يتوجه نحو 24 مليون ناخب، اليوم السبت، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس يتولى سدة الحكم خلال السنوات الخمس القادمة، في وقت يتواصل تصويت أفراد الجالية بالخارج، ويتنافس على الفوز بأصوات الجزائريين في الانتخابات الرئاسية ثلاثة مرشحين هم عبد العالي حساني شريف رئيس حزب حركة مجتمع السلم، و المترشح الحر عبد المجيد تبون، ويوسف أوشيش الأمين الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية.
ومن المقرر أن يتم فتح مراكز الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا إلى السابعة مساء، مع إمكانية التمديد بقرار من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات نظرا لدرجات الحرارة العالية وعدم تمكن الناخبين خاصة في منطقة الجنوب من التصويت في الفترة المحددة خلال النهار، إلى جانب إعطاء أكبر فرصة ممكنة للناخبين قصد الإدلاء بأصواتهم.
ودخل المترشح الحر عبد المجيد تبون، الانتخابات بشكل مستقل، وحمل برنامجه الانتخابي شعار «من أجل جزائر منتصرة»، حيث تعهد بمواصلة مسار بناء الجزائر الجديدة خلال فترته الرئاسية الثانية في حال الفوز، والتي ستكون عهدة اقتصادية بامتياز، بينما يرفع المرشح يوسف أوشيش شعار «رؤية للغد»، ويعد بمنح الكلمة للشعب في كل القرارات المصيرية للبلاد، وإرساء بنية اقتصادية قاعدتها الكفاءة والشفافية، أما مرشح «حمس» عبد العالي حساني شريف فيرفع شعار «فرصة»، متعهدا بإحداث التغيير من أجل بناء دولة صاعدة تنعم بالتنمية والاستقرار والرخاء.
وأعلنت مديرية حملة مرشح حركة «حمس» عبد العالي حساني، أنه سيدلي بصوته في مدرسة ابتدائية تقع ببلدية بئر خادم، بالضاحية الجنوبية للعاصمة، حيث يقيم ابتداء من الساعة العاشرة صباحاً. أما إدارة حملة أوشيش، فذكرت أنه سينتخب في بوغني بولاية تيزي وزو، مسقط رأسه. من جهته، سيدلي الرئيس تبون بصوته في بلدية سطاوالي بالضاحية الغربية للعاصمة.
وتحسبا للانتخابات الرئاسية، تم تأجيل كل الفعاليات الرياضية والثقافية مع إعادة برمجتها في تواريخ لاحقة، وغلق الأسواق الأسبوعية بكل أنواعها، مع منع سير مركبات نقل البضائع، إضافة إلى منع نقل البضائع عبر السكك الحديدية، باستثناء التموين العادي للسكان بالمواد الغذائية وكذلك الأسواق اليومية.
كما اتخذت بدورها المديرية العامة للحماية المدنية جملة من التدابير الوقائية والعملياتية لضمان السير الحسن للانتخابات الرئاسية، حيث قامت المصالح التقنية والوقائية التابعة للمديرية العامة للحملة المدنية رفقة مصالح البلديات والمدراء التقنيين والشؤون العامة للولايات ومدراء الادارة المحلية بزيارات وقائية وامنية على مستوى مجمل مراكز الاقتراع للوقوف على «مدى جاهزية هذه المراكز والحرص على مطابقتها لشروط الأمن والسلامة المنصوص عليها قانونا»، بالإضافة إلى قيام الأعوان المسخرين في مختلف المراكز ومكاتب الاقتراع بدوريات لمراقبة جميع الإجراءات الأمنية.
وكان أفراد الجالية الجزائرية بالخارج قد شرعوا في التصويت منذ الاثنين الماضي، لتختتم نهار اليوم مع إغلاق المكاتب، كما بدأ الناخبون من البدو الرحل في المناطق الحدودية، بالتصويت يوم الثلاثاء، ضمن المكاتب المتحركة التي تتنقل إلى أماكنهم في التجمعات السكانية النائية. وقد جهزت السلطات أكثر من 134 مكتب تصويت متحركاً لخدمة البدو الرحل في 51 بلدية، موزعة على 16 ولاية. و يبلغ عدد الناخبين المسجلين في هذه المكاتب أكثر من 116 ألف ناخب.
