الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

جيل جديد يكتشف أصل القضية الفلسطينية علـــى مـــواقــــع التواصــل: سهـــم الحقيقــــة يختــــرق السرديــة الصهيونية

أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية الحرب على غزة شرخا في السردية الصهيونية، وذلك بإفراغ خطابها من حزمة الأساطير والأكاذيب التي روّج لها الاحتلال طوال عقود، ليكتشف جيل جديد أصل القضية الفلسطينية و يعيد قراءة القصة من زاوية أخرى أكثر وضوحا، بفضل المحتوى المركز الذي يقدمه مدوّنون مشاهير، وصحفيون من قلب الحدث نشروا حقيقة الإبادة التي يرتكبها المحتل ضد المدنيين العزل والأطفال، وصولا إلى التهجير  و المجاعة المفتعلة، وهو ما أسقط أكذوبة الدفاع عن النفس.

  إيناس كبير 

ساهم استثمار مؤثرين عرب في منصات وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة نضالية إعلامية لنشر الحقيقية، في تراجع احتكار الظهور الإعلامي الداعم للصهيونية، والذي لطالما حاول تغييب الرواية الفلسطينية وتشويه الغاية من نضال الفلسطينيين، حيث تمكن نشطاء شباب من نقل صورة الحرب على غزة إلى كل العالم، وكشف الحقائق ونقل الواقع مستعرضين جرائم الاحتلال الصهيوني الذي يرتكبها بشكل يومي، فضلا عن تصوير ظروف نزوح العائلات وحياتهم الصعبة في الخيم التي تفتقد إلى أبسط ضروريات الحياة، ومن هنا بدأت تظهر إشارات التغير في الرّأي العام الغربي الذي أبدى تضامنًا مع القضية الفلسطينية، فيما اعتبره مختصون في الشأن السياسي تحولا غير مسبوق في نظرة جيل من الغربيين للقضية الفلسطينية.
كرونولوجيا الصراع
بعد أحداث السابع من أكتوبر ركزت وسائل إعلام غربية أجندتها على رواية تَعَرُّض مدنيين وأطفال ونساء للقتل وبدون تمييز في حفل موسيقي، رغم اكتشاف التلفيق في هذه الحادثة، ما أدى إلى ارتفاع أصوات تؤيد الجانب الإسرائيلي، فيما كان سؤال «هل تدين حماس؟» محورا رئيسيا للبرامج الحوارية، وبلاطوهات التحليلات السياسية العبرية والغربية.
وقد أجازت هذه السردية لآلة الدم الصهيونية فتح النار على كل ما هو فلسطيني داخل قطاع غزة، وتحويل الجريمة إلى دفاع عن النفس، إلى غاية أن تفطن مؤثرون و نشطاء عرب على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا «إنستغرام» ومنصة «إيكس»، لما يحدث وتغيير التوجه من حصر المحتوى المنشور في نقل الأخبار ونشر صور القتل والتشريد، إلى التركيز على توفير معلومات تاريخية سياسية عن القضية الفلسطينية للرأي العام الغربي، والتركيز خصوصا على إقناع المشاهير من ممثلين وإعلاميين فضلا عن المؤثرين الغربيين وكسب دعمهم من خلال  توضيح أصل الصراع العربي الصهيوني.
وقد جاء في ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات، للباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني والعلاقات الدولية، طارق حمود، بأن تحول الرأي العام الدولي مر بمرحلتين، فخلال الأيام الأولى للحرب كان ملحوظا طغيان رواية الاحتلال في الغرب، التي جرفت معها الرأي العام المتضامن مع فلسطين أيضا، عندما شغلته بالتأكيد على السياق الطويل والممتد للانتهاكات الإسرائيلية التي رُوج بأنها كانت سببا في انفجار طوفان الأقصى، وعقب المتخصص في الشأن الفلسطيني، بأن داعمي هذا الرأي شارفوا على الوقوع في فخ إدانة السابع من أكتوبر، وأرجع ذلك إلى غياب رواية تفصيلية من الجانب الفلسطيني وحركة حماس على وجه التحديد.
