أظهرت دراسة بدأها باحثون بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، وجود نقائص عديدة في الكتب الخارجية التي يستعملها التلاميذ بشكل مكثف، على حساب المقررات الرسمية، وبيّنت أنها السبب الرئيسي في المشاكل التي تشهدها العملية التربوية، و ذلك بسبب عدم إخضاع محتواها للغربلة و إغفالها الجانب المعرفي و العصبي.
الدراسة كشفت عنها أمس، الدكتورة سهيلة حديد وهي رئيسة فرقة بحثية بمخبر العلوم والترجمة، حيث انطلقت في جانفي 2020 في إطار مشاريع البحث و التكوين الجامعية «بي آر أف إي»، تحت عنوان «إعادة التفكير في تصميم الكتب المدرسية خارج المدرسة في المرحلة الثانوية في ضوء إصلاحات النظام التعليمي و الاكتشافات المتقدمة في علم الأعصاب».
و شملت الدراسة، بحسب ما كشفت عنه الباحثة في تصريح للنصر، على هامش ملتقى احتضنته جامعة الإخوة منتوري، لعرض ومناقشة النتائج المتوصل إليها، أكثر من 40 كتابا خارجيا في اللغة الفرنسية، إلى جانب إجراء استبيان شمل 200 تلميذ و 15 أستاذا، كما سيمس الأولياء في وقت لاحق.
و تضيف الباحثة أن معظم التلاميذ وجدوا أنفسهم خلال الجائحة التي فرضت توقفا عن الالتحاق بالمدارس، مجبرين على الاستنجاد بالكتب الخارجية من أجل تقوية معارفهم، لكن هذه الكتب تضمنت نقائص عديدة، بحيث لم تكن إمكانية فهمها سهلة، لأن مُعدّيها لم ينظروا إلى مسألة المردود العلمي و توضيح المناهج الرسمية، بل على العكس، قاموا بإعادة نسخ هذه المقررات فقط، وفق الدكتورة.
و عمد معدّو البحث إلى إجراء الدراسة، التي ما تزال متواصلة، على الكتب الخارجية الأكثر مبيعا في السوق و التي تلقى إقبالا أكبر من طرف التلاميذ، و تُفصّل الدكتورة حديد في نتائجها قائلة «لاحظنا أنهم يأخذون مضمون الكتاب الرسمي و يعيدون نسخه و هناك حتى من يضعون حلولا للتمارين الموجودة بالمقررات الرسمية، إذن كيف سيتعلم التلميذ بهذه الطريقة؟».
وأضافت المتحدثة أنه و حتى لو تم تقديم معلومة صحيحة بهذه الكتب الخارجية، إلا إنها تُنقَل و تُعرَض بطريقة سيئة، دون احتساب الأخطاء اللغوية، منتقدة بهذا الخصوص دور النشر الخاصة التي لا تتوفر على لجان قراءة تضم أشخاصا يتمتعون بدرجة تأهيل تسمح بالغربلة و تفادي الأخطاء المنهجية التي تؤثر على ذهن الطفل و على العملية المعرفية برمّتها. و تساءلت الدكتورة «هل من الطبيعي أن يُحسن الأستاذ تشغيل جهاز الميكرويف و السيارة و الحاسوب، و لا يعرف كيف يستعمل دماغ التلميذ ليكون التعليم أكثر فاعلية؟»، لتتابع بالقول إن العديد من الأساتذة لا يعطون أهمية للتركيبة البشرية للقسم، بسبب عدم تكوينهم، خاصة في ما يتعلق بطريقة عمل دماغ الانسان.
و خلصت الدراسة التي ركّزت على أهمية توظيف علم الأعصاب المعرفي في العملية التعليمية، إلى أن فعالية هذه الأخيرة مرتبطة بأربعة عناصر، و هي إثارة الاهتمام، المشاركة الفعالة، عودة المعلومة، و التعزيز من خلال استعمال المعارف لتدعيم مكتسبات أخرى، و هي كلها شروط يجب، وفق الدكتورة حديد، أن تتوفر في الكتب الخارجية.
و انتقدت المتحدثة تركيز الأبحاث الجامعية على دراسة مضامين المقررات الرسمية، رغم أنها أقل استعمالا من طرف التلاميذ مقارنة بالكتب الخارجية، التي تدعو الدكتورة حديد إلى إعادة النظر فيها بشكل مستعجل، مع إلزام دور النشر بالعمل بلجان قراءة صارمة، و تحسيس الأساتذة حول كل ما يتعلق بعلوم الأعصاب و المعارف، من أجل تسوية الكثير من المشاكل التعليمية التي تواجهها المدرسة الجزائرية، وفق الباحثة.
و يذكر أن الملتقى المنظم أمس بجامعة الإخوة منتوري، يدخل في إطار المشروع البحثي المذكور، حيث حضره أساتذة من 9 جامعات جزائرية، شارك عدد منهم في الدراسة، كما تضمّن ورشات و جلسات نقاشية.
ياسمين.ب