وحسب الأرقام التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإن الهيئة الناخبة تحصي 24.351.551 مسجلا من بينهم 23.486.061 ناخبا داخل الوطن موزعين على 47 بالمائة نساء و53 بالمائة رجال، فيما بلغت نسبة المسجلين أقل من 40 سنة 36 بالمائة. وبالنسبة لأفراد الجالية الوطنية بالخارج، تقدر الهيئة الناخبة بـ 865.490 ناخبا (45 بالمائة
نساء و55 بالمائة رجال)، فيما بلغت نسبة الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة,15.43 بالمائة، وتؤطر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الهيئة الناخبة في الخارج عبر117 لجنة.
تدابير لضمان نزاهة الاقتراع
وحرصت السلطة الوطنية للانتخابات على منح ضمانات بشأن نزاهة العملية الانتخابية، وعلى احترام خيار الناخبين، حيث أكد رئيس اللجنة، محمد شرفي، أن توفير الشروط التنظيمية بمقاييس دولية للعملية الانتخابية يمثل ضمانا إضافيا لنزاهة الانتخابات ومعيارا لمصداقيتها. كما أشار إلى أن المندوبيات المحلية بسلطة الانتخابات تمثل “الحلقة الأساسية في بناء إدارة انتخابية تنشط بمعايير دولية وقوانين تضمن مصداقية ونزاهة الانتخابات”. وجدد محمد شرفي التأكيد على أن تهيئة شروط نزاهة الانتخابات والاختيار الحر للمواطن في الاستحقاقات المقبلة يعد التزاما صريحا من أعلى سلطة في البلاد.
وبهذا الخصوص، قال أستاذ القانون الدستوري رشيد لوراري، إن القانون يضمن بشكل كامل حرية المواطنين في ممارسة حقهم الانتخابي في جو من السكينة والهدوء والأمان مؤكدا أن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وضعت جملة من الآليات لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
وأوضح لوراري، أن التحدي الكبير يتمثل في ضمان مشاركة قوية ومكثفة للمواطن في العملية الانتخابية التي ستعكس مدى مستوى الوعي السياسي للمجتمع. وأشار المتحدث ذاته إلى الإجراءات المفروضة والجوانب المادية التي سخرتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات قصد إنجاح العملية الانتخابية في ظروف عادية تسمح للناخبين اختيار من يقود البلاد.
وأضاف لوراري أن السلطة تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة باعتبارها الهيئة التي تتولى الإشراف على الفعل الانتخابي منذ بدايته إلى نهايته بجميع مراحله حتى تجري العملية في كنف من الشفافية والنزاهة.
وأكد المتحدث أن السلطة وضعت جملة من الآليات بغرض نزاهة العملية الانتخابية ورد الاعتبار للفعل الانتخابي والهيئات المنتخبة. كما ذكر الخبير الدستوري، أن القانون يجرم كل إعاقة للممارسة الانتخابية وكذا التجاوزات المرتكبة على مستوى مكاتب التصويت، وهذه التجاوزات يجب تدوينها من قبل المراقبين في محضر الفرز.
وأجمع المتتبعون على نجاح حملات المرشحين الثلاثة للرئاسيات، وهو ما برز خلال التجمعات الانتخابية والتجاوب الكبير خاصة في أوساط الشباب، مع تركيز المترشحين على البرامج بعيدا عن التراشق السياسي وهو ما منح الرئاسيات الحالية ميزة خاصة حيث ساد الحملة الانتخابية جو من الهدوء والرزانة السياسية وفضل المترشحون التركيز على البرامج والأفكار بعيدا عن الصراعات السياسية والخلافات الأيديولوجية.
