تتشابهان في الملامح والطباع، اختيارهما في الملابس واحد، تتشاركان في الفرح والحزن وتتقاسمان طاولة دراسة واحدة.. هما خولة ورانيا علوطي توأم من منطقة بوبلاطن بزيامة منصورية ولاية جيجل صنعتا الحدث هذه السنة ، باجتياز مرحلة شهادة التعليم المتوسط بنجاح وبنفس المعدل.. في تخاطر تعدى حدود ما هو مألوف لتصنعا حالة استثنائية عنوانها النجاح.
تداول في اليومين الماضيين ناشطون عبر موقع التواصل الاجتماعي حادثة وصفت بالغريبة ، تتمثل في نجاح أختين توأم تدرسان بمتوسطة الشهيد بوخوش إسماعيل في زيامة منصورية غرب ولاية جيجل، تحصلتا على نفس المعدل 13:80 في شهادة التعليم المتوسط ، وهما المولودتان في نفس اليوم و المكان بتاريخ 26 جانفي 2001 بملبو في بجاية.
حادثة تطابق معدل التلميذتين التوأم تناولها العديد من المواطنين بردود مختلفة ،فهناك من رجح فرضية أن يكون هناك خطأ في عملية تصحيح الأوراق ، أو في وضع النقاط من طرف ديوان الامتحانات والمسابقات ، لكن هناك من الأشخاص من اعتبروها مفبركة و تم تعديل الصورة بتقنية «الفوتوشوب» .
النصر زارت عائلة الفتاتين التوأمين علوطي خولة و رانية القاطنة بمنطقة بوبلاطن بزيامة منصورية ، أين التقينا بالتلميذتين رفقة عائلتهما، ولشدة الشبه بينهما لم نستطع التفريق بينهما طيلة المدة التي قضيناها معهما.
ورغم حديثنا إلى العائلة ظلت الشكوك تساورنا بشأن حصول لبس أو خلل في حساب المعدلات إلى أن أطلعتنا التلميذتان على صورتان تؤكدان معدلي النجاح على صفحة الديوان الوطني للامتحانات، كما تحصلنا على نسختين من كشفي النقاط، أظهرت وجود تفاوت في العلامات في الحالتين، لكن الملاحظ أن الفروق بسيطة بينهما و تتراوح ما بين نصف نقطة إلى نقطتين ونصف بالزيادة أو النقصان، فمثلا رانيا تحصلت على 16.50 في مادة اللغة العربية و خولة على 18 ، نقطة الرياضيات الخاصة بالأولى 11.50 و توأمها 12، في علوم فيزيائية وتكنولوجيا خولة تحصلت على 17.50 ورانية 16.50 . و اللافت أن مستواهما في المواد متقارب جدا، وكليهما كانت نتائجهما في اللغات الأجنبية ضعيفة و بفارق نصف نقطة في الفرنسية و نقطتين في الإنجليزية، بينما أظهر الكشف أنهما ممتازتان في نفس المواد كالعربية والتربية المدنية والتربية الإسلامية إضافة إلى علوم فيزيائية والتكنولوجيا فيما كان المستوى متوسطا في علوم الطبيعة والحياة والرياضيات لكليهما.
خولة : ارتكبنا نفس الأخطاء في اللغات الأجنبية والرياضيات
ابتسمت خولة وردت بلهجة ممزوجة بالعربية و الأمازيغية، حيث تفاجأت هي و شقيقتها لما حصل، بقولها « لم نتوقع هذه الصدفة ، و نتحصل على نفس المعدل ، مؤكدة بأنها اجتازت الامتحان في قسم ، و أختها التوأم في قسم آخر، مضيفة «كانت أول مرة نفترق عن بعضنا البعض منذ سنوات ، حيث اجتزنا الامتحانات كلها في قسمين مختلفين، و كنا نلتقي بعد نهاية الامتحان نتناقش و نقوم بتصحيح التمارين التي قدمت لنا ، والأمر الغريب أننا كنا نجد نفس الأخطاء ، خاصة في امتحان اللغات الأجنبية و الرياضيات ، و لكن لم نكن نتوقع أن تصل الصدفة لدرجة الحصول على نتيجة متشابهة».
