ثمن مختصون قرار رئيس الجمهورية بالشروع في إنتاج الأنسولين ولقاح الأطفال السنة المقبلة، واعتبروا الإجراء خطوة نحو توفير الأدوية الاستراتيجية محليا، وصولا إلى تحقيق الأمن الصحي، عبر تقليص فاتورة استيراد الأدوية التي تكلف الخزينة العمومية ميزانية معتبرة سنويا.
ووصف الدكتور أمحمد كواش المختص في الصحة العمومية الإجراء المعلن عنه في اجتماع مجلس الوزراء، الأحد الماضي، بالقرار الشجاع الذي يرمي إلى توفير الأدوية الاستراتيجية عن طريق الصناعة المحلية، بداية بالشروع في تصنيع الأنسولين الموجه لمرضى السكري وكذا لقاح الأطفال.
ويكلف اقتناء الأنسولين وحده عن طريق الاستيراد مبالغ هامة تقدر بحوالي 400 مليون أورو، لتغطية الطلب على هذا المنتوج الصيدلاني، جراء ارتفاع عدد المصابين بمرض السكري الذي يفوق 3 ملايين شخص، نسبة هامة منهم يتلقون العلاج عن طريق تلقي جرعات من الأنسولين للحفاظ على توازن نسبة السكر في الدم.
كما يشرف معهد باستور بدوره على استيراد كميات هامة من اللقاحات الموجهة لفئة الرضع سنويا، سيتم الشروع في إنتاج كميات هامة منها السنة المقبلة، تطبيقا لقرار رئيس الجمهورية المتخذ في مجلس الوزراء الأخير، بما سيساهم في تقليص فاتورة الاستيراد، وتحقيق الاستقلالية من حيث توفير الأدوية الاستراتيجية.
ويضيف في هذا الشأن الدكتور امحمد كواش بأن إنتاج المواد الصيدلانية عن طريق الصناعة المحلية سيخفف الأعباء عن ميزانية الدولة، كما سيساعد على تفادي حالات الندرة التي تعرفها من حين إلى آخر سوق الأدوية على المستوى العالمي بسبب الأوضاع الجيوسياسية والظروف الصحية، على غرار جائحة كورونا التي أثرت كثيرا على التموين بالأدوية بالنسبة لعديد الدول.
ويضيف المتدخل بأن النظرة الاستباقية التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، مكنت من تجنب عديد الأزمات، قائلا بأن الشروع الفعلي في إنتاج الأنسولين ولقاح الأطفال خلال سنة 2023 يندرج ضمن الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق الاستقلالية في ضمان الاحتياجات الأساسية، خاصة ما تعلق بالأدوية.
ويرى المختص في الصحة العمومية بأن الجهود المبذولة من أجل الانفتاح أكثر على القارة السمراء سيساهم بدوره في تنشيط الآلة الصناعية، وتصدير الفائض من اللقاحات والأدوية إلى الدول الإفريقية، وهذا ما سيحقق للدولة مداخيل إضافية من العملة الصعبة، يمكن استغلالها في تطوير الصناعة الصيدلانية.
وكان وزير القطاع علي عون قد أعلن من جهته خلال شهر نوفمبر المنصرم عن شروع أربع وحدات في إنتاج الأنسولين بداية من السنة المقبلة، ستعمل على توفير حوالي 50 بالمائة من الطلب على هذه المادة سنويا، بما سيساهم في تقليص فاتورة الاستيراد.
ويعتقد المختص في الصحة العمومية امحمد كواش بأن إطلاق وحدات إنتاجية جديدة لتصنيع الأدوية المستوردة من الخارج، سيشجع الكفاءات المحلية على التحكم أكثر في الصناعة الصيدلانية، من خلال إنتاج المادة الأولية والآلات التي تدخل في صناعة هذه المواد محليا، وصولا إلى تحقيق الاستقلالية التامة في هذا المجال.
وشدد المصدر على ضرورة عدم التغاضي عن الجانب الوقائي، من خلال انتهاج حياة صحية للحماية من مختلف الأمراض، خاصة الأمراض المزمنة التي يكلف علاجها ميزانية معتبرة، وهو ما أكد عليه أيضا الدكتور فتحي بن أشنهو في تصريح «للنصر»، مثمنا بدوره الانطلاق في إنتاج الأنسولين ولقاح الرضع السنة القادمة.
وأفاد الدكتور بن أشنهو بأن التحكم التدريجي في الجانب التكنولوجي سيؤدي إلى التخلص النهائي من التبعية إلى الخارج في تغطية الطلب على مختلف أصناف الأدوية، لكنه أكد على أهمية تعزيز الوقاية لتقليص نسبة استهلاك الأدوية، أي بالتحفيز أكثر على الطب الوقائي مقارنة بالطب العلاجي.
لطيفة بلحاج