وأوضح طارق حمود، بأن الاتجاه الثاني في الرأي العام الغربي بدأ يتشكل مع تزايد القناعة بتجاوز الانتقام الإسرائيلي حدوده المعقولة، وهو ما أدى لفقدان الراوية الإسرائيلية زخمها، خصوصا في ظل وجود جريمة موثقة لا يمكن نكرانها بحق الشعب الفلسطيني.
طوفان المؤثرين العرب يُغرق الرواية الكاذبة
على الجانب الآخر، شن مؤثرون عرب من صُناع محتوى في مختلف المجالات خصوصا المترجمون، ومركبو الفيديو، و المصورون والإعلاميون وتحديدا من يقيمون في دول أجنبية، حملة أطلقوا عليها «طوفان المؤثرين العرب»، فعلوها بقوة عبر حساباتهم على «إنستغرام» و«تلغرام» ومنصة «إيكس»، استهدفت مشاهير وممثلين أجانب.
 وقد ركزت الحملة على تكثيف النشر بلغات أجنبية مختلفة خصوصا باللغة الفرنسية، الإسبانية والألمانية، حيث تداولوا فيديوهات تناولت التاريخ الصحيح لفلسطين، وحثهم على البحث عن أصل الصراع حول هذه الأرض، فضلا عن السبب الذي دفع بعض اليهود لتبني الفكر الصهيوني والترويج له، وقد برزت كل من صانعة المحتوى آلاء حمدان، والإعلامية المغتربة منى حوا، في هذه الفترة وشاركتا مقالات تحليلية، ومعلومات تاريخية، فضلا عن تحليل ما جاء في تصريحات بعض قادة الكيان و دلالتها والدافع من وقوف بعض الدول إلى جانب المحتل ودعمه.
فيما اختار آخرون على غرار المصور الصحفي معتز عزايزة، والصحفي صالح الجعفراوي، والصحفية بيسان، حمل كاميراتهم والتوجه لتغطية الحرب والانفجارات التي تحصل في كل المناطق بغزة، وانتشرت فيديوهات صالح الجعفراوي التي وثقت لجرائم الاحتلال داخل مستشفيات غزة، وقصفها و خلفت صدى واسعا في كل العالم.
فيما تفاعل الآلاف مع فيديو الصحفية بيسان، عندما نشرت بأنها اضطرت لقص شعرها الأسود المجعد الذي كانت تحبه كثيرا، بسبب فقدانها لمنتوجات العناية به في منزلها عندما نزحت منه.
معتز عزايزة الشاب الذي كان يسير بين الخراب، بكاميرته وخوذته وسترته الشهيرة، نشر هو الآخر مؤخرا فيديو مؤثر ظهر فيه وهو ينزع سترته تأهبا للنزوح من قطاع غزة، المنشور الذي حقق تفاعلا كبيرا، وعلق على الفيديو قائلا «أرفض أن تتحول المأساة الفلسطينية إلى مجرد محتوى للمشاركة، ثم تتوالى الأيام من دون أن يتغير شيء»، وقد شكل هذا الفيديو وسيلة ضغط كبيرة، ليخبر العالم من خلاله بأن الوضع في غزة أصبح لا يُطاق ويخاطبه لوقف الإبادة والقصف الهستيري الذي لم يتوقف منذ السابع من أكتوبر.
فيما لم يتوان الاحتلال عن مواجهة جرائمه الموثقة التي شاهدها كل العالم على المباشر، في لعب ورقة أخرى اعتقد بأنها ستكون رابحة، ملفقا للمقاومة في قطاع غزة أكاذيب عن اغتصاب أسيرات، وتصفية أسرى كانوا محتجزين على يد حماس.