رانية : حياتنا متشابهة لكن ليس لدرجة أن نحصل على نفس المعدل
شاركت رانية شقيقتها التوأم الشعور بغرابة الحادثة التي لم تكن في الحسبان ، مؤكدة بأنهما تشاركتا كل أوقات المراجعة و التحضير للامتحانات منذ فترة طويلة ،حيث تساعدان بعضهما كثيرا في فهم الدروس و حل التمارين المختلفة، و السبب في اتخاذهما لهذه الطريقة و بشكل متكرر هو أنهما تدرسان بنفس المتوسطة ، و بنفس القسم ، و تجلسان منذ مرحلة الابتدائي في طاولة واحدة، مشيرة بأن ذلك لم يزعج أساتذتهما طيلة سنوات الدراسة، بالإضافة إلى أنهما تتشاركان في الكثير من تفاصيل حياتهما ، من طريقة لباسهما و حتى في تصرفاتهما ، قائلة : « نمارس نفس الهواية و هي المطالعة ، نحب قراءة الكتب و القصص، و حتى أننا نتشارك كل شيء ، كما لو أننا شخص واحد فانا جد متعلقة بشقيقتي كثيرا».
العائلة بين الفرحة والدهشة
«كان للعائلة نصيب من الفرحة و الدهشة» ، هذا ما اكده لنا والدهما علوطي فاتح ، فهو فخور جدا بالنجاح الذي حققه فلذتا كبده ، قائلا: « منذ أن كانتا صغيرتين و هما تتشاركان حياتهما مناصفة ، تحققان نفس النجاح في دراستهما، حيث كانتا ضمن الأوائل بالمتوسطة ، وبمعدل متقارب جدا، يكمن الاختلاف في الفاصلة فقط ، لكن وفاة جدتهما أثناء اليوم الثاني من امتحان شهادة المتوسط أثر عليهما ، لكونهما كانتا متعلقتين جدا بالمرحومة ، لكنهما أصرتا على مواصلة الامتحان بكل عزم و ثبات لتحقيق حلم جدتهما، معلقا «بالنسبة لحلمي فأتمنى أن اراهما طبيبتان في المستقبل»، أما والدتهما وأثناء حديثنا معها ، أكدت بأن الأرض لم تسعها من شدة الفرح ، فرغم حزنها على وفاة والدتها إلى أن خبر نجاح ابنتيها أنساها قليلا ، تبتسم الأم و تقول: « لم أكن أعتقد أن شدة تعلقهما ببعضهما البعض ستصل إلى درجة أن تحصلا على نفس المعدل ، لقد كانتا متفوقتين في دراستهما و اعلم أن وفاة جدتهما اثر عليهما قليلا، فهما تحبان مساعدتي في تنظيف المنزل و إعداد الطعام بشكل يومي، بعدها يتوجهان إلى مراجعة دروسهما حتى ساعات متأخرة من الليل ، «و بعد ظهور نتائج الامتحان أصبحت أتلقى كل يوم التهاني من قبل أفراد العائلة متبوعة باستفسار عن سر تحصلهما على نفس المعدل»، فتجيبهم بأن ذلك توفيق من عند الله، لكنها تقول أنها لم تستغرب كثيرا لأنها تحس بمدى تعلقهما و قربهما لدرجة كبيرة لحد مقاسمتهما و تشاركهما كل الحزن و الفرح، كما لو أنهما فتاة واحدة.
قبل مغادرتنا لمنزل عائلة علوطي سألنا عن حلم كل واحدة منهما ، و الغريب في الأمر أن لهما نفس الأحلام ، فكلهما أجابت كل واحدة على إنفراد بأنها تريد أن تمارس مهنة الصيدلة في المستقبل ، رافضتين أن تفترقا حتى و لو في الجامعة.
ك طويل