صدر في العدد الأخير للجريدة الرسمية القانون رقم 23-09 المؤرخ في 3 ذي الحجة 1444 هجري الموافق لـ 21 جوان 2023 الذي يتضمن القانون النقدي والمصرفي، و الذي كان قد صادق عليه البرلمان بغرفتيه في شهر أبريل الماضي.
ويدخل هذا القانون الهام في إطار الإصلاحات الواسعة التي باشرتها السلطات العمومية في عدة مجالات، وهو يرمي إلى تحسين وتطوير البيئة المالية و المصرفية الوطنية، وتكييف النظام القانوني والتنظيمي المعمول به في هذا المجال.
كما يرمي القانون من خلال التدابير و الأحكام التي جاء بها إلى تعزير حوكمة كل من بنك الجزائر ومجلس النقد والقرض، واللجنة المصرفية و المؤسسات المالية، حتى تتماشى والتحولات الاقتصادية والمالية العميقة التي تعيشها البلاد وكذا التحديات التقنية والتكنولوجية التي ترافقها.
ومن هذه التدابير إعادة تنظيم مهام محافظ البنك من حيث العهدة، حيث أقر عهدة من خمس سنوات للمحافظ ونوابه الثلاثة ، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، كما اشترط عليهم أداء القسم أمام الجهات القضائية محل الاختصاص حيث يوجد مقر البنك المركزي وفق الصيغة التالية « أقسم بالله العظيم أن أؤدي عملي بصدق و إخلاص، وأنا أحفظ الأمانة و السر المهني، و أن أحترم قوانين الجمهورية و أحافظ على المال العام، والله على ما أقول شهيد».
ودائما في هذا السياق منع القانون على المحافظ و نوابه خلال مدة سنتين بعد نهاية عهدتهم أن يسيروا أو يعملوا في مؤسسة خاضعة لسلطة أو مراقبة بنك الجزائر، أو شركة تسيطر عليها مثل هذه المؤسسة، ولا أن يعملوا كوكلاء أو مستشارين لمثل هذه المؤسسات أو الشركات.
و أعاد القانون كذلك تنظيم تركيبة مجلس إدارة البنك ومجلس القرض والنقد، واستحدث لجنة الاستقرار المالي وكلفها بالمراقبة الاحترازية الكلية و إدارة الأزمات.
وفي هذا السياق منح صلاحيات جديدة لمجلس القرض والنقد تمكنه من مواكبة التحولات التي تعرفها البيئة المصرفية على غرار اعتماد البنوك الاستثمارية والبنوك الرقمية، ومقدمي خدمات الدفع والوسطاء المستقلين، كما يرخص بفتح مكاتب الصرف.
واستحدث القانون النقدي والمصرفي الجديد اللجنة الوطنية للدفع التي يعهد لها إعداد مشروع الاستراتيجية الوطنية لتطوير وسائل الدفع ومتابعة تنفيذها بهدف تعزيز المعاملات المصرفية والشمول المالي.
كما جسد الصيرفة الإسلامية التي ستساهم في تعبئة الادخار، وشدد من وسائل وميكانيزمات الرقابة التي يفرضها البنك المركزي على تعاملات المؤسسات المالية وكافة عملياتها.
ومن بين التدابير الجديدة الأخرى التي جاء بها القانون استحداث ما يسمى «بالعملة الرقمية» والتي تعود للدولة صلاحية إصدارها من خلال البنك المركزي الجزائري.
ومن شأن صدور القانون النقدي والمصرفي الجديد، الذي كان من المطالب الملحة للمتعاملين الاقتصاديين على مدى سنوات عديدة، خلق بيئة مالية ومصرفية جديدة وملائمة للتوجهات الاقتصادية الجديدة للدولة ، الرامية إلى خلق مناخ أعمال موات وتسهيل الاستثمار أمام المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب.
وفي السياق إعطاء ضمانات حقيقية لهم إضافة لتلك التي جاء بها قانون الاستثمار الجديد، وهو ما من شأنه المساهمة في تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني و الخروج به من التبعية للمحروقات.
إلياس.ب