 ليواجه بعدها مأزقا أخلاقيا، بعد إعادة تداول صور الأسيرات والأسرى على مواقع التواصل الاجتماعي والتركيز على صحتهم النفسية والجسدية التي بدت بأنها جيدة، فضلا عن تفاعلهم الإنساني مع المقاومين الفلسطينيين، بالمقابل قارن المستخدمون بينها وبين صور الأسرى الفلسطينيين خصوصا الأطفال الذين ظهروا في حالة مزرية و كشفوا عن تعرضهم للتعذيب في سجون الاحتلال.
الدحيح ومقابلة باسم ضربة قاضية للإعلام المتحيز
حققت حلقة «فلسطين حكاية الأرض» التي قدمها «اليوتيوبر» المصري أحمد الغندور في برنامجه الدحيح، تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداولها على نطاق واسع، فضلا عن اقتباس أجزاء منها وعبارات أُعيد نشرها.
ورصد الغندور خلال الحلقة التي حصدت حوالي 7 مليون مشاهدة في اليوم الأول من بثها، ما وصفه بالقصة المزورة للسردية الصهيونية، من خلال الاستشهاد بمصادر إسرائيلية تناولت الصراع العربي الإسرائيلي ونشأة الدولة الصهيونية في عام 1948.
وبدأت الحلقة بمشاهد لأحد المنتجعات السياحية الإسرائيلية على شاطئ البحر المتوسط، بين يافا وحيفا، ليبيّن الغندور لاحقاً بعرض الخرائط وصور الأقمار الصناعية الحديثة، أن تلك المنتجعات «بُنيت فوق مقابر جماعية وساحات إعدام للمئات من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، على يد ميليشيات صهيونية متطرفة، أورد شهادات حية لبعض من شاركوا في المجزرة خلال الحلقة».
وتساءل الدحيح «كيف تزعم إسرائيل أنها تمثل الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ومع ذلك تسن ما يعرف بقانون النكبة الذي يعاقب أي مواطن إسرائيلي يخالف الرواية الرسمية لتل أبيب حول النكبة الفلسطينية بقطع الدعم الحكومي عنه، ومحاصرته مهنياً وإعلامياً؟».
من جهته، لقي لقاء الإعلامي المصري باسم يوسف، مع مقدم البرامج الحوارية البريطاني بيرس مورغان، إشادات كبيرة، وحصد ملايين المشاهدات عربيا وعالميا، وقد تناول اللقاء الأوضاع في قطاع غزة والانتهاكات الممارسة ضد الفلسطينيين، كما طرح فيه الإعلامي المصري أسئلة تدور في ذهن كل عربي وداعم للقضية.
وتطرق يوسف إلى تساؤل جاء فيه «إذا كانت إسرائيل تحمل السلام إلى غزة لماذا الفلسطينيون في الضفة الغربية والأراضي المحتلة لا يحظون به»، وأضاف في سياق رده الساخر على سؤال للمذيع «الحل لهؤلاء الفلسطينيين هو الذهاب إلى أرض سيناء الواسعة والعيش في مخيمات بشكل مؤقت، حتى نقوم بإعادة بناء غزة ومن ثم نقوم بإعادتهم إليها، نعم لقد شاهدنا هذا الفيلم قبل اليوم».
انتهاكات رقمية لإسكات الرواية الفلسطينية
لوحق المحتوى المؤيد للقضية الفلسطينية الكاشف لصور المجازر والحرب على غزة، عبر كل المنصات التفاعلية وعرف تضييقا كبيرا، فقد حُجبت كل الصور التي نشرت ما يجري في غزة، كما تعرضت عدة حسابات وصفحات خصوصا على فيسبوك للحجب أو الحظر الكلي، زعما من شركة «ميتا» بأنها خالفت قانون النشر المكرس في الموقع.
