أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن قانون المالية هو المجال الوحيد الذي يسمح بفتح وتخصيص الاعتمادات المالية بعنوان ميزانية الدولة، وبالتالي فإن استثناء البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية غير ممكن ويؤدي إلى غياب تام للإطار القانوني الذي ستخصص بموجبه الاعتمادات المالية الخاصة بتغطية نفقات البرلمان.
ناقش نواب المجلس الشعبي الوطني في جلسة عامة أول أمس الخميس مقترح قانون تقدم به النواب يقضي باستثناء البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية رقم 18-15، وهذا بحضور وزير المالية لعزيز فايد، ووزيرة العلاقات مع البرلمان بسمة عزوار.
ووفقا لما جاء في عرض المقترح الذي قدمه مندوب أصحابه، الصديق بخوش، فإن الأمر يتعلق بإدخال تعديل على المادة 23 من القانون العضوي 18-15 المتعلق بقوانين المالية تحذف بموجبه كلمة البرلمانية من الفقرة الأخيرة لتصبح «يقصد بالمؤسسة العمومية في مفهوم هذا القانون الهيئات القضائية والرقابية والاستشارية وكل الهيئات الأخرى ذات نفس الطبيعة المنصوص عليها في الدستور».
وبالمقابل يتضمن التعديل المقترح إدراج مادة جديدة هي 23 مكرر «تستثني» البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام هذا القانون، وعلل مندوب أصحاب المقترح هذا التعديل بالاستناد على مبدأ تقييد القانون الخاص للقانون العام، مؤكدا أن تحضير ميزانية البرلمان وتنفيذها وآليات المحاسبة القبلية والبعدية المطبقة عليها تخضع لأحكام النظام الداخلي لكل غرفة، مضيفا بأن ميزانية البرلمان تختلف من حيث إجراءات التحضير والتنفيذ وقواعد المحاسبة بشكل كلي عن نمط الميزانية حسب البرامج المكرسة بموجب القانون العضوي لقوانين المالية.
وأشار في نفس السياق إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاستقلالية المالية للبرلمان المكرسة بموجب القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة.
لكن وزير المالية، لعزيز فايد، أوضح في مداخلة له بعد ذلك أن قانون المالية يبقى المجال الوحيد الذي يسمح بفتح وتخصيص الاعتمادات المالية بعنوان ميزانية الدولة، ومن هذا المنطلق يضيف المتحدث فإن استثناء البرلمان بغرفتيه من تطبيق أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية سيؤدي إلى «حالة غياب تام للإطار القانوني» الذي تخصص بموجبه الاعتمادات المالية الموجهة لتغطية نفقات البرلمان، وسينجر عن ذلك استحالة تطبيق أحكام هذا القانون العضوي على البرلمان سيما تلك التي تنص على فتح الاعتمادات المالية وتحويلها والأحكام الأخرى المتعلقة بالآجال.
وقال بأنه وعلى غرار ما هو معمول به في كل دول العالم فإن البرلمان بغرفتيه يخضع للقانون المؤطر لقوانين المالية، مع تكييف قواعد المحاسبة العمومية لتسيير الغرفتين، موضحا على سبيل المثال بأن القانون رقم 90-21 المتعلق بالمحاسبة العمومية يستثني ميزانيتي البرلمان من تطبيق الرقابة الميزانياتية ورقابة المحاسب العمومي ونص فقط على رقابة مجلس المحاسبة، وأكد بأن الرقابة الميزانياتية ورقابة المحاسب العمومي لم تطبق فعليا على غرفتي البرلمان لا في الماضي ولن تطبق مستقبلا مراعاة لمبدأ الفصل بين السلطات.
واقترح وزير المالية تكييف بعض أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية واستثناء البرلمان من تطبيق بعض الأحكام للتكفل ببعض الصعوبات التي تعرض لها البرلمان هذه السنة.
غير أنه وبعد المناقشة وخلال رده أكد مندوب أصحاب المقترح الصديق بخوش أن القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية في شكله الحالي يصعب تنفيذه على البرلمان وبالخصوص في الشق المتعلق بمؤشرات الأداء وتقييم نجاعة البرامج، وهو ما يستدعي –حسبه- اللجوء إلى إجراءات أخرى تسهل دمج الميزانية التي تعتمدها كل غرفة في قانون المالية.
وحسب مصادر برلمانية فإن أصحاب المقترح سيعمدون إلى تبني صياغة جديدة للمادة المقترحة للتعديل بعد تأكيد وزير المالية استحالة تطبيق ما جاء في المقترح الأولي، على أن يعرض هذا المقترح للتصويت في جلسة عامة الثلاثاء القادم.
إ-ب