الأحد 2 مارس 2025 الموافق لـ 2 رمضان 1446
Accueil Top Pub

استخدم ملف الهجرة كورقة ضغط على الحكومة الفرنسية: اليميـن المتطـرّف يقـود العلاقـات مع الجزائـر إلى طريـق مسـدود

 نجح التيار اليميني المتطرف في فرنسا في اختطاف مقاليد القرار في كل الملفات التي تخص الجزائر، واستحوذ على كل مراكز القرار في عديد الدوائر الوزارية، ما أسهم في تردي العلاقات بين البلدين التي تعيش أصعب فتراتها بسبب ممارسات اليمين المتطرف الذي نجح في تدمير كل التفاهمات التي تم التوصل إليها خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر، وتمكن من تحويل ملف الهجرة إلى أداة لاستهداف الجزائر والجالية الجزائرية في فرنسا.
من المرجح أن يستمر جمود العلاقات بين البلدين في الفترة المتبقية من حكم إيمانويل ماكرون في الإليزي، في ظل الضغط الذي يمارسه اليمين المتطرف على الحكومة ورغبة رئيس الوزراء في الاحتفاظ بمنصبه وتفادي شبح إسقاط حكومته، ما يدفعه إلى التقرب أكثر من اليمين المتطرف، الذي بالمقابل أبدى رضاه عن توجه الحكومة الفرنسية نحو مراجعة اتفاقية الهجرة لعام 1968، والذي يعد من مطالب اليمين بتياريه المحافظ والمتطرف.
وقد تمكن التيار اليميني المتشدد في الحكومة الفرنسية الذي يقوده وزير الداخلية ووزير العدل فرض تصوره لإدارة الأزمة مع الجزائر، على حساب جماعة اليسار المشكل من مانويل فالس، إليزابيت بورن وإيريك لومبارد (وزير الاقتصاد)، الداعين لمعالجة هادئة لهذه الخلافات. كما اصطف رئيس الوزراء، فرانسوا بايرو إلى جانب وزير الداخلية برونو روتايو الذي يقود حملة التشويه ضد الجزائر ومؤسساتها ويروج لأكاذيب وادعاءات بخصوص اتفاقية الهجرة خدمة لأغراض سياسية شخصية.
ويبرز في الفترة الأخيرة تنامي دور اليمين المتطرف في فرنسا ونجاحه في فرض توجهه على العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهو ما أكده البيان الأخير لوزارة الخارجية، الرافض ”المهل والإنذارات والتهديدات،” في إشارة إلى مهلة الشهر أو الأسابيع الستة التي منحها رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو من أجل مراجعة كل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، مؤكدة بأن اليمين الفرنسي المتطرف البغيض والحاقد قد كسب رهانه باتخاذ العلاقة الجزائرية – الفرنسية رهينة له وتوظيفها لخدمة أغراض سياسوية مقيتة لا تليق بمقامها ولا بمنزلتها.”
ويرى محللون بأن الحكومة الفرنسية تتصرف بطريقة غير إيجابية ومتسرعة خاصة بشأن ملف الهجرة، وهو تصرف من شأنه أن يسهم في تعميق الأزمة وامتدادها ويوسع أبعادها، وستخسر فيها فرنسا أكثر بكثير مما يمكن أن تخسره الجزائر، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي خصوصاً»، في إشارة منه إلى أن الجزائر في وضع اقتصادي ومالي مريح، بعد نجاحها في السنوات الأخيرة في تحقيق شراكات اقتصادية نوعية مع عدد من الدول ما يعني استغناءها بشكل كامل عن الشريك الفرنسي اقتصادياً وتجارياً.
