قال المشاركون في الملتقى الوطني حول مكافحة الجرائم السيبرانية و الوقاية منها، المنعقد بقالمة، أمس الأحد، بأن الجزائر تتعرض لهجوم سيبراني مكثف يستهدف المؤسسات السيادية للبلاد و الأشخاص من خلال برامج للتجسس والفدية و الاختراق و القرصنة متعددة المصادر و الجهات الخارجية التي تسعى إلى النيل من الأمن المعلوماتي والرقمي و تحقيق أهداف إجرامية.
و قدم المحاضرون في الملتقى، الذي نظمته مصالح أمن ولاية قالمة بالتنسيق مع جامعة 8 ماي 1945، أرقاما مقلقة حول الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها عدة قطاعات حيوية و أشخاص بالجزائر سنة 2023، حيث وصل الرقم إلى 8000 هجوم سيبراني سنويا، مما يزيد من عبء التصدي لهذا الخطر العابر للقارات الذي لا يمكن التحكم فيه و لا يمكن تحديد مصدره و لا الجهات التي تقف وراءه بسهولة.
و تتركز أغلب الهجمات حول سرقة المعلومات و إحداث ثغرات في البرامج، و الاختراق و تصيد البيانات و سرقة الهوية و التنمر و إرسال فيروسات و تشفير البرمجيات بهدف طلب الفدية مقابل الحصول على مفتاح إزالة التشفير، حيث يتم صنع 300 ألف فيروس يوميا حول العالم و استعماله في هجمات التجسس و الاختراق و سرقة البيانات و تخريب الأنظمة المعلوماتية و سرقة الأموال و تمويل الإرهاب و المتاجرة بالأطفال و الهجرة السرية، و تجارة الجنس و العملة الرقمية، و غيرها من الجرائم المرتبطة بالانترنت.
و دعا عبد الغاني دندن من جامعة 8 ماي 1945 بقالمة في مداخلة له إلى ضرورة تعزيز الأمان و الدفاع السيبراني للبلاد، موضحا بأن الأمان السيبراني أو ما يعرف بالأمان الحاسوبي هو ممارسة حماية الأنظمة الحاسوبية والشبكات، و البرامج و البيانات من الهجمات الرقمية، و السرقة، و الضرر و الوصول غير المصرح به لقاعدة البيانات، و ذلك من خلال مجموعة من التدابير و الاستراتيجيات المصممة لضمان سرية المعلومات، و نزاهتها و توفرها في العالم الرقمي، بينما يرتكز الدفاع السيبراني على الممارسات و السياسات و التدابير المتخذة لحماية أنظمة الحاسوب، و الشبكات و البيانات و ضمان بيئة معلوماتية رقمية آمنة.
و خلص المحاضر إلى القول بأنه يتعين على الفرد الجزائري التحلي بالمسؤولية و المساهمة في جهود التوعية و التعليم للوصول إلى أفضل الممارسات في مجال أمن الشبكات، و التمكين من حماية المعلومات الشخصية و فهم تداولات الخصوصية، و هذا أمر حاسم في إنشاء بيئة رقمية آمنة و قوية.
و على مستوى الدولة، يضيف المحاضر، يجب على صانعي السياسات دعم التشريعات المتعلقة بمحاربة هذه الجرائم و الوقاية منها، و وضع الأطر القانونية لأمان الشبكات، و صياغة قوانين فعالة تحمي الأمن الوطني، دون انتهاك الحريات الفردية، و هذه مهمة حساسة كما قال، يجب أن تنال الأهمية و الشفافية حتى تتحقق المرونة في الأمن الرقمي في ظل الطابع العالمي للتهديدات السيبرانية.
و كشف وليد سعيداني مدير الشرطة القضائية بالأمن الوطني عن تعرض أكثر من 12 ألف مواطن جزائري لهجوم سيبراني استهدف هواتفهم الجوالة في ما يعرف بقضية " Lemon Group" التي راح ضحيتها آلاف الأشخاص بنحو 100 دولة.
و أضاف المتحدث بأن الأمن الوطني حصل على تسخيرة من الجهات القضائية و تمكن من تحديد هوية جميع أصحاب الأرقام الهاتفية و تقسيمها حسب كل متعامل، و الهواتف التي تعرضت للهجوم السيبراني و أصبحت مصابة، تم تبليغ أصحابها عبر 58 ولاية، و بموافقة مجموعة من الضحايا على وضع هواتفهم تحت وصاية عناصر الأمن الوطني، تم إجراء تحليل للبرامج الخبيثة التي يحتمل أنها مست هواتفهم.
و تطرق المحاضر إلى قضية أخرى عالجتها الشرطة الجزائرية تتعلق بتعرض إحدى الشركات الوطنية إلى اختراق سيبراني مس نظامها المعلوماتي باستعمال برنامج الفدية "Ransamware" لتشفير معطياتها باستخدام الحساب الالكتروني الخاص بالشركة، و طلب من الشركة تقديم مبلغ مالي مقابل فك التشفير، مع السيطرة على علبة البريد الالكتروني و الحساب المستخدم في الولوج الى النظام المعلوماتي للشركة.
و دعا مدير الشرطة القضائية بالأمن الوطني إلى اليقظة الإلكترونية لمواجهة المخاطر السيبرانية و تشكيل بيئة رقمية آمنة في جميع المجالات، مؤكدا بأن الفرقة المركزية لمكافحة المساس بأنظمة المعلومات تقوم بجهود كبيرة في هذا الإطار للقيام بالتحقيقات في الجرائم المرسلة من قبل الانتربول، و معالجة قضايا القرصنة بواسطة البرامج الخبيثة، و برامج الفدية، و معالجة قضايا التصيد الاحتيالي "Fhishing" و القضايا المتعلقة بتغيير واجهة المواقع " Défacement"، و قضايا توقيف الخدمة "Dos attak" و دعم اليقظة التكنولوجية، و معالجة قضايا القرصنة أو التسلل إلى أنظمة الإعلام الآلي " hacking".
و تجدر الإشارة إلى أن الملتقى الذي يدوم 3 أيام و أشرفت عليه والية قالمة حورية عقون عرف مشاركة أجهزة الأمن من عدة ولايات إلى جانب الدرك الوطني و القضاء و أساتذة جامعيين متخصصين في القانون وأنظمة المعلومات والشبكات.
فريد.غ