احتفت ديار أث بريمة، بقرية هيفدجغين ببلدية إشمول بأعالي الأوراس بولاية باتنة، برأس السنة الأمازيغية بجمع مواطنين من مختلف القرى والمداشر لثلاث ولايات لإحياء موروث ينار لدى أهل مناطق الشاوية، وكانت المناسبة فرصة لاستذكار البطولات والمآثر التاريخية، للمنطقة التي كانت شاهدة على ملاحم اندلاع الثورة التحريرية التي فجرها القائد الشهيد البطل مصطفى بن بولعيد.
يـاسين عـبوبو
ويروي ابن المنطقة عبد الكريم بريمة لـ « النصر»، وهو أحد أصحاب مبادرة إحياء يناير بهيفدجغين، بأن الموقع الجغرافي للقرية يسمح بجمع والتقاء المواطنين من عديد القرى المجاورة لبلديات ولايات باتنة وخنشلة وبسكرة، منها إشمول وإينوغيسن ويابوس وشليا وبوحمامة وأولاد فاضل، وأريس، وتيغانمين، وغسيرة، ويتغرغار، وبانيان ومشونش، وأكد محدثنا الذي يعد من أعيان المنطقة، بأن مناسبة ينار التي تم الاحتفاء بها بقرية هيفدجغين صنعت الألفة الاجتماعية بين سكان عديد القرى.
واعتبر عبد الكريم بريمة، بأن إحياء الذكرى بمنطقة هيفدجغين له أبعاد تاريخية وتنموية فضلا عن الألفة والتآخي بين أهالي مختلف قرى مناطق الأوراس، وقال بأن المناسبة هي استذكار لملاحم تاريخية لثورة التحرير التي كان الأوراس مهدا لانطلاق شراراتها الأولى، وأضاف المتحدث، بأن إحياء ينار بقرية هيفدجغين لأول مرة ينعش ذاكرة المنطقة ويهدف لإعادة إعمارها، خاصة بعد أن عرفت هجرة وهي التي كانت في ما مضى آهلة بأزيد من 120 عائلة تعيش في سكنات شيدت بأيادي أهلها من الحجارة والطين، وكانت تضم زاويتين لتعليم القران ويرفع فيها أذان الصلوات الخمس.
وعلى غرار قرية هيفدجغين، التي احتفت بينار فقد تزينت شرفات غوفي ببلدية غسيرة جنوب ولاية باتنة، بألوان مختلف الأطباق والألبسة التقليدية، حيث أشرفت السلطات العمومية للولاية على افتتاح معرض للصناعات التقليدية على مستوى الموقع السياحي والأثري لشرفات غوفي، وتم بالمناسبة أيضا تدشين مشروع للتهيئة الحضرية.
إعداد طبق إرشمن وممارسة ألعاب هاكورث والمجبذ
وتخللت احتفالات ينار بمناطق الأوراس، نشاطات ثقافية وفكرية أبرزها مظاهر توارثتها العائلات الشاوية عن الأجداد، على غرار إعداد أطباق “إرشمن” و الشخشوخة و الغرايف وأكلات أخرى، بالإضافة لإحياء بعض الألعاب مثل ”هكورث” و” المجبذ”، و تنظيف وتجديد محتويات البيوت تيمنا بسنة جديدة تحمل الخير.
وارتأت بذات المناسبة جمعيات في مختلف ربوع الأوراس، تنظيم برامج متنوعة حفاظا على موروث ينار، وما إن يحل أول ينار أو كما يصطلح عليه البعض الآخر يناير أو أمنزون نينار، وهي مسميات تعني كلها رأس السنة الأمازيغية، حتى تستعد العائلات الشاوية بمنطقة الأوراس للاحتفال بالمناسبة و قد تنوعت وتعددت مظاهر الاحتفالات هذه المرة بتنوع عادات وتقاليد مختلف المناطق، غير أن جل العائلات تحافظ على قواسم مشتركة، ومن بين هذه العادات التي لا تزال متأصلة لدى الكثير من العائلات، خاصة بالمناطق الريفية هي تنظيف البيوت و بالأخص تجديد أحجار مواقد الطهي بالمداخن، أو كما تعرف بـ ”المناصب” أو “هيمنين”.
بالإضافة إلى ما ذكر، تقوم النسوة بتنظيف بيوتهن، تيمنا بحلول سنة تحمل الجديد، ويرتبط التقويم الأمازيغي، كما أكد مؤرخون وباحثون بمناسبة إحياء التظاهرة، بانتصار القائد الأمازيغي شيشناق واعتلائه كرسي الفرعون بمصر سنة 950 قبل الميلاد، بالإضافة إلى ارتباط التقويم بالنشاط الفلاحي والتغير المناخي.
ومن بين أبرز المظاهر الاحتفالية بحلول ينار رأس السنة الأمازيغية لدى العائلات الأوراسية، إلى جانب تنظيف البيوت، وإعداد الأطباق والأكلات التقليدية، ومن بين هذه الأطباق التي تعدها العائلات طبق” “إرشمن”، المكون بالأساس من القمح، بالإضافة إلى الحمص والكليلة، وهو الطبق المرتبط إعداده برأس السنة الجديدة ينار، كما تحضر العائلات أكلات أخرى، كالشخشوخة والبركوكس أو العيش بالقديد أو الخليع، والغرايف.
وتباينت الاحتفالات بمناطق الأوراس، حيث يتم إحياء ألعاب كانت تقام قديما وبعضها مرتبط بحلول شهر الربيع “هافسوث”، ومن أبرز هذه الألعاب لعبة هاكورث التي تشبه لعبة الهوكي الأمريكية، حيث يتواجه فريقان ويستخدمان العصي في جر كرة مصنوعة من جريد النخيل، ومن بين الألعاب أيضا التي تم إحياؤها أيضا لعبة المجبذ وهي عبارة عن تنافس فريقين يقومان بجذب حبل كل في جهته، إلى أن يفوز أحدهما.