دعوات للإقبال بقوة على صناديق الاقتراع
وعشية انطلاق الانتخابات، توالت النداءات من سياسيين وفاعلين في المجتمع المدني، التي تدعو الجزائريين للتوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع، وسط توقعات بمشاركة قوية خلال الاستحقاق الرئاسي، وبهذا الخصوص دعا مكتب مجلس الأمة الجزائريين إلى التوجه بقوة نحو صناديق الاقتراع والتصويت المكثف على مرشحهم الأنسب للمساهمة في تمتين الجبهة الداخلية والتصدي لكل المؤامرات التي تحاك ضد بلدهم ومواقفها السيدة.
وجدد مكتب المجلس التأكيد على أن «الشعب الجزائري الأبي، وهو أمام استحقاق انتخابي هام، على مقربة من الاحتفاء بسبعينية ملحمة الفاتح من نوفمبر 1954 المجيدة وما تمثله من رمزية وعظمة تضحية وكبرياء، لن يتردد في القيام بواجبه الوطني وتوجيه رسالة قوية وواضحة بأن الجزائر كانت وستبقى سيدة شامخة بفضل بناتها وأبنائها الحافظين لعهد نوفمبر المجيد».
بدوره دعا عميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني، أمس، الجزائريين للمشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية، وخلال خطبة صلاة الجمعة، قال الشيخ القاسمي، “أدّوا واجبكم الوطنيّ وشاركوا جماعيّا في اختيار وليّ الأمر الّذي تثقون في صلاحه”. مضيفاً أنه “من مظاهر النظام في شريعة الإسلام أنه جعل في كلّ جماعة من الأمّة قائدا يرعاها، يعمل لخيرها ويسهر على مصالحها والولاية على الأمّة أعظم المناصب في رعاية الحقوق والواجبات، بالأمانة والعدل”.
وأردف عميد جامع الجزائر قائلاً، “ليكن وقوفكم صفّا واحدًا، اليد في اليد، في مواجهة التحدّيات، والعمل لإحباط المخطّطات الّتي يسعى لتحقيق أهدافها من يتربّصون ببلادنا الدّوائر، ويستهدفون سلمها الاجتماعي، بتهديد أمنها القومي”.
ويكتسي الاستحقاق الانتخابي المقبل، في نظر المحللين أهمية بالغة بالنظر إلى التحولات الجيوسياسية والإستراتيجية في القارة الإفريقية وعلى حدود الجزائر، مما يعطي دفعا قويا لمؤسسات الدولة وللرئيس القادم ما يزيد من أهمية المشاركة القوية للمواطنين لتحسين مؤسسات الجمهورية ومنحها الشرعية الشعبية خاصة في ظل موجة الاستعداء ضد الجزائر ومحاولات التشويش عليها سواء عبر الحدود أو في وسائل الإعلام.
كما أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ستمنح صورة أن المواطن الجزائري متمسك بالمسار الدستوري وقوة وشجاعة شرعية الرئيس القادم، كما تعكس وحدة واستقرار الشعب الجزائري والتمسك بمؤسساته. كما ستكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بمثابة أرضية يعتمد عليها الرئيس المقبل في تأكيد قوته وشرعيته الشعبية، مما يمكنه من اتخاذ القرارات والسياسات التي تصب في مصلحة الوطن.
ع سمير
العملية الانتخابية بالأرقام
في ما يلي العملية الانتخابية للرئاسيات بالأرقام حسب المعطيات التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
- الهيئة الناخبة : 24.351.551 ناخبا.
- الهيئة الناخبة في الداخل : 23.486.061 ناخبا.
- الهيئة الناخبة في الداخل حسب الجنس : 53 بالمائة رجال و47 بالمائة نساء.
- الهيئة الناخبة في الداخل حسب الفئة العمرية : 36 بالمائة أصغر من 40 سنة.
- الهيئة الناخبة في الخارج : 865.490 ناخبا.
- الهيئة الناخبة في الخارج من حيث الجنس : 55 بالمائة رجال و45 بالمائة نساء.
- الهيئة الناخبة في الخارج حسب الفئة العمرية : 15.43 بالمائة أقل من 40 سنة.
- الهيئة الناخبة بمكاتب التصويت المتنقلة : 116064 ناخبا.
- عدد مكاتب التصويت المتنقلة : 134 مكتبا.
- الولايات التي تتضمن مكاتب تصويت متنقلة : 16 ولاية.