شرع رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ أمس، في زيارة دولة إلى جمهورية الصين الشعبية، بدعوة من نظيره الصيني، السيد شي جين بينغ، وهذا في إطار تعزيز العلاقات المتينة والمتجذرة وتقوية التعاون الإقتصادي بين البلدين الصديقين.
وصل رئيس الجمهورية، إلى العاصمة الصينية بكين في زيارة دولة، سيتم خلالها بحث تطوير مجالات الشراكة الإستراتيجية بين البلدين اللذين تجمعهما علاقات اقتصادية وسياسية قوية. وتعد زيارة رئيس الجمهورية إلى الصين، الأولى لرئيس جزائري منذ 15 عاماً، ومن المتوقع أن تدفع العلاقات بين البلدين إلى أفق جديد في التعاون والشراكة والاستثمار.
ويرافق الرئيس تبون وفد من تسعة وزراء، على رأسهم وزير الخارجية أحمد عطاف إضافة إلى وزراء المالية والطاقة والمناجم، والبريد والاتصالات، والصناعة والإنتاج الصيدلاني، والتجارة والأشغال العمومية، والسكن، واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، ما يؤشر إلى الطابع الاقتصادي للزيارة التي من المقرر أن تبحث عدداً من مشاريع البنية التحتية واستثمارات حيوية كان قد تم الاتفاق عليها في السابق ويجري تنفيذها في الجزائر.
و تتميز العلاقات بين الجزائر والصين بعمقها التاريخي وطابعها الاستراتيجي الشامل ومن شأنها أن تتعزز أكثر وترتقي إلى مستويات أعلى بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى هذا البلد الصديق. كما يرافق تبون خلال الزيارة التي ستشهد انعقاد مجلس الأعمال الجزائري الصيني مدراء كبرى الشركات الإستراتيجية الحكومية، كشركة سوناطراك للمحروقات وشركة الكهرباء سونالغاز، وعدد من رجال الأعمال ومدراء المؤسسات الاقتصادية الحكومية والخاصة في مختلف القطاعات الإنتاجية.
الارتقاء بالشراكة الإستراتيجية الشاملة
و يطمح البلدان إلى الارتقاء بالشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تجمعهما إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب بما يخدم مصالح الدولتين والشعبين وبما يحقق طموحاتهما في ظل المتغيرات الدولية الراهنة ومساعي تعزيز التموقع الإقليمي والدولي, وذلك انطلاقا من التزامهما بمبدأ الاحترام والمصالح المتبادلة وفي ظل حرص قائدي البلدين على التشاور المستمر والتعاون الوثيق.
ومن أبرز هذه المشاريع الحيوية الممولة من الصين وتراهن عليها الجزائر لدعم خطة الانتقال إلى اقتصاد لا يعتمد على المحروقات، مشروع استغلال منجم الحديد بغار جبيلات، بدعم صيني (ظفرت به ثلاث شركات صينية لاستخراج مليوني طن من خام الحديد سنوياً)، ومشروع الفوسفات المدمج ببلاد الهدبة بتبسة (استثمار صيني بقيمة سبعة مليارات دولار في قطاع الفوسفات لإنتاج 5.4 ملايين طن من الأسمدة بمختلف أنواعها سنوياً)، ومشروع استغلال منجم الزنك والرصاص بواد أميزور ببجاية، وتطوير حقل نفطي، جنوبي الجزائر، ومحطات للطاقة الشمسية.
و في هذا الإطار، كان رئيس الجمهورية قد أشاد في رسالة تهنئة وجهها إلى نظيره الصيني بمناسبة إعادة انتخابه من قبل المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني, شهر مارس الفارط، بعمق علاقات الصداقة والتعاون التاريخية التي تجمع البلدين, مبرزا أهمية مواصلة العمل سويا قصد تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة والارتقاء بها إلى مستويات أرحب تعكس طموحات الشعبين الصديقين وتحقق مصالحهما المشتركة.
من جانبه, نوه الرئيس الصيني في برقية تهنئة بعث بها إلى الرئيس تبون العام الماضي, بمناسبة إحياء ذكرى استرجاع السيادة الوطنية, بعلاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة القائمة بين البلدين، والتي واصلت تطورها لتصل إلى مستويات جديدة, حيث تترسخ الثقة السياسية المتبادلة يوما بعد يوم ويحرز التعاون العملي نتائج مثمرة.
و أعرب الرئيس الصيني عن استعداده لبذل جهود مشتركة مع الرئيس تبون من أجل توطيد الصداقة التاريخية والثقة الإستراتيجية المتبادلة بين البلدين ودفع التواصل والتعاون بينهما في كافة المجالات في إطار بناء مبادرة «الحزام والطريق».
«البريكس» وملفات سياسية ضمن أجندة الزيارة
ومن المتوقع أن تناقش الزيارة ملفات سياسية وقضايا دولية، كمسألة انضمام الجزائر إلى مجموعة «بريكس» ومنظمة شنغهاي للتنمية، حيث تأمل الجزائر في مزيد من الدعم الصيني نحو هذه الخطوة. كما يتوقع أن تناقش الزيارة ملف الأمن في منطقة الساحل وأفريقيا، والحرب في أوكرانيا ومقترح الوساطة الذي تقدمت به الجزائر، وقضايا التعاون بين البلدين داخل مجلس الأمن الدولي بداية من العام المقبل، حيث تحوز الجزائر على مقعد غير دائم للفترة 2024-2025.
وترتبط الجزائر والصين باتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي وقعت في العام 2014. وفي نوفمبر الماضي، وقع البلدان على الخطة الخماسية الثانية للشراكة الإستراتيجية للفترة 2022-2026، فيما كانت الجزائر قد انضمت إلى الخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق منذ عام 2018، وأيضاً إلى خطة التعاون في المجالات الرئيسية التي تمتد حتى عام 2024.
ع سمير