لا يعرف عددها، و تتعدى خطورتها الحروب الكلاسيكية.
و يوضح الخبير في التكنولوجيات الحديثة والاتصالات، يونس قرّار، أن مفهوم حروب الجيل الرابع مرتبط بكل ما له علاقة بالمعلومات و الأنترنت، بحيث يتم استهداف الخدمات الرقمية و الخوادم، و تعطيلها، زيادة على سرقة المعلومات الموجودة في الأنظمة المعلوماتية للهيئات المختلفة كالبنوك و المنشآت الطاقوية و استعمالها لأغراض أخرى، إلى جانب التجسس على الأشخاص و المسؤولين، مثلما حدث في قضية برنامج التجسس “بيغاسوس”، من أجل اختراق الخصوصية و الوصول إلى أسرار الدولة.
و يضيف قرّار في حديث للنصر، أن حروب الجيل الرابع تُعد أكثر خطورة من الحروب التقليدية، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت جزءا منها، بحيث تُستعمل في صناعة الرأي العام و نشر الإشاعات و الأخبار المضللة، فيعتقد المتلقون أنها صحيحة بما يضر بصورة البلاد و اقتصادها، و يحدِث ارتباكا في المجتمع.
و يرى المتحدث أن الخطر يبقى قائما دائما في عالم تتضارب فيه المصالح بين الدول، و هو ما يستدعي وضع استراتيجية سياسية كاملة للحماية الالكترونية، إلى جانب نشر ثقافة الأمن الرقمي و برمجيات الحماية من محاولات الاختراق و الهجمات الالكترونية، و يبدأ ذلك، يضيف الخبير، من المدارس عبر تلقين التلاميذ هذه المعلومات في المقررات التعليمية، كما نوّه قرّار بأهمية التعاون الدولي مع مختلف الجامعات و المعاهد بهذا الخصوص. من جهته، يرى يزيد أقدال الخبير في المعلوماتية و العضو في التجمع الجزائري للنشاطين الرقميين، أن حروب الجيل الرابع أصبحت أكثر سهولة و تأثيرا مع عصر الانترنت و كذلك بظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت فئات محددة تستهدف عبرها باختلاف كل منصة، و هو ما يتطلب التحلي بالوعي لتمييز الأخبار الكاذبة و معرفة على سبيل المثال، إن كانت الصور و الفيديوهات المنشورة حقيقية أو مفبركة. كما يتطرق أقدال إلى غياب ميكانيزمات لتتبع الأخبار و التحقق من صدقيتها و مصدرها، مضيفا أن الإشكال المسجل هنا، هو صعوبة تغيير فكرة المتلقي حتى بعض تصحيح الخبر، لأنه يكون قد اقتنع بأنه صحيح، أو لأن المعلومة المصححة لم تصله في الأساس بسبب عدم انتشارها بنفس قوة انتشار «الفايك نيوز”.
و يؤكد الخبير في المعلوماتية أن تجنيد بلد أجنبي لـ «جيش إلكتروني” يجعل عملية الاستهداف أسهل لأنه لن تكون هنالك حدود للمواجهة كما هو الحال في الحروب التقليدية، و هو ما يستدعي، مثلما يتابع محدثنا، توعية الأفراد و تعبئة صفحات التواصل الاجتماعي ذات الشعبية الكبيرة من أجل التصدي للمعلومات المضللة لكي “ينخرط المجتمع الافتراضي في هذه السياسة”.
و يشدد السيد أقدال على أهمية تكوين الطاقم البشري بمؤسسات الدولة و توفير الوسائل اللازمة للتصدي لمحاولات التجسس و حماية البنى التحتية، مضيفا أن الإشكالية الأخرى المطروحة هي اعتماد بعض الهيئات على برمجيات مقرصنة في عملها، و هو ما يسهل سرقة البيانات.
ياسمين.ب