lالجزائر تتطلّع لبناء شراكة إفريقية-روسية مربحة للطرفين lيجب مساعدة الدول الإفريقية
على تجاوز الديون والحصول على قروض تمويلية
أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس الجمعة، أن الجزائر تعكف اليوم على بناء اقتصاد متنوّع وعصري كفيل بمواجهة كل التحديات وخاصة الأمن الطاقوي، والأمن الغذائي والأمن الصحي، وهي تشهد حاليا تنمية شاملة جعلت منها وجهة استثمارية واعدة بفضل مناخ الأعمال الجديد المشجع للاستثمارات الوطنية والأجنبية، كما أوضح أن الجزائر تتطلع لبناء شراكة إفريقية-روسية، قوية ومربحة للطرفين من أجل بروز نظام دولي عادل، مبرزا الجهود الجزائرية الكبيرة في دعم التنمية في القارة لاسيما للحد من المديونية وتطوير البنى التحتية في العديد من دولها.
و في كلمة قرأها الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، أمس، خلال أشغال القمة الثانية روسيا إفريقيا المنعقدة بمدينة سان بترسبورع الروسية، حضرها رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، و ترأسها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال رئيس الجمهورية، "إن الجزائر وبعد استكمال ورشات إصلاحية كبرى، تعكف اليوم على بناء اقتصاد متنوّع وعصري كفيل بمواجهة كل التحديات وخاصة الأمن الطاقوي والأمن الغذائي والأمن الصحي، وهي تشهد حاليا تنمية شاملة جعلت منها وجهة استثمارية واعدة بفضل مناخ الأعمال الجديد المشجع للاستثمارات الوطنية والأجنبية".
ومنه يؤكد رئيس الجمهورية، أن هذا أدى إلى تقوية الناتج الداخلي الخام إلى 225 مليار دولار ورفع الدخل الفردي إلى أكثر من 4800 دولار، و الجزائر ترمي إلى أن تجاوز نسبة نمو بأكثر من 5 من المائة في آخر 2023 ، مع مديونية خارجية معدومة.
ومن هذا المنطلق أكد الرئيس تبون، أن الجزائر تعول في مساعيها التنموية على علاقات التعاون التي تربطها بشركائها الأجانب بما فيهم روسيا، باعتبارها شريكا استراتيجيا للجزائر، وهو ما تعكسه مرتبة الجزائر كثاني أكبر شريك تجاري لروسيا في إفريقيا، ومختلف الشراكات الثنائية في المجالات الصناعية والفلاحية والعلمية والتقنية، فضلا عن التشاور وتبادل وجهات النظر على مستوى منتدى الدول المصدرة للغاز و "أوبيب بلاس" حول سبل استقرار سوق الطاقة العالمية.
و أشاد رئيس الجمهورية، بنتائج زيارة الدولة التي أداها إلى فدرالية روسيا الشهر الماضي، وأثرها في تقوية العلاقات بين البلدين على كافة المستويات، حيث أكد أنها كانت زيارة تاريخية وناجحة على كل المستويات، وهي أكبر دليل على الإرادة المشتركة للبلدين للدفع بالعلاقات الاستراتيجية بينهما إلى أعلى المراتب.
وقال أنه وفي فترة وجيزة بدأت أولى نتائج هذه الزيارة في البروز حيث تدعمت العلاقات الثنائية بافتتاح رحلة جوية مباشرة بين الجزائر العاصمة وسان بترسبورع في 26 جويلية الجاري بالتزامن مع القمة المنعقدة هناك.
أما بشأن العلاقات والشراكات بين القارة الإفريقية وروسيا فقد عاد رئيس الجمهورية إلى التذكير بالخطوط العريضة للمقاربة الجزائرية الخاصة بالتنمية في أفريقيا حيث ذكر بأنه بالإضافة إلى محو ديون 14 دولة إفريقية والعمل على إعادة هيكلة الديون الموجودة على دول أخرى، وضعت الجزائر عن طريق الوكالة الوطنية للتنمية الدولية للتضامن 1 مليار دولار أمريكي من أجل تمويل المشاريع التنموية على مستوى الدول الإفريقية الراغبة في تمويل مساراتها التنموية، وقد بدأت في تجسيد هذه المشاريع على مستوى دول كالنيجر ومالي.
كما تعمل الجزائر على إنجاز مشاريع ذات بعد تنموي جهوي مع دول الجوار كطريق الوحدة الإفريقية على امتداد 10 آلاف كلم بين الجزائر مالي النيجر تونس وتشاد، وكذا طريق تندوف الزويرات على مسافة 800 كلم بين الجزائر وموريتانيا.
وأكد الرئيس تبون أن رؤية الجزائر لتطوير الشراكة الإفريقية- الروسية لابد أن تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجهها دول القارة وفي مقدمتها مسألة الديون، وقال في هذا الشأن إن دول القارة تسجل كل سنة عجزا بما يقارب 100 مليار دولار في تمويل البنية التحتية، وهي تحديات تفاقمها التحديات الأمنية، ومن جهة أخرى التبعات الوخيمة للمديونية التي بلغت نهاية سنة 2022 أكثر من 1000 مليار دولار أمريكي مقابل 354 مليار دولار في نهاية 2010.
وعليه رافع من أجل مساعدة إفريقيا في تجاوز محنة المديونية وتسهيل الحصول على القروض التمويلية بشروط سهلة أو على الأقل بنفس الشروط التي تفرض على الدول الأخرى، و العمل كذلك على إعادة النظر في المقاربة الحالية الخاصة بحل إشكالية الديون وتقليص خدمة الديون بما يسمح للدول الإفريقية بتجاوز هذا العائق الكبير والولوج في مسارات تمويلية جديدة.
وأضاف بأن تطوير الشراكة الإفريقية- الروسية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات وكذا الطموحات الاقتصادية للدول الإفريقية، وذلك من خلال لا سيما، أولا توسيع التعاون الإفريقي- الروسي وتجسيد فعلي لجوانبه الاقتصادية وفق رزنامة محددة و تقييم ما جرى تطبيقه من اللقاء الأول في سوتشي 2019. ثانيا ضمان مشاركة قوية للاتحاد الإفريقي في هذه العملية على غرار الشراكات الإفريقية الأخرى، ثالثا حفظ ودعم القواعد الأساسية التي تحكم المجتمع الدولي وتعزيز تعددية الأطراف وإصلاح مجلس الأمن الأممي وإنهاء تهميش إفريقيا في عملية صنع القرار الدولي. و رابعا اندماج إفريقيا التدريجي في المبادلات التجارية وسلاسل القيم العالمية من خلال مساهمة الاستثمارات والمشاريع الروسية، و خامسا مساندة إفريقيا في مساعيها لتخفيف وطأة المديونية والاستفادة من تمويل عادل ومستدام لبرامج التنمية. وفي الختام جدد رئيس الجمهورية تطلع الجزائر إلى بناء شراكة إفريقية- روسية قوية ومثمرة مربحة للطرفين وكفيلة بتحقيق تطلعات وطموحات شعوبنا الإفريقية في التقدم والازدهار وفي بروز نظام دولي عادل قائم على احترام مبادئ القانون الدولي وتعددية الأطراف، مشيدا بنص إعلان القمة على ذلك لا سيما من خلال الإشارة إلى محاربة الاستعمار واحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، وجدد التزام الجزائر الراسخ بالدفاع عن قضيتي الشعبين الفلسطيني والصحراوي العادلتين.
إلياس -ب