يبدو واضحاً من خلال القرارات والتصريحات الفرنسية الأخيرة بشأن الجزائر وجود تركيز فرنسي لافت على ملف الهجرة والمهاجرين، باعتباره ورقةَ ضغط على الجزائر، خصوصاً أن جالية جزائرية كبيرة تقيم في فرنسا، يصل تعدادها إلى أكثر ستة ملايين شخص، عدد منهم يقيمون بطريقة غير قانونية، قد تكون معنية بأي تدابير تتخذها الحكومة الفرنسية، خصوصاً في حال الذهاب فعلاً إلى إلغاء اتفاقية عام 1968 وهو ما قد يحرم حتى بعض المقيمين بطريقة قانونية من جلب عائلاتهم في إطار التجميع العائلي.
وأقرت مصادر دبلوماسية فرنسية بحالة الجمود في العلاقات بين البلدين، وهو ما نقلته وسائل إعلامية فرنسية، والتي اشارت إلى أن التسريبات الصادرة عن وزارة الخارجية «الكي دورسي» تتحدث عن توجه نحو «جمود دبلوماسي» وأن «جميع المحركات متوقفة والعلاقة الفرنسية الجزائرية معلقة بحكم الأمر الواقع». ويخلص للقول «إن عام 2025 سيكون بلا شك سنة بيضاء».
ويأتي المنعطف الجديد في العلاقات الجزائرية الفرنسية المتوترة أصلاً بعدما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، يوم الأربعاء الماضي، إثر اجتماع للجنة الوزارية المشتركة المخصصة لمراقبة الهجرة في باريس، أن بلاده «ستطلب من الحكومة الجزائرية مراجعة جميع الاتفاقيات الموقعة وطريقة تنفيذها (المتعلّقة بالهجرة)»، ممهلاً الجزائر «شهراً إلى ستة أسابيع» لذلك. ولم يغفل عن الإشارة إلى الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في عام 1968 معتبراً أنها «لم تُحتَرم»، وأن حكومته «لا يمكنها أن تقبل استمرار هذا الوضع».
وردت الجزائر على تصريحات بايرو مبدية رفضها لأي توجه نحو فرض مهل، وشدّدت الخارجية الجزائرية في بيان على رفض الجزائر «رفضاً قاطعاً مُخاطبتها بالمُهل والإنذارات والتهديدات»، محذرة الجانب الفرنسي من «أن أي مساس باتفاقية 1968 التي جرى أصلاً إفراغها من كل مضمونها وجوهرها، سينجر عنه قرار مُماثل من الجزائر بخصوص الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى من ذات الطبيعة».
وأشارت الوزارة إلى ضرورة «احترام وحدة الترسانة القانونية التي تؤطر حركة الأشخاص بين الجزائر وفرنسا، دون انتقائية ودون تحوير عن المقاصد التي حدّدتها الجزائر وفرنسا بشكل مشترك لهذه القوانين». وحذرت الخارجية الجزائرية من أنها سترد بقرارات مماثلة وحازمة على أي تصرف فرنسي، وستعمل «على تطبيق المعاملة بالمثل بشكل صارم وفوري على جميع القيود التي تُفرض على التنقل بين الجزائر وفرنسا، دون استبعاد أي تدابير أخرى قد تقتضي المصالح الوطنية إقرارها». كما علّق مجلس الأمة الجزائري العلاقات مع مجلس الشيوخ الفرنسي.
ولا يبدو في أفق هذه الأزمة المتصاعدة مخرج واضح في الوقت الحالي، خصوصا في ظل سيطرة اليمين المتطرف على القرار في دوائر حكومية هامة، ويبدو أنه يتجه في سياق متسارع نحو مزيد من التصعيد والقطيعة، خصوصاً مع محاولة باريس توظيف بعض القضايا الحسّاسة لتعميق الأزمة مع الجزائر في ظل اتجاه سياسي قوي في فرنسا يمجد الإرث الاستعماري ويُحاول الحصول على معاملة تمييزية تستند إلى هذا الإرث، ويقابل هذا اتجاه قويّ أيضا في الجزائر يشدّد على سيادة البلاد، وتسوية ملف الذاكرة نهائيا.
  ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com