كما منعت الخوارزميات كتابة بعض الكلمات مثل «فلسطين، حماس، المقاومة، طوفان الأقصى» ما دفع بمستخدمي هذه المواقع إلى الاعتماد على تقسيم الحروف برموز، أو استبدال كلمة فلسطين بصورة البطيخ.
وبسبب بروز دور الإعلام الإلكتروني في الوقوف ضد السردية الصهيونية المزيفة، وفضح جرائم الاحتلال بشكل لافت، فقد لاحق الكيان الصهيوني العديد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي واعتقل واستُجوِب العديد منهم بناء على منشورات على المنصات «كفيسبوك» و«إنستغرام» وغيرها، وشملت تلك المنشورات انتقادًا للحكومة الإسرائيلية أو التعبير عن دعم للحقوق الفلسطينية.
انتقام من صوت الحقيقة

وفي هذا السياق قال البروفيسور في الإعلام والاتصال، عطاء الله طريف، بأن مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها ساهمت في كشف الصورة المرعبة للمأساة التي ارتكبها الاحتلال في غزة، مؤكدا على صور أشلاء الاطفال تحت الأبراج المتعرضة للقصف، وعقب عطاء الله قائلا « رغم ذلك مازلنا منذ بداية الحرب نرى التعتيم والمنع وتوقيف وتعطيل حسابات الفيسبوك، لكل من يتداول بالنشر أو التعليق أو حتى يذكر اسم "غزة"، وأردف بأن قوة الانتشار والآنية التي توفرها وسائط الإعلام الجديدة جعلت من الصعب إخفاء حقيقة الأحداث لأنها تعاصر اللحظة وتعيش بعيدا عن يد الرقابة.
هذا التأثير القوي للصورة على السردية الصهيونية، التي هدمتها المنصات جعلت الاحتلال الصهيوني يقابلها بالانتقام من الصحفيين المتواجدين في الميدان، فمنذ حربه فاق عدد الصحفيين الشهداء المئة، بل وتابعت آلة القتل الصهيونية أهاليهم أيضا، يضيف البروفيسور، هذا ما يؤكد على أن الحرب الأولى كانت ضد الصورة لمنع تناقلها وتوثيقها وذلك إخفاء لحقيقة ما يدعيه الكيان حول السلام.
ويرى الأستاذ بجامعة الأغواط، بأن النشطاء الرقميين هدموا السردية الصهيونية التي تدعي الدفاع عن النفس في حربها ضد الشعب الفلسطيني في غزة واعتداءاتها اليومية بالضفة الغربية، مضيفا بأن المحتوى الرقمي ساعد في نشر مشاهد استغاثات الجنود الذين تم أسرهم في السابع من أكتوبر إلى الرأي العام الصهيوني أيضا، مما أجج الحركات الاحتجاجية داخله و المطالب برحيل وإقالة حكومة حزب «الليكود»، والتوجه إلى صفقة شاملة تهدف إلى تبييض السجون من الفلسطينيين الذي يقبعون فيها منذ سنوات، مقابل إطلاق سراح الأسرى لدى المقاومة، فالرواية الإسرائيلية لم  تعد قوية في رأيه.
وأضاف، بأن تكنولوجيا الإعلام الجديد، أدت دورها أيضا في جمع أكبر قدر من الأدلة ضد وقائع الإدانة الصريحة التي استغلتها جنوب إفريقيا، لجر الاحتلال الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية بهولندا وإدانته بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني بفضل ملف مثقل بالأدلة، الأمر الذي جعلها تحذر من الوضع وتطلب إجراءات استعجالية قصد إدخال المساعدات وتوقيف مظاهر القتل للشعب الفلسطيني مع طلب تقرير خلال شهر يقضي بعرض التدابير الاستعجالية لحماية الشعب الفلسطيني، ريثما يتم إسناد الأمر لمجلس الأمن الدولي قصد إيجاد الآليات الكفيلة بتطبيق فحوى ما جاءت به محكمة العدل لصالح فلسطين.
إيناس.ك

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com