نظم أمس قطاع الثقافة و الفنون لولاية قسنطينة، احتفاء باليوم العالمي للغة الأم، برنامجا متنوعا تضمن أمسية شعرية و معرضا لخطاطين مبدعين و ورشات تطبيقية في الخط العربي استفاد منها طلبة كلية الفنون الجميلة، و أشرف عليها أساتذة، بمتحف الفنون والتعابير الثقافية التقليدية قصر الحاج أحمد باي، كما قدم الأستاذ سفيان محي الدين محاضرة بعنوان «الخط العربي وفن الحروفيات» بالمتحف العمومي الوطني سيرتا.
عرض فنانون من أبناء ولاية قسنطينة، لوحاتهم ببهو قصر الحاج أحمد باي، من بينهم الفنان محمد زروقي و محمد عمراني و محي الدين سفيان و أحمد نحوي و قد مزجت فيها الحروف العربية بالزخارف الإسلامية، و الفن التشكيلي و التجريدي في طابع عصري، و قد استعمل المبدعون مواد مختلفة في تجسيدها ، على غرار القماش و الخشب و الفلين والزجاج و أنواع عديدة من الورق.
قال الخطاط محمد عمراني،و مدير متوسطة متقاعد، شارك بالمعرض و أشرف على تعليم الطلبة أساسيات الخط العربي بالورشة المقامة بإحدى قاعات قصر أحمد باي، إنه كخطاط محترف، يستعمل في لوحاته كل التقنيات والأدوات المعروفة في الفن التشكيلي، باستخدام الورق و الخشب و الفلين و القماش و مختلف أنواع الألوان، مضيفا أن لوحات الفنان تحمل في طياتها رسائل خفية، وتسرد قصصا ومعاناة بلغة أخرى، هي الرسم وبأداة هي القلم أو الريشة.
و استفاد عدد من طلبة الفنون الجميلة من تعليم أساسيات الخط العربي، ضمن ورشة أشرف عليها كل من الخطاطين محمد عمراني و ناصف سفيان، و أكد الأخير و هو خطاط و مهندس دولة في الإلكترونيات للنصر، أن ذات الورشة افتتحت بتقديم نبذة تاريخية عن فن الكتابة بالخط العربي، وأهم الأدوات والتقنيات المستعملة ، إلى جانب التعريف بأنواع الخطوط، و أشاد الفنان بهذه المبادرة التي تعرف بهذا النوع من الفن، الذي تعرض للإهمال، حسبه، في الفترة الأخيرة.
من جهة أخرى تم عرض مجموعة من الكتب، قرب ساحة القصر الداخلية، و أغلبها تتمحور حول اللغة العربية و خطوطها، أما في الفترة المسائية، فقد تم تنظيم أمسية شعرية من تنشيط المبدعين شوقي ريغي و فضيل عبد الناصر دردور.
كما قدم الأستاذ بمدرسة الفنون الجميلة بقسنطينة، سفيان محي الدين، محاضرة عنوانها «الخط العربي وفن الحروفيات» بالمتحف العمومي سيرتا، أوضح من خلالها أن الخط هو لسان اليد وسلاح المعرفة، وسيد العقول، لما يملكه من علاقة وثيقة باللغة، تماما ك»الروح والجسد» ، فكلاهما وسيلة تواصل و من مرتكزات الهوية، كما أكد.
وأضاف الأستاذ أن الخط فن بصري يخاطب العين بشكل مباشر، كما أنه يتشكل في الذهن أولا ، ثم يظهر إلى الوجود، مستوحيا جماله من الروح الإنسانية، و ليس من الطبيعة فقط، مؤكدا أن هذا الفن، له مكانته بين الفنون الجميلة، و تمزج عناصره الجمالية بين الخط العربي الكلاسيكي و الفن التشكيلي، و أدواته المميزة تساهم بشكل كبير في إعداد العمل الفني.
و من بينها، كما قال، قلم القصب و الجاوي، وهو نوع من الأقلام التي تصنع من لب القصب، ينبت بجزيرة جاوة الأندونيسية ، إلى جانب استعمال الريشة المعدنية والقلم الخشبي الذي يستعمل في كتابة الحروف ذات الحجم الكبير، مع استخدام أنواع معينة من الحبر، منها الأسود وحبر الأرز وحبر القهوة.و ذكر المتحدث أن الخط العربي عالم واسع، لما يحتويه من أنواع مختلفة من الخطوط التي ظهرت منذ القدم، و لا يزال الفنانون إلى غاية يومنا هذا، يسعون لتعلمها و التمكن من أساسياتها، ومن أشهرها الخط الكوفي و النسخ و الثلث، و خط الإجازة والرقعة.
كما تطرق المحاضر إلى فن الحروفيات في عالم الفن التشكيلي، الذي ظهر في أواخر القرن 20 ، و يمزج حاليا بين الفنون التقليدية والعصرية التي يستخدم فيها الخط العربي، كعنصر بياني في العمل الفني، إلى جانب الزخارف العربية. رميساء جبيل
