غياب الكفاءة القانونية العالية يُكبّد الجزائر خسائر كبيرة في قضايا التحكيم التجاري الدولي
دعا خبراء أمس، إلى ضرورة الاستثمار في تكوين الكوادر والكفاءات والخبرات القانونية والاقتصادية في مجال إبرام اتفاقيات الشراكة والعقود والصفقات التجارية مع الشركات والهيئات الأجنبية، من أجل توفير الحماية اللازمة للاقتصاد الوطني، وكذا مصالح الشركات الوطنية في حال اضطرارها إلى اللجوء إلى التحكيم الدولي في بعض القضايا . وفي تصريح للصحافة على هامش يوم دراسي حول ‘’ التحكيم التجاري الدولي: الجوانب العملية ‘’، أكد الدكتور أحمد الشافعي المدير العام لمركز البحوث القانونية والقضائية، على ضرورة إعداد المحكمين الجزائريين وإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة في مجال عقود الشركات والتحكيم التجاري، وجعله في الوقت الراهن من أبرز الأولويات في ضوء النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد في كافة المجالات، بفضل المشاريع التنموية والاستثمارية الكبيرة، التي يتم تنفيذها بشراكة مع متعاملين أجانب، وما يصاحب ذلك من عقود تتطلب الكثير من الاحترافية والعلمية في كتاباتها، والإلمام الكافي بإجراءات التحكيم وتنفيذ قرارات التحكيم والطعن فيها.وبعد أن أشار إلى أن اليوم الدراسي الذي أشرف على تنظيمه مركز البحوث القانونية والقضائية، في فندق الرياض بسيدي فرج غربي العاصمة، يهدف إلى التعريف بالتحكيم التجاري الدولي، وما يثيره من إشكالات تجارية وقانونية وعملية، خاصة في مجال الاستثمار الأجنبي إلى جانب المنازعات التي قد تقوم بين الأطراف المتعاقدة التي يحكمها اتفاق التحكيم أو شرط التحكيم في تسوية نزاعاتها، أبرز الشافعي الضرورة القصوى التي يتطلبها إعداد كوادر وطنية مؤهلة في مجال عقود الشركات والتحكيم التجاري من أجل الوصول إلى إبرام عقود واتفاقيات صارمة مع الشريك الأجنبي بدون ثغرات، محذرا في ذات الوقت من ‘’ مغبة‘’ الوقوع في أخطاء كالتسرع واللجوء إلى فسخ العقود تحت أي داعٍ باعتبار أن ذلك قد يكلف الخزينة العمومية والاقتصاد الوطني أو المؤسسات الوطنية خسائر بملايين الدولارات وحتى بالملايير، جراء أي منازعات تقود إلى التحكيم الدولي الذي قد لا ينصفها، وقال ‘’ إن ضمان إبرام عقود أو تحرير اتفاقيات التحكيم قوية وصارمة يتطلب تكوين الكفاءات الجزائرية في مجال التحكيم التجاري الدولي من خبراء ومحامين الذين يتولون الدفاع عن مصالح الاقتصاد الوطني والمؤسسات الاقتصادية الجزائرية، في الداخل والخارج، وبشكل متواصل حول كيفية صياغة العقود والشروط الجوهرية في العقد والتزامات الطرفين، وشرط التحكيم في العقود ‘’.
من جهتها أكدت القاضية حكيمة بعطوش، المستشارة في الغرفة التجارية والبحرية بالمحكمة العليا، أن عنصر الخبرة يلعب أهمية كبرى في تحرير اتفاقيات التحكيم التجاري الدولي، باعتبار أن الطرف الآخر كالشريك أو المتعامل الأجنبي يستغل كل ثغرة ويشتغل عليها، من أجل كسب القضية، مبرزة بأن ‘’ خسارة المؤسسات الجزائرية لقضايا التحكيم الدولي يعود إلى نقص الخبرة أثناء تحرير العقد’’، داعية إلى تكوين الكفاءات الجزائرية المتخصصة والتي لها دراية كبيرة في الميدان و أن يتم تحرير العقود من طرف خبراء لديهم دراية في مجال التحكيم ولديهم كفاءة باعتبار أن الاتفاقيات تتناول ‘’ كل صغيرة أو كبيرة – على حد تعبيرها، خلال النظر في المنازعة موضوع التحكيم’’.وفي ذات السياق، سجل الدكتور عبد المجيد زعلاني أستاذ الحقوق بجامعة الجزائر، أن «بعض القضايا التي لا تتمكن المؤسسات أو الهيئات الوطنية الجزائرية من كسبها تعود إلى ما عبر عنه بنقص الجدية في التفاوض حول العقد في المرحلة الأولى وفي تنفيذه’’، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة السرعة في الرد على مراسلات الشركاء والمتعاملين الأجانب، وعدم التهاون في ذلك، وقال ‘’عندما تأتي مراسلة تجارية من طرف أي متعامل أو شريك أجنبي يجب الإسراع إلى استشارة الخبراء والرد عليها في الوقت المناسب. وبعد أن شدد على ضرورة إلمام المؤسسات والهيئات الوطنية ذات العلاقة بمشاريع الشراكة أو المشاريع الاستثماريةوالصفقات التجارية، والتعمق في الجوانب المختلفة بالعقود التي تبرمها في ظل التطورات الهائلة لثورة المعلومات والطفرة الإلكترونية التي غيرت الكثير من أوجه المعاملات الدولية التجارية والقانونية، أكد الأستاذ زعلان، على ضرورة تنمية المهارات لدى المشاركين في مجال إعداد صياغة هذه الاتفاقيات والعقود بمختلف أنواعها وتنمية المهارات القانونية والقضايا المتعلقة بعملية التحكيم والتعرف على أسس التحكيم كنظام قضائي خاص، وأهمية اتفاق التحكيم ومعرفة إجراءات التحكيم وآلية عمله في إصدار الأحكام النهائية. وقال ‘’ على المؤسسات الوطنية أن تتسلح على غرار نظيراتها في الخارج بأرمادة كبيرة من الخبراء المختصين’’، كما شدد على ضرورة إنشاء مكاتب وطنية للاستشارة على مستوى الوزارات والمؤسسات، من ذوي الكفاءات العالية لتجنب خسارة أي قضية’’.
